mifa20014 قلب المنتدى الطيب
عدد الرسائل : 31565 العمر : 52 تاريخ التسجيل : 08/05/2007
| موضوع: التلمذة غاية وهدف ونهاية الإثنين 1 أغسطس 2011 - 13:24 | |
|
التلمذة غاية وهدف ونهاية بقلم:المتنيح الانبا غريغوريس الاسقف العام
التلمذة شرف وغاية: ما أعظم شرف التلمذة, التلمذة التي هي طريق الترقي وطريق التعلم وطريق الاكتساب للمعرفة وللخبرات, جعلها المسيح شرفا وجعلها مكافأة وجزاءا وغاية. إن كان أحد يأتي ورائي, إن كان أحد يتبعني ولا يبغض أباه وأمه وإمراته وإخوته وأخواته حتي نفسه لايقدر أن يكون لي تلميذا, جاعلا التلمذة غاية وهدفا ونهاية. وهذا الشرف أضفاه المسيح له المجد علي التلمذة. الإنسان الذي لا يتتلمذ لمستويات أعلي من مستواه. خير له أن لايكون إنسانا جديرا بلقب إنسان, لأن الإنسان خلق بحيث يمكن أن يكتسب شيئا جديدا عن طريق التعلم, وعن طريق التلمذة. وهذا هو الفرق بين ولد صغير تلميذ في المرحلة الابتدائية. وبين تلميذ يرقي إلي المرحلة الثانوية العالية, وحتي بعد أن يحصل علي أرقي الشهادات يبقي أمامه طريق طويل لهذه التلمذة, يتتلمذ علي علماء وعلي أناس ذوي خبرة ويظل تلميذا حتي لو بلغ الثمانين أو التسعين أو المائة من عمره. إن إنسانا يسير في هذا الطريق الصاعد هو الإنسان الجدير بأن يكون فعلا الإنسان الذي خلق علي صورة الله ومثاله, وإلا فإن من يرفض المعرفة ومن يرفض اكتساب المعرفة, فقد رفض أن ينمو ورفض أن يزيد, وهذه كارثة في حياة بعض الناس الذين يرفضون العلم ويرفضون المعرفة ويرفضون اكتساب الخبرات الجديدة. لابد للإنسان الراقي أن يكون أمامه إحساس بأن هناك مستوي أرفع من مستواه, وهناك رغبة منه أن يصل إلي هذا المستوي الأرقي من مستواه, في المعرفة العقلية وفي المعرفة الروحية,وفي مجال الإيمان, مثلنا الأعلي والمعلم الأوحد الذي ينبغي أن يأخذ الإنسان منه دائما ولا يتوقف عن الأخذ هو المسيح. لأن المعلم الكامل ولديه خزائن المعرفة, فيه كل كنوز المعرفة كما يقول الرسول, ولهذه المعرفة طول وعرض وعمق, والإنسان المسيحي التقي السائر في طريق السماء, يدخل في هذا الطريق الطويل دخولا خطوة بعد خطوة, خطوة أرقي من خطوة, وأرفع من خطوة, ولن ينتهي المثل الأعلي, بل سيظل الكمال المطلوب أمام المسيحي كمالا يجري أمامه ولا يستطيع اللحاق به. وكلما جري في أثر هذا الكمال انفتحت أمامه طرق جديدة, وانكشفت أمامه أمور أخري لم يكن يعرفها من قبل, أقسام أخري وحلقات أخري ومراحل أخري من مراحل الكمال, تنكشف الواحدة منها بعد الأخري, ويبقي مع ذلك فرق بين الكمال الذي يصل إليه الروحانيون, وبين الكمال الذي في المسيح, لكننا مطالبون بالكمال الذي في المسيح, لأنه يقول:كونوا كاملين كما أن أباكم الذي في السماوات هو كامل. كمال الآب السماوي هو مثلنا الأعلي, نظل نطارد هذا الكمال ونجري وراءه في خط صاعد خطوة خطوة ومرحلة مرحلة, والروحانيون يجاهدون وفي جهادهم يحققون نوعا من السمو الروحي الذي يرفعهم فوق مستواهم الأول, وهكذا يظل الطريق صاعدا سلم الفضائل درجة أعلي من درجة, حتي يبلغ إلي مرحلة عالية, لكن أمامهم ما يسميه الرسول ملء قامة المسيح. هذا هو النموذج الأعلي, وهذا هو المعلم المرتقب, هنا المسيح له المجد في هذا الفصل يدعونا ويلفت نظرنا إلي هذا النوع من التلمذة المستمرة, وإلي محاولة اللحاق بالمعلم الأكبر كنموذج أعلي نتبعه في الطريق, لعلنا نبلغ إلي الطول والعرض والعمق, لعلنا نبلغ أخيرا إلي ملء قامة المسيح. إن كان أحد يتبعني, إن كان أحد يريد أن يتبعني, يريد أن يسير ورائي, يريد أن يكون في أثر خطواتي, يريد أن يتخذني رائدا له, وقائدا لحياته, ومعلما لسيرته, إن كان أحد يريد, الطريق مفتوح, أنا لا أفرض إرادتي علي أحد, إن كان أحد يريد, إني أحترم حرية الناس, لا جبرا ولا كرها ولا قسرا, إن كان أحد يريد أن يتخذني رائدا, وأن يتخذني قائدا, وأن يتخذني معلما, وأن يتخذني نموذجا أعلي, ولا يبغض أباه وأمه وامرأته وأولاده وإخوته وأخواته حتي نفسه لايقدر أن يكون لي تلميذا. التلمذة أساسها المحبة: عجب يا إلهي أأنت الذي تقول هذا؟ أنت الحب بعينه, ومعلم الحب كيف تتكلم عن البغض؟ وكيف تشترط البغضة كشرط لمن يتبعك, كيف هذا, لم نعهد فيك يارب هذا أبدا, ألم تقل:بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي إن كان لكم حب بعضكم لبعض, كيف تطالبنا الآن وتشترط, إن كان أحد لا يبغض أباه وأمه وامرأته وأولاده وإخوته وأخواته حتي نفسه لا يقدر أن يكون لي تلميذا؟ يا أولادي أريدكم أن تفهموا وأن تميزوا الأمور المتخالفة, أنا أريدكم أن تحبوا الله, وأريدكم أيضا أن تحبوا بعضكم بعضا, ولكني أريد أن أنبهكم إلي الفرق الكبير الواسع الذي ينبغي أن يكون بين محبتكم للآب السماوي ومحبتكم لبعضكم بعضا, لأنه في بعض الأحيان محبتكم بعضكم لبعض تتعارض مع محبتكم للآب السماوي, هناك محبة بين البشر جاهلة محبة غبية, محبة جسدية, لا معنوية ولاروحية, محبة يترتب عليها أن يخالف الإنسان أمر الله, أحيانا الأب أو الأم في سبيل محبتهم لأولادهم يفصلوهم عن الله, كثيرا ما يحدث أن الأب والأم يقول لولده, لا تضيع وقتك بالذهاب إلي الكنيسة, أنت محتاج لهذا الوقت, يحدث أحيانا من الأب والأم أنفسهم أن يقصروا في واجباتهم نحو الله, وعندما تسألهم يقولون الأولاد, الأولاد, الحجة والتبرير الذي يعتذر به الرجل, وقد تعتذر به المرأة عن محبة الله, عن الصلاة, عن العبادة, عن المجئ للكنيسة, عن الاعتراف والتناول, عن كل الممارسات والعبادات, عن احترام مبادئ الإنجيل وإحترام الفضيلة. هناك محبة بشرية رديئة معطلة, تضر الشخص وتضر الأشخاص الذين نحبهم, لأنها ليست محبة معنوية مثالية نموذجية روحانية, بل هي محبة جسدية, قد يتعلق الرجل بامرأة وقد تتعلق المرأة برجل في غير نطاق مبادئ الإنجيل, تعلقا وعشقا بشريا جسديا, وهذا التعلق والعشق يفصل كل منهما عن الله, ويكون سببا لانفصال هذا الإنسان وهذه الإنسانة عن الله, قد يسبب لهم الخطيئة والفساد التي تضر بمستقبلهما الأبدي ومصيرهما الأبدي, إذن هناك محبة جسدية, محبة تعوق الإنسان عن طريق الله, هذه المحبة ساقطة, هذه المحبة هي التي عناها المسيح بقوله إن كان أحد لا يبغض أباه وإمه وامرأته وأولاده وإخوته وأخواته لايقدر أن يكون لي تلميذا, لأن هذه المحبة تتعارض مع محبتهم للآب السماوي. وأنا أريدكم يا أولادي إن أردتم أن تسيروا في طريقي, أن تكون محبتكم للآب السماوي أعظم من محبتكم لبعضكم بعضا, إن كان أحد يحب أباه أو أمه أكثر مني فلا يستحقني, إن كان أحد يحب ابنه أو ابنته أكثر مني فلا يستحقني. لست هذه أنانية مني, ولكن لأنه من خيركم أنتم أن تكون رابطتكم بربكم رابطة مقدسة, ومحبتكم للآب السماوي أكثر من محبتكم للأب والأم والابن والابنة, لأنكم بهذا تبرهنون علي أنكم متعلقون بالواحد الأحد, وعلي أنكم لا تنشغلون بمحبة أخري تفصلكم عن محبة الواحد الأحد. إن كانت محبتكم لبعضكم البعض تتعارض مع محبة الآب السماوي, فينبغي أن تكونوا مستعدين بأن تضحوا بهذه المحبة الجسدية في سبيل محبة الآب السماوي, إن كنتم تريدون أن تكونوا مستحقين لمحبة الآب السماوي. لأنه في بعض الأحيان تتعارض محبتكم لبعضكم البعض مع محبتكم لله, لأن هذه المحبة الجسدية قد تقودكم إلي أخطاء, وقد تعوقكم عن طريق الفضيلة, قد تؤذيكم في مصيركم الأبدي, في سبيل هذا التعلق الجسدي. ثم من جهة أخري يا أولادي إذا أحببتموني أنا أولا ستحبون بعضكم بعضا, إنما هنا الفرق أنكم بعد أن تحبوني وتحبون بعضكم بعضا ستكون محبتكم بعضكم لبعض من خلال محبتي, وحينئذ تحبون بعضكم بعضا علي أساس المبادئ السليمة.أنا أريدكم أن تحبوا بعضكم بعضا ولا أريد أبدا أن تكرهوا بعضكم بعضا.فأنتم جميعا أولادي. ولكن أريد أن تحبوا الله أولا ومن خلال محبتكم لله تحبون بعضكم بعضا, وهذا يصنع فارقا ضخما. تكون محبتكم بعضكم لبعض محبة سليمة في هذه الحالة, ومحبة علي أساس من مبادئ الطهارة. ولا تكون محبة شيطانية جسدية أرضية شهوانية, إنما محبة من خلال محبتكم لله. اتجهوا إلي الله أولا, ومن خلال الله إلي الناس, لكن العكس ليس صحيحا, العكس يضركم, هذا هو معني إن كان أحد لا يبغض أباه وأمه, ينبغي أن تكون محبتكم بعضكم لبعض بالنسبة لمحبتي كالفرق بين البغضة والكره. ثم في الوقت الذي فيه تتعارض محبتكم بعضكم لبعض مع محبتكم لله, ينبغي أن تكونوا مستعدين أن تضحوا بعلاقاتكم ببعضكم البعض في سبيل علاقتكم بالآب السماوي. هناك مواقف يحدث فيها هذا التعارض, الإنسان الذي يخرج للخدمة, ويعطي حياته للمسيح, قد تحدث حرب في البيت, أبوه يصرخ وأمه تبكي وكأنها جريمة حدثت, اجتماعات ومحاولات لكي يثنوه عن رأيه ويبعدوه عن طريق الخدمة المقدسة, الأب عندما يمنع ابنه والأم عندما تمنع ولدها هذا يكون عن محبة, لكنها محبة أرضية شهوانية جسدية ليست محبة إلهية, لأنه لو كانوا يحبوا الله كانوا فرحوا أن ابنهم سار في طريق الله وخادم لله, لكن هذا هو الذي يحدث حتي اليوم, نادر جدا عندما تجد أبا يفرح أن ابنه صار خادما لله, ونادر جدا عندما تسمع أن أما فرحة وتتمني أن ابنها يكون خادما لله, معظم الناس يكونون ضد أولادهم عندما يتجه تفكير الأولاد إلي خدمة الله, هذه المحبة جاهلة, محبة غبية, محبة جسدانية, ولذلك فإن هذا الولد إذا أحس أن هذه الدعوة دعوة مقدسة إلهية, ففي هذه الحالة ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس, وفي هذه الحالة ينبغي أن يبغض أباه وأمه, بمعني أنه لا يوافق ولا ينثني ولا يلين أمام محبة الأب والأم الجسدية, وإنما محبته لربه وسيده ينبغي أن تزيد علي محبته لأبيه وأمه, ولو أدي هذا الأمر أن يقطع علاقته بالأب والأم كما قطع الآباء الرسل علاقتهم بأقربائهم. وإذا خرج إنسان إلي طريق الرهبنة ولدا أو بنتا, يتحول البيت إلي جنازة, صياح وصراخ, في مرة رجل ابنته ذهبت تترهبن في دير من أديرة البنات, أخذ سكين وذهب إلي الدير لكي يضرب ابنته ويضرب رئيسة الدير, هل هذه هي الرجولة؟ لماذا تفضل أنك تقتلها علي أن تدخل الدير, هذا يريكم عقلية الناس, كيف أن محبته توصله إلي درجة أنه يقتل ابنته, ما هذه الأبوة, وما هذه المحبة؟ كنت في أحد أديرة الرجال وهناك رجل جاء للرهبنة, وبعد أن أدي المدة القانونية ورهبنوه, جاء أخوه ويريد أن يضرب الرهبان جميعا وكان يشتم بأعظم الشتائم, هل غيرته ومحبته علي أخيه توصله لهذه الدرجة, والأب والأم حضرا إلي الدير في حالة ثورة. هذا مظهر من مظاهر التعارض بين محبة الله ومحبة الناس, فإن كان هذا الابن لا يبغض أباه وأمه وإخوته الذين يريدون أن يفصلوه عن محبة الله, وعن طريق الفضيلة وعن طريق الكمال لا يمكن أن يكون تلميذا للمسيح. هذا يريكم نماذج أو بعض المواقف علي الأقل, التي يظهر فيها التعارض بين محبة الإنسان للناس ومحبته لله, ولكن ما معني أن يبغض الإنسان نفسه؟ يقول حتي نفسه, بغضة النفس بهذا المعني معناها أن الإنسان يصير ضد نفسه, لا يبغض نفسه بالمعني الذي يفهمه بعض الناس أنه ينتحر!!لا...الذي يصنع ذلك يرتكب جريمة, إنما يبعض نفسه بمعني يكون ضد نفسه إذا عاقته نفسه عن طريق الخلاص, برغباتها وشهواتها وميولها ونزاعاتها ومطامعها ومطامحها, نفسه هذه ممكن أن تكون ضد أبديته, ممكن أن تكون نفس الإنسان عدوة له, ففي هذه الحالة ينبغي أن يحب الله أكثر من نفسه وأن يبغض نفسه, بمعني يبغض شهواته ويبغض نزواته ويبغض رغباته التي تتعارض مع السيرة المقدسة وطريق الكمال. وفي موضع آخر المسيح يسمي هذه البغضة للنفس بمعني من أنكر نفسه, من جحد نفسه, تنكر نفسك وتجحد بنفسك, حينما تري أن هذه النفس تأمرك بأمر يتعارض مع الله, في هذه الحالة إن كنت حقا تريد أن تسير في طريق السماء ينبغي أن تأتي ضد نفسك, ضد ميولك ورغباتك وشهواتك التي تنازعك أبديتك وتفصلك عن طريق الله.
[/center] | |
|