Ghada فنانـــــة المنتــــدى
عدد الرسائل : 16804 تاريخ التسجيل : 21/04/2007
| موضوع: المعرفة وانواعها .. 14-6-2009 الأحد 14 يونيو 2009 - 2:55 | |
| المعرفة وأنواعهابقلم : البابا شنودة الثالث14 يونيو 2009
المعرفة ليست غاية في ذاتها, إنما هي وسيلة للمنفعة, غير أنه ليست كل معرفة نافعة, فهناك معرفة قد تضر. وعندما خلق الانسان لم يكن يعرف سوي الخير فقط. ولكنه للأسف الشديد, بدأ يعرف الشر عندما سقط. وبمعرفة الشر بدأ يضر نفسه ويضر غيره أيضا.
إذن عليك أن تتأكد من سلامة كل معرفة تصل إليك. وتتأكد من فائدتها قبل ان تقبلها.
أما عن حدود المعرفة.. فيقولون: إن أكثر الناس علما هو الذي يعرف شيئا عن كل شيء, وبنوع من التخصص يعرف كل شيء عن شيء. ويبدو أن هذه العبارة مبالغ فيها جدا.فلايوجد إنسان يعرف كل شيء عن شيء ما, ولا أن يعرف شيئا عن كل شيء. إن الله وحده ـ تبارك اسمه ـ هو الذي يعرف كل شيء عن كل شيء. ومعرفته يقينية ومطلقة وغير محدودة. والله يعرف الخفيات والظاهرات. يعرف ما في القلوب وما في الأفكار وما في النيات لجميع الناس. ويعرف ما في باطن الأرض وما في علو السماوات, بينما الإنسان لايعرف شيئا من هذا كله. والله يعرف المستقبل والغيب أما الإنسان فلايعرف.
الإنسان إن عرف شيئا, إنما يكون ذلك بوسائط متعددة, كالحفريات بالنسبة إلي باطن الأرض. وكالمقاييس والمكاييل والأشعة والتحاليل, وأجهزة أخري كثيرة للوصول إلي ما يمكن معرفته. أما الله فيعرف كل شيء بدون واسطة.
والإنسان يجاهد لمعرفة طبائع الأشياء. أما الله فيعرفها لانه هو الذي وضع لكل شيء طبيعته. الإنسان مثلا يحاول بمجهودات ضخمة ان يعرف أماكن البترول في باطن الأرض, أما الله فمعرفته لذلك ناتجة عن كونه هو الذي جعل البترول في تللك الأماكن. وينطبق ذلك أيضا علي مواضع الذهب وباقي المعادن والأحجار الكريمة, وأنواع الكائنات البحرية وغيرها.
أما من جهة أنواع المعرفة: هناك معرفة حسية تأتي عن طريق الحواس, يعرفها الناس بالنظر او بالسمع او باللمس او بالشم. وما أضعف حواسنا فهي لاتدرك كل شيء.
وهناك معرفة عن طريق العقل, تأتي بالدراسة أو الاستنتاج, وهناك معرفة الروح وهي ليست لكل الناس.
غير ان هناك معرفة اخري عن طريق الكشف او الإعلان الإلهي. ويدخل في ذلك الوحي الذي يصل إلي الأنبياء. وهناك معرفة أخري وهي معرفة الإنسان لنفسه.
إن العالم يجهد نفسه كثيرا للحصول علي معرفة تختص بالقمر والكواكب. فيستخدم في ذلك سفن الفضاء, وينفق علي كل هذا أموالا طائلة. لكنه ليس بنفس الشوق يسعي الي معرفة الله.. إنه يسعد كثيرا إن أحضر بعض حجارة من القمر, أو بعض الصور. لأنها تعطيه شيئا من المعرفة عن الطبيعة التي هي من خلق الله. دون ان يسعد بمعرفة الله خالقه!
ونفس الكلام يقال عن كثير من الاكتشافات التي يقوم بها الانسان, ويفخر باكتشافاته, ويمجد العقل البشري الذي وصل إليها. وفي كل ذلك لايمجد الله الذي خلق هذا العقل ووهبه إمكانياته! هناك معرفة اخري تأتي عن طريق الآخرين: عن طريق الكتب او الصحف أو وسائل الإعلام, أو الإنترنت.. ومعرفة عن طريق الاصدقاء او المعارف أو الاساتذة. ومعرفة تأتي عن طريق الشيطان بما يلقيه في أذهان الناس من فكر, أو رؤي أو أحلام مضللة. وربما يسعي الإنسان الي الحصول علي معرفة من الشيطان عن طريق السحر, أو ما يسمونه استشارة أرواح الموتي, أو بطرق أخري متعددة, كاللجوء إلي المنجمين, وإلي قارئي الكف او الفنجان, وإلي ضاربي الرمل او الودع, ويدخل ذلك في اللعب بعقول البسطاء, ونحن نعرف جيدا ان الشيطان لايعطي معرفة مجانا. فلابد ان يكون له هدف يريد الوصول به الي الإضرار ببعض البشر.
نوع آخر من المعرفة هو ان يعرف الإنسان نفسه: يعرف انه مخلوق من تراب لكي يتضع ولا يتكبر. ويعرف خطاياه وضعفاته لكي يندم عليها ويتوب. ويعرف مواهبه لكي يستخدمها في الخير. ويعرف مدي قربه او بعده من وصايا الله. ويعرف مايلزمه للوصول الي الحكمة والتمييز.
علي الانسان ايضا ان يعرف طبيعة غيره واتجاهاته, لكي يعرف كيفية التعامل معه.. سواء كان ذلك في التعاون مع الأصدقاء او في محيط العمل, أو في الحياة الزوجية, وفي الحياة الاجتماعية عموما.. وأيضا معرفة نفسية الطفل, ونفسية المعاق, ونفسية العاقر, ونفسية المراهق, وكيفية التعامل مع كل هؤلاء... وعلي الزوج ان يعرف نفسية المرأة, وعلي الزوجة ان تعرف نفسية الرجل.
وعلينا جميعا ان نعرف الحق, وإن عرفناه نتبعه, وأن نعرف احتياجات الناس لكي ندبرها لهم.
ولنحترس من المعارف التي هي فوق مستوي البشر. فكثير من الناس يبحثون في عالم الأرواح فيضلون. وكذلك فلنبعد عن المعارف الضارة, ولانضيع وقتنا في معرفة امور لاتفيدنا. وقد قال احد الآباء الروحيين: أحيانا نجهد انفسنا في معرفة امور, لا نلام في يوم الدين علي جهلنا إياها.
ولنعرف ان مايدخل الذهن من معارف, يؤثر علي الحواس والمشاعر وربما علي العلاقة للاخرين. وبالأكثر من ذلك يخزن في العقل الباطن. ثم يخرج منه علي هيئة ظنون او أفكار او احلام. وبهذا يكون نطاق انتشار المعرفة قد اتسع. وهناك ألوان من المعرفة تغير نظرة الإنسان الي كثير من الامور, وإلي كثير من الناس. ومعارف ضارة قد تجلب الشك ومعارف ضارة قد تحول الفكر إلي الإلحاد.
لذلك يلزم ان يدقق كل إنسان في اختيار مصادر معرفته, لكي يحتفظ بنقاوة فكره, ولايتلوث بمعرفة ضارة. وعليه ان يدقق في اختيار الأصدقاء والمعارف الذين يصبون معلومات في أذنيه. وكذلك يدقق في نوع قراءاته. ولا يظن ان الأفكار عواقر, وما أكثر ان تلد افكارا اخري, ومشاعر عديدة, بل ربما كلمة واحدة تصل الي ذهنك, فتلد حكاية او حكايات, وكذلك مايمكن ان يقال عن تأثير الشائعات, لهذا كله فإن الوقاية من الفكر الخاطئ خير وأفضل من قبوله, ثم محاولة التخلص منه. وإذا ما وصلت إليك معرفة خاطئة, فلا تحاول أن تنقلها إلي غيرك, لئلا يطالبك الله بما يتعب الغير من نتائج تلك المعرفة.
| |
|
mifa20014 قلب المنتدى الطيب
عدد الرسائل : 31565 العمر : 52 تاريخ التسجيل : 08/05/2007
| موضوع: رد: المعرفة وانواعها .. 14-6-2009 الإثنين 15 يونيو 2009 - 13:05 | |
| | |
|