ما ?ى النعمة؟ إن?ا بلا شك ما ينعم به الله على خليقته ... وأوَّل نعمة و?ب?ا الله للخليق ة ?ى نعمة الوجود، إذ
أوجد?م وما كان ل?م وجود من قبل .
ونعمة الوجود تشمل أيضاً نعمة الحياة، بالنسبة إلى الملائكة والبشر وكل الكائنات الحية ... و?ذا النوع من النعمة ?و
النعمة الخالقة.
?ناك أيضاً نعمة الرعاية والحفظ . لأنه لو تخلَّت نعمة الله عن الكون لحظة واحدة، ل?لك الكون بكل ما فيه . ولكن الله من
محبته وعنايته، يمسك ب?ذا الكون ويرعاه بنعمته الحافظة.
والنعمة الحافظة تشمل أيضاً نعمة الصحة . وكما يقول الحكيم : ” الصحة تاج فوق رؤوس الأصحاء لا يدركه سوى
المرضى “.
?ناك نعمة أخرى ?ى نعمة الجمال . فمن البدء خلق ا لله كل شيء جميلاً. ونحن نرى ذلك في الطبيعة الجميلة من
حدائق غنَّاء، ومن ز?ور وورود . ونرا?ا بأجمل صورة في الفراشات الملونة، وفي الأسماك الملونة . كما نرى ?ذا الجمال في
تغريد الطيور والبلابل، وفي خرير الماء، وفي نور القمر ال?ادئ الجميل.
وفي كل عام تُقام مساب قات لملكات الجمال في العالم . ف?ل تدرك كل ?ؤلاء الملكات أن جمال?ن ?و نعمة من الله
ل?نَّ، علي?نَّ مقابلت?ا بالشكر للخالق المانح الجمال؟!
?ناك أيضاً نعمة السلام والطمأنينة ي?ب?ا الله لبعض الأفراد فتكون قلوب?م مملوءة بالسلام، بعيدة عن القلق والاضطراب
والخوف. كما ي?ب ?ذه النعمة لبعض الدول أو الشعوب، فتعيش بعيدة عن الحروب والقلاقل والانقسامات والخصومات، تحيا
في ?دوء ...
كذلك كل خير يأتي للبشر، ?و نعمة من الله . مثال ذلك بلاد أنعم الله علي?ا بخصوبة الأرض ووفرة المياه، وبالتالي كثرة
الإنتاج. أو بلاد أنعم الله علي?ا بمعادن أو أحجار كريمة يستخرجون?ا من جبال?ا، أو ببترول وغازات من باطن أراضي?ا. وكل ذلك
ينمي إقتصاد?ا وينشر الخير في?ا. إن?ا نعمة.
على أن نِعَم الله لا نستطيع أن نحصي?ا . وإنما كل ما ذكرناه ما ?و إلا مُجرَّد أمثلة . نضيف إليه نعمة النجاح في الحياة،
ونعمة السمعة الطيبة ومحبة الناس لِمَن يجد نعمة في أعين الآخرين . وأيضاً نعمة النسل الصالح ... بالإضافة إلى نعمة
حرية الإرادة التي و?بنا الله إيَّا?ا ...
على أنه في قمة النِّعَم التي و?بنا الله إيَّا?ا نعمة الخلود، إذ تكون لنا حياة أخرى بعد نعمة القيامة من الموت، حيث
نستمتع بالحياة الأخرى في النَّعيم
الأبدي ...
نقطة أخرى نذكر?ا من ج?ة النعمة و?ى وجود ثلاث مستويات ل?ا : أحد?ا على المستوى العادي، والثاني على
المستوى القيادي، والثالث على مستوى حالات خاصة.
فمِن ج?ة المستوى العادي : النعمة تعمل في الكل . لا يوج د أحد لم تعمل معه نعمة الله ... والنعمة ?نا ترشد
الإنسان إلى الخير، وتُقوِّيه على فعله . ولكن?ا لا ترغمه على ذلك، لكي يبقى الإنسان حُرَّاً، يفعل الخير برضاه وبكامل إرادته،
حتى يستحق المكافأة على ذلك. أو ?و يرفض ...
أمَّا الذين في المستوى القيادي، فإن?م ي نالون من النعمة قوة مضاعفة : من?ا نعمة لأجل نفوس?م، ونعمة أخرى لأجل
عمل?م القيادي، للتأثير في الآخرين. ويزداد قدر النعمة الممنوحة ل?م، بقدر ثِقَل المسئولية المُلقاة على عاتق?م.
وكُلَّما تزداد صعوبة العمل القيادي أو خطورته، فإنَّ الله حينئذ ينعم على القادة بموا?ب خاصة، قد تصل أحياناً إلى
المعجزات.
أمَّا على المستوى الخاص، ف?ناك أشخاص تحتاج حالت?م إلى نعمة خاصة تتناسب مع ما ?م فيه من ضيقات أو
مشاكل، أو ما ينوون القيام به من م?ام
أو مشروعات، أو ما علي?م من مسئوليات.
وتدخل في المستوى الخاص، نعمة الدعوة لِمَن يدعو?م الله للقيام برسالة مُعيَّنة، كالأنبياء والرُّسُل مثلا . وحينئذ
بالإضافة على نعمة الدعوة، يزود?م الله بنعمة أخرى تشمل الإمكانيات التي يحتاج?ا أداء ?ذه الرسالة ...
من ج?ة أنواع النعمة أيضاً، ?ناك نعمة ظا?رة ونعمة خفية . فالنعمة الظا?رة ف?ى المعونة الإل?ية التي نرا?ا ونحسَّ?ا
في حياتنا . أمَّا النعمة الخفية، ف?ى التي تعيننا دون أن ندري، أو التي تبعد عنا شراً قبل مجيئه إلينا، ونحن لا ندري عنه
شيئاً. كمؤامرات كانت تحاك حولنا، وأبطل?ا الله قبل أن تتم.
و?ناك نِعَم طبيعية ي?ب?ا الله للإنسان، كالقوة والجمال والذكاء والفن والحكمة . ونِعَم أخرى تُعتبَر فوق الطبيعة، مثل
الموا?ب المعجزية.
و?ناك نِعَم تعمل فينا من الداخل، لتنقية قلوبنا وقيادة ضمائرنا وأفكارنا، وإرشادنا في طريق ال فضيلة والبِرّ. ونِعَم أخرى
تعمل من خارجنا، لتنقية الأوساط المحيطة بنا، وإبعاد القوات المُحاربة لنا ...
و?ناك نعمة تبدأ في العمل معنا : إمَّا لأننا لا نريد أن نعمل، أو لأننا لا نستطيع أن نعمل، أو لأننا نج?ل ما ينبغي علينا
أن نعمله. فتأتي النعمة، وتنير عقولنا، وتحث إرادتنا، وتدفعنا إلى العمل دفعاً، وتُقوّينا على إتمامه.
ونعمة أخرى ترانا قد بدأنا في عمل الخير، أو اتج?ت نيتنا إليه، فتأتي لتكمل لنا الطريق، وتمنحنا الإمكانيات اللازمة
لنا.
والنعمة قد تأتي وحد?ا، وقد تُطلَب فتأتي.
إن?ا تأتي وحد?ا، لأنَّ الله يعرف ضعف طبيعتنا وقوة الشياطين المُحاربة لنا، وأننا بدون معونته الإل?ية لا نستطيع أن
نعمل شيئاً، لذلك ف?و يسندنا بنعمته التي تعمل فينا، والتي تعيننا بقوة من عنده، حتى نسير في طريقه بغير خوف
ولا قلق ...
وقد تأتي النعمة إذا ما طلبنا?ا في صلواتنا، أو نتي جة لصلوات الآخرين من أجلنا، أو لتشفُّع القديسين فينا، أو تأتي
النعمة نتيجة لرضى الوالدين ودعوات?ما الطيبة، أو لدعوات أُناس فقراء أو محتاجين قد ساعدنا?م، فدعوا لنا بالبركة في
حياتنا. أو تأتي النعمة لمُجرَّد حنو الله ومحبته وشفقته.
على أننا في كل عمل النع مة معنا أو لأجلنا، علينا أن نتجاوب مع?ا ونشترك في العمل، لأنَّ نعمة الله العاملة في
الإنسان، ليست سبباً له في أن يتكاسل، تاركاً للنعمة أن تعمل وحد?ا، قائلا : ” كله بالنعمة “. فلو كان كل شيء خاصاً
بالنعمة فقط، ما أخطأ أحد ! وما كان لأحد أن يكافئه الله على عمل خير، لأنه من ذاته لم يعمل شيئاً، وإنما النعمة ?ى التي
عملت كل شيء !! لذلك علينا جميعاً أن نعمل مع النعمة، بكل عواطفنا، وبكل ما نملك من قدرة تستطيع النعمة أن تقوِّي?ا
...
أخيراً، أُحب أن أقول وأنا آسف، أن ?ناك حالة يمكن أن نسمي?ا تخلِّي النعمة . مثال?ا: إنسان أعانته النعمة على عمل
عظيم، فتكبَّر قلبه وارتفع، ناسباً كل شيء إلى قوته، وناسياً عمل الله معه . حينئذ تتخلَّى عنه النعمة فيسقط أو يفشل،
لكي يعود فيتضع ويعطي المجد لله