البابا شنودة علامة فارقة فى تاريخ الكنيس

البابا شنودة . . . علامة فارقة فى تاريخ الكنيسة

الخميس 22 مارس 2012 - 02:13 م

ميرفت عياد :



علمتنى الحياة أنه مادام لا يوجد كامل إلا الله وحده ومادام كل إنسان مهما سما له أخطاؤه إذن يجب أن نقبل الناس كما هم بأخطائهم، لا نخسر إنسانا أو نفقده بسبب خطأ معين فيه، وإنما نحتمل هذا الخطأ، ونعامل هذا الإنسان فى حدود ما نستطيع ونستفيد من جوانب حياته الاخرى التى لا تخلو من فضيلة وفائدة



علمتنى الحياة أنه مادام لا يوجد كامل إلا الله وحده ومادام كل إنسان مهما سما له أخطاؤه إذن يجب أن نقبل الناس كما هم بأخطائهم، لا نخسر إنسانا أو نفقده بسبب خطأ معين فيه، وإنما نحتمل هذا الخطأ، ونعامل هذا الإنسان فى حدود ما نستطيع ونستفيد من جوانب حياته الاخرى التى لا تخلو من فضيلة وفائدة .. لامه لو كان كل خطأ من إنسان يجعلنا نقاطعه لكانت النتيجة أن نقاطع الكل ونعيش وحدنا " هكذا قال معلم الاجيال قداسة البابا شنودة الثالث بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الذى رصد له الكاتب الصحفى " نبيل عدلى " فى كتابه الذى يحمل عنوان " علامة فارقة " العديد من انطباعات الساسة والكتاب والصحفيين عن قداسته على مر السنين من خلال آرائه فى الكثير من القضايا المهمة منها الديموقراطية ، وصراع الحضارات ، وحوار الأديان ، وخريطة الطريق وزيارة القدس ، هذا بالاضافة الى ردود أفعاله حيال دفع الجزية ، وحرمان الأقباط من دخول الجيش ، وكنيسة ماكس ميشيل ، ووثيقة الكاثوليك الأخيرة التى وقعها بابا روما والعديد من الموضوعات الشائكة والحساسة


علامة فارقة

ويشير الكتاب إلى أن المهندس يوسف سيدهم رئيس تحرير جريدة وطنى كتب فى مقالته الافتتاحية لعدد 16 يوليو 2006 عن قصة ماكس ميشيل ومشروع كنيسته موضحاً تصريحات قداسة البابا فى المؤتمر الصحفى الذى عقده بعد رجوعه من رحلته العلاجية بالخارج حيث تكلم قداسته بقوة وثقة وهدوء قائلاً إن هذا الموضوع أصغر من أن يتم تصعيده للرئاسة، وأتحدى أى ممن رسموا ماكس أسقفاً أنه تابع لأى كنيسة أرثوذكسية فى العالم، وأضاف أن ماكس يرتدى زياً مماثلاً للزى الذى يرتديه الأساقفة الأقباط حتى يخدع البسطاء ولنا زمن ونحن نطالب بتسجيل الزى الكهنوتى الرسمى للكنيسة القبطية الأرثوذكسية وقصر ارتدائه على رجال الكهنوت التابعين لها حماية لشعبها من المدعين.


قلب محب وسعة أفق

وحول خلافه مع الرئيس السادات أوضح الكتاب ما قاله الصحفى محمود فوزى فى كتاب البابا شنودة وتاريخ الكنيسة القبطية فى عام 1991 عن ان قداسته رغم انه اختلف مع الرئيس السادات ذات يوم واعتكف فى ديره لسنوات لكنه لم يعكس أثر ذلك على أحد حتى الذين أختلفوا معه لم يتخذ أى اجراء كنسى ضدهم ، فهذا الرجل قلبه يتسع لكل آلام البشر وسعة أفقه تتسع عما يراه من أفاق.

هذا بينما أقر دكتور يحى الجمل بجريدة المصرى اليوم عدد 1 أكتوبر 2007 قائلاً أنا لا أتردد فى كل مناسبة أن أعلن عن محبتى وتقديرى لهذا الرجل العظيم الذى اعتبره من الضمانات الحقيقية ضد الفتنة والتطرف وأضاف أن علاقتى بقداسته ترجع الى فترة من أكثر فترات القلق فى حياة مصر الى أحداث سبتمبر 1980عندما أصدر الرئيس السادات قراراً بتعيين لجنة لادارة أمور الكنيسة القبطية ومنذ تللك الأيام القاسية لم تنقطع علاقتى مع قداسته
وكنت أحس دائماً بقلبه الكبيرالعامر بحب مصر .

بحبك يا مصر قلبى ارتوى

كما احتوى الكتاب على الحوار الذى أنفردت به الأهرام بعدد 14 يوليو 2007 عن وثيقة الكاثوليك التى وقعها بابا روما والتى وصفت البروتستانت بانها ليست كنيسة كما ان الأرثوذكسية كنائسها معيبة، حيث قال قداسته اننى قرأت
نسخة منها وشعرت بأن الرجل يكسب أعداء فى كل مرة ففى تصريحات سابقة خسر المسلمين جميعاً ثم فى هذه المرة خسر كثير من الطوائف المسيحية ، وانا متعجب من هذا، فالسيد المسيح لم يفعل ذلك بل كان يحاول كسب كل الناس
بالحب وليس خسارتهم .

هذا فى الوقت الذى أعلن فيه الكاتب الصحفى ماجد عطية فى مجلة المصورأبريل 1997 انه قد آثار حفيظته صورة البابا شنودة مرسومة على دولار أمريكى تتصدر غلاف مجلة روزاليوسف قائلاً هل نحن فى حاجة لأن نذكركم
بمواقف هذا الرجل العظيم الذى يعتبره المصريين رمزاً حقيقياً لهم ، أنه رجلاً مناضلاً ووطنياً فهو أول من أصدر عام 1976 كتاب بعنوان " اسرائيل ليست شعب الله المختار " وكان أول صوت يرتفع بايجابية ضد التطبيع ويصدر
بيانه الشهير الذى حظر فيه من زيارة القدس ودفع ثمن هذا سنوات معزولاً فى ديره عن كنيسته و الناس ، وأشار الى ان حزب الله أعلن أثناء وجود قداسته فى لبنان بان قداسته هو بابا الشرق كله وألقيت الخطب فى تكريمه وتعداد
مواقفه العربية والوطنية .

خارطة الطريق للسلام

وعن خارطة الطريق للسلام فى الشرق الأوسط رصد الكتاب ما قاله قداسته للصحفية ثناء يوسف بجريدة أخبار اليوم عدد 16 أغسطس 2003 أننى لا أفهم أين الطريق ؟ وهل لهذه الخريطة مفهوم معين لحل مشكلة الشرق الأوسط فى ذهن الولايات المتحدة؟ وعن مفهوم ( الديموقراطية لا تتفق مع الأديان ) قال قداسته ان هذا مفهوم غير صحيح لأن الأديان ترسخ قيم ومبادئ العدل والحق والبعد عن الظلم دون ان تحدد شكلاً محدداً للحكم ، أما عن الخلط بين صراع
الحضارات وحوار الأديان قال قداسته ان الأديان تتميز بثوابت ومبادئ لا تتغير ، أما الحضارات فمتطورة ومتغيرة وبالتالى لا نستطيع ان نمزج بين الحضارات بما يطلق عليه حوار الأديان .

بينما تحدث الصحفى فيكتور سلامة بجريدة وطنى عدد 4 أبريل 2002 عن دعوة قداسته لعقد مؤتمر وطنى لمساندة الشعب الفلسطينى حضره الآلاف من رموز القوى الوطنية المصرية وقد جاء هذا من داخل الكنيسة القبطية ليعيد الى
الذاكرة أنشودة النسيج الواحد فى ثورة 1919 .

الجزية ردة وإساءة لبلدنا

وعن دفع الأقباط الجزية كشف الكتاب عن وصف قداسته للصحفية سناء السعيد بمجلة المصور عدد مايو 1997 لتصريحات مصطفى مشهور المرشد العام للاخوان المسلمين بضرورة دفع الأقباط الجزية واستبعادهم من الجيش بانها ردة وإساءة لبلدنا واعتبر من يدعو لذلك بانه يسئ الى مصر ويعمد الى وصمها بممارسة التفرقة العنصرية .

كما أعلن قداسته للصحفية سناء السعيد فى مجلة المصور عدد أبريل 1998 عن رفضه قانون الاضطهاد الدينى الذى قدمته لجنة العلاقات الخارجية لمجلس الكونجرس الأمريكى وأكد بان اى قبطى لا يقبل ان تفرض عقوبات على مصر ، كما استنكر مطالبة اليهود للعالم بالاعتذار عما حدث لهم فى الماضى وطالب اليهود بالاعتذار عما فعلوه بالسيد المسيح والأنبياء قديماً .


أب الهوية الوطنية الحديثة للاقباط

وعن بطريرك العرب ذكر الكتاب ما قاله الدكتور مصطفى الفقى بجريدة المصرى اليوم عدد 15 نوفمبر 2007 اذا كان تاريخ الكنيسة يتحدث عن البابا كيرلس الرابع باعتباره " أب الاصلاح " فانه سيتحدث قطعاً عن البابا شنودة
باعتباره " أب الهوية الوطنية الحديثة للأقباط " ، وأضاف ان له يرجع الفضل فى دفع الأقباط الى الساحة القومية حتى ان الجماهير تلقبه " بطريرك العرب " لمساندته للقضية الفلسطينية ، وأتذكر اننى طالبت سيادته بتزكية شخصيات قبطية للتعيين فى مجلس الشورى ففوجئت به يملى على أسماء بعض المسلمين على رأسهم "الدكتورفرج فوده " قائلاً ليس يعنينى دين من سوف يتم تعينه بل ما يعنينى هو ايمانه بالوحدة الوطنية ونبذه التطرف ودعوته للمحبة والتسامح .

حياة الوحدة والنسك


ومن الجدير بالذكر أن "نظير جيد" ولد بقرية سلام بمحافظة اسيوط فى 3 أغسطس 1923 وبعد ساعات ماتت والدته فقامت سيدات القرية بارضاع الصغير وتربيته وبعد فطامه أخذه أخوه الكبير الى القاهرة وألحقه بالمدرسة ، وفى عام 1947 تخرج من كلية الآداب بتقديرامتياز كما تخرج فى نفس العام من كلية الضباط الاحتياط ، ثم عمل مدرسا ليعول نفسه كما التحق بالكلية الاكليريكية ، وبعد سنوات قليلة تفرغ للدراسات الدينية ، وأنشاء مجلة مدارس الأحد ورأس تحريرها ، واخذ يتردد على الاديرة القبطية وترك وظيفة المدرس والضابط الاحتياطى ، وتمت سيامته راهباً فى عام 1954 فى دير السريان العامرباسم الراهب "أنطونيوس السريانى" ، وتدرج فى حياة الوحدة فسكن فى مغارة قريبة من الدير، ثم جاء اختيار المتنيح البابا كيرلس له كسكرتير لقداسته ، فى عام 1962 قام البابا بسيامته اسقفاً للتعليم والكلية الاكليريكية باسم الانبا شنودة ، وفى عام 1965 رحبت نقابة الصحفيين بقبوله عضواً بوصفه رئيس تحرير مجلة مدارس الأحد ، وفى عام 1971 تمت القرعة الهيكلية والتى اسفرت عن اختيار السماء للبابا شنودة الثالث ليكون بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية.