Boutros اصدقاء المنتدى
عدد الرسائل : 4697 العمر : 57 تاريخ التسجيل : 24/12/2007
| موضوع: ما يُرى وما لا يُرى الأحد 10 يناير 2010 - 19:01 | |
| ما يري وما لا يري بقلم: البابا شنودة الثالث كل الأمور التي تري هي أمور وقتية, تعيش في وقت معين, ثم تنتهي أو تزول, مثل المادة والعالم والجسد أما الأمور التي لا تري, أي غير المرئيات, فإنها أبدية لا تزول فما هي إذن المرئيات؟ وما هي غير المرئيات؟ من الأشياء التي لا تري, الأبدية, أي الحياة في العالم الآخر. والذي يفكر في أبديته, إنما بالطبع يفكر في غير المرئيات, أي في, ما لم تره عين, وما لم تسمع به أذن, وما لم يخطر علي بال إنسان. سعيد ومبارك هو الذي يفكر في الأبدية. إنه بلا شك سوف يعد نفسه لها. وبالتالي سوف يبتعد عن كل ما يمنع تمتعه بها, وأقصد ذلك التمتع بالأمور التي لا تدخل تحت مستوي الحواس, وما فيها من فرح لا يُنطق به وعجيب, وهو فرح دائم, لا يستطيع أحد أن ينزعه منّا وفي الأبدية توجد أيضا المتعة بعشرة الله الذي هو أيضا في عالمنا يرانا ونحن لا نراه.. فليتنا ننشغل بالله الذي نعد أنفسنا للحياة في الأبدية, حيث تكون السعادة التي هي فوق إدراكنا.. وفي الأبدية سوف نري الملائكة الذين يحيطون بنا هنا, ونحن لا نراهم بعيوننا هذه المادية. وكذلك سوف نري أرواح الأبرار القديسين من البشر الذين سبقونا إلي العالم الآخر.. أما الآن فإننا ننظر إلي كل هؤلاء بالروح وبالإيمان. ونستحي من حضرتهم بيننا, إن فعلنا خطية..الروح أيضا هي من الأشياء التي لا تُري. أما الجسد فإنه من المرئيات. لذلك فإن الشخص الروحي المحب لله, لا يعيش ناظرا باستمرار إلي الجسد وطلباته, إنما بالأكثر إلي الروح, فيهتم بها وبغذائها الروحي, وبمصيرها الأبدي, وبما يربطها بالله ويجعلها دائما معه. والذي ينظر دائما إلي غير المرئيات فإنه يهتم بالمعنويات, وبالإيمان وعمل الخير والإنسان الذي يعيش في الإيمان, إنما ينظر دائما إلي ما لا يري, وإلي الأبدية التي يشتاق إليها وهو لا يراها..وفي كل أمورنا.. ننظر إلي قوة الله غير المنظورة العاملة معنا, ولا ننظر إلي ضعفنا الظاهر والمشاكل التي أمامنا.. إن موسي النبي لم ينظر إلي البحر العظيم الذي يراه أمامه, وإنما إلي قوة الله غير المرئية التي تستطيع أن تشق البحر له بعصاه.ننتقل إلي الحديث عن المرئيات: لا شك أن في أولها المادة: والمادة وقتية لا تدوم إلي الأبد بل تزول. إن لم نفارقها نحن, فهي ستفارقنا. ومهما كنزنا لنا كنوزا من الماديات أموالا وعقارات وحسابات في البنوك.. فإننا سوف لا نأخذها معنا حينما نفارق هذا العالم. فخير لنا اذن أن نكنز لنا كنوزا في السماء فإنها ستبقي لنا حيث نلقاها هناك, وتلك الكنوز السمائية هي كل خير نعمله علي الأرض, وكل إحسان نعطيه للغير. ومن الأشياء الوقتية أيضا, هذا العالم الحاضر الذي سوف يزول وشهوته معه. ومن هنا وجدنا أن الرهبان والنساك قد بدأوا حياتهم الروحية بالموت عن العالم أو بالبعد عن العالم. ولعل البعض منكم يسأل: ماذا أفعل أنا عمليا: كيف أترك العالم وما فيه من المادة, وأنا أحيا في العالم؟ أقول لك: عش في العالم, ولكن لا تجعل العالم يعيش فيك يمكنك أن تملك المادة, ولكن لا تجعل المادة تملكك.. تعيش في العالم دون أن تجعله يدخل إلي قلبك, وإلي فكرك ومشاعرك, تستعمل ما فيه من مادة وأنت متحرر في الداخل من سيطرتها ومن محبتها. وكل ما تفقده من أمور العالم, لا تحزن عليه, لأنه سوف لا يصحبك في اليوم الأخير وردد باستمرار هذه العبارة ماذا ينتفع الإنسان, لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟؟؟ والإنسان الروحي الذي لا تملكه محبة الماديات. يعيش بلاشك سعيدا ويتحرر من الشهوة ومن الخوف. وفي ذلك قال القديس أوغسطينوس: جلست علي قمة العالم, حينما أحسست في نفسي أني لا أشتهي شيئا ولا أخاف شيئا فالإنسان الذي ارتفع فوق مستوي الماديات هو حصن منيع لا ينهدم. إنه فوق العالم, وفوق الجسد أيضا. أليس الجسد المادي كذلك هو من الأمور المادية الزائلة. إذ سيأتي وقت سننطلق منه, ويأكله الدود ويتحول إلي تراب!!إذن عش في الروح, واهتم بها فالروح من الأمور التي لا تري. وبالروح تخلص من شهوات الجسد. أما الأمور المرئية فلا تهتم بها, ولا تسبب لك هما. وفي قمة هذه الأمور, المال. والعيب ليس هو في المال, ولكن في محبته. ذلك لأن كثيرا من الأغنياء صنعوا به خيرا والبعض أعطي كل ماله للفقراء كالقديس انطونيوس مؤسس الرهبنة. إذن استعمل المال, ولكن لا تتكل عليه, ولا تصل إلي الكبرياء بسببه, واكنز به لك كنوزا في السماء.. ولا تظن أن كثرة العطاء للفقراء والمحتاجين. إنما تقلل مالك, كلا بل هي تمنحه بركة فيزداد.هناك نقطة مهمة في تمييز غير المرئيات علي المرئيات, وهي ما نراه في قصص الشهداء القديسين. وكيف أنهم تقدموا إلي الموت, غير ناظرين إلي العالم وكل مافيه من متع أرضية مؤقتة, ورافضين الإغراءات التي عرضت عليهم. ذلك لأنهم كانوا مركزين كل اهتمامهم في الحياة التي بعد الموت, الحياة الأبدية التي لا ُتري. ولكن فيها كل البركة وكل السعادة. وأيضا كانوا لا ينظرون إلي الملكوت الأرضي, بل إلي الملكوت السماوي الذي لا يرونه بالعين المادية, لكنهم يرونه بالإيمان. حقا إن النظر إلي ما لا يري ينجي العالم من كل المذاهب المادية ومن كل الاتجاهات الإباحية غير الأخلاقية. (جريدة الأهرام 10/1/2010) | |
|
kokomina اصدقاء المنتدى
عدد الرسائل : 5026 العمر : 47 Localisation : cario تاريخ التسجيل : 26/09/2009
| موضوع: ما يُرى وما لا يُرى الأحد 10 يناير 2010 - 22:20 | |
| مقالة رائعة وتعزية حلوة داخل الكلمات لقداسة البابا شنودة الثالث الحياة التى لا ترى هى بعد الانتقال من هذا الجسد الفانى ونعيش بجسد ممجد نورانى ميرسى يا بطرس على هذه المقالة الرائعة المناسبة جدا للحدث الذى نعيش فيه ربنا يعوض تعب محبتك | |
|
Boutros اصدقاء المنتدى
عدد الرسائل : 4697 العمر : 57 تاريخ التسجيل : 24/12/2007
| موضوع: رد: ما يُرى وما لا يُرى الأحد 10 يناير 2010 - 23:22 | |
| أشكر مرورك وتشجيعك المستمر يا ممدوح | |
|
Ghada فنانـــــة المنتــــدى
عدد الرسائل : 16804 تاريخ التسجيل : 21/04/2007
| موضوع: رد: ما يُرى وما لا يُرى الإثنين 11 يناير 2010 - 0:39 | |
| شكرا يا بطرس لنقلك للمقال الجميل ربنا يعوضك | |
|