*** الحروب الروحية ***
------------------
كل انسان معرض للحروب الروحية .. سواء من الخارج او من داخله .. تمر هذه الحروب عابرة .. ويسهل الانتصار عليها .. ان كان الشخص فى حياة روحية قوية .. ولكنها تكون عنيفة .. ان كان فى حالة فتور .. او فى استرخاء روحى .. او فى اهمال لعبادته ولوسائط النعمة ...
الحروب الداخلية :
----------
سنركز فى كلامنا عنها .. على الافكار والشهوات .. فالافكار تحارب العقل .. والشهوات تحارب القلب والحواس ..
والحروب الروحية الداخلية تكون اصعب من الحروب الروحية التى تهجم من الخارج . لآن الحروب الداخلية يكون فيها الانسان عدو نفسه .. وتكون صعبة لانه يشتهيها ولا يريد مقاومتها .. ولهذا كانت نقاوة القلب هى اهم شئ فى حياة الانسان . فالقلب النقى حصن لا ينال ...
والحروب الداخلية قد يكون سببها طبع اندمج فى الخطيئة .. وغالبا ما يكون قد ترسب من الماضى فى قلب الانسان وفى فكره ..بما يحاربه .. وقد يتسبب عن طبيعة ضعيفة تستسلم للخطأ .. او عن عدم اهتمام بالروحيات تكون نتيجته ضعف القلب من الداخل .. فيترك الفكر يطيش حيثما شاء بلا ضابط .. فيبدأ التراخى فى ضبط الحواس .. والحواس هى ابواب للفكر ...
حرب الافكار ... قد تكون الافكار فى اليقظة .. وقد تكون فى المنام ...
والافكار اثناء النوم .. ربما تكون مترسبة من افكار واخبار النهار .. او قد ترسبت فى العقل الباطنى من شهوات ومن افكار .. ومما جلبته الاذن من اخبار وحكايات .. وما قراه الشخص من قراءات ظلت عالقة فى ذهنه .. كل هذه تأتى فى احلام .. او فى سرحان .. او ما يسمونه بأحلام اليقظة .. ويستمر فيها الانسان طالما كان القلب قابلا لها . فأن كان رافضا لها تتوقف . ويصحو لنفسه ...
وارادة الانسان ضابط هام للفكر .. فهى التى تسمح بدخول الفكر ...
وحتى ان دخل الفكر خلسة .. فهى التى تسمح بأستمراره او بأيقافه .. ومن هنا تأتى مسئولية الانسان عن افكاره امام ضميره وامام الله ...
ومن هنا يرد السؤال التالى : هل هذه الافكار ارادية .. ام غير ارادية .. ام شبه ارادية ؟؟؟ اى من النوع الذى هو غير ارادى .. ولكنه تابع ارادة سابقة تسببت فيه !
فقد يغرس الشيطان فكرا فى عقل انسان .. يدخل اليه بغير ارادته .. ولكن حتى هذا الفكر الذى لا مسئولية عليك فى دخوله .. توجد مسئولية عليك فى قبوله .. ان اردت يمكنك ان تطرد الفكر ولا تتعامل معه ولا ترحب به .. لآنك ان قبلت الفكر الخاطئ تكون خائنا لنعمة الله العاملة معك ... وتكون مقصرا فى حفظ وصايا الله وفى حفظ نقاوة قلبك ...
وقد يأتيك الفكر الخاطئ فى حلم .. فأن كنت نقيا تماما .. سوف لا تقبله فى الحلم ايضا .. بل ترفضه .. او يتغير الحلم او تستيقظ ...
واذا كنت لم تصل الى هذا المستوى .. وقبلت الفكر الخاطئ فى الحلم .. فستحزن بسببه كثيرا حينما تستيقظ ويترك هذا الحزن اثره العميق فى عقلك الباطن .. فترفض كل حلم مماثل فى المستقبل ... ان لم يكن مباشرة .. فبالتدريج .. الى ان تصل الى نقاوة العقل الباطن ...
اذن قاوم اى فكر خاطئ يأتى الى ذهنك فى النهار . اثناء يقظتك .. لكى تتعود المقاومة حتى بالليل اثناء نومك .. وتنغرس هذه المقاومة فى اعماق شعورك .. ويتعودها عقلك الباطن .. ان زمام افكارك فى يدك .. سواء منها الافكار التى تصنعها بنفسك او التى ترد اليك من الخارج .. من الشيطان او من الناس .. وما اصدق قول المثل " ان كنت لا تستطيع ان تمنع الطير من ان يحوم حول رأسك .. فأنك تستطيع ان تمنعه من ان يعشش فى شعرك ...
وبأرادتك .. وبأشتراك مع عمل النعمة فيك .. يمكنك السيطرة على الافكار .. فلا تتركها لتأخذ سلطان عليك .. ولا تستطيع تلك الافكار الخاطئة ان تفقدك نقاوتك وذلك مادمت لا تتجاوب معها ...
لذلك لا تستسلم لاى فكر خاطء يرد اليك .. وليكن كل انسان حكيما .. يعرف كيف يبدأ الفكر عنده وكيف يتطور .. وماهو خط مسيره داخل ذهنه ؟ومن نوع الافكار التى تبدأ بريئة هادئة .. ثم تنتهى بنهاية خاطئة وليحترس منها .. ولا يعطى مجالا للفكر حتى يشتد ...
وان اشتدت عليك الافكار بطريقة ضاغطة ومستمرة .. فلا تيأس ولا تظن انه لا فائدة من مقاومة الفكر . وتستسلم له ..
ان اليأس يجعل الانسان يتراخى مع الفكر . ويفتح له ابوابه الداخلية . ويضعف امامه ويسقط .. اما انت فحارب الافكار وانتصر .. متمسكا بمعونة الله لك ولكن كيف تنتصر ؟؟؟؟؟؟؟
* كيف تنصر على الفكر ؟؟؟؟؟؟ *
1- ان لا تخف من مقاتلة الافكار الخاطئة . بل اصمد واعرف ان انتصارك على الفكر سيعطيك بهجة بأنتصارك .. كما يمحنك خبرة فى الروحيات ويكون لك اجرك على جهادك ...
2- اشغل فكرك بشئ روحى .. او بأى اهتمام عميق .. حتى اذا ما اتاك الشيطان بفكر ردئ .. لا يجد ذهنك متفرغا له .. وهذا اجراء وقائى ...
درب نفسك على ان تتولى قيادة افكارك .. ولا تجعل الافكار تقودك .. واحرص ولا تترك عقلك فى فراغ خوفا من ان يحتله الشيطان ويلقى فيه مايريد ...
3- لهذا فأن القراءة الروحية مفيدة جدا .. ليس فقط فى شغل الذهن ومنع الافكار الرديئة عنه .. وانما ايضا لها فائدة ايجابية . لانها تعطى الفكر مادة روحية للتأمل . وتملآ القلب بمشاعر نقية .. فى محبة الله والفضيلة .. وتجعل القلب قويا فى طرد الافكار المضادة ...
4- كن متيقظا بأستمرار . ساهرا على نقاوتك . فلا يسرقك الفكر الردئ دون ان تحس .. واطرد الفكر من بادئ الامر قبل ان يبغتك ويضعف مقاومتك ...
واعلم انك ان تركت الافكار الخاطئة باقية فترة فى ذهنك . لا تلبث هذه الافكار ان تثبت اقدامها وتقوى عليك . وكلما استمرت فى داخلك تضعف انت ولا تستطيع مقاومتها وتسقط .. لذلك كن متيقظا وسريعا فى طرد الافكار ...
5- اهتم بأقتناء الفضيلة التى يسمونها " استحياء الفكر " .. اقصد بهذا انه عندما يكون فكرك ملتصقا بذكر الله بالصلاة والتأمل وبعبارات الحب الالهى .. بالتسبيح والترتيل .. حينئذ يستحى الفكر من ان يهبط من مستواه الروحى لتشغله افكار الخطية فيرفضها وهذا علاج وقائى ايضا ...
6- ابتعد عن العثرات التى تجلب افكارا خاطئة ... ابتعد عن كل لقاء ضار . وعن كل صداقة او معاشرة خاطئة .. ابتعد عن القراءات التى تجلب افكارا دنسة وابتعد عن السماعات والمناظر والاحاديث وكل مسببات الفكر البطال ..
ومادامت الحواس هى ابواب الفكر .. فأحرص ان تكون حواسك نقية .. ان تراخيت مع الحواس .. تكون كمن يحارب نفسه بنفسه .. فأحترس ولتكن حواسك معك لا ضدك ...
7- احترس من الافكار الطائشة التى قد لا تكون خيرا ولا شرا .. اربط فكرك بما هو صالح ونافع سواء فى عملك او مسئولياتك او الصالح العام لكى لا يسرح فى امور عديمة الفائدة ...
8- وهناك قاعدة روحية احب ان اقولها لك فى محاربة الافكار وهى :
الهروب من الافكار الخاطئة خير من محاربتها ... لان الفكر الخاطئ الذى تنشغل بمحاربته .. حتى ان انتصرت عليه يكون قد لوث عقلك ولو بعض الوقت .. ولا تخدع نفسك قائلا .. سأراه كيف يسير الفكر وكيف ينتهى .. من باب حب الاستطلاع .. لا لا لا تتهاون ايضا قائلا انا استطيع ان اهزم الافكار ولكنى اناقشها لاظهر ضعفها .. فربما تغلبك الافكار وهى التى تظهر ضعفك ..
9- اعرف ايضا ان الافكار اذا استمرت فقد تقود الى شهوات فتكون اخطر بأنتقالها من الذهن الى القلب .. ومن الفكر الى العاطفة ...
** حرب الشهوات **
الشهوات كثيرة منها شهوة الجسد وشهوة المعرفة الخاطئة وشهوة الرئاسة والمناصب وشهوة المال وشهوة الامتلاك وشهوة العظمة والشهرة .. وفى كل هذه تكون ملكية القلب قد انتقلت من الله الى غيره ...
+ فأن رحلت الى الشهوة لا تكملها . بل حاول ان تتخلص منها واذكر تلك العبارة الجميلة " افرحوا لا لشهوة نلتموها . بل لشهوة اذللتموها " ..
ان اكثر شئ يفرح الانسان هو ان ينتصر على نفسه .. حقا ان لذة الانتصار على النفس هى اعمق من اللذة بأية شهوة اخرى ...
+ وان تعبت من ضبط الشهوات .. لا تيأس وتظن انه لا فائدة ... انظر الى ماتستطيع نعمة الله ان تعمله من اجلك وليس الى ما تعجز انت من عمله .. ولا تظن فى مقاتلة الشهوات انك تحاربها وحدك .. فهناك معونة سمائية تسندك فيما يستمر جهادك الروحى ...
+ تذكر انتصارات الذين تابو .. ولا تضع امامك ضعفك وانهزاماتك السابقة ... ان الله الذى اعان مشاهير التائبين سيعينك ايضا ...
فجاهد كثيرا فى صلواتك ولا تخجل من الصلاة حتى وانت فى عمق الخطية .. فأن الله سوف ينظر الى رغبة قلبك ويزيل منك ضعف ارادتك ...
+ اسلك فى الوسائط الروحية .. وفى كل ما يقوى قلبك فى محبة الفضيلة ... وثق انه سيأتى الوقت الذى تصبح فيه كفة الخير هى الراجحة فى حياتك .. لآن حب الفضيلة هو فى طبيعة الانسان .. وكل شهوات الخطيئة هى دخيلة عليه ...
+ ابعد عن كل مصادر الشهوة حتى لا تتعمق فى قلبك ... وكن حازما مع نفسك .. لا تطعها فى كل ما تطلبه وانما على قدر طاقتك قاوم تلك الرغبات ..
قداسة البابا شنودة الثالث
زيزى جاسبرجر
_________________
Sissy gaisberger