mifa20014 قلب المنتدى الطيب
عدد الرسائل : 31565 العمر : 52 تاريخ التسجيل : 08/05/2007
| موضوع: مخافة الله 7 مقال 27-9-2009 وطني الإثنين 28 سبتمبر 2009 - 2:12 | |
| سلسلة مخافة الله (7) لكي نصل إلي مخافة الله علينا أن نتذكر عقوباته ودينونته الرهيبة بقلم: قداسة البابا شنودة الثالث
* الخوف من العقوبة طبيعة في الإنسان. ولولا هذا الخوف, لانتشر الشر في كل مكان. إنه نوع من الردع, يمنع وقوع الشر. بدأ الخوف من العقوبة, منذ أيام أبينا آدم: لقد خاف حينما أخطأ, واختبأ هو وحواء خلف الشجر. واستمر الخوف في نسلهما.. حتي في الأنبياء والقديسين. واستمر الله في فرض عقوباته علي المخطئين ليقودهم إلي المخافة والتوبة. وقد سجل لنا الكتاب المقدس عقوبات كثيرة: ولست أقصد فقط العقوبات التي وردت في العهد القديم, ولا لعنات الناموس التي كانت تقال علي جيل عيبال (تث27:13), ولا حتي الضربات والعقوبات التي وردت في سفر الرؤيا (رؤ8) في العهد الجديد, عهد النعمة والحق. ولا العقوبات التي صدرت من فم السيد المسيح له المجد, ومن أفواه تلاميذه القديسين, إنما أقول: حتي الوصية الإلهية الأولي, كانت مصحوبة بعقوبة. نعني وصية الله لأبوينا الأولين في الجنة. كانت مصحوبة بعقوبة شديدة في حالة المخالفة: موتا تموتا (تك2:17).. بينما كانت الوصية موجهة إلي نوعية ممتازة جدا, هي آدم وحواء في حالتهما السامية الأولي, التي كانت فائقة جدا لحالة الطبيعة البشرية الحالية. إذ كانا في منتهي البراءة والبساطة لا يعرفان شرا, حيث كانا عريانين ولا يخجلان. وقد نفذ الله عقوبته علي هذا الإنسان المخلوق علي صورة الله ومثاله. الله المحب, الذي كان يتكلم في محبة مع آدم الطاهر البرئ, هو نفسه الذي خافه آدم بعد الخطية, وهو الذي عاقب آدم وحواء, وطردهما من الجنة, وفرض عليهما التعب والوجع,. والحية التي كانت خاضعة للإنسان, أعطاها سلطانا أن تسحق عقبه (تك3:15-19). وقال الله للإنسان -وهو يعاقبه-: لأنك تراب, وإلي التراب تعود (تك3:19). ولعل فكرا دار في عقل أبينا آدم: هل أنا يارب تراب؟! ألست علي صورتك ومثالك؟!. وكأن الله يرد عليه قائلا: لست الآن صورتي ولست مثالي. لقد كنت صورتي, حينما كنت نقيا بسيطا. ولكنك لما أخطأت فقدت هذه الصورة, وأصبحت ترابا, مجرد تراب كما كنت. وإلي التراب تعود. إن العقوبة لازمة للإنسان. شرعها الله لفائدته. حتي الخطايا التي تبدو بسيطة, وضع الله لها عقوبات. حتي كلمة رقا, أبسط كلمة تبدو فيها علامة من عدم التوقير (متي5:22). بل كل كلمة بطالة يتكلم بها الناس, يعطون عنها حسابا في يوم الدين (مت12:36). وما أخطر قول القديس باسيليوس الكبير: ماذا أستفيد إن فعلت كل البر, ثم قلت لأخي يا أحمق وصرت بهذا مستحقا نار جهنم حسب المكتوب (متي 5:22)؟!. إن مجرد كلمة واحدة يخطئ بها الإنسان, تسبب له دينونة. لأن الإنجيل يقول: وبكلامك تدان (مت12:37). وكلمة شتيمة يمكن بسببها أن يفقد الإنسان الملكوت, لأن الكتاب يقول: لا شتامون يرثون ملكوت الله (1كو6:10). ووضع هؤلاء الذين يشتمون في قائمة واحدة مع الزناة وعبدة الأوثان والفاسقين (1كو6:9). وكلمة قسم حلفان يمكن أن تقعوا بها تحت الدينونة (يع5:12). إذن فلتكن مخافة الله في قلوبنا. لأن خطية واحدة يمكن أن تكون سببا في هلاك الإنسان. والكتاب يقول: لأن من حفظ كل الناموس, وعثر في واحدة, فقد صار مجرما في الكل (يع2:10). * إذن يجب أن نخاف من دينونة الله لنا, ومن يوم الدينونة الرهيب, الذي يسميه الرسول أحيانا يوم الغضب, فيقول: ولكنك من أجل قساوتك وقلبك غير التائب, تذخر لنفسك غضبا في يوم الغضب واستعلان دينونة الله العادلة الذي سيجازي كل واحد حسب أعماله (رو2:5, 6). ويقول أيضا عن الذين يطاوعون الإثم: سخط وغضب, شدة وضيق, علي كل نفس إنسان يفعل الشر.. (رو2:8, 9). وقد تحدث السيد المسيح نفسه عن الخوف من الدينونة. فقال: لا تخاوفوا من الذين يقتلون الجسد, وبعد ذلك ليس لهم ما يفعلونه أكثر. بل أريكم ممن تخاوفوا: خافوا من الذي بعدما يقتل, له سلطان أن يلقي في جهنم. نعم أقول لكم: من هذا خاوفوا (لو12:4, 5). وهكذا كرر نصيحة الخوف ثلاث مرات في عبارة واحدة. وعلمنا أن نخاف من الدينونة, ومن جهنم, وأن نخاف الله الذي له سلطان هذه العقوبة. وخوف الدينونة وفقد الخلاص, يتحدث عنه القديس بولس فيقول: فلنخف إنه مع بقاء وعد بالدخول إلي راحته, يري أحد منكم أنه قد خاب منه (عب4:1). إنه يخاف أن نفقد الدخول إلي الراحة الأبدية, مع وعد الله لنا بها. وهو هنا يكلم إخوة مؤمنين لهم المواعيد, يخاطبهم في رسالته بقوله: أيها الأخوة القديسون شركاء الدعوة السماوية (عب3:1). إنهم قديسون حقا. ولكن من الممكن أن يخطئوا. ولذلك فهناك خوف عليهم!. ومع أن الرسول يقول لهؤلاء الأخوة القديسين: فإذ لنا أيها الأخوة ثقة بالدخول إلي الأقداس بدم يسوع.. الثقة من جهة كمال الكفارة التي قدمها الرب عنا.. ولكن ماذا من جهتنا نحن؟! يتابع الرسول حديثه فيقول: فإن أخطأنا باختيارنا, أخذنا معرفة الحق, لا تبقي بعد ذبيحة عن الخطايا, بل قبول دينونة مخيفة, وغيرة نار عتيدة أن تأكل المضادين (عب10:26, 27). وإذ يذكر خوف الدينونة, يشرح خطورة السبب الخطية, فيقول: من خالف ناموس موسي, فعلي شاهدين أو ثلاثة شهود يموت بغير رأفة. فكم عقابا أشر, تظنون أنه يحسب مستحقا من داس ابن الله, وحسب دم العهد الذي قدس به دنسا, وازدري بروح النعمة (عب10:28, 29). حقا إنه كلام خطير, يجعل الذي لا يخاف الله, يفيق من غفلته.. ويكمل الرسول حديثه قائلا: مخيف هو الوقوع في يدي الله الحي (عب10:31). الوقوع المخيف في يدي الله, هو في يوم الدينونة. يقول القديس يوحنا في سفر الرؤيا: ثم رأيت ملاكا آخر طائرا في وسط السماء, معه بشارة أبدية ليبشر الساكنين علي الأرض وكل أمة وقبيلة ولسان وشعب, قائلا بصوت عظيم: خافوا الله وأعطوه مجدا (رؤ14:7).. لماذا هذا الخوف؟ وما مناسبته؟ يقول الملاك: لأنه قد جاءت ساعة دينونته.. رهيبة هي ساعة الدينونة.. كل حياتنا نعدها لذلك اليوم وتلك الساعة.. انظروا ماذا يقول الكتاب عن ذلك اليوم: يقول عنه في سفر ملاخي النبي: بدم الرب العظيم المخوف (ملا4:5). ونقول عنه في القداس الإلهي: وظهوره الثاني الآتي من السماوات المخوف والمملوء مجدا. هذا المجئ الذي يقول عنه الكتاب: يرسل ابن الإنسان ملائكته, فيجمعون من ملكوته جميع المعاثر وفاعلي الإثم, ويطرحونهم في أتون النار. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان (مت13:41, 42). ويقول سفر يوئيل النبي: لأن يوم الرب عظيم ومخوف جدا. من يطيقه؟! (يوء2:11). ويقول أيضا: تتحول الشمس إلي ظلمة, والقمر إلي دم, قبل مجئ يوم الرب العظيم المخوف. ويكون كل من يدعو باسم الرب يخلص (يوء2:31). وقد تكرر هذا الوصف في كلام القديس بطرس الرسول في يوم الخمسين (أع2:20, 21). ويقول القديس بطرس أيضا في رسالته الثانية: ولكنه يأتي كلص في الليل يوم الرب, الذي فيه تزول السموات بضجيج, وتنحل العناصر محترقة, وتحترق الأرض والمصنوعات التي فيها.. تنحل السماوات ملتهبة, والعناصر محترقة تذوب (2بط:10, 12). أما عن مشاعر الناس في ذلك اليوم الرهيب: فيقول في سفر إشعياء النبي: هوذا يوم الرب قادم, قاسيا بسخط وحمو غضب. لذلك ترتخي الأيادي, ويذوب كل قلب إنسان (إش13:9). ويشبه هذا ما ورد في (صف1:14-16). ويقول هوشع النبي عن خوف الناس وقتذاك: ويقولون للجبال غطينا, وللتلال أسقطي علينا (هو10:8). ويتكرر هذا الكلام أيضا في سفر الرؤيا عند فتح الختم السادس: وإذا زلزلة عظية حدثت, والشمس صارت سوداء كمسح من شعر, والقمر صار كالدم, ونجوم السماء سقطت علي الأرض, كما تطرح شجرة التين سقاطها إذا هزتها ريح عظيمة.. وملوك الأرض والعظماء والأغنياء والأمراء والأقوياء, وكل عبد وكل حر, أخفوا أنفسهم في المغاير وفي صخور الجبال, وهم يقولون للجبال والصخور: أسقطي علينا وأخفينا عن وجه الجالس علي العرش وعن غضب الخروف. لأنه قد جاء يوم غضبه العظيم, ومن يستطيع الوقوف؟! (رؤ6:12-17). لأجل كل هذا, ينصحنا الرب ويقول: اسهروا إذن لأنكم لا تعلمون في أية ساعة يأتي ربكم (مت24:42). ويقول عن حالة ذلك العبد الردئ غير المستعد: يأتي سيد ذلك العبد في يوم لا ينتظره, وفي ساعة لا يعرفها, فيشقه من وسطه, ويجعل نصيبه مع المرائين. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان (مت24:50, 51) (لو12:46). ولهذا يقول: فكونوا أنتم إذن مستعدين, لأنه في ساعة لا تظنون يأتي ابن الإنسان (لو12:40). اسهروا إذن علي خلاص أنفسكم وسيروا في زمان غربتكم بخوف (1بط1:17) لتكن أحقاؤكم ممنطقة, وسرجكم موقدة (لو12:35). واضعين أمامكم هذا الإنذار: لئلا يأتي بغتة, فيجدكم نياما (مر13:36). وعن سهركم وإستعدادكم لهذا اليوم, لقد وضعت لكم كتابا اسمه السهر الروحي يمكن أن تضيفوه إلي موضوعنا هذا. ومن مخافة هذا اليوم, استعدوا له بالتوبة. وكما يقول الرب: لا تشاكلوا هذا الدهر, بل تغيروا علي شكلكم بتجديد أذهانكم (رو12:2). وتذكروا حالة غني لعازر, الذي كان يشتهي مجرد قطرة ماء يبرد بها لسانه, لأنه معذب في ذلك اللهيب (لو16:24). ولكن لعل البعض يقول ما شأننا بذلك اليوم, وهو بعيد؟: أقول لك؟ حتي إن كان اليوم الأخير بعيدا, فإن يومك بالذات لا تدري موعده.. فينبغي أن تكمل خلاصك بخوف ورعب (في2:12). وخير لك أن تخاف الآن خوفا فيه رجاء, إذ يدفعك إلي التوبة, من أن تخاف في ذلك اليوم بلا أمل. وهذا هو تعليم الكنيسة الذي تعلمه لنا في كل يوم, كما أريد أن أحدثكم عنه في العدد المقبل, إن أحبت نعمة الرب وعشنا. | |
|