mifa20014 قلب المنتدى الطيب
عدد الرسائل : 31565 العمر : 52 تاريخ التسجيل : 08/05/2007
| موضوع: الغضب الخاطئ أنواعه ودرجاته الخميس 25 نوفمبر 2010 - 14:52 | |
|
الغضب الخاطئ أنواعه ودرجاته
5-8-2007
البابا شنودة الثالث
فى الغضب الخاطئ يوجد نوعان: غضب داخلى مستتر، وغضب واضح ظاهر. والغضب الداخلى هو غضب الفكر والقلب. ** فأنت قد لا تسئ باللسان الى من أغضبك، وقد لا تجرحه بأية كلمة. وربما تبدو صامتاً لا ترد الإهانة بإهانة. ومع ذلك هناك ثورة فى داخلك ولكنها مكبوتة. وهنا لا تستطيع أن تقول إنك لم تغضب. ففى الواقع إنك غضبت ولكنك كتمت غضبك. ** وربما كبتك لغضبك يكون لأسباب روحية أو غير روحية. أما السبب الروحى فهو ضبط النفس ومنعها من الخطأ، وتهدئتها ريثما تجد حلاً لتصريف الغضب من داخلك. وفى هذه الحاله نقول إنك لم تحتمل، وفى نفس الوقت لم تثر. انفعلت فى داخلك، ولكنك وقفت عند هذا الحد حتى لا تخطئ بلسانك، ولا تخطئ بتصرفك، ولا تنتقم لنفسك. وهذا طبعاً أفضل من النرفزة والحدّة... ** وربما يكون كبت الغضب بسبب الخوف: أعنى الخوف من الشخص الذى أخطأ اليك، لأنه أقوى منك، أو أنك خاضع لإدارته، وتخشى نتائج الغضب، فربما تؤدى الى حالة أسوأ. وقد يكون خوفك هو أن يأخذ الناس فكرة سيئة عنك إذا ثرت وأنتقمت... ** وقد يكون سبب سكوتك هو الانتظار ريثما ترد أو تنتقم لنفسك فيما بعد. فأنت إذن صامت، لا لأنك قد غفرت للمسئ، وإنما لأن الفرصة الآن غير مواتية للرد، والغضب الظاهر قد يكشف نواياك، ومن الحكمة أن تظل هذه النوايا فى الكتمان الى أن يحين الوقت الذى تنتقم فيه لنفسك، وبقوة، وبدون أن تقع فى مسئولية! وكل هذه خطايا مكتومة مع الغضب المكبوت... ** وفى كل ذلك يكون الفكر منشغلاً بالخطية، والقلب كذلك. ويكون الغضب مالكاً على كل المشاعر. ويظل الذهن يُشبع مقاصده بأفكار الرد والانتقام، ومحاولة أخذ حقه بأنواع وطرق شتى، ومجازاة من أغضبه بأساليب متنوعة وبصور يريدها أن تحدث، ويتخيل حدوثها كما لو كانت واقفة. وبهذا يبرهن على أنه لم يحتمل ولم يصفح، وأن الغضب يشتعل فى داخله... ** أمثال هذا النوع من الناس، وإن كانوا قد بعدوا عن الغضب الظاهر، إلا انهم يغذون فى داخلهم الغيظ والسخط، وإذ هم متعكرون فى الداخل، لا يقابلون المسئ باللطف المعتاد. وقد يتحول السخط الذى فى قلوبهم الى لون من الحقد. وإن كان ذلك لا يؤذى الآخرين، لكنه يضر صاحبه ويفقده نقاوته. على إننا نقول إنه ليس كل الصامتين فى مجال الغضب هم أنقياء، فهناك نوع من الصمت يمكن أن نسميه الصمت المثير. فقد يوجد شخص أعصابه قوية جداً، يقف فى منتهى البرود والجو يغلى، دون أن يغضب. ويستطيع بصمته وبروده أن يثير الطرف الآخر، ويجعله يغضب ويخطئ بالأكثر. وفى ذلك يظن أنه برئ لم يرتكب أى خطأ! بينما هو السبب فى خطأ غيره. وكان يمكنه بكلمة لطيفة أو عبارة هادئة أن يهدئ هذا الذى يتكلم معه. وهو مسئول عمن أثاره وأغضبه ببروده... ** إن المطلوب منك، ليس فقط أنك لا تغضب ولا تثور، وإنما أيضاً أنك لا تتسبب فى غضب غيرك... بل انك بهذا الصمت المثير تكون أكثر ذنباً، لأنك تحاول أن تحصل على فخر أو مديح بصمتك عن طريق السبب فى خطأ غيرك!! ** لقد قال الآباء الروحيون إنه توجد ثلاثة أنواع من الغضب: أ- نوع من الغضب يثور فى الداخل. ب- ونوع آخر ينفجر فى الكلمات والعمل والتصرف. ج- ونوع ثالث، وهو ليس مثل النوعين السابقين يغلى ويعمل فى ساعة. بل هو يستمر أياماً وفترات طويلة... وهذا النوع يتحول من غضب الى بغضة أو كراهية. إذ ليس فقط يستسلم الشخص للإنفعال، بل يستمر حانقاً، ويظل يغذى فى داخله شعوراً ضد الآخر، ويلتصق ذهنه بأفكار ضده.. ** إذا استمر الشخص يفكر: "ما الذى قاله لى هذا الشخص؟ وماذا يقصد؟ وهل من كرامتى أن أسكت على شئ من هذا؟ أنا أيضاً لابد أن أقول له... ولابد أن أعطيه درساً لن ينساه..". إن فكّر هكذا، يصل الى الإنفعال والى التهيج والى الغضب والاضطراب. وإذا استمر الغضب يتحول الى حقد، والى رغبة فى الانتقام، سواء تمت أو لم تتم... ** والرغبة فى الانتقام، أو الرد على الاساءة بمثلها، تمر فى درجات: فقد يمكن لشخص أن يرد بالكلام، أو بالتعبير. بعبارة أو بإشارة أو بنظرة يُفهم منها أنه أوقفه عند حدة... وقد لا يفعل ذلك، ولكن تبقى فى قلبه مرارة من نحوه. ** وشخص آخر يحاول أن لا تكون فى قلبه أية مرارة أو حقد. ولكنه إن سمع شخصاً يسب ذلك الشخص أو ينتقده أو يقلل من شأنه، فإنه يبتهج بذلك. وهكذا يدل على أن قلبه ليس نقياً إذ يفرح بإهانة غيره..! ** إنسان آخر لا يبتهج بسماع تحقير من أساء اليه. ولكنه علي الرغم من هذا لا يفرح بنجاحه. بل انه يتضايق اذا ما مدحه أحد أو أكرمه، شاعراً في نفسه انه لا يستحق. وفي هذا كله لا يكون القلب نقياً. ** مستوى آخر وهو أن شخصين أساء أحدهما الي الآخر، ولكنهما تصالحا وعاشا فترة في سلام. ولا يكون في قلب أحداهما أية ضغينة نحو من أساء اليه. غير أنه يحدث بعد مضي بعض الوقت، أن يقول ذلك المسىء كلمة جارحة. فيبدأ المساء اليه أن يتذكر القديم كله. ويضطرب ليس فقط من أجل الإساءة الثانيه، بل من السابقة أيضاً. ذلك لأنه لم ينسها، ومازالت فى عقله الباطن. مثل ذلك الانسان يشبه من اشتكي من جرح، ثم التأم ذلك الجرح ولكن بقي مكانه حساساً. بحيث اذا اصطدم بشىء، يشعر بالألم أو قد يدمى الجرح بعد إلتآمه..! **هناك فرق بين التصرف والترسيب. تصريف الغضب معناه إنهاءه وعدم بقاء شيء مترسب من ذكراه. أما الترسيب فيشبه زجاجه بها دواء سائل، ومكتوب عليها "رج الزجاجه قبل الإستعمال" فالسائل من فوق يبقي رائقاً. ولكن ان رجرجت الزجاجه تجد أنه قد تعكر كله بسبب ما كان مترسباً في القاع. **إذن في علاج الغضب والمتهيج، لا يكفي فقط أن تصفح، وانما بالأكثر أن تنسى.وكما يقول المثل الإنجليزي. Not only to forgive, but rather to forget. إننا لا نهدف فقط الى أن يتخلص الشخص من الاضطراب والتهيج والإنفعال الذي يضره، وليس فقط أن يزيل من قلبه كل حقد وغيظ. وإنما بالأكثر القلب الواسع والطبع الحليم الحكيم، الذي يكون أكبر وأسمى من أن تؤثر فيه إساءات الناس. يحضرني في هذا المجال مثال السفينة القوية السليمة التي تخوض البحر بكل أمواجه دون أن تضرها المياة والأمواج، ذلك لأنها محصنة. لا يوجد فيها ثقب يدخل منه الماء الى السفينه، كما لاتستطيع المياه أن تغطيها وتتلفها... كذلك أمامى مثال الجنادل الستة في مجري النيل التي سُميت خطأ بالشلالات: تعصف بها المياه من كل ناحية وبقوة، وهي ثابتة في مكانها لا تتزعزع. هكذا الشخص القوى الذى مهما سمع من إساءة أو إهانة، لا تنال من أعصابه أو هدوئه. بل كما قال الشاعر عن المسىء: كناطـحٍ صخـرةً يوماً ليوهنهــا فلم يُضِرها وأوهى قرنه الصخرُ
| |
|