mifa20014 قلب المنتدى الطيب
عدد الرسائل : 31565 العمر : 52 تاريخ التسجيل : 08/05/2007
| موضوع: الرجل العاقل يبني بيته علي الصخر الإثنين 16 مايو 2011 - 14:21 | |
| الرجل العاقل يبني بيته علي الصخر
بقلم قداسة: البابا شنودة الثالث
وطني 15-5-2011
الإنسان الحكيم لا يبني بيته علي الرمل, علي الأرض المتحركة غير الثابتة, كما يفعل الرجل الجاهل(مت7:6). بل يبنيه علي الصخر. فما المقصود بعبارة(علي الصخر)؟
علي الصخر
علي الصخر, أي علي الإيمان العميق بالله, أو علي الفهم السليم لوصايا الله. أو يبني بيته علي أساس متين قوي من المحبة, المحبة لله وللناس, والمحبة للخير. هذا الأساس المتين الصلب لن يسقط أبدا. تماما كما يفعل المهندسون الآن, إذ يبنون البيوت علي أساس عميق قوي من الخرسانة المسلحة, التي لا تقوي الرياح ولا الأمطار علي زغرعتها أو تحريكها من مكانها... وهذا هو الفرق الأساسي بين من يبني علي الصخر, ومن يبني علي الرمل فهناك إنسان يدخل إلي الكنيسة ويسمع كلمة الله لمجرد المعرفة. وآخر يسمع الكلمة لكي يحيا بها: أحدهما يجعل عقله مجرد خزانة معلومات, فيصبح دائرة معارف يجيب علي كل سؤال! بينما الآخر يسمع الكلمة ويعمل بها, فيحولها إلي حياة... فتكون الكلمة كالبذار التي وقعت علي أرض جيدة(مت13:23) فأتت بثمر, ثلاثين أو ستين أو مائة.... أما المبني علي الرمل فهو مثل الإنسان الذي تتعبه خطية من الخارج, كالأشواك التي تخنق زرعه حينما يظهر, أو لايثمر علي الإطلاق بسبب خطية من الداخل كالبذار التي وقعت علي أرض محجرة.
البيت المبني علي الصخر هو المبني علي محبة الخير. أما المبني علي الرمل: فهو الذي قد يعمل الخير, خوفا من انتقاد الناس, أو سعيا وراء مديحهم, أو مجاراة لما يحدث في المجتمع, أو يفعل الخير مضطرا أو خوفا من عقوبة. هذا يعمل علي غير أساس, فيعتبر تماما كالذي لايعمل...عمله كالقش الذي تختبره النار, فإذا هو يحترق(1كو3:12, 13). مثال آخر للمبني علي الصخر, والمبني علي الرمل, هو الصلاة. إنسان يصلي لأنه يحب الله ويشتاق إلي الحديث معه. كما يقول المزموراشتاقت نفسي إليك يا الله, كما يشتاق الآيل إلي جداول المياهعطشت نفسي إلي الإله الحي. متي أجئ وأتراءي قدام الله(مز42:1, 2). هذا هو البيت المبني علي الصخر... أو المبني علي الرمل, فهو الذي يصلي لمجرد العادة, بلا عاطفة ولا حرارة. يصلي لأن أب اعترافه قد أمره بهذا, فهو يطيع لا عن حب, وإنما خجلا من أن يكون مقصرا. وصلاته ليست في حقيقتها صلاة. إنما هو يكرم الله بشفتيه, وقلبه بعيدا عنه(1ش29:13)(مت15:8). لذلك إن أتاه فكر, يمكن أن يشتت صلاته. أو أنه ينتهي من صلاته أو من مزاميره, وكأنه لم يصل!! مثال آخر هو الإيمان المبني علي الصخر, والإيمان المبني علي الرمل. الإيمان المبني علي الصخر لايمكنه أن تزعزعه الشكوك, كإيمان القديس أثناسيوس الرسولي المبني علي فهم سليم وعميق لكلام الإنجيل بعكس كثيرين صاروا أريوسيين بسبب ما قدمه أريوس من فهم خاطئ لبعض الآيات. أما أثناسيوس فوقف ضد هؤلاء جميعا, وشرح لهم تلك النصوص الكتابية شرحا سليما, وبخاصة في كتابيه(ضد الأريوسيين)Aranos Contra واستطاع أن يقود حركة الفكر اللاهوتي في أيامه ضد كل الشكوك. وهكذا قال عنه جيروممر وقت كاد فيه العالم كله أن يصبح أريوسيا, لولا أثناسيوس... أما البيت المبني علي الرمل لاهوتيا, فيمثل كثيرين من الذين يعتبرون مؤمنين لمجرد أنهم ولدوا هكذا. لذلك ما أسهل أن يتحولوا إلي مذهب آخر بسبب سماع عظات من طائفة أخري!! أو أنه بسبب زواج يتحول شخص من مذهب إلي مذهب, أو من دين إلي دين!!إنهم من الناحية اللاهوتية مبنيون علي الرمل.... لهذا ينبغي أن نثبت أولادنا علي دينهم وعلي عقيدتهم. وذلك منذ الصغر, وبآيات وشروحات وإثباتات. ونرد علي كل الشكوك التي تصادفهم, فيكونون محصنين ضدها, وكذلك علينا العناية بالشباب ضد كل التيارات السائدة في المجتمع, حتي ننقذهم من أي انحراف وراء أي تيار يصادفهم أو يصادمهم...ولاتكون دروسنا مجرد محاضرات في روحيات نظرية, دون التداريب العملية التي تحولها إلي حياة. ولا تكون مجرد روحيات بلا عقيدة. الكل معرض للتجارب قال السيد الرب في مثل البيتين إن كلا منهما تعرض للتجارب. الكل نزل عليه المطر, وجاءت الأمطار, وهبت الريح. سواء في ذلك البيت المبني علي الصخر, أو البيت المبني علي الرمل(مت7:25, 27) العاقل والجاهل كل منهما تعرض للتجارب. فالتجارب يمكن أن يتعرض لها القديسون, كما يتعرض لها الخطاة أو عامة الناس. غير أن البعض يثبت والبعض يسقط... العثرات تأتي علي الكل فالبعض يسقط ويكون سقوطه عظيما (مت7:27). والبعض لا يسقط إلا بعد مقاومة. والبعض لايمكن أن يسقط إطلاقا مهما كانت الحروب قوية. إنه المبني علي الصخر. لم يقل السيد الرب إن الأبرار غير معرضين للتجربة. كلا. فهم أيضا تنزل عليهم الأمطار من فوق...وتجري الأنهار من أسفل, وتهب الريح ما بين هذا وذلك, وتصدم بيوتهم جميعا... أيوب الصديق تعرض للتجربة مع أنه كان رجلا كاملا ومستقيما, يتقي الله ويحيد عن الشر(أي1:8). وداود تعرض للتجربة, علي الرغم من أن روح الله حل عليه(1صم16:13) وكان رجل الصلاة بالقيثار والزمار والعشرة الأوثار. وشمشون أيضا تعرض للتجربة, مع أنه كان نذيرا للرب من البطن(قض13:7). وكان الرب قد باركه, وابتدأ روح الرب يحركه(قض13:24, 25), وحل عليه روح الرب(قض14:19). وهكذا رسل السيد المسيح, قال لهمهوذا الشيطان طلبكم لكي يغربلكم كالحنطة(لو22:21) كلكم تشكون في في هذه الليلة(مر14:27). يهوذا سقط, وكان سقوطه عظيما, لأنه بيته كان مبنيا علي الرمل. وبعض التلاميذ فروا أثناء القبض علي المسيح. أما يوحنا الحبيب فتبع المسيح إلي الجلجثة, ووقف إلي جوار صليبه. المهم هو الأساس. البعض منا إذا سقط يأتي بالعيب علي غيره, لا علي نفسه! يقول: الغير أعثرنا! الغير أهملنا. نسأله لماذا سقطت؟ فيجيب: الكهنة لا يفتقدون ولا يؤدون واجبهم! الأساقفة لايرعون! الوسط الروحي غير مشجع! القدوة غير موجودة! ولايقول أبدا إنه ضعيف من الداخل. بل يرمي بحمله علي غيره! يبحث الساقط عن شماعة يعلق عليها أخطاءه! والحقيقة أنه لو كان بيتك مبنيا علي الصخر, فلن تسقط حتي لو لم يفتقدك الكهنة, حتي لو أهملتك الكنيسة! ولو كان الوسط الروحي فاترا. فأنت تشعله بحرارتك. ولو كانت الخدمة ضعيفة, أنت تقوم بالخدمة. فلا تلق حملك علي غيرك. بل كما يقول الرسول أنت بلا عذر أيها الإنسان(رو2:1). في أيام حبيب جرجس, لم يكن هناك تعليم عام في الكنيسة يعتد به. فلم يعتذر بقلة التعليم, بل قام هو به, ودرس في الكلية الإكليريكية وهو طالب بها. وأسس مدارس الأحد, ووضع كتبا للتعليم الديني في المدارس, وأقام نهضة تعليمية... موسي النبي كان في نشأته في قصر الملك محاطا بكل العبادات الفرعونية القديمة. بل تمسك بالإيمان السليم وصار بطلا للإيمان. إن الذي يقدم أعذارا بيته ليس مبنيا علي الصخر. القديس أثناسيوس الرسولي وقف ضده الهراطقة بكل عنف, ونفي عن كرسيه أكثر من مرة, فلم يتزعزع قالوا له العالم كله ضدك يا أثناسيوس فقالوأنا ضد العالمmondum contraفلقبوه بهذا اللقب. كان بيته مبنيا علي الصخر. فلما نزلت عليه الأمطار, وجرت الأنهار, وهبت الريح وصدمته, بقي راسخا...وحسنا قال الرسولكونوا راسخين غير متزعزعين, مكثرين في عمل الرب كل حين, عالمين أن تعبكم ليس باطلا في الرب(1كو15:28). النعمة كل إنسان سواء كان حكيما أو جاهلا تفتقده النعمة. غير أن الحكيم يقبل النعمة ويشترك معها, بينما الجاهل يرفضها. الروح القدس يعمل لأجل الكل. فيعمل البعض معه يشترك معه في العمل, ويدخل فيشركة الروح القدس(2كو13:4) فيعمل الروح فيه, ويعمل به ويعمل معه. ولكن البعض لايقبل الروح. بل علي العكس يحزن الروح(أف4:30) ويطفئ الروح(1تس5:19) ويقاوم الروح( أع7:51). شاول الملك وداود مثالان واضحان للعلاقة مع الروح. شاول حل عليه الروح وتنبأ(1صم10). ولكنه استقل وعمل بمفرده بعيدا عن شركة الروح. فكانت النتيجة مأساة قيل فيها فارق روح الرب شاول, وبغته روح ردئ من قبل الرب(1صم16:14). أما داود, فكان حكيما إذ عمل مع الروح, وكان قلبه كاملا مع الرب إلهه(1مل11:4). البيت المبني علي الرمل يقرع الرب علي بابه فلا يفتح له(رؤ3:20). مثل هؤلاء كالذين قال عنهم إبراهيم أبو الآباءولا إن قام واحد من الموتي يصدقون(لو16:31). ليس لديهم دافع من الداخل يجعلهم يتجاوبون مع عمل الروح. لا أساس علي الإطلاق يبني عليه عمل روحي. كأهل أثينا من الفلاسفة القدماء الأبيقوريين: لما بشرهم القديس بولس الرسول قالواتري ماذا يريد هذا المهذار أن يقول؟(أع17:18).
| |
|