تناول الخضار والفاكهة والحبوب والبقول واللحوم أفضل من حبوب الفيتامينات
حينما يُطرح الحديث عن الفوائد الصحية للموادالكيميائية المضادة للأكسدة، ومن أين يُمكن الحصول عليها لتحقيق تلك الفوائد، فإن تزويد الجسم بتلك المواد من خلال تناول المنتجات الغذائية الغنية بمحتواها منها، هو الأفضل بالمقارنة مع تناول الحبوب الدوائية المحتوية عليها. هذا كان لب التقرير الذي تضمنته رسالة الصحة من مايو كلينك لشهر سبتمبر الحالي.
والمواد المضادة للأكسدة، مثل فيتامين سي وفيتامين إي ومادة كاروتين carotene ولايكوبين lycopene وليوتين lutein وغيرها الكثير، تلعب أدواراً إيجابية مختلفة في الوقاية من الأمراض أو تخفيف حدتها، مثل أنواع السرطان أو أمراض القلب والأوعية الدموية أو الزهايمر أو تلف شبكية العينين أو غيرها.
ويُعتقد أن استفادة الجسم من توفير مثل هذه المواد الكيميائية هو في المساعدة على معادلة وإلغاء تأثيرات تكون المواد الكيميائية من نوع الجذور الحرة free radicals. والجذور الحرة في الأصل هي مواد كيميائية من أنوع السموم، وتنتج في الخلايا الحية كنواتج جانبية لحصول سلسلة العمليات الحيوية في التفاعلات الكيميائية للأيض أو الإستقلاب (التمثيل الغذائي) metabolism، التي من خلالها تتم استفادة الخلايا الحية من المواد الغذائية الأساسية.
وجسم الإنسان في الأصل أيضاً يُنتج مواد تعمل كمضادات للأكسدة، لكنها ليست فاعلة بشكل تام في تخليص الجسم من تلك المواد الضارة، كما أن قدرات الجسم على ذلك الإنتاج تقل مع التقدم في العمر. هذا بالإضافة إلى أن الجسم البشري لا يستطيع إنتاج فيتامينات مهمة ومضادة للأكسدة، مثل فيتامين سي.
منتجات طبيعية
وكان الباحثون قد أثبتوا مراراً أن لتناول مضادات الأكسدة الموجودة في المنتجات الغذائية الطبيعية فوائد صحية بالغة. وأثبتوا في الوقت نفسه أن تناول هذه المواد الكيميائية المفيدة للجسم من المصادر الطبيعية لها في المنتجات الغذائية هو ما يرفع من نسبة توفرها في الجسم والاستفادة منها بالتالي، مقارنة بتناولها عبر الحبوب الدوائية المحتوية على أنواع مُصنعة منها، أي غير طبيعية.
والملاحظ أن تلك الحبوب قد تحتوي نوعاً أو عدة أنواع من المواد المضادة للأكسدة وبأثمان مُكلفة، في حين أن الأغذية الطبيعية تحتوي على الآلاف منها وبهيئات سهلة الامتصاص وبكميات تسد حاجة الجسم منها. وهو الأمر الذي يدفع بعض الأطباء إلى التعجب من إقبال الراغبين في الصحة والعافية على شراء تلك الأنواع من الحبوب الدوائية في حين أن الغذاء الغني بالمضادات للأكسدة هو في واقع الحال في متناول أيديهم!
[color:8224=darkred:8224]تليون الغذاء
إن المواد المضادة للأكسدة هي ما تُكسب المنتجات النباتية ألوانها المختلفة، ولذا فإن النصيحة الطبية في التغذية تقول دائماً بأن على المرء تلوين طبق غذائه اليومي بتلك المنتجات النباتية، أي أن تحتوي على ما هو أحمر وبرتقالي وبنفسجي وأصفر وأخضر وأبيض وبني وغيرها من الألوان التي تصطبغ بها تلك الثمار.
وعليه فإن منتجات مثل التوت بأنواعه، والفاصوليا بألوانها، والتفاح دون نزع قشره، والأفوكادو، والتمر، والأناناس، والبرتقال، والكيوي، والرمان، والعنب، والأرضي شوكي، والملفوف الأحمر، والبطاطا غير المقشرة، والبروكلي، والملوخية، والجرجير، والبقدونس، والطماطم، والفلفل الحار أو البارد، والشاي بنوعيه الأخضر والأحمر، والقهوة، والجوز، والفستق، واللوز، والقرفة، والزنجبيل، والقمح، والشوفان، كلها أمثلة على منتجات نباتية غنية بأنواع المواد المضادة للأكسدة.
وقال الباحثون من مايو كلينك في دراستهم الحديثة، بالرغم من أن تناول حبوب دوائية محتوية على مضادات الأكسدة، الصافية والنقية، لا يزال شيئاً آمناً، لكن ينبغي التأكد من سلامة طرق إنتاجها وخلوها من الشوائب والمواد الضارة.
إلا أن ثمة العديد من الدراسات الطبية، التي آخرها دراستان أكدتا أن تناول كميات عالية من فيتامين إي هو شيء ضار وقد يتسبب في تسمم الجسم. في حين أن تلك الفيتامينات والمواد المضادة للأكسدة الأخرى المتوفرة في المنتجات الطبيعية، توجد في كتلة تلك الثمار مع معادن وألياف ومواد غذائية تجعل الجسم يمتصها بسهولة ويستفيد منها بشكل أفضل، خاصة فيما يتعلق بالكوليسترول وأمراض شرايين القلب.
حبوب الفيتامينات
بعد تحليل معلومات 16 دراسة علمية اكلينيكية، قال الباحثون: إن محصلتها تُؤكد أن حبوب الفيتامينات لا تمنع ولا تُبطئ من تطور إصابات الشرايين بترسبات الكوليسترول وظهور التضيقات فيها. وبالتالي فإنه لا جدوى من الانتظام في تناولها ابتغاء منع أو تقليل الإصابة بنوبات الذبحة الصدرية والجلطات في القلب أو حالات السكتة الدماغية أو الوفيات الناجمة عن أي منها، بل إن الباحثين أكدوا ان مراجعة بعض هذه الدراسات تشير إلى أن تناول الحبوب هذه قد يكون ضاراً بصحة الإنسان وصحة القلب على وجه الخصوص.
والباحثون حينما نظروا إلى تناول حبوب الفيتامينات أو تناول الخضار والفواكه والحبوب والبقول واللحوم وغيرها من مصادر الفيتامينات الغذائية، وجدوا فروقاً واضحة في التأثير على صحة الإنسان، والدراسات السابقة حول أنواع شتى من السرطان أثبتت أن تناول حبوب الفيتامينات تلك لا يُجدي بينما تناول الفيتامينات نفسها من خلال المنتجات الغذائية الطبيعية يُجدي نفعاً ويُقلل من الإصابات، كما في سرطان الرئة أو المعدة أو غيره.
وعرضت نتائج دراسة الباحثين من المؤسسة القومية الأميركية للسرطان، التي أظهرت أن الرجال الذين يتناولون بشكل منتظم حبوب المعادن والفيتامينات، دونما حاجة طبية، يرفعون من احتمال إصاباتهم بسرطان البروستاتا، مقارنة بغيرهم من الرجال الذين لا يتناولونها إلا عند الحاجة الصحية إليها وفق إرشادات مباشرة من الأطباء.
و تحديداً قال الباحثون: ان تناول الرجال لعدد من حبوب الفيتامينات يبلغ سبع حبات أسبوعياً أو أكثر، يرفع من عُرضة احتمالات الإصابة بأنواع شديدة الشراسة من سرطان البروستاتا بنسبة تفوق 30%، ويرفع بمقدار الضعف من احتمالات الإصابة بالأنواع القاتلة منه. كل هذا بالمقارنة مع غيرهم من الرجال الذين لا يفعلون ذلك. وكان الضرر أشد فيما بين الرجال الذين يتناولون حبوب السيلينيوم أو الزنك، و هما أحد المعادن الضرورية للجسم، أو فيتامين بيتا كاروتين المرتبط بفيتامين إيه.