mifa20014 قلب المنتدى الطيب
عدد الرسائل : 31565 العمر : 52 تاريخ التسجيل : 08/05/2007
| موضوع: من عوائق الفضيلة التساهل مع الخطية الإثنين 15 نوفمبر 2010 - 14:02 | |
| حياة الفضيلة والبر-23- من عوائق الفضيلة التساهل مع الخطية
بقلم قداسة: البابا شنودة الثالث
وطني 14-11-2010
كثيرون يبدأون مع الله بداية طيبة,مشتعلة بالحب ولكنهم لايستمرون,وتبرد فيهم هذه المحبة الأولي فما السبب؟ من ضمن الأسباب البارزة: التساهل مع الخطية ومع النفس.. كيف سقط الإنسان الأول؟سقط بالتساهل مع الخطية. تساهل لنفسه أن يجلس إلي الحية ويسمع منها كلاما ضد الوصية,فقاده إلي الإغراء ,ثم إلي الضعف فالسقوط. لم تكن حواء حازمة مع الفكر الخاطيء الذي قدمته الحية بما قبلته, ناقشته,ثم استسلمت له وانتصر عليها الفكر وثم تطورت إلي خطايا أخري كثيرة,وفقدت بساطتها,ونقاوتها.. كثيرون سقطوا نتيجة للتساهل وعدم التدقيق,كما في سفر القضاة. يحكي لنا هذا السفر كيف أن بني إسرائيل وقعوا في عبادة الأصنام وعبدوا آلهة الأمم وعبدوا ملوك الأمم وأسلمهم الرب إلي أيدي أعدائهم فأذلوهم فكيف حدث هذا؟ نبحث عن سبب هذا السقوط وهذا الذل,فنجد أنهم لما دخلوا الأرض استبقوا بعض الكنعانيين فيها مجرد إهمال أو تساهل أو رغبة في فائدة مادية.. ثم اختلطوا بهم وزادت الصلة وتزاوجوا منهم.. وتطور الأمر إلي أنهم عبدوا آلهتهم وكل هذه المشكلة سببها التساهل في الاختلاط بالأمم! لاتظنوا أن الشيطان عندما يوقع الناس,يبدأ بضربة قاضية!كلا بل قد يبدأ بشيء بسيط ثم يتدرج به.قال عنه أحد الآباء: إنهفتال حبالوحباله طويلة إلي أبعد الحدود! قد يرسم خطة لعشر سنوات,يسقط فيها إنسان بعد هذه المدة بسياسة بعيدة المدي,سياسة التدرج والنفس الطويل بطريقة قد تبدو غير محسوسة! فلنأخذ مثالا آخر للسقوط التدريجي هو شمشون الجبار. إنه رجل الله,الذي حل عليه روح الرب كان يسكن في أورشليم وتساهل في أن يذهب منها أحيانا إلي غزة وفي غزة وجد لذة لنفسه فكثر تردده عليها وأقام واتخذ له امرأة ثم تدرجت علاقاته الخاطئة إلي أن تعرف أخيرا علي دليلة وتدرج معها حتي باح لها أخيرا بسره وبنذره وسقط السقوط الأكبر الخطير.ومتي صحا لنفسه,أخيرا..بعد أن فقد بصره وأذله أعداؤه وطلب إلي الرب أن تموت نفسه معهم..!يعقوب أبو الآباء تساهل في غلطة تحولت عنده إلي طبع تساهل مع نفسه في استخدام الحكمة البشرية بدلا من مشيئة الله,فاعتمد علي ذكائه ودهائه وجلب لنفسه الويل. استخدم ذكاءه وحيلته لما وجد أخاه جائعا ويطلب منه طعاما فاتخذها فرصة لأن يشتري بكوريته ثم استخدم أيضا الحيلة والعمل البشري لما خدع أباه وأخذ البركة واستخدم نفس الأسلوب في الاستيلاء علي غنم خاله لابان واستخدم الفكر البشري في النجاة من أخيه عيسو,وصار هذا الأمر طبعا تطبع به.وقد أدبه الرب بأن أذاقه من نفس الكأس فسمح أن يخدعه خاله في تزويجه من ليئة وأن يخدعه أبناؤه في قولهم له إن يوسف قد افترسه وحش رديء إن يعقوب لم يترك تصريف أموره لله منذ البدء وتساهل في استخدام الحيل البشرية حتي تمكن منه هذا الطبع.وكثيرون وقعوا في نفس الخطية,تركوا الوصية جانبا ولجأوا إلي الحكمة البشرية والذكاء الخاص,لعلهم يصلون بهذا! كثير من السرقات الروحية تأتي بالتدرج البطيء الذي لايحس. إن الهبوط المفاجيء الشديد يتنبه له الإنسان لكنه قد لا يشعر بالنزول التدريجي البطيء فتسرقه خطة الشيطان لهذا ما أجمل قول الكتاب في سفر نشيد الأناشيد:خذوا لنا الثعالب,الثعالب الصغيرة المفسدة للكروم... إن الثعلب الكبير الماكر قد يلفت نظرك وقد يقتحم أسوارك بصعوبة. أما الثعالب الصغيرة فإنها قد تجد لها مدخلا إليك من أي ثقب بسيط داخل نفسك لست ملتفتا إليه. كثيرون سقطوا لأنهم وقعوا فيما نسميه بالصحو المتأخر. أي أنهم لم يستيقظوا لأنفسهم ويعرفوا حالتهم إلا متأخرين بعد أن تمكنت الخطية منهم وسنضرب لذلك أمثلة:لنأخذ مثال لوط وكيف صحا متأخرا جدا فسقط كثيرا بدأت خطة الشيطان بفصله عن أبينا إبراهيم عن القدوة الصالحة عن رجل الله وعن المذبح والإرشاد الإلهي وتساهل لوط في هذه النقطة ووافق أن يسكن بعيدا ثم وافق أن يختار لنفسه وفي الاختيار سقط في محبة الأرض المعشبة وهكذا اختار سادوم علي الرغم من فسادها وفي سكني سادوم تدرج أيضا فلم يدخل في أعماقها مرة واحدة ولكنه ما لبث أن اختلط بأهلها ثم تزاوج معهم ووقع معهم في السبي ولم يستيقظ ضميره وظل في المدينة كان الرجل البار يعذب نفسه يوما في الاختلاط بهؤلاء الأشرار2 بط2:8 وأخيرا متي صحا؟عندما جاءه الملاكان ينذر أنه بهلاك المدينة وخرج منها وقد فقد كل ما كان له حتي زوجته كان لوط درسا فلنأخذ مثالا لتدقيق القديسين من قول الكتاب:كل كلمة بطالة تخرج من أفواهكم تعطون عنها حسابا في يوم الدينلم يفهم القديسون عبارةالكلمة البطالةعلي أنها الكلمة الشريرة مثل الكذب والشتيمة والتجديف والإدانة وإنما فهموا الكلمة البطالة,علي أنها كل كلمة ليست للمنفعة ليس للبنيان لاتبني نفس السامع ولاتبني الملكوت. وهكذا صمتوا ولايتكلمون إلا بحساب حينما يرون أن كلامهم سيكون للبنيان الروحي.لاشك أن الذي يدقق في كلامه بحيث لايلفظ إلا بكلام نافع روحيا ليس من السهل أن يلفظ بكلمة شريرة إن التدقيق هام جدا نري له مثالا في وصية الرب:إن أعثرتك عينك فاقلعها عنك وإن أعثرتك يدك اليمني فاقطعها..إلي هذا الحد,طلب الرب منا أن ندقق. من أمثلة التساهل مع الخطية,التساهل مع الأفكار..فبينما يقول بولس الرسولمستأسرين كل فكر إلي طاعة المسيحنجد إنسانا يتساهل مع الفكر فيتحول إلي شعور ويتساهل مع الشعور فيتحول إلي شهوة ويتساهل مع الشهوة فتحاول أن تجد منفذا إلي الخارج تعبر به عن ذاتها بأشياء عملية وإن تساهل مع هذه الأشياء العملية تتدرج به خطوة خطوة حتي تقتلع كل روحياته من جذورها.قد تتساهل مع الفكر تقبله تناقشه ثم يتمكن منك فتحاول أن تتخلص منه ولاتستطيع لأنه ثبت أقدامه داخلك بتساهلك ولاشك أنك كنت تقوي عليه في باديء الأمر. هناك أشخاص في منتهي الحزم لايتساهلون مع أنفسهم.لهم رقابة شديدة علي أنفسهم رقابة علي كل فكر علي كل شعور علي كل حس علي كل تصرف علي كل لفظ وأحيانا يبدأ الإنسان بهذا الحزم في أول علاقته مع الله ولكنه بعد حين يتساهل يسمح لأشياء تدخل إلي نفسه وهذه الأشياء تكبر,ويبحث عن روحياته فلا يجدها . الإنسان الروحي لايتساهل حتي مع الأشياء التي تبدو بسيطة. إن الذي يحترس من الأشياء الصغيرة لايقع في الكبائر قالت القديسة سارة في النسكإن فما تمنع عنه الماء لا يطلب خمرا وبطنا تمنع عنها الخبز لاتطلب لحمايحتاج الإنسان أن يكون مدققا جدا في كل تصرف لايوسع ضميره ويقول:هذا الأمر بسيط ولا تأثير له الشيطان يخاف أولاد الله الحقيقيين لأنهم صورة الله ومثاله ولأنهم هيكل للروح القدس ولأن الله يعمل فيهم ونعمته معهم لهذا كان الشيطان يهرب خائفا أمام القديسين لما نفي القديس الأنبا مقاريوس إلي جزيرة فيلا فحالما رآه شيطان كان علي ابنة كاهن الأصنام صرخ الشيطان قائلاويلاه منك يا مقارة,تركنا لك البرية فجئت إلي هذه الجزيرة لتطردنا منها أيضاوقصص خوف الشيطان من القديسين كثيرة جدا. ولكنه يحس نبض المؤمن العادي ويختبره :من أي نوع هو:فإن وجده متراخيا أمامه ويقبل أفكاره ويفتح له أبوابه ويخون الرب بسببه حينئذ تسقط هيبة هذا الإنسان ويلعب به الشيطان!وإذ يسلم الإنسان نفسه للشيطان إنما يبعد عنه الملائكة التي تحرسه ويرفض العمل الإلهي فيه.كلما يتساهل الإنسان مع الخطية علي هذا القدر تضعف إرادته وتفتر محبته ويقل احتراسه ويفقد صلابته... إنك تكون في ملء قوتك في بداية الحرب الروحية وكلما تتساهل تضعف وتجد أن مقاومتك قد قلت وتجد أن تأثير الخطية قد زاد عليك وعندما تحاول الهروب تجد عقبات في داخلك وتقع في صرع ويبدأ الجو يرتبك معك,سبب ضعفك عندما تتساهل مع الخطية,هو وقوعك في الخيانة وبخيانتك لله ومحبته وبخيانتك لعهودك الروحية تتنازل عن النعمة المعطاة لك,وترفض السلاح الروحي بل تطفيء الروح وتحزن روح الله القدوس الذي فيك وتنهار فتسقط.وعندما تتساهل مع الخطية تضعف مثالياتك وتهبط مستوياتك الروحية وتنسي الحزم الذي قال به يوسف كيف أخطيء وأفعل هذا الشر العظيم أمام الله. وبتساهلك مع الخطية تفقد هيبتك الروحية أمام الشياطين لذلك ابعد عن الخطوة الأولي كن حازما واسلك بتدقيق. | |
|