إلي روح قداسة البابا شنودة

لم يكن لنا حديث معه إلا ما يخاطب الروح فيه ، ولهذا ، ورغم ما يعتصرنى من الألم ، لا أستغرب الآن أن أخاطب روحه الطاهرة فى ذكرى الأربعين . وصف ذاته بالقلب الذى خفق والصدر الذى حوى فى حناياه حب الإله وأخفى مضجعه .. وكتبها شعرا فى فجر شبابه وبداية تكريسه فى قصيدة غنيناها خلفه ، نعم ، هو روح ، هو قلب نابض ، هو روح عشق الآب السماوى وإنعكس علينا وأفاض روح هذا الحب فى أبوته ، وهو قلب نبض بحب الإله ونبضت قلوبنا معه ، وكل منا يشتاق لو كان له مثل هذا الصدر وحمل داخله قلبا كقلبه

ذكرياتنا معه لا تكفى الكتب لتحويها ، ذكريات خاصة لمسناها وعاشت فينا كأولاده ، ونصيبى منها ككاهن إختصه بالحب والرعاية والحنان ، كان نصيب الأسد أو الإبن المحبوب ، وما إلتقيت ليلة تشييع جنازتة – بكاتدرائية العباسية – بالآباء الكهنة وصار كل منا يحكى ، إلا وإكتشفت كم كان كلنا يشعر بدالة خاصة له عنده ، فلم أكن وحدى وإن شعرت بهذا

قلت فى وداعه يوم إنتقاله ، أنه حمل قلب أسد ، وروح طفل . دافع عن الحق بقلب الأسد ، وتحمل الظلم وإفتراء ظلمة هذا الدهر بقلب الأسد ، وصد عن الكنيسة أمواج بحر العالم ورياحه العنيفة بقلب الأسد ، ولما تعامل معنا نحن أولاده ، كان لنا منه نصيب روح طفولته التى رأيناها فى إبتسامته وضحكته ، فى كلماته المشجعة ، وفى دموعه المصلية الخاشعه

كنت أخدم كنيسة السيدة العذراء بمدينة أوتاوا الكندية فى نهاية الثمانينات من القرن الماضى حينما طلبت منى سيدة خطابا قد يتيح لها فرصة لقاء قداسة البابا مع أولادها وزوجها فلسطينى الأصل حين زيارتهم لمصر ، ثم عادت تحكى كيف إستقبلهم قداسته بفرح ظاهر ، وحمل طفليها الصغيرين فى ( حجره ) على ركبتيه ، وصار يستمع إلى ألحانهما القبطية التى تعلموها معنا ، إستمع إلى لحن السلام ( إبؤورو ) ، وخين إفران ، وإكسمارؤوت ، وشنوده تو ماكاريو ، وغيرها .... وعندما خرجت بطفليها كانا فى حاله فخر وفرح وإعتزاز ، ولكنهما تسائلا بسذاجة طفولتهما : ( ماما ، هو سيدنا البابا كان بيبكى ليه لما كنا بنرتل الألحان ؟ ) ، نعم ياسيدى الطوباوى ، لقد كان لك قلب طفل

صلواتك الآن أمام العرش الإلهى هى أكبر سند للكنيسة ليوجهها الروح إلى من يستحق أن يجلس على كرسى إفتخر بجلوسك أربعين سنة ويزيد ، أنت معنا يا سيدى ، لن تكون غائبا إلا عن أعيننا ، وما أرخصها من عين هذه التى تظن أنها أغلى من القلب والفكر والروح

(أبونا بسنتي عبد المسيح - كندا)

وحشتنا اوي يا سيدنا و ابونا الغالي اوووووووي