mifa20014 قلب المنتدى الطيب
عدد الرسائل : 31565 العمر : 52 تاريخ التسجيل : 08/05/2007
| موضوع: الأسماء المكتوبة في السموات الإثنين 25 أكتوبر 2010 - 15:29 | |
| الأسماء المكتوبة في السموات بقلم المتنيح الأنبا غريغوريوس الاسقف العام
في الإصحاح العاشر من إنجيل معلمنا لوقا والذي يروي فيه, أنه بعد أن رجع السبعون رسولا من المهمة التي أوكلها المسيح إليهم, أن يذهبوا ليعدوا قلوب الناس, لقبول رسالة المسيح له المجد. فرجعوا بفرح وقالوا له حتي الشياطين تخضع لنا باسمك. فخشي عليهم من انفعال الفرح لأن للفرح انفعالا, وأحيانا يتسرب منه الغرور إلي الإنسان, فيحسب ما أصابه من نجاح بفضله هو وهذا يضره, فأخذهم علي انفراد وقال لهم:لا تفرحوا بهذا أن الشياطين تخضع لكم, بل افرحوا بالأحري أن أسماءكم كتبت في السموات. لأنه لا فضل لكم في النجاح الذي أحرزتموه, وليس لكم خضعت الشياطين فاكتسبتم بخضوعها إحساسا بالارتفاع وبالكرامة لأشخاصكم, لا...ليس هذا فضلا منكم لأن هذه الموهبة أنا الذي أعطيتكم إياها, فلا تفرحوا بهذا لئلا يقودكم هذا الفرح إلي الإحساس بذواتكم وإلي التعالي, وإلي نوع من الشعور بما أصابكم من كرامة ومن مكانة, تعلون بها علي الآخرين من البشر. ولكن ضعوا في اعتباركم ما هو أسمي أن تكون حقا أسماءكم مكتوبة في السموات, إنكم فعلتم ما هو واجب عليكم, وإذا كنتم قد رأيتم الشياطين تخضع لكم باسمي فلا تحسبوا هذا لكم, وإنما احسبوا بالأحري أنكم أديتم الواجب, وفي أداء هذا الواجب وقيامكم بالمهام التي أوكلتها إليكم تنالون عنها أجرا في ملكوت السموات, وإنما اتجهوا بالنظر إلي الذي يهمكم أولا, والذي ينبغي أن تحملقوا فيه, وأن تسعوا إليه أن تكون أسماؤكم مكتوبة في السموات. هذا التعبير يثير تأملنا, الاسم الذي يكتب في السماء, ولكن هناك أيضا في مقابل الكتابة, هناك ما يعرف بمحو الاسم, هناك من تكتب أسماؤهم في السموات, وهناك من تمحي أسماؤهم, ففي سفر الرؤيا يقول:إن الذي يحذف من كتاب هذه النبوة يحذف اسمه في ملكوت السموات ومن المكتوب في هذا الكتاب, إذن هناك كتابة تسجل للأسماء, وأيضا هناك إمكانية بمحوالاسم, وهذا يذكرنا بحقيقة أدركها آباؤنا المصريون القدماء, فكانوا يسجلون أسماءهم علي المعابد, وكانوا يعتقدون أن هذا التسجيل ليخلد أسماءهم ويحفظها إلي الأبد, فاسم الإنسان جزء من كيانه,ولعل أكبر عقوبة هي أن يمحي هذا الاسم,ولذلك كان إذا أراد ملك أن ينتقم من ملك آخر سبقه لأمر ما, كان يكشط ويمحو اسمه, وكان هذا يعد أكبر عقاب أن يكشط اسم هذا الملك من الآثار, لأن هذا معناه إلغاء وجوده في الأبدية. وربما من آبائنا المصريين القدماء ورثنا نحن هذه العادة لأن آباءنا المصريين القدماء كان إيمانهم أن تسجيل الاسم يحفظ الشخص إلي الأبد, وأن أكبر عقوبة يعاقب بها إنسان إذا ألغي اسمه. فهنا سيدنا له المجد يقول لتلاميذه:لا تفرحوا بأن الشياطين تخضع لكم باسمي, هذا الخضوع ليس لكم فلا تحسبوه لكي يزيدكم كرامة, هذا الخضوع للرب لأنه دفع إلي كل سلطان وأنا صاحب السلطان, وأنا الذي منحتكم هذا السلطان, فإذا خضعت الشياطين لكم, فهذا الخضوع ليس لكم إنما لمالك السلطان, لذلك لا تفرحوا ولا تنتعشوا ولا تنتفخ أوداجكم ولا تغتروا, ولا تصيبكم الكبرياء ولا تحسبوا أن هذا كرامة لكم ولأشخاصكم, فأنتم رسل وكرامة الرسول من كرامة مرسله, إنما الذي أحري بكم أن تلتفتوا إليه وأن تهتموا به أن تكون أسماؤكم مكتوبة في السموات, يارب إن هؤلاء الرسل الذين اخترتهم ألا يعد اختيارك لهم دليلا مؤكدا علي أنهم أصبحوا للسماء وأسماؤهم مسجلة؟إن كلامك هنا مخيف, معناه أن تلاميذك والرسل معرضون إذا لم يلتفتوا لنفوسهم أن تحذف أسماءهم, هل ممكن أن يحدث هذا؟هل معناه يارب أنه يمكن أن يحدث لإنسان وهب مواهب وأعطي عطايا, لكي ينجح بها في مهمته التي أرسل من أجلها, ولكنه إذا حولها إلي نفسه وإذا لم يعرف مقتضياتها ومتطلباتها, ولم يرع كرامتها وكرامة سيده الذي وهبه هذه الموهبة وهذه العطية وهذه الكرامة, أتسحب منه؟, نعم هذا كلام مرعب أنه يمكن أن تسحب منه في الوقت المناسب الذي يراه الرب, لأنه في الآخرة يقول لهم أعط حساب وكالتك لأنك لا تصلح أن تكون وكيلا بعد, والاسم الذي حمله أيحذف منه ويحذف هذا الاسم من الأبدية؟نعم يحذف. هكذا يقول الرسول بولس:هناك أناس كنت أذكرهم بفرح والآن أذكرهم بحزن لأنهم صاروا أعداء صليب المسيح. يا يهوذا, يا واحد من الاثني عشر, الذي نلت هذه الكرامة أن يختارك الرب وأن يميزك عن الباقين, بأن يجعل الصندوق في يدك, يا يهوذا إلي أي مصير صرت وأنت أحد الاثني عشر؟ اسمعوا كلمة قالها الرب عن يهوذا, كلمة مرعبةكان خيرا لذلك الرجل لم لم يولد انظروا الكلمة ومعناها, انظروا قوة الكلمة, ومن الذي يتكلم, السيد الرب يقول كان خيرا لذلك الرجل لو لم يولد,يا ليته ما كان ولد, لأن مصيره هلاك ودمار أبشع مما لو لم يكن هذا الإنسان موجودا. وهو رسول من الاثني عشر, أيكون هذا مصيره؟ كان خيرا لذلك الرجل لو لم يولد. هنا كلام ينبغي أن نتأمله, الكلام أولا للآباء الرسل ومن هم في حكم الرسل, ولكنه أيضا كلام يسحب علي سائر المؤمنين الذين أخذوا المواهب السماوية, نالوا المعمودية المقدسة ومسحة الميرون وصاروا مسحاء الرب, أخذوا مواهب, ألا تعطيهم هذه المواهب الحق الأبدي؟لا....لا, إذا لم يحفظوا قيمة العطاء ويعرفوا ويعيشوا في هذه العبودية الصادقة لرب المجد, هذه الميزات التي أخذوها لا تعفيهم من العقوبة الأبدية, بل تزيد عليهم هذه العقوبة, لأنهم أخذوا الوزنات وطمروها ولم يستغلوها. اسمعوا كلاما آخر يقول:كثيرون سيأتون لي في ذلك اليوم ويقولون يارب باسمك تنبأنا, وباسمك أخرجنا شياطين, وباسمك صنعنا قوات كثيرة, فأقول لهم اذهبوا عني لا أعرفكم, وفي موضع آخرما عرفتكم قط نحن باسمك تنبأنا أي أعلنا إرادة الله, باسمك أخرجنا شياطين, بالكلمة التي حملناها هناك أشخاص تابوا ورجعوا إلي الله, وخرجت منهم الشياطين سواء في المعمودية أو بالتوبة, باسمك صنعنا قوات كثيرة وتمجد اسم الرب, وامتلأت الكنيسة بالعباد, لكن السيد المسيح يقولكثيرون ولم يقل الكل, اذهبوا عني ماعرفتكم قط, هنا يعلن بقوة استنكاره, ويعلن قطع علاقته بهم, لماذا يارب؟ لماذا هذا الحكم الصعب؟ لأن خدمتكم لم تكن خدمة صافية نقية لمجد الله, لأنهم انحرفوا في مقاصدهم, ولم تبق مقاصدهم نقية حتي لو كانت في أولها مقاصد طيبة, لكنهم شغلوا بأنفسهم وبعوامل أخري, فصاروا يعملون لا لمجد الله وليس بالصفاء المطلوب ولا بالنية الخالصة المقصودة. هؤلاء علي الرغم من أنهم في صورة الخدام أمام الناس لكني قطعت علاقتي بهم ولا أعرفهم, بل وما عرفتهم قط, هؤلاء أقاموا أنفسهم أو اختطفوا هذه الموهبة, واختطقوا هذه الدعوة, اختطفوها لأنفسهم وهم غير أهل لها, أو أخذوها وأعطيت لهم ولكنهم لم يعرفوا كرامتها ولم يحسبوا قيمة متطلباتها, ولم يعرفوا وزنها, ولم يعرفوا حملها, ولم يستحقوا أن يحملوها بكرامة لسيدهم, لذلك لا أعرفكم, هل معني ذلك أن أسماءهم لم تعد مكتوبة؟ ما معني كلمة لا أعرفكم أو ما عرفتكم قط؟ معناه يتضمن المحو لهم, وليست لأسمائهم وجود في ملكوت السموات. يا أولادنا أريد أن أكتفي بهذا التأمل, كل إنسان فينا يسأل نفسه هذا السؤال وهو السؤال الذي قاله سيدنا, لن نضيف إليه شيئا جديدا, افرحوا بالأحري أن أسماءكم كتبت في السموات, كل واحد منا يسأل نفسه هل أنا مطمئن أن اسمي مكتوب؟ أو عندما أذهب لا أجد اسمي, كيف يكون مصيري؟ كيف أذهب غريبا ولا اسم لي هناك؟ هذا الاسم يكتبه الواحد منا علي الأرض, الإنسان صانع مصيره, أنا الإنسان هل أستحق أن يحفر اسمي هناك في سفر الحياة, حينما يتكلم سفر الرؤيا عن سفر الحياة يتكلم عن سفر واحد, هل اسمي أنا في سفر الحياة؟ نريد أن نجلس ونفكر ونتأمل هذا السؤال ونحضر عقولنا فيه, ونشغل قلبنا به, ونري كل أعمالنا وكل تصرفاتنا وكل أقوالنا وكل حياتنا, هل حقيقة هذه الحياة تعطينا الحق في أن يكون اسمي محفوظا في السموات؟ أو أني مغرور لمظاهر معينة أراها في نفسي, من جهة وجودي في الكنيسة, أو ربما بروزي وظهوري بين الناس وقد يكون لي اسم لامع بين الناس ويعرفونني, هل حقا قلبيا وشعوريا وباطنيا أنا مطمئن أن اسمي مكتوب في السموات؟ وهل أنا بأعمالي وتصرفاتي واعوجاج قلبي واعوجاج سيرتي أتسبب في أن هذا الاسم حتي إذا كان مكتوبا أن يحذف؟ يكفينا هذا السؤال اليوم ونريد أن نقف أمام ربنا في القداس, ونراجع أنفسنا ونقف بخشوع وبأدب واحترام وبلياقة وباتضاع قلب ونضع هذا الموضوع موضوع تأملنا وتفكيرنا, والنية التي نوجه إليها صلواتنا أن تكون أسماؤنا مكتوبة في السموات, ألا يحذف اسمي في السماء, ألا يحذف اسمي من سفر الحياة!! وهذا يقتضيني واجبات العبادة الصادقة النقية التي لله وحده, وأن تكون حياتي الباطنية حقيقة لا للشهرة ولا ما يقوله الناس عني, وإنما قلبي من الداخل متجه لإرضاء سيدي, وأن يكون هناك امتحان وغربلة للنوايا الداخلية, حتي تكون نيتي صافيه نقية طاهرة, حقيقة لا أبغي شيئا لنفسي ولا لمجدي, وإنما حقيقة أنني أشعر أنني مرسل لرسالة, وبعد ذلك سأعود إلي سيدي أحمل تقرير حياتي, وأحمل هذا التقرير أمام سيدي, فيراه ويحكم لي أو يحكم علي. هذا هو الموضوع الذي ينبغي أن نعطيه اهتماما, وأن نركز فيه علي الأقل في هذا اليوم, وفي وجودنا في الحضرة المقدسة وفي القداس الإلهي, أقلب تاريخ حياتي, وأجدد العهود مع الله, وأصلي أن أكون محفوظا وأن لا أنحرف يمينا أو شمالا عن طريق الخلاص, وأن أسعي حقا بقلبي لا للعالم الحاضر فهو زائل, وإنما للعالم الباقي الأبدي, وأن يكون لي وجود لا في هذه الدنيا الزائلة, وإنما وجودي في العالم الآخر, واسمي هل يزول أو يبقي خالدا إلي الأبد؟ | |
|