Net for God
عزيزى الزائر .. سلام ونعمة

للدخول للمنتدى .....

اذا كنت عضو مسجل ... اضغط على دخول واكتب اسمك وكلمة السر

اذا كنت عضو جديد ... اضغط على تسجيل واستكمل بياناتك
Net for God
عزيزى الزائر .. سلام ونعمة

للدخول للمنتدى .....

اذا كنت عضو مسجل ... اضغط على دخول واكتب اسمك وكلمة السر

اذا كنت عضو جديد ... اضغط على تسجيل واستكمل بياناتك
Net for God
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

Net for God

منتدى مسيحى أرثوذكسى يجمع مسيحى العالم عند قدمى السيد المسيح
 
الرئيسيةWelcomeأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قراءات قداس عيد القيامة المجيد 4-4-2010

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
mifa20014
قلب المنتدى الطيب
mifa20014


انثى
عدد الرسائل : 31565
العمر : 52
قراءات قداس عيد القيامة المجيد 4-4-2010 934232433ckv8rv3
تاريخ التسجيل : 08/05/2007

قراءات قداس عيد القيامة المجيد 4-4-2010 Empty
مُساهمةموضوع: قراءات قداس عيد القيامة المجيد 4-4-2010   قراءات قداس عيد القيامة المجيد 4-4-2010 Icon_minitimeالأحد 4 أبريل 2010 - 13:55


قراءات قداس عيد القيامة المجيد 4-4-2010 1101873hru9brht4w

مزمور وانجيل اليوم


( يوم الأحد )
عيد القيامة المجيد
4 أبريل 2010
26 برمهات 1726



مزمور القداس
من مزامير أبينا داود النبي 118: 24 ، 25 , 27)


هَذَا هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي صَنَعَهُ الرَّبُّ. نَبْتَهِجُ وَنَفْرَحُ فِيهِ. آهِ يَا رَبُّ خَلِّصْ! آهِ يَا رَبُّ أَنْقِذْ! الرَّبُّ هُوَ اللهُ وَقَدْ أَنَارَ لَنَا. أَوْثِقُوا الذَّبِيحَةَ بِرُبُطٍ إِلَى قُرُونِ الْمَذْبَحِ.
هللويا



إنجيل القداس
من إنجيل معلمنا يوحنا البشير ( 20 : 1 ـ 18 )


وفي الأحد من السبوت جاءت مَرْيَمُ المَجْدَليَّةُ إلى القَبْرِ باكِراً، والظَّلام باقٍ. فرأت الحَجَرَ مَرْفُوعاً عن فم القَبْرِ. فأسرعت وجاءت إلى سِمعان بُطرُسَ وإلى التِّلمِيذِ الآخَرِ الذي كان يَسوعُ يُحِبُّهُ، وقالت لهما: " قد حملوا رَبِّي مِنَ القَبْرِ ولَست أعلَم أين وضعوه ". فَخَرَجَ بُطرُسَ والتِّلمِيذُ الآخَرُ وآتيا إلى القَبْرِ. وكان الاثنان يَرْكُضَانِ معاً. فَسَبَقَ التِّلمِيذُ الآخَرُ بُطرُسَ وجاء إلى القَبْرِ أوَّلاً، فتطلَّع إلى داخل ورأى الأكفَان مَوضُوعَةً، ولكِنَّهُ لم يدخل. ثُمَّ جاء سِمْعَانُ بُطرُسُ أيضاً يَتْبَعُهُ، ودَخَلَ القَبْرَ فرأى الأكفان مَوضُوعَة، والْمِنديل الذي كان عَلَى رأسِهِ ليس مَوضُوعاً مَعَ الأكفان،
بل مَلْفُوفاً وموضوعاً في ناحية. فحينئذٍ دَخَلَ أيضاً التِّلميذُ الآخَرُ الذي جاء أوَّلاً إلى القَبْرِ، فرأى وآمن، لأنَّهُما لَمْ يَكونا بَعدُ قد عرفا الكتب: أنَّهُ يَنْبَغِي أنْ يَقُومَ مِنَ بين الأمواتِ. فمَضَى التِّلمِيذانِ أيضاً إلى مَوْضِعِهِما.
أمَّا مريم فكانت واقفةً عند القبر خارجاً تبكي. وفيما هيَ تبكي تطلعت إلى داخل القبر، فنظرت ملاكيْنِ بثيابٍ بيضٍ جالسين واحداً عند رأسه والآخَرَ عِندَ رِجْلَيهِ، حيث كان جسد يسوع موضوعاً. فقالا لها: " يا امرأة، لماذا تَبكِين؟ " فقالت لهما: " إنَّهم أخذوا ربِّي ولست أعلم أين وضعوه ". ولما قالت هذا التفتت إلى خلفها، فرأت يسوع واقفاً، ولم تَعلَم أنَّهُ يسوع. فقال لها يسوع: " يا امرَأةُ، لماذا تبكين؟ مَن تَطلُبِين؟ " فَظَنَّت تِلكَ أنَّهُ البُستانِيُّ، فقالت له: " يا سَيِّدي، إن كُنتَ أنت قد حملته فقل لي أين وضعته، وأنا آخذه ". فقال لها يسوع: " يا مريم! " فالتفتت تِلكَ وقالت له بالعبرانية: " رابوني " الذي تفسيره يا مُعلِّم. قال لها يسوع: " لا تلمسيني لأنِّي لم أصعد بعد إلى أبي. بل امضي إلى إخوتي وقولي لهم: إنِّي صاعد إلى أبي الذي هو أبيكم وإلهي الذي هو إلهكم ". فجاءت مريم المجدليَّة وأخْبَرَت التَّلاميذ أنَّها رأت الرَّبَّ، وأنَّهُ قال لها هذا.

والمجد للَّـه دائماً


قراءات قداس عيد القيامة المجيد 4-4-2010 1527899kpfg4zwcf9

Resurrection Sunday
4 April 2010
26 Baramhat 1726


Liturgy Psalm
Psalms 118:24-25, 27

24 This is the day the Lord has made; We will rejoice and be glad in it. 25 Save now, I pray, O Lord; O Lord, I pray, send now prosperity.
27 God is the Lord, And He has given us light.
Alleluia


Liturgy Gospel
John 20:1-18



20:1 Now on the first day of the week Mary Magdalene went to the tomb early, while it was still dark, and saw that the stone had been taken away from the tomb. 2 Then she ran and came to Simon Peter, and to the other isciple,whom Jesus loved, and said to them, They have taken away the Lord out of the tomb, and we do not know where they have laid Him. 3 Peter therefore went out, and the other disciple, and were going to the tomb. 4 So they both ran together, and the other disciple outran Peter and came to the tomb first. 5 And he, stooping down and looking in, saw the linen cloths lying there; yet he did not go in. 6 Then Simon Peter came, following him, and went into the tomb; and he saw the linen cloths lying there, 7 and the handkerchief that had been around His head, not lying with the linen cloths, but folded together in a place by itself. 8 Then the other disciple, who came to the tomb first, went in also; and he saw and believed. 9 For as yet they did not know the Scripture, that He must rise again from the dead. 10 Then the disciples went away again to their own homes. 11 But Mary stood outside by the tomb weeping, and as she wept she stooped down and looked into the tomb. 12 And she saw two angels in white sitting, one at the head and the other at the feet, where the body of Jesus had lain. 13 Then they said to her, Woman, why are you weeping? She said to them, Because they have taken away my Lord, and I do not know where they have laid Him. 14 Now when she had said this, she turned around and saw Jesus standing there, and did not know that it was Jesus. 15 Jesus said to her, Woman, why are you weeping? Whom are you seeking? She, supposing Him to be the gardener, said to Him, Sir, if You have carried Him away, tell me where You have laid Him, and I will take Him away. 16 Jesus said to her, Mary! She turned and said to Him, Rabboni! (which is to say, Teacher). 17 Jesus said to her, Do not cling to Me, for I have not yet ascended to My Father; but go to My brethren and say to them, `I am ascending to My Father and your Father, and to My God and your God.' 18 Mary Magdalene came and told the disciples that she had seen the Lord, and that He had spoken these things to her.
Glory is due to our God to the age of all ages. Amen

قراءات قداس عيد القيامة المجيد 4-4-2010 1527899kpfg4zwcf9

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mifa20014
قلب المنتدى الطيب
mifa20014


انثى
عدد الرسائل : 31565
العمر : 52
قراءات قداس عيد القيامة المجيد 4-4-2010 934232433ckv8rv3
تاريخ التسجيل : 08/05/2007

قراءات قداس عيد القيامة المجيد 4-4-2010 Empty
مُساهمةموضوع: رد: قراءات قداس عيد القيامة المجيد 4-4-2010   قراءات قداس عيد القيامة المجيد 4-4-2010 Icon_minitimeالأحد 4 أبريل 2010 - 14:44

تفسير انجيل اليوم

السحر: القبر الفارغ

"وفي أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية إلى القبر باكرًا،

والظلام باقٍ،

فنظرت الحجر مرفوعًا عن القبر". [1]

أورد القديس يوحنا مواقف كثيرة لنساء لهن دورهن القوي، ففي بدء الآيات تظهر القديسة مريم أم يسوع شفيعة عن الحاضرين في عرس قانا الجليل. وفي الأصحاح الثاني يلتقي السيد المسيح مع المرأة السامرية التي جذبت مدينة سوخار بأكملها لتتمتع بشخص السيد المسيح بعد أن أعلن السيد لها عن نفسه. وفي حادثة إقامة لعازر (ص11) كان حضور الشقيقتين مريم ومرثا بارزًا. والآن تظهر مريم المجدلية بأمانتها الداخلية العجيبة. جاءت إلى القبر والليل باق،ٍ مدفوعة بحبها الشديد لذاك الذي كان في ذلك الحين غائبًا عنها. السبب العميق لحضور مريم المجدلية هنا يبدو أنه حزنها الشخصي المفرط، وإحساسها بالغياب النهائي الذي يعينه القبر على الدوام. إنها أول من رأى الحجر مرفوعًا عن القبر. لقد أراد الرب أن تشهد بأن رافع خطية العالم (يو 29:1) قد قام، وإن الحجاب الأخير قد رُفع.

كلمة مجدليةMagdalene هي مؤنث لكلمة مجدلةMagdala. فتعبير مجدلية يعني "مريم التي من مجدلة". يذكر التلمود أنه كانت توجد مدينة باسم مجدلة حوالي 20 دقيقة سيرًا على الأقدام من طبرية (بحر الجليل) من الجانب الغربي. كلمة "مجدلية" تعني "برجًا". وبالفعل كان في المنطقة برج أعطى لها هذا الاسم، ربما كان برجًا للحراسة.

اكتفى الإنجيلي يوحنا بالقديسة مريم المجدلية ولم يشر إلى النسوة اللواتي ذهبن معها، ربما لأنها كانت متحمسة جدًا لزيارة القبر، فقد تمتعت بمحبة السيد. التصقت به في حياته وخدمته من مالها (لو 8: 2-3)، واستمعت إلى عظاته. كانت محبتها قوية كالموت، إذ وقفت بجوار السيد المسيح حتى موته على الصليب، وجاءت إلى القبر دون أية اعتبارات لما تواجهه من مصاعب، فحبها للسيد المسيح نزع عنها كل خوفٍ من الموت أو من القبر. جاءت إلى القبر لتبكيه بمرارة، وتسكب طيبًا وحنوطًا على جسمه. مريم المجدلية التي التصقت بالسيد المسيح حتى آخر لحظات الدفن تمتعت بأول أخبار القيامة المفرحة المجيدة: القبر الفارغ!

جاءت مريم المجدلية إلى القبر في أول الأسبوع، أي ما أن عبر سبت العهد القديم حيث لا يجوز الذهاب إلى القبر، إن نُفذ الناموس حرفيًا حتى جاء السبت الجديد، أول سبت في العهد الجديد، حيث قام السيد المسيح. صارت مريم ممثلة للكنيسة التي تتمّم ناموس المسيح فتحتفل بالسبت الجديد خلال الانطلاق إلى قبر السيد لتتمتع بشركة قيامته. يبدأ الإنجيل هنا باليوم الأول من الأسبوع الجديد، فيفتح أمامنا زمنًا آخر كليًا، يُعلن فيه عن حياة جديدة مُقامة وعالم جديد. منذ ذلك الوقت اتخذ المسيحيون يوم الأحد يوم راحة تذكارًا لقيامة السيد المسيح، وُسمي يوم الرب (رؤ 1: 10).

جاءت إلى القبر باكرًا، فالحب يدفع المؤمن للقاء مع القائم من الأموات في أول فرصة ممكنة، باكرًا دون تراخٍ أو تأجيل. جاءت والظلام باقٍ حيث أمكن لنور شمس البرّ أن يشرق في داخلها، وينير لها طريق القبر الفارغ الشاهد لمجد قيامة المسيح. كان الظلام لا يزال باقيًا، لكن الحب أضاء لها الطريق.

"فنظرت الحجر مرفوعًا عن القبر"، انشغالها بالسيد المسيح نزع عنها التفكير في رفع الحجر لتقديم الحنوط (مر 16: 1؛ لو 24: 1)، وفي نفس الوقت إذ جاءت ووجدت الحجر مرفوعًا والقبر فارغًا لم تُدرك في الحال أنه قام، بل ظنّت أن الجسد قد أُخذ من القبر [2]. لقد أراد الرب أن تتمتع بأخبار القيامة تدريجيًا.

v قام وكان الحجر موضوعًا والأختام عليه، ولكن لكي يتأكد الآخرون تمامًا كان من الضروري فتح القبر بعد القيامة، وهذا ما قد حدث. هذا ما دفع مريم للتحرك. فإذ كانت مملوءة حبًا نحو سيدها، إذ عبر السبت لم تحتمل أن تهدأ فجاءت باكرًا جدًا، مشتاقة أن تجد نوعًا من التعزية في المكان. وإذ رأت الموضع، والحجر مرفوعًا لم تدخل، ولا انحنت، بل رجعت نحو التلاميذ في شوقٍ عظيمٍ، فإن هذا هو ما كانت تبغيه بغيرة. لقد أرادت بسرعة فائقة أن تعلم ماذا حدث للجسد. هذا هو معنى ركوضها وكلماتها[1875].

القديس يوحنا الذهبي الفم

فركضت وجاءت إلى سمعان بطرس،

وإلى التلميذ الآخر الذي كان يسوع يحبه،

وقالت لهما:

اخذوا السيد من القبر،

ولسنا نعلم أين وضعوه". [2]

إذ ركض التلميذان نحو القبر لم يكن ممكنًا لمريم المجدلية أن تلحق بهما، فجاءت إلى القبر غالبًا وهما هناك، وربما بعد رحيلهما. هناك وقفت تبكي حيث تمتعت برؤية الملاكين لتعزيتها.

ركضت سريعًا إلى سمعان بطرس ويوحنا، ولعلهما أقاما عند حدود المدينة بالقرب من القبر، لذا انطلقت بسرعة إليهما. لم يخطر على ذهنها أنه قام كما قال، مع أن لمسات القيامة واضحة، والشهادة قوية. ربما ظنّت أن رئيس الكهنة قد أمر بأخذ الجسد إلى موضع آخر كنوعٍ من الإهانة، لأن القبر كان فارغًا، أو ربما خشي يوسف الرامي ونيقوديموس من اليهود أن يثوروا ضدهما فحملاه إلى قبر آخر.

جاءت إليهما تطلب البحث عن جسد المسيح؛ فإنها لم تنحصر في الحزن على موته، إنما تطلب أن ترى جسده حتى بعد موته لتقدم علامات حبها بتطييبه.

والعجيب أن بطرس ويوحنا قد التصقا ببعضهما البعض. جحود بطرس أعطاه تواضعًا، لكن في غير يأسٍ، بتوبته ودموعه عاد للشركة مع يوحنا والعمل معه، ويوحنا في حب لم يستنكف من الالتصاق بذاك الجاحد مادام قد قدم توبة.

يرى البعض أن مريم المجدلية ركضت إلى بطرس ويوحنا بينما ذهبت النسوة إلى بقية التلاميذ يخبرونهم بما حدث.

v ذهبت والدة الإله إلى القبر حيث التقتمعالنسوة الباقيات... بكونها الثيؤتوكوس أدركت وحدها قوة الكلمات الملائكية– إذ سمعت مع مريم المجدلية الأخبار السارة الخاصة بالقيامة– عندما التقت بابنها وإلهها مع بقية النسوة، لقد رأت القائم من الأموات وتعرفت عليه قبل كل النسوة. سقطت ولمست قدميه، وصارت رسولاً لرسله[1876]

الأب غريغوريوس بالاماس

"فخرج بطرس والتلميذ الاخر، وأتيا إلى القبر". [3]

أسرع كلاهما إلى القبر قدر المستطاع ليتحققا الخبر، ويتأكدا شخصيًا، ويبحثا عن جسد السيد المسيح.

يري القديس يوحنا الذهبي الفم أن القديسة مريم المجدلية وإن لم تكن بعد تفكر بوضوح في القيامة، بل ظنت أن الجسد قد أٌخذ، إلا إن الإنجيلي يوحنا لم يحرمها من المديح عما فعلته. ولا حسب في ذلك عارًا على التلاميذ أنهم تلقنوا المعرفة الأولى بخصوص هذا الأمر من المرأة التي قضت الليل كله في شوقٍ وسهرٍ لرؤية جسد السيد المسيح[1877].

يكشف الإنجيلي عن درجات نرتقي بها إلى معرفة القيامة وفهمها. ابتدأ أولاً بالصدمة الأولى المباشرة التي تلقتها مريم المجدلية لدى اكتشافها القبر فارغًا. والآن رأى يوحنا وتلامس مع ما سبق أن أعلنه السيد المسيح نفسه "أنه ينبغي أن يقوم من الأموات".

"وكان الاثنان يركضان معًا،

فسبق التلميذ الآخر بطرس،

وجاءأولاً إلى القبر". [4]

كان الاثنان يركضان معًا، فما سمعاه من مريم المجدلية لم يسببا لهما حالة إحباط، إذ لم يكن في أيديهما ما يعملاه، لكن على العكس أراد أن يعملا بسرعة من أجل راحتها، ولاكتشاف حقيقة الأمر. انطلقا معًا، ولم تكن هناك مزاحمة بين الصديقين عمن يدخل القبر أولاً. وإن كان يوحنا لصغر سنه سبق بطرس، فالعمل مشترك، مما شجع الواحد الآخر للانطلاق إلى القبر، ولم يعق الواحد الآخر، بل كان كل منهما يسرع قدر طاقته. لم يحسد بطرس يوحنا لأنه أسرع منه، ولا احتقر يوحنا بطرس لأنه أبطأ منه. وإن كان بطرس قد تاب، لكن إنكاره للسيد وشعوره بالذنب أبطأ من حركته نحو القبر، دون أن يحرمه من التمتع بالقائم من الأموات. هذه هي الصداقة الروحية الجادة، التي تحمل روح العمل الجماعي دون إعاقة الواحد للآخر. وكما يقول الحكيم: "اثنان خير من واحدٍ، لأن لهما أجرة لتعبهما صالحة" (جا 4: 9).

يرى البعض أن مريم المجدلية انطلقت إلى التلاميذ بعد أن رأت هي ومن معها من النسوة الملاك، وقد أخبرهن عن القيامة. لكن مع دهشة الموقف لم تخبر التلاميذ بما قاله الملاك، فإن كل ما كان يشغلها أن تجد جسد السيد المسيح أو تلتقي معه. وربما بدا لها رؤيتها للملاك وحديثه معهن أشبه بحلمٍ أو خيال. ولم يتحرك من التلاميذ سوى بطرس ويوحنا[1878].

"وانحنى فنظر الأكفان موضوعة،

ولكنه لم يدخل". [5]

لم يدخل يوحنا لأنه وثق أن ما قالته مريم المجدلية حقيقة وهو أن الجسد غير موجود. وتأكد من مجرد النظر إلى القبر الفارغ. لكن ما أن دخل بطرس حتى تبعه هو أيضًا ورأى وآمن بأن الجسد غير موجود بالقبر.

"ثم جاء سمعان بطرس يتبعه،

ودخل القبر،

ونظر الاكفان موضوعة". [6]

اقتربا ونظرا الأكفان الكتانية موضوعة بنظامٍ وترتيبٍ، وهي علامة القيامة، فإنه لا ينزع أحد الأكفان من كان في نيته سرقة الجسد أو نقله. لأن السارق لن ينشغل بترتيب الأكفان، والذي ينقل الجسد لا يعرّيه. فلو كان البعض سرقوا الجسد فهل يربكون أنفسهم بنزع المنديل ويضعونه ملفوفًا في موضع آخر؟ ما حدث حتمًا لم يتم خلال نابشي القبور أو سارقي الجثث.

v انحنى يوحنا ليرى، أما بطرس فدخل ونظر الأكفان الكتانية موضوعة لم يستفسر فورًا بل توقف. أما الغيور فدخل أكثر وانحنى يتطلع في كل شيءٍ بدقة ونظر أمرًا أكثر، عندئذ دعا الآخر لكي ينظر، إذ دخل بعد بطرس ورأى الأكفان موضوعة والمنديل في موضع وحده[1879].

v كان لابد أن يأخذوه كما هو. لهذا السبب يخبرنا الإنجيلي يوحنا مسبقًا أنه دفن بمرٍ كثيرٍ، هذا يجعل الأكفان تلتصق بالجسد، ليس بأقل من الرصاص. هكذا عندما تسمعون أن المنديل في موضع وحده لا تسلكون كالقائلين بأنه سُرق. فاللص لا يمارس تصرفًا لا حاجة إليه. فإنه لماذا ينزع الأكفان ويزيل المنديل؟ بجانب هذا كيف يمكنه أن يهرب من اكتشاف أمره إن قضى وقتًا طويلاً في فعل هذا؟ فسيًقبض عليه خلال التأخير والتواني. بل ولماذا توضع الأكفان الكتانية منفصلة والمنديل وحدها ملفوفة؟ لكي تتعلموا أن التصرف لم يحدث في تسرع أو بطريقة صاخبة[1880].

v إن قلت: فما الغرض في أن "المنديل الذي كان على رأسه ليس موضوعًا مع الأكفان بل ملفوفًا في موضع وحده"؟! أجبتك: لتعلم أن هذا الفعل ما كان فعل من كان مسرعًا ولا مضطربًا، فمن هذا الفعل صدقوا قيامته.

القديس يوحنا الذهبي الفم

v لو أن الأعداء سرقوا الجسد، فمن أجل المكسب المادي ما كانوا قد تركوا الأكفان. لو أن الأحباء فعلوا هذا لما سمحوا بتعرية الجسد وأهانته... هذا يظهر بالأحرى إن الجسد وقد عبر إلى الخلود لا يحتاج إلى ملابس في المستقبل[1881]

القديس أمونيوس الإسكندري

"والمنديل الذي كان على رأسه ليس موضوعًا مع الأكفان،

بل ملفوفًا في موضعٍ وحده". [7]

ترك السيد المسيح الأكفان والمنديل الذي كان على رأسه ملفوفًا داخل القبر، فإنه قام ولا يعود يموت ليُكفّن مرة ثانية. لقد التحف جسده بثوب مجده تاركًا ثياب العالم التي تُبلى داخل القبر. ففي الفردوس لا نحتاج إلى ثيابٍ كما على الأرض، إذ نلتحف ببرّ المسيح ونشاركه مجده. عندما صعد إيليا في مركبة نارية منطلقة إلى السماء سقط ثوبه لأنه ليس في حاجة إليه.

لنترك مع المسيح أكفان القبر خلفنا، إذ نحمل عربون عدم الفساد عوض الفساد الذي حلّ بنا.

ترك لنا السيد المسيح الأكفان في القبر موضوعة بنظام، والمنديل الذي كان على رأسه في موضع وحده، حتى يجد كل مؤمن متى انطلق إلى القبر فراشًا أعده له الرب بأكفانه الثمينة، ويجد منديله يمسح الدموع التي سكبها في جهاده في العالم.

يعلق القديس يوحنا الذهبي الفم على ترك الأكفان والمنديل في القبر بأن مسيحنا المصلوب يحثنا ألا نبالغ في الأكفان عند دفن موتانا، فإن جسم الميت سيقوم في مجدٍ بهيٍ لا يحتاج إلى ثيابٍ فاخرة!

v يا لعظمة قوة المصلوب! إنه يحث الذين يهلكون (جسديًا) بأن الموت ليس موتًا. فلا يعملون كأناسٍ هالكين، بل كأناسٍ يبعثون بالميت الذي أمامهم إلى موضعٍ بعيدٍ ومسكنٍ أفضل. يحثهم على أن هذا الجسم الأرضي الفاسد سيرتدي ثوبًا أكثر مجدًا من الحرير والثياب المذهبة، يرتدي ثوب عدم الفساد، لذا يليق بهم ألا يرتبكوا بخصوص دفنهم، بل يحسبوا الحياة الفاضلة هي ثوب كالنسيم العجيب...

v أي عذر لنا إن كنا نزين جسمًا يُستهلك بالفساد والدود، ونهمل المسيح وهو عطشان ويسير عاريُا وغريبًا؟ لنكف إذن عن هذا التعب الباطل. ليتنا نتمم جنازات الراقدين بما فيه لصالحنا وصالحهم لمجد الله، لنكثر من العطاء لأجلهم. لنبعث معهم زادًا في الطريق... لنبعث بالراقد إلى القبر وهو بهذه الثياب (التي للعطاء) فيكون المسيح ميراثًا له[1882].

القديس يوحنا الذهبي الفم

"فحينئذ دخل أيضًا التلميذ الآخر الذي جاءأولاً إلى القبر،

ورأى فآمن". [8]

لقد سبق يوحنا بطرس في ركضه نحو القبر، لكن بطرس سبقه في الجرأة، إذ دخل القبر بنفسه كمن يبحث عن الجسد، ويتحقق الأمر من كل جوانبه. يتسم البعض بالحركة السريعة، والآخرون بالجرأة أكثر من غيرهم، والكل يسند بعضهم البعض خلال المواهب والقدرات المتباينة. سرعة يوحنا شجّعت بطرس على الحركة بأكثر سرعة، وجسارة بطرس شجّعت يوحنا على الدخول في القبر. بطرس رأى وتعجب (لو24: 12)، ويوحنا رأى وأمن (يو20: 8).

موت السيد المسيح بالجسد ودفنه في قبرٍ نزع عنا الخوف من الموت والقبر، فإنه سيحل بنا الموت قريبًا ونُوضع في قبر. لذا يليق بنا أن نردد مع أيوب البار: "قلت للقبر أنت أبي، وللدود أنت أمي" (أي 17: 14).

"لأنهم لم يكونوا بعد يعرفون الكتاب،

أنه ينبغي أن يقوم من الأموات". [9]

يعلل الإنجيلي يوحنا بطئه هو وبطرس في الإيمان بعدم معرفتهما العميقة للنبوات، كانا في حاجة أن يفتح اللَّه ذهنيهما ليفهما الكتب، كما حدث مع تلميذي عمواس (لو 24: 44-45). لم يدرك التلاميذ ما تنبأ عنه المرتل: "لأنك لن تترك نفسي في الهاوية، ولن تدع تقيَّك يرى فسادًا" (مز16: 10). ولا فهموا ما قاله السيد المسيح عن تحقيق آية يونان بقيامته (مت 12: 40).

لم يقل الإنجيلي: "أنه يقوم من الأموات"، وإنما "ينبغي أن يقوم من الأموات".فالقيامة كانت من جانب هي جزء حيوي رئيسي في خطة الله لخلاصنا وتبريرنا، لذلك تحقيقها كان أمرًا ضروريًا, ومن جانب آخر لم يكن ممكنًا للسيد المسيح القائل: "أنا هو القيامة" أن يحبسه الموت، أو يقبض عليه القبر!

"فمضى التلميذان أيضًا إلى موضعهما". [10]

عادا إلى الموضع الذي كان التلاميذ يجتمعون فيه، خاصة بعد الصلب، وليس إلى منازلهما، لأنه لم يكن لهما منزل في أورشليم. عادا إلى التلاميذ لا للكرازة بالقيامة، ولا لتأكيد أنهما لم يجدا جسد السيد، وإنما غالبًا ما خشيا من الأحداث القادمة. لأنه لم يكن ممكنًا لهما أن يتوقعا ما سيفعله قادة اليهود حين يكتشفوا عدم وجود الجسد في القبر. عادا إلى اخوتهما ينتظرا ما سيعلنه اللَّه. حتمًا تحدثا مع التلاميذ عما حدث، وقرر الكل أن يجتمعوا معًا في العُليّة في مساء ذات اليوم، حيث ظهر لهم السيد المسيح، ولم يكن توما حاضرًا معهم. كان لابد للتلاميذ أن يجتمعوا خاصة وأن ملاكين ظهرا لمريم المجدلية، بينما لم يظهر ملاك لبطرس ويوحنا.

يرى القديس يوحنا الذهبي الفم انهما ذهبا أولا في دهشة، كل إلى بيته، حيث بدأت القيامة تتجلى أمامهما، ثم عادا فاجتمعا ببقية التلاميذ حسب أمر السيد.
2. صباحًا: مريم المجدلية والملاكان

"أما مريم فكانت واقفة عند القبر خارجًا تبكي،

وفيما هي تبكي انحنت إلى القبر". [11]

بينما انطلق التلميذان إلى اخوتهما التلاميذ بقيت مريم المجدلية عند القبر تبكي. لم يكن ممكنًا لها أن تفارق القبر حتى ترى جسد السيد المسيح.

بالحب تلتصق النفس بالسيد المسيح، وتود أن تتعرف على أسراره وتراه. فيما هي تبكي انحنت إلى القبر تنظر. لقد تأكدت أن الجسد ليس بالقبر، ودخل التلميذان وتأكدا، لكن حبها له جعلها بين الحين والآخر تتطلع منحنية نحو القبر لعلّه يوجد ما يعزّيها!

v الجنس النسائي إلى حد ما مملوء بالمشاعر، ويميل بالأكثر نحو الحنو. أقول هذا لئلا تندهشوا كيف أمكن لمريم أن تبكي بمرارة عند القبر، بينما لم يحمل بطرس عاطفة! إذ قيل: "فمضى التلميذان إلي بيتهما"، أما هي فوقفت تزرف الدموع. ذلك لأن طبيعتها ضعيفة، ولم تكن بعد قد أدركت بدقه موضوع القيامة. أما هما فإذ شاهدا الأكفان الكتانية آمنا ورحلا إلى منزليهما في دهشة. ولماذا لم يذهبا فورا إلى الجليل كما أمرهما السيد قبل الآلام؟ ربما لأنهما انتظرا الآخرين، كما كانا في قمة الدهشة (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). هذان إذن ذهبا في طريقهما، أما هي فوقفت في الموضع. وكما قلت فإن مجرد التطلع إلى القبر وهبها تعزية عظيمة...

على أي الأحوال لقد نالت مكافأة ليست بقليلة بسبب غيرتها العظيمة. فما لم ينظره التلميذان رأته هذه المرأة أولاً. نظرت ملاكين جالسين، واحد عند القدمين، والآخر عند الرأس، في ثيابٍ بيضٍ، حتى ثيابهما كانت مملوءة تألقا وبهجة[1883].

القديس يوحنا الذهبي الفم

"فنظرت ملاكين بثيابٍ بيضٍ جالسين،

واحدًا عند الرأس،

والآخر عند الرجلين،

حيث كان جسد يسوع موضوعًا". [12]

بعد انصراف التلميذين، في ذات اليوم بعد طلوع الشمس على الأرجح، عادت مريم وحدها، وكانت لا تزال تبحث عن الغائب عنها، ولم تكن حالتها النفسية قد تغيرت إذ انحنت إلى القبر وهي تبكي، فقدم لها القبر إعلانًا آخر، إذ رأت ملاكين بثيابٍ بيضٍ جالسين، واحدًا عند الرأس والآخر عند الرجلين. كأنهما كانا يقيسان جسده لا بمقاييس العالم بل بمقاييس سماوية، حيث أمكن تقديم جسده القائم من الأموات عبر كل العصور ليقيم منه الكنيسة الجامعة، جسده المقدس.

استجاب الرب لحبها ودموعها، ففتح عن عينيها لترى ملاكين يشهدان للقيامة، إذ على فم شاهدين تقوم الشهادة. لم تنظرهما من قبل ولا نظرهما التلميذان عند دخولهما القبر. لقد ذكر القديسان متى ومرقس أنها رأت ملاكًا واحدًا، ربما اكتفيا بالإشارة إلى الملاك الذي تحدث معها.

تشير الثياب البيض إلى النقاوة.

لماذا كانا جالسين؟ لا يحتاج الملائكة إلى الجلوس للراحة، لأنهما بلا أجساد قابلة للتعب، لكن جلوسهما يشير إلى الدعوة ألا نخاف من القبر، فحيث يوجد السيد المسيح نجلس ونستريح. إن كان العالم قد وضع جنودًا لحراسة قبر السيد المسيح لئلا يقوم، فقد قام وارتعب الجند وهربوا، أما جنود الرب فهم الملائكة الجالسون في طمأنينة ويقين بغلبة المسيح ونصرته على قوات الظلمة.

يشير الملاكان إلى الشاروبين اللذين كانا على غطاء تابوت العهد حيث عرش الرحمة وحضرة الله وسط شعبه (خر ٢٥: ١٨). لم يحملا سيفًا كما حمل الشاروب عند باب جنة عدن ليمنع الإنسان من الدخول، وإنما كانا جالسين عند الرأس والرجلين، يرحبان بنا، ويقودان كل مؤمن للتمتع بالشركة مع المسيح المصلوب القائم من الأموات، لنتمتع بالحياة الأبدية خلال الصليب، شجرة الحياة.

يرى البابا غريغوريوس (الكبير) أن ملاكًا عند الرأس يعلن عن لاهوته: "في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله "(يو1: 1). والثاني عند الرجلين يعلن عن التجسد: "الكلمة صار جسدًا وحل بيننا" (يو1: 14). يمكن أيضًا القول بأنهما يشيران إلى العهدين القديم والجديد، كلاهما يقدمان ذات الرسالة بأن الرب صار إنسانًا ومات وقام. إنهما كالشاروبين اللذين كانا على غطاء تابوت العهد حيث كان مجد الرب يتجلى. وكلمة شاروب تعني "كمال المعرفة "، وماذا يعني الشاروبان إلا العهدين؟ وما هو كرسي الرحمة إلا الرب الذي صار إنسانًا. يعلن العهد القديم عن أمرٍ لابد أن يحدث، ويعلن العهد الجديد أن هذا الإعلان قد تحقق وتم. وكأن العهدين ينظران الواحد نحو الآخر بينما اتجه الاثنان نحو كرسي الرحمة، يتأملان الرب الذي صار إنسانًا، وبقلب واحدِ يصفان سرّ تدبيره[1884].

v لماذا كان أحدهما جالسًا عند الرأس، والآخر عند القدمين؟ أليس لأن الكلمة اليونانية المترجمة ملاكين في اللاتينيةnuntii (حاملا الأخبار)؛ وبهذا فإنهما يشيران إلى إنجيل المسيح الذي يُكرز به من الرأس حتى القدمين، أو من البداية حتى النهاية؟[1885]

القديس أغسطينوس

v إذ لم يكن ذهن المرأة قد ارتفع بما فيه الكفاية لقبول القيامة من خلال برهان المنديل (والأكفان)، حدث أمر آخر، إذ رأت ملاكين جالسين في ثياب برَّاقة، حتى يقيماها إلى حين من حزنها الشديد، ويهبانها راحة. لم يتحدثا عن القيامة، لكنها اُقتيدت إلى هذا التعليم بهدوء. رأت ملامح بهية غير عادية، وشاهدت ثيابًا مضيئة، وسمعت صوتًا معزيًا[1886].

القديس يوحنا الذهبي الفم

v كرّم اليهود القدامى قدس الأقداس من أجل ما احتواه من الكاروبين وعرش الرحمة وتابوت العهد والمن وعصا هرون والمذبح الذهبي. هل يبدو قبر المسيح أقل كرامة منه؟ فإننا إذ ندخله غالبًا ما نرى المخلص في أكفانه، وإن تأخرنا نرى ملاكًا جالسًا عند قدميه وآخر عند رأسه. هذا القبر نحته يوسف الرامي، وجاءت نبوة إشعياء تخبرنا عن مجده: "في راحته يكون مجيدًا" (إش 10:11)، بمعنى أن موضع دفن الرب ينال كرامة عالمية[1887].

القديس جيروم

"فقالا لها: يا امرأة لماذا تبكين؟

قالت لهما: أنهمأخذوا سيدي،

ولست أعلم أين وضعوه". [13]

أظهر الملاكان حنوًا نحو مريم المجدلية الباكية، فقد دُهشا لبكائها، إذ كانا ينتظران أنها تفرح بقيامته. حقًا وسط آلامنا يشاركنا السمائيون الحب، ويندهشون لحزننا، إذ أدركوا ما يعده القائم من الأموات من أمجاد لمؤمنيه.

لم يكن ممكنًا حتى لرؤية الملاكين أن يشبعا قلب المجدلية، فقد جاءت تطلب السيد المسيح نفسه.

v منعها الملاكان من الدموع (يو 21: 13)، لأنه بمثل هذا الوضع يليق بهما ماذا يعلنان سوى أنه بطريق أو آخر أنه موضوع فرح المستقبل... لقد وضعا السؤال: لماذا تبكين؟ كما لو قالا: لا تبكين. أما هي فظنتهما يسألان لعدم معرفتهما عن سبب دموعها[1888].

القديس أغسطينوس

v في كل هذه الظروف كان كما لو أن الباب ينفتح أمامها لتدخل قليلاً قليلاً إلى معرفة القيامة. كانت طريقة جلوسهما دعوة لها أن تسألهما، إذ أظهرا لها أنهما يعرفان ما قد حدث. ولهذا لم يجلسًا معا بل كل منهما على انفراد... ماذا قالت؟ تحدثت في حرارة وانفعال: "إنهم اخذوا سيدي، ولست أعلم أين وضعوه" [13]. ماذا تقولين؟ أما عرفتِ بعد شيئًا عن قيامته، بل لازلتِ تتخيلين أنه لا يزال موضوعًا في مكان؟ ألا ترون كيف أنها لم تقبل بعد تعليمًا عاليًا؟[1889]

القديس يوحنا الذهبي الفم

v لم تكن تطلب الجسد، بل الرب الذي أُخذ[1890].

البابا غريغوريوس (الكبير)

v "في الليل على فراشي طلبت من تحبه نفسي" (نش 1:3). وقد قيل:"جاءت مريم والظلام باق"، "في الليل على فراشي طلبت من تحبه نفسي، طلبته فما وجدته". وفي الأناجيل تقول مريم:"أخذوا سيدي ولستأعلم أين وضعوه؟!"[1891]

القديس كيرلس الأورشليمي
3. صباحًا: لقاء المجدلية مع المسيح

"ولما قالت هذا التفتت إلى الوراء،

فنظرت يسوع واقفًا،

ولم تعلمأنه يسوع". [14]

موضوع "المكان" الخاص أين يمكث يسوع، وأين يذهب، هو موضوع حيوي. ففي بداية الإنجيل سأله التلميذان الأولان: "يا معلم أين تمكث؟" (يو 38:1). وفي العشاء الأخير قال له توما: "لسنا نعلم إلى أين تذهب" (يو5:14). وعند القبر سألته المجدلية: "إن كنت قد حملته، فقل لي أين وضعته، وأنا آخذه" (يو 15:14). وعندما سألها أن تبشر بقيامته وجّه نظرها إلى أين تذهب، إذ أراد لها كما للتلاميذ أن يصعدوا درجات أعلى في معرفتهم لقيامته.

قبل أن يجيب أحد الملاكين عليها جاءت الإجابة عمليًا من السيد المسيح نفسه الذي وقف وراءها ليتحدث معها ويجيب على سؤالها. كان شهوة قلب المجدلية أن ترى جسد المسيح الميت، لكنه وهبها ما هو أعظم، إذ ظهر لها "القائم من الأموات". إنه يعطينا أكثر مما نسأل وفوق ما نطلب.

التفتت إلى الوراء ربما لأنها شاهدت الملاكين قاما بعملٍ غير عادي كالسجود متجهين نحوه، أو أن أنظارهما قد تحولت عنها إليه بوقار شديد. رأته إنسانًا عاديًا فلم تتعرف على شخصه. لم تكن نفسية المجدلية أو فكرها مهيأ للقاء مع القائم من الأموات. وربما بسبب حزنها الشديد لم تستطع أن تتعرف على شخص ربنا يسوع. حقًا كانت تبحث عنه بدموعٍ بقلبٍ منكسرٍ، ولم تدرك أنه قريب من منسحقي القلوب (مز ٣٤: ١٨)، أقرب مما يظنوا. هكذا يليق بنا حين نطلبه أن ندرك أنه قريب إلينا جدًا، فوق كل تصورٍ بشري. فهو في داخلنا يود أن يعلن ذاته لنا.

لم يروِ لنا يوحنا الإنجيلي أن أحد الملاكين قد أخبراها بقيامته، ربما لأنه سبق فأشار إلى ذلك الإنجيليون الثلاثة (مت ٢٨: ٥–٧؛ مر ١٦: ٦–٧؛ لو ٢٤: ٥–٧).

v على ما يلوح لظني أنها إذ قالت إنهم أخذوا سيدي ولست أعلم أين وضعوه ظهر السيد المسيح خلفها بغتة! فأخاف الملاكين، فإذ عاينا سيدهما أظهرا في الحال بشكلهما وبنظراتهما وبحركتهما أنهما قد أبصرا ربهما، بهذا الحال استمالا التفات مريم.

ظهر لهما بهذه الكيفية، ولم يظهر هكذا للمرأة، حتى لا ترتعب منه عند أول نظرة إليه. إنما ظهر لها في شكل عادي بسيط كما يظهر من كونها قد ظنته أنه البستاني.

كان هذا يليق بفكر غير متقدم أن ينطلق إلى الأمور العلوية ليس دفعة واحدة بل بهدوءٍ، لهذا سألها: "يا امرأة لماذا تبكين؟ من تطلبين؟"[1892]

القديس يوحنا الذهبي الفم

v إذ أحبت وشكت رأته ولم تتعرف عليه (يو 21: 14)؛ حبها أعلنه لها، وشكها منعها عن معرفته[1893].

البابا غريغوريوس (الكبير)

"قال لها يسوع:

يا امرأة لماذا تبكين؟ من تطلبين؟

فظنت تلكأنه البستاني،

فقالت له: يا سيد إن كنت أنت قد حملته،

فقل لي أين وضعته،

وأناآخذه". [15]

ربما جاء تساؤل السيد المسيح يحمل شيئًا من الحزم: يا امرأة لماذا تبكين؟ من تطلبين؟ وكأنه يقول لها: لماذا أتيتِ إلى هذا الموضع باكرًا؟

لقد سبق فرُمز لهذا التصرف بيوسف الذي تظاهر أمام اخوته كغريبٍ قبل أن يكشف لهم عن شخصه (تك 44، 45). إنه يعاتبها: "لماذا تبكين؟ أنا قمت! من تطلبين؟ ها أنا أمامك! قيامتي فيها الإجابة على كل أسئلتك، وفيها شبع لكل احتياجاتك".

جاءت إجابتها تحمل معنى: "لماذا تلومني على دموعي الغزيرة؟ ولماذا تسألني من أطلب؟ أنت تعرف سرّ دموعي وموضوع طلبي"، وإذ حسبته البستاني ترجته أن يخبرها أين هو إن كان قد حمله إلى موضع آخر.

ربما ظنت أنه كبستاني لم يقبل أن يوضع جثمان مصلوب مرفوض من المجتمع في قبر سيده الجديد، لذلك حمله إلى موضع آخر. لذلك طلبت أن تأخذه لتجد له قبرًا آخر تضعه فيه. بحبها لم تشعر بأي ثقل من جهة حمل جسد المسيح والبحث عن قبرٍ لائق به.

v مرة أخرى تتحدث عن جسد موضوعٍ أو محمولٍ بعيدًا كما عن جثة ميت. إنها بهذا تعني: "إن كنت قد حملته خوفًا من اليهود، أخبرني. فإنني أأخذه". عظيم هو حنو المرأة وانفعالها المحب، لكن لم يكن لديها شيء علوي. لذلك يضع الأمر أمامها بالصوت لا بالمظهر[1894].

القديس يوحنا الذهبي الفم

v سألها عن سبب حزنها لكي يزيد من شوقها، حتى إذ سأل تلك التي تبحث لترى تشعر بحب ملتهب متزايد من نحوه[1895].

البابا غريغوريوس (الكبير)

"قال لها يسوع: يا مريم.

فالتفتت تلك، وقالت له:

ربوني، الذي تفسيره يا معلم". [16]

إذ بحثت عنه بغيرة متقدة ومحبة تأهلت أن تسبق غيرها في التمتع بصوته المفرح. لقد سرّ السيد المسيح أن يهبها فرح قيامته، لكي تشهد وتكرز بإنجيل القيامة. تحدث معها لا بلهجة بستاني حارس للبستان، وإنما بنغمة المحبة التي اعتادت عليها. سمعت اسمها على فمه فعرفت شخصه، وكما قال السيد عن خرافه أنها تعرف صوته (يو ١٠: ٤). كان يكفيها كلمة واحدة، أن يناديها السيد باسمها. وكما تقول الكنيسة: "صوت حبيبي، هوذا آتٍ طافرًا على الجبال، قافزًا على التلال" (نش ٢: ٨).

قالت له: "ربوني" وهو لقب يحمل نوعًا من الكرامة أكثر من لقب "راباي". إنه يحمل معنى "يا معلمي العظيم الكرامة".

v إلى أن دعاها باسمها وظهر لها كهاتفٍ لا تزال تظنه ميتًا وتسأل أين هو موضوع،دعاها باسمها. وكأنه يقول لها: "لتعرفي ذاك الذي يعرفك". وإذ دُعيت مريم باسمها عرفت خالقها. أنه ذاك الذي تبحث عنه خارجها، وهو يعلمها أن تبحث عنه داخليًا[1896].

البابا غريغوريوس (الكبير)

v علة حزنها الشديد أنها لم تعرف أين تذهب لتهدئ من حزنها. لكن قد أتت الساعة حين يعلن لها الملاكان إلى حد ما بالفرح الذي يحل بعد الحزن، فقد طلبا منها ألاَّ تبكي[1897].

v عندما حولت جسمها (التفتت إلى الوراء) ظنته على غير ما هو عليه [١٥]، بينما حينما حولت قلبهاتعرفت عليه كما هو[1898].

القديس أغسطينوس

"قال لها يسوع:

لا تلمسيني،

لأني لمأصعد بعد إلى أبي،

ولكن اذهبي إلى اخوتي،

وقولي لهم:إنيأصعد إلى أبي وأبيكم، وإلهي وإلهكم". [17]

فعلت مريم حسبما أُمرت، ذهبت إلى التلاميذ وأبلغتهم الرسالة: "قد رأيت الرب". لقد أكدت لهم خبرتها مع المسيح القائم من الأموات.

لتأكيد قيامته سمح لتلاميذه أن يلمسوا آثار المسامير والجراحات، كما سمح للنسوة أن يمسكن قدميه ويسجدن إليه (مت ٢٨: ٩). أما بالنسبة للمجدلية فربما لأنها ظنت أنه قام كما سبق فأقام لعازر ليعيش معهم على الأرض، لذلك طلب منها ألا تلمسه بيديها بل بقلبها، لتكرز بقيامته وصعوده إلى السماء. إنه لم يقم ليؤسس له مملكة أرضية، بل ليصعد، ويقيم مملكته في القلوب. لقد سبق فهيأ أذهانهم قبل صلبه أنه يصعد إلى السماء، لذا لم يرد أن تتحول بهجة قيامته إلى شوق نحو بقائه معهم على الأرض.

يرىLeon Morris أن الفعل "تلمسيني" في اليونانية يحمل معنى "لا تستمري في لمسي" وليس "لا تبتدئي باللمس". أراد السيد المسيح منها أن تتوقف عن اللمس، وكأنه سمح لها باللمس ولكن إلي حين. أراد أن يؤكد لها أنه قد قام بحياة جديدة، ليس كالحياة القديمة التي تركها، ليهب البشرية المؤمنة هذا التغيير في يوم الرب العظيم (1 كو 15: 51-53).

مرة أخرى إذ تلامست مع قيامته يؤكد لها أنه لم يصعد بعد إلى السماء، وقد حان الوقت للكرازة بالقيامة وتهيئة الأذهان للصعود. إنه لا يوجد وقت للارتباط الزمني وحضوره جسديًا وسطهم. ليس من وقت للحديث معه، بل يلزم تحقيق رسالته، إنه وقت للكرازة بالأخبار المفرحة.

مع قيامته والإعلان عن صعوده لم يخجل من أن يدعو تلاميذه "اخوتي".

بعث السيد المسيح برسالة مع المجدلية إلى تلاميذه الذين تركوه عند القبض عليه ولم يرافقوه حتى الصليب. لم يشر إلى كلمة عتاب واحدة، وكأنه قد أرسل إليهم يقول: "إني أغفر وأنسى ولا أعاتب!"

أرسل إليهم المجدلية التي سبق فأخرج منها سبعة شياطين لكي تكرز للتلاميذ بالأخبار المفرحة للقيامة.

في رسالته إليهم أعلن شوقه للوحدة، اتحادهم معه، لينالوا البنوة لله، فيصير الله الآب أباهم، ويصير المسيح نفسه معهم، يحسب الآب إلهه كابن البشر الممثل لهم. لكنه يميز بين مركزه كابن أزلي حقيقي وبينهم كأبناء بالتبني، إذ لم يقل: "أبينا وإلهنا". أخيرًا إن كان بطرس ويوحنا تركاها في البستان تبحث عنه باكية، فإنها إذ وجدته عادت تبشر الكل بما رأته وسمعته ووجدته. لقد وجدت المسيا مخلص العالم الذي يعدهم ليرتفعوا معه بقلوبهم إلى حضن الآب.

أجاب القديس جيروم على تساؤل مارسيلاMarcella كيف يتفق ما جاء في يو 17:20 "لا تلمسيني" مع ما ورد في مت 9:28: "فتقدمتا وأمسكتا بقدميه". يقول أنه في الحالة الأولى فشلت مريم المجدلية في التعرف على لاهوت ربنا يسوع، أما في الحالة الثانية تعرفتا عليه، ولهذا نالا الامتياز الذي حُرمت منه مريم المجدلية أولاً[1899].

v بمعنى إنكِ لستِ أهلاً أن تلمسي القائم ذاك الذي تظنين أنه لا يزال في القبر[1900].

القديس جيروم

v أعطى يسوع المرأة درسًا في الإيمان التي عرفته أنه السيد، ودعته هكذا في إجابتها له. كان هذا البستاني يغرس في قلبها، كما في حديقته حبة الخردل. ماذا إذن يقصد بقوله: "لا تلمسيني"؟ وكما لو كان علة المنع يجب بحثها أضاف: "لأني لم أصعد بعد إلى أبي". ماذا يعني هذا؟ إن كان لا يُلمس بواسطة البشر وهو واقف على الأرض، فكيف يُمكن أن يُلمس بواسطة البشر وهو جالس في السماء؟ بالتأكيد قدم نفسه قبل صعوده لكي يلمسه تلاميذه (لو ٢٤: ٢٩)... هذه المرأة ترمز لكنيسة الأمم التي لم تؤمن بالمسيح إلا بعد صعوده فعلاً إلى الآب، وبهذا فهو يريد أن يؤمنوا به، أي يلمسوه روحيًا إذ هو والآب واحد...

v كان يليق بمريم التي كانت لا تزال تظن عدم مساواته للآب أن تُمنع من لمسه بالكلمات: "لا تلمسيني". بمعنى لا تؤمني هكذا حسب مفاهيمك الحالية. لا تدعي أفكارك تنبسط خارجيًا إلى ما صرتِ عليه من أجلك دون العبور إلى ما بعد ما أنتِ عليه... إنك تلمسيني حينما تؤمنين إني أنا الله ولست بأية طريقة غير مساوٍ للآب[1901].

القديس أغسطينوس

v على حسب ظني أن هذه المرأة أرادت أن تأتلف به أيضًا كائتلافها به من قبل، ومن فرحها به لم تدرك فيه أمرًا عظيمًا، إذ كان أفضل حالاً في ذات جسده بمقدارٍ كثيرٍ، فإذ حجزها عن هذه المهمة رفع أفكارها حتى تنظر إليه بأوفر خشوعٍ وأجزله، فمعنى قوله: "لا تلمسيني" هو لا تقتربي مني كالحال السابق.

v بينما رأيناه على الصليب وحيدًا، لا نراه هكذا بعد، بل يظهر وسط اخوته. في يوم قيامته قدم الرسالة المفرحة: "اذهبي إلى اخوتي وقولي لهم إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم" (يو 17:20). نسمعه يخاطب تلاميذه كاخوته وذلك في يوم قيامته المجيدة بعدما اجتاز آلامه. فإننا إذ نتقدس بعمله الخلاصي (آلام الصليب)، ليس فقط لا يخجل بل يُسر جدًا أن يدعوهم هكذا "اخوته" (عب 12:2).

v يقول العريس: إن كنت ترغب أن تُفتح الباب وأن ترتفع أبواب نفسك ليدخل ملك المجد، يلزمك أن تقبل اشتياقاتي في نفسك. كما يقول الإنجيلي: "من يصنع مشيئة أبي الذي في السماوات هو أخي وأختي وأمي" (مت 50:12). يليق بك أن تقترب إلى الحق، وتصير شريكه حتى لا تنفصل عنه.

القديس غريغوريوس أسقف نيصص

v "اذهبي إلى اخوتي، وقولي لهم: "إني أصعد إلى أبي وأبيكم، وإلهي وإلهكم". مع أنه لم يكن قد اقترب صعوده ليتحقق فورًا، إنما يتم ذلك بعد أربعين يومًا، فلماذا قال هذا؟ رغبة في أن يرفع أذهانهم، ويحثهم بأنه سيرحل إلى السماوات[1902].

القديس يوحنا الذهبي الفم

v عندما يذهب (إلى أبيه) حاملاً الغلبة والنصرات بجسده القائم من الأموات... عندئذ تقول بعض القوات: "من ذا الآتي من أدوم بثيابٍ حمرٍ من بصرة، هذا البهي بملابسه؟" (إش ٦٣: ١). والمرافقون لهيقولون للمقيمين عند أبواب السماء: "ارتفعي أيتها الأبواب ليدخل ملك المجد" (مز ٢٤: ٧). وإذ يستفسرون بالأكثر، أقول، إذ يروا يمينه بآثار دمه، وكل جسمه وقد امتلأ بالجراحات يقولون: "ما بال لباسك محمر وثيابك كدائس المعصرة؟" يجيب: "لقد حطمتهم ومزقتهم قطعاً" (راجع إش ٦٣: ٢–٣)[1903].

العلامة أوريجينوس

v سألها ألا تلمسه لأنه لم يصعد بعد (يو 21: 17)، حتى تلمسه بعد صعوده، إذ يُعد لها أمجادًا عظيمة، فتلمس ما لا يمكن لمسه بالأيدي، وترى ما لم تستطع رؤيته هنا.ولعله يخبرها ألا تلمسه بمعنى لا تعودي تحسبينني بشريًا مجردًا، بل أنا القدوس. ارفعي قلبك وفكرك إلى السماويات، واطلبيني هناك، لأني صاعد إلى أبي الذي لم أتركه قط ولا انفصل عنه. أنا أقيمك واصعد بك إلى عرشي!

السبب أنه لا يُلمس كما في هذه الكلمات: "لأني لم أصعد بعد إلى أبي"... فالقلب الذي لا يؤمن بمساواته للآب، يبقى الرب بالنسبة له غير صاعد بعد إلى أبيه. فمن يؤمن أنه شريك مع الآب في السرمدية هو وحده يلمسه... لأني صرت إنسانًا فهو إلهي، ولأنكم قد تحررتم من الخطأ فهو إلهكم. أنه أبي وإلهي بطريقة متمايزة عنكم، إذ ولدني بكوني الله قبل الدهور، ولكنه خلقني كإنسانٍ في ملء الزمان[1904].

البابا غريغوريوس (الكبير)

v لئلا يظن أحد في بساطة أو عن سرعة خاطر مع عناد أن في قول المسيح:"أصعد إلى أبي وأبيكم" أنه مساوٍفي الكرامة مع الأبرار، لهذا يجدر بنا أن نصنع تمييزًا. وهو أن اسم"الآب" هوواحد"أيآب لابن واحد"،أما عملهفمتعدد"أي يعطى البنوة بالتبني لكثيرين". وإذ يعلم المسيح نفسه هذا قال في عصمة عن الخطأ:"أصعد إلى أبي وأبيكم"، ولميقل:"أبينا"، بل ميز بينهما.

قال أولاً بما يليق به: "إلى أبي"الذي هو بالطبيعة، وبعد ذلك أضاف:"وأبيكم" الذي هوبالبنوة. لأنه مهما بلغ سمو الامتياز الذي تقبلناه بقولنا في صلواتنا:"أبانا الذي في السماوات"، إلا أن العطية هيمن قبيل محبة اللٌه المترفقة. فنحن ندعوه أبًا، ليس لأننا وُلدنا بالطبيعة من أبينا السماوي، بل انتقلنا من حالة العبوديةإلى البنوة بنعمة الآب خلال الابن والروح القدس. لقدسمح لنا أن ننطق بهذا من قبيل محبة اللٌه المترفقة غير المنطوق بها[1905]

v لئلا يُظنأنه من جانب ماهوآب للابن وللخليقة معًا صنع المسيح تمييزًا كما يلي.إنه لم يقل:"اصعد إلىأبينا" لئلا تصير الخليقة شريكة للابن الوحيد(على مستواه الطبيعي) بل قال:"أبي وأبيكم" أي هو أبي بالطبيعة وأبوكم بالتبني[1906].

القديس كيرلس الأورشليمي

v إن كنت تطلبه بين الكائنات الأرضية كما طلبَته مريم المجدلية، احذر لئلا يقول لك ما قاله لها: "لا تلمسيني، لأني لم أصعد بعد إلى أبي وأبيكم" [17]. فإن أبوابك ضيقة، لا يمكن أن ترتفع فلا تقدر الدخول فيها. اذهب في طريقك إلى اخوتي، أي إلى الأبواب الدهرية هذه إذ ترى يسوع ترتفع... أبدية هي أبواب الكنيسة، هذه التي يشتهي النبي أن يعلن فيها تسابيح المسيح، قائلاً: "لكي أخبر بكل تسابيحك في أبواب ابنة صهيون" (مز 14:9)[1907].

v يكشف ابن اللَّه الفارق بين الولادة والنعمة عندما يقول: "لم أصعد إلى أبي وأبيكم، وإلهي وإلهكم". إذ لم يقل: "لم أصعد إلى أبينا وإلهنا"... التمييز علامة الفارق، إذ ذاك الذي هو أب المسيح هو خالقنا[1908].

v غاية المسيح في التجسد أن يهيئ لنا الطريق إلى السماء[1909].

v حقًا قال لمريم المجدلية: "لا تلمسيني" [17]، لكن هذا الطاهر لم يقل: "لأني طاهر"، فهل تتجاسر يا نوفيتانNovatian وتقول إنك طاهر، بينما حتى إن كنت طاهرًا بأعمالك فبقولك هذا تُحسب غير طاهرٍ؟[1910]

القديس أمبروسيوس

v إنه قد أوشك أن يجلس على عرش أبيه، أما هم فيقفون. مع كونه في كيانه حسب الجسد صار أخانا، لكن في كرامته يختلف عنا جدًا بما لا يمكن أن نخبر عن قدره[1911].

القديس يوحنا الذهبي الفم

"فجاءت مريم المجدلية وأخبرت التلاميذأنها رأت الرب،

وأنه قال لها هذا". [18]

v انظروا كيف زالت خطية الجنس البشري كما بدأت. في الفردوس كانت المرأة علة الموت للرجل (تك 3: 6)، وخرجت من القبر امرأة تعلن الحياة للبشر. روت مريم كلمات ذاك الذي أعاد لها الحياة. وحواء روت كلمات الحية التي جلبت الموت. وكأن الرب يخبر الجنس البشري، لا بالكلام بل بالعمل: " اقبلوا نبع الحياة من اليد التي قدمت مشروب الموت"[1912].

البابا غريغوريوس (الكبير)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قراءات قداس عيد القيامة المجيد 4-4-2010
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
Net for God :: المنتديات الكنيسية و الروحية-
انتقل الى: