لقداسة البابا شنودة الثالث
قد عصى يونان أمر الرب، وهرب راكباً السفينة، ولكن الله الذى "يخرج من الأكل أكلاً ومن الجافى حلاوة"
(قض 14:14)، الله الذى يستطيع أن يحول الشر إلى خير، استطاع أيضاً أن يستفيد من عصيان يونان. أن كان بسبب طاعة يونان سيخلص أهل نينوى، فأنه بعصيان يونان يمكن أن يخلص أهل السفينة.
فى عصيان يونان نزل إلى السفينة، وكان للرب شعب فى تلك السفينة. كان له أناس فيها يحبهم الرب ويبحث عن خلاصهم. هم أمميون كأهل نينوى ومحتاجون إلى الخلاص مثلهم. فليكن خلاصهم عن طريق عصيان يونان. أن يونان أداة فى يد الرب، يكسب بطاعتها وبعصيانها... وكأن الله يقول له: هل تظن يا يونان أنك قد هربت منى؟ كلا. أنا سأرسلك إلى ركاب السفينة، ليس كنبى، ولا كمبشر، ولا كصوت صارخ يدعو الناس إلى التوبة، وإنما كمذنب وخاطئ وسبب إشكال وتعب للآخرين، وبهذه الصورة سأخلصهم بواسطتك.
وهكذا تكون بركة فى ذهابك، وبركة فى هروبك. تكون بركة وأنت مهاب كنبى أمام أهل نينوى، وبركة وأنت ملقى فى البحر كمذنب أمام أهل السفينة... بك سأنفذ مشيئتى فى أية صورة كنت. حتى وأنت فى بطن الحوت، لا مع أهل نينوى ولا مع ركاب السفينة... وأنت وحدك فى بطن الحوت سأجعلك رمزاً لموتى وقيامتى، فيذكر الناس قصتك ويتعلمون.
هل ركبت البحر فى هروبك يا يونان؟ إذن فقد دخلت فى دائرة مشيئتى أيضاً، لأننى أملك البحر كما أملك البر، كلاهما من صنع يدى. وأمواج البحر ومياهه وحيتانه تعطينى أكثر منك كما سترى.