النجاح بتفوق
بقلم القس / الفريد فائق صموئيل
ملخص حياة المؤمن هو في هذه الآية: “كل ما يصنعه ينجح”.
الرب يُنجح طريق المؤمن؛ أي 1 - يحوّل متاعب وأشواك حياة إلى ورود تُسّر الناظرين.
2- حتى ما يفشل فيه يؤدى إلى شئ جميل.
3- أبسط كلمة ينطق بها تثبت إلى الأبد.
4- وأصغر أعمال المحبة التي يؤديها تكون لذكر أبدى.
فيبقى ثمره كما يبقى ورقه أيضاً. المؤمن لا يفقد جماله ولا ثمره. لماذا؟ لأن إلهنا:
5- يحوّل أخطاءه إلى دروس يتعلم منها. فهو يُخرج له من
الآكل أكلاً ومن الجافي حلاوة ( قض 14: 14).
وعلينا أن نتأكد بأن هناك بركات مختفية داخل تجارب وأحزان المؤمنين:
أيوب: " إذا جرّبني اخرج كالذهب " (أى 33 : 10). وكان هذا اختبار يوسف لما باعه إخوته، ولكن الرب كان معه فكان رجلاً ناجحاً ( تك 39 : 2). وقد باركه يعقوب أبوه وقال: " يوسف غصن شجرة مثمرة، غصن شجرة مثمرة على عين.
• مرّرته،
• ورمته،
• واضطهدته أرباب السهام،
• ولكن ثبت بمتانةٍ قوسه" ( تك 49 : 22 – 24)
فبرغم المرارة والحرب والاضطهاد يصمد المؤمن ويثبت وينجح وبتفوق.
ولكي تستفيد من موضوع " النجاح بتفوق " أرجو قراءة: ( تك 39 : 1 – 10و49 : 22 – 26ومز 1)
أحبائي؛ الكل يحب النجاح؛
النجاح في الدراسة جميل؛
النجاح في العمل رائع؛
والكل يسعى من أجل النجاح والتفوق؛
وهناك من يخططون للنجاح وبتفوق.
وأحتوى النجاح الطموح ومعظم أنشطة الناس.
وبسبب المشغوليات كاد أن ينسى بعض الناس أساس النجاح وهو الرب.
لذلك تأتى إلينا رسالة الله يا أحبائي لتذكرنا بهذا الأمر الحيوي من كلمة الله شعارنا " وكان الرب مع يوسف فكان رجلاً ناجحاً" ( تك 39 : 2). وقد جاءت هذه الآية ضمن قصة يوسف في سفر التكوين الإصحاح 39. وفى هذا الإصحاح تناسق تام وترتيب جميل مثل كل أجزاء كلمة الله وهى تعرض القصص في ترتيب ممتاز وتتابع رائع. وهنا أقدم لكم أربعة أفكار خفيفة:
أولاً: يوسف تحت الامتحان ع 1 – 23
تتماشى الافتتاحية الصافية (ع 1 – 6) خطوة فخطوة مع الختام (ع 19 – 23). والكل يُظهر بتعبير وافٍ سيطرة الله الهادئة، والنصرة الهادئة لرجل الإيمان.
لقد دُفنت البذرة الجيدة عميقاً في التربة الصادقة، وها هي تنبت وتعلو في حياة يوسف الذي أصبح عبداً.
عاش بأمانة وطهارة في موقعه الجديد، وهنا يتدّرب العبد الأمين في القليل ليقيمه الرب على الكثير ليتدّرب على السلطة الواسعة.
لقد أصبح يوسف العبد محل الثقة (ع 1 – 6) لسيده فوطيفار المصري رئيس الشرط "رئيس الحرس" والذي يمثل حالياً وزير الداخلية.
لقد انتقل يوسف إلى أرض غريبة لكنه لم يخالف ما تعلم وما تربى عليه. لقد عاش بالإيمان والأمانة، بالطاعة والقداسة، و بالمحبة والطهارة.
ومن اجل محبة يوسف في الطهارة وميله إليها وحرصه عليها، كان الرب معه وقد وفقه وأنجحه في كل أعماله.
كان ذلك بالرغم من كونه كان حدثاً صغيراً، وجميل المنظر وفى أرض غريبة وسط وثنيين لكنه احتفظ بجهاد بطهارته ونقاء حياته.
ومن جاهد بإيمان من اجل الطهارة والقداسة، تحّل عليه بركة الرب بل وعلى الموضع الذي يكون فيه، وشملت النعمة يوسف داخلاً وخارجاً، لأن عيشة الإيمان والطهارة عند الله عظيمة وكريمة جداً.
وكان الرب مع يوسف فكان رجلاً ناجحاً وبارك الرب بيت فوطيفار سيده بسبب يوسف....
ومفتاح هذا النجاح يرد في ع 3 "تنجحه" أى تجعله ينجز – تجعله يوفق في المهمة الموكلة له. الله سر النجاح؛ نعم الله مفتاح النجاح. تأمل معي في فعل "تنجحه" أي أنه هو الذى ينجحك فاتكل عليه... هو الذى ينجحك فأطعه... وهذه هي الكلمة التي سبق أن استعملت عن نتيجة مهمة إليعازر في (تك 24 : 21 ،40) وهى الكلمة المستعملة عن إنجاز "عبد الرب" المتألم في (اش 53 : 10) ومفادها الإنجاز لا المكانة.
وهكذا مَرّ يوسف من نجاح إلى نجاح– فقد وكّل فوطيفار يوسف على كل ما كان له......
وينتج عن ذلك ترقيه السيد لعبده– وهذه الخطوة أنتجت البركة للسيد.
ثانياً: يوسف يتعرّض للتجربة:
فالناجح يتعرض باستمرار للتجارب. فقد وقع يوسف تحت تجربة. ويوسف وقع تحت ضغوط كثيرة يمكن أن تجعله يخطئ؛ تمثلت في أنه:
1- كانت لديه السيطرة الكلية على كل شئ.
2- لم تكن عليه رقابة فقد أعطاه سيده الثقة كلها.
3- وكان في أرض غريبة.
4- كانت سرعة ترقيته يمكن أن تكون مسببة لإفساده.
5- وفوق الكل كان الشيء الوحيد الممنوع عنه وهى زوجة فوطيفار هي التي تراوده عن نفسها.
6- وكان يعلم مدى السلطة والمكر التي في يد سيدته عندما يرفض.
7- بل وكان يعلم بأن سيده رئيس الحرس سيستمع لكلام سيدته الشريرة من تلفيق تهمة تجعله يدخل السجن.
يا لها من تجربة قاسية وفى أرض غريبة. لقد كانت الأمور امتحاناً لمدى ولائه وإخلاصه وحياة القداسة والنقاء. لقد التزم بالصدق عندما سمى العرض الذى عُرِض عليه باسمه الحقيقي (الشر) وليس شطارة أو فهلوة أو تمشية حال. لقد كان ولائه لإلهه رائعاً ممتازاً، وإخلاصه لسيده عميقاً أصيلاً.
ثالثاً: يوسف يقاوم ويجاهد وينتصر وينجح:
ع 10 وقد ازدادت قوة التجربة بالضغط المستمر "يوماً فيوماً" – لقد كان يوسف ناجحاً روحياً فلم يسقط في الخطية كما سقط شمشون بعد مرتين. لقد كان يوسف أقوى من شمشون. فلم يخف يوسف من القوة والإجبار لفعل الخطية ولم ينجرف أو يضعف أمام الملاطفة والدهاء. (أم 5 : 8) يقول: " أَبْعِد طريقك عنها ولا تَقْرَبْ إلى باب بيتها".
صل بصدق " ولا تدخلنا في تجربة بل نجنا من الشرير" ليتنا نكون مثل حزقيا الذى قال عنه الكتاب: " والتصق بالرب ولم يحد عنه بل حفظ ووصاياه التي أمر بها الرب موسى. وكان الرب معه وحيثما كان يخرج كان ينجح" ( 2 مل 18 : 6 ، 7)
إن جهاد يوسف العظيم كان مستمراً بسبب استمرار التجربة. فقد كانت زوجة فوطيفار تعرض نفسها عليه يوماً بعد يوم. وهكذا إبليس حتى اليوم. إن جهادنا ليس ليوم واحد لأن حربنا مستمرة. لقد كان سبب نجاح يوسف وانتصاره هو إيمانه بحضور الله في كل مكان، وكان خوف التقوى يملأ قلبه. انه الخوف الذى خلقه الله في طبيعة الإنسان. هذه هي الصورة التي خلق الله عليها الإنسان – في البر وقداسة الحق. انه خوف يحرّك الإنسانية والطهارة ويطرد الشهوة والغضب. وبذلك يكون الطاهر طاهراً مثل الله الذى خلقه على صورته – فيكون معه ويجعله ناجحاً. وهذه النجاحات تجعل إبليس يستشيط غضباً ويتسبب في وصول يوسف إلى السجن لكن مع ذلك كان موضع ثقة حتى في السجن حتى وصل إلى العرش.
رابعاً: وأنت وأنا يمكننا أن ننجح وننتصر على التجربة:
علينا أن نقاوم ونجاهد لننجح مثل يوسف. وحتى أنت يا مؤمن يا ناجح احذر من التجربة استمر في النجاح وكافح من اجله ولا تتوقف عن المقاومة ضد الخطية. فالمقاومة ضد الخطية مطلوبة باستمرار. والمقاومة حتى النهاية، إن التجربة تتلون ضد يوسف وضدنا حتى الآن في مواجهات متنوعة:
1- التملق والتخويف ع 7 .
2- الإلحاح المستمر وفتح الموضوع مرات ومرات بلا توقف ع 10 .
3- التحدي الأخير ع 12 حيث يتعرض الإنسان لخسارة كل شيء أو ربح كل شيء في لحظة.
والعلاج كما نعلم كان في الهروب: وهو ليس هروب الجبان، بل الهروب لإنقاذ الشرف على حساب الآمال. مكتوب: "أما الشهوات الشبابية فاهرب منها وأتبع البر والإيمان والمحبة والسلام مع الذين يدعون الرب من قلب نقى" ( 2 تى 2 : 22)
فلقد دعانا الله بالمجد والفضيلة: " اللذينْ بهما قد وهب لنا المواعيد العظمى والثمينة لكي تصيروا بها شركاء الطبيعة الإلهية هاربين من الفساد الذي في العالم بالشهوة." ( 2 بط 1 : 4)
" وكان الرب مع يوسف فكان رجلاً ناجحاً" " فقد كان كشجرة مغروسة عند مجارى المياه، التي تعطى ثمرها في أوانه، وورقها لا يذبل، وكل ما يصنعه ينجح"
أن أصغر أعمال المحبة تكون لذكر أبدى – لا يُفقد الثمر كما لا يُفقد الورق....
المهم ليس النجاح المادي الدنيوي بل نجاح النفس والروح وأن نكون مع الرب على الدوام. آمين.