Ghada فنانـــــة المنتــــدى
عدد الرسائل : 16804 تاريخ التسجيل : 21/04/2007
| موضوع: شهيد تحت الطلب . وطنى 23-10 السبت 22 أكتوبر 2011 - 18:03 | |
| شهيد تحت الطلب القمص روفائيل سامي بين الكتاب والتاريخ والوطنية
جريدة وطنى - عدد الاحد 23-10-2011
اسمح لي عزيزي القاريء أن أشارك في هذه الحلقة كنيستنا الأم في جرحها الدامي الذي بتر منه الغدر عددا هائلا من أعضاء جسدها الأرضي ليدخلوا ضمن ذاك النسيج السماوي جالسين تحت المذبح الإلهي مع من سبقوهم من شهداء وحصلوا علي شهادة ميلاد شهيد تحت الطلب في يوم الأحد 2011/10/9 الذي فيه ختمت المقالة الثانية عشرة عن الإكليريكية بعبارة لا أعرف كيف كتبها قلمي وفي هذا اليوم بالذات ولماذا؟ وهي ( إن مدرسة الإسكندرية هي نبع من الحب الخادم والصافي أركانها مبنية من دم الشهداء الأبرار الذي يصرخ في السماء دائما كما يقول سفر الرؤيا ' ولما فتح الختم الخامس رأيت تحت المذبح نفوس الذين قتلوا من أجل كلمة الله ومن أجل الشهادة التي كانت عندهم وصرخوا بصوت عظيم قائلين حتي متي أيها السيد القدوس والحق لاتقضي وتنتقم لدمائنا من الساكنين علي الأرض فأعطوا كل واحد ثيابا بيضا وقيل لهم أن يستريحوا زمانا يسيرا أيضا حتي يكمل العبيد رفقاؤهم وإخوتهم أيضا العتيدين أن يقتلوا مثلهم ' (رؤ6: 9-11) نعم لقد كانت الشهادة في القديم بسفك دم الأبرياء أما في عهدنا هذا فهي بحرق دم العلماء الذين يرون أن الجهل ساد علي المجتمع ) وياليتك تقبل هذه الإضافة البسيطة وهي سفك وحرق دم الأبرياء العزل المسالمين الذين أحبوا كنيستهم ووطنهم مصر التي قدسها السيد المسيح بزيارته لها والأنبياء جاءوا إليها محتمين فيها.
روي لي أحد أبناء الكنيسة حديثا طويلا عن أحداث اليوم الدامي بمنطقة ماسبيرو وفيما هو يتكلم ويصف لي كيف خرج المشهد الملائكي الجميل من منطقة شبرا تعلو أصواتهم بالترانيم والصلوات استوقفني الاستماع إلي الحديث عن الزي الذي كان يرتديه الأغلبية من الشباب والأطفال وهو تي شيرت أبيض مكتوب عليه عبارة شهيد تحت الطلب وسبح بي الفكر إلي أعماق التاريخ الذي أعشقه في الكنيسة القبطية وهو تاريخ دماء أجدادنا الشهداء وكيف امتد هذا التاريخ وأصبح عنوانا للكنيسة القبطية في كل العالم وهو (كنيسة الشهداء ) وبعد أن كان التيار سيلقي بي في بحر الحزن والضعف شعرت بقوة انتشلتني من علي حافة الفكر العالمي والحماس الشبابي إلي عمق الكنيسة الكتابية أي الكنيسة القبطية التي تمتاز بتمسكها بالكتاب المقدس وبتقويمها المعروف بتقويم الشهداء وبدأت أبحث بحثا كتابيا متواضعا أعرف فيه متي بدأ الاستشهاد وكيف عرفته المسيحية وماهي ثماره في العالم الآخر...وهذه بعض السطور البسيطة والمختصرة التي تعزينا لأننا لو عرفنا تاريخ الاستشهاد والأمجاد التي تلحق به أكيد كلنا نذهب إلي ذاك الفنان الذي كتب علي صدور شبابنا تلك العبارة التي هاج عندما نظر إليها ذاك العدو الشيطان الذي يقلقه كلمة شهيد أو إشارة صليب وأراد أن يحطم إراده إيمانية مبني عليها أساس الكنيسة وهذا ليس بجديد والتاريخ يشهد بذلك .
يذكر لنا الكتاب المقدس عن أول شهيد سفك دمه علي الأرض من البشر كان هابيل الصديق الذي قيل عنه' و عرف آدم حواء امرأته فحبلت وولدت قايين وقالت اقتنيت رجلا من عند الرب. ثم عادت فولدت أخاه هابيل و كان هابيل راعيا للغنم و كان قايين عاملا في الأرض.وحدث من بعد أيام أن قايين قدم من أثمار الأرض قربانا للرب.و قدم هابيل أيضا من أبكار غنمه ومن سمانها فنظر الرب إلي هابيل و قربانه. ولكن إلي قايين وقربانه لم ينظر فاغتاظ قايين جدا و سقط وجهه. فقال الرب لقايين لماذا اغتظت ولماذا سقط وجهك. إن أحسنت أفلا رفع وإن لم تحسن فعند الباب خطية رابضة وإليك اشتياقها وأنت تسود عليها.وكلم قايين هابيل أخاه و حدث إذ كانا في الحقل أن قايين قام علي هابيل أخيه و قتله. فقال الرب لقايين أين هابيل أخوك فقال لاأعلم أحارس أنا لأخي. فقال ماذا فعلت صوت دم أخيك صارخ إلي من الأرض. فالآن ملعون أنت من الأرض التي فتحت فاها لتقبل دم أخيك من يدك. متي عملت الأرض لا تعود تعطيك قوتها تائها و هاربا تكون في الأرض. فقال قايين للرب ذنبي أعظم من أن يحتمل '(تك 4: 1-13) وواضح جدا من هذه الآيات الكتابية أن الله الذي سمح بقتل هابيل أنه لم يترك القاتل بدون قصاص عادل ولم يمر الموقف بدون أن يسأل الرب عن ذاك البار الذي صرخ دمه إلي السماء وهكذا منذ هذه الحادثة الأولي من نوعها في تاريخ البشرية وعرف الشيطان طريق سندان القتل والاستشهاد وفتح قائمة طويلة لشهداء العهد القديم الذين نالوا هذا الشرف سواء كان من أجل كلمة الله والحق الإلهي أو من اجل كلمة الحق وحب الانتماء الوطني وفي كل الأحوال كانوا شهداء أبرياء ليس لهم سلاح إلا الإيمان ولا سند إلا الله وحده فكم من أنبياء نالوا هذا الشرف وكم من أبرياء حملوا حياتهم وقدموها ذبيحة محرقة لله الذي لايغفو ولا ينام وهذا ما رأيناه في سفر الملوك الأول عن حادثة استشهاد نابوت اليزرعيلي في عهد آخاب الملك وعلي يد إيزابل زوجة آخاب الجبارة التي أحضرت شهود زور علي نابوت اليزرعيلي الرجل البسيط المتمسك بأرضه ومغروسة في قلبه عقيدة الانتماء إلي أرضه وميراث أجداده والذي قال لأخاب بكل قوة ' حاشا لي من قبل الرب أن أعطيك ميراث آبائي'1مل 21 : 3 لم يسكت الله علي ما فعلته إيزابل لموت نابوت وسكوت آخاب علي تلك القساوة وطريقة موت الرجل البسيط نابوت والذي كانت جريمته التمسك بميراث آبائه انظر ماذا حدث 'فكان كلام الرب إلي إيليا التشبي قائلا.قم انزل للقاء آخاب ملك إسرائيل الذي في السامرة هوذا هو في كرم نابوت الذي نزل إليه ليرثه.
وكلمه قائلا هكذا قال الرب هل قتلت و ورثت أيضا ثم كلمه قائلا هكذا قال الرب في المكان الذي لحست فيه الكلاب دم نابوت تلحس الكلاب دمك أنت أيضا. فقال آخاب لإيليا هل وجدتني يا عدوي فقال قد وجدتك لأنك قد بعت نفسك لعمل الشر في عيني الرب.هأنذا أجلب عليك شرا وأجعل بيتك كبيت يربعام بن نباط وكبيت بعشا بن أخيا لأجل الإغاظة التي أغظتني...وتكلم الرب عن إيزابل أيضا قائلا إن الكلاب تأكل إيزابل عند مترسة يزرعيل.من مات لآخاب في المدينة تأكله الكلاب و من مات في الحقل تأكله طيور السماء.و لم يكن كآخاب الذي باع نفسه لعمل الشر في عيني الرب الذي أغوته إيزابل امرأته ' 1مل21: 17-25 أكتفي بذكر هذين الموقفين من العهد القديم وكيف تعاملت السماء مع الظالم وكيف كانت العقوبة ؟ ومشوار الاستشهاد الذي بدأ منذ استشهاد هابيل مرورا بكثير من الأنبياء...اكتفيت بذكر حادثة هابيل ونابوت اليزرعيلي منه لأبدأ مشوار العهد الجديد الذي بدأ باستشهاد مخلصنا علي الصليب وغفرانه لصالبيه وواقفا عند القديس أستفانوس أول شهيد في المسيحية ومن هنا نستطيع القول إن الكنيسة تأسست علي الارتواء بدم الشهداء وليس بغريب عليها أنه عندما يسمح الله بذلك فهذه هي مصر التي جاء إليها مرقس الرسول قاطعا أميالا ليكرز ويبشر فيها بالخلاص وبكلمة الله انتظرت حتي أكمل جهاده وفي نهاية خدمته كانت المكافأة هي الاستشهاد علي أرضها وشربت شوارع الإسكندرية من دمه الطاهر واستمر شبح القيود والظلام يطارد حرية الإيمان منذ القرن الأول المسيحي في ظل الدولة الوثنية وبعدها اضطهاد تراجان ودقلديانوس وغيرهم من أولئك الجبابرة العتاة الذين لم تعرف الرحمة قلوبهم وبدأ المشوار واستمر الجهاد حتي عصرنا هذا وكان مبدأ شهيد تحت الطلب هو منهج كل مسيحي يحب الله ومسيحيته وكنيسته لأن الكنيسة علمتنا أن الاستشهاد هو انطلاق إلي حياة أفضل مع الملائكة والقديسين فموت الجسد ليس هو نهاية المطاف أنما هو بداية لحياة أفضل بعيدة عن كل فكر ضيق مبتور وعن كل إغراء شهواني لايفيد ورأينا القديس البابا بطرس خاتم الشهداء وهو يتفنن كيف يموت شهيدا من أجل أبناء كنيسته ويقول كلماته الشهيرة التي يعرفها كل مؤمن ' خير لي أن أسلم نفسي فدية عن شعبي ولا يمس أحد منهم بسوء' وكان استشهاده في 29 من شهر هاتور سنة 28ش سنة 311م نعم أحب آباء الكنيسة الاستشهاد وكانوا يتسابقون إلي ساحته في كل مكان لكي يصلوا إلي السماء مكللين بأكاليل الفرح والتهليل والمجد والكرامة والعرس السماوي فهكذا وصف لنا الرائي الحياة بعد الموت قائلا' و سمعت صوتا عظيما من السماء قائلا هوذا مسكن الله مع الناس و هو سيسكن معهم و هم يكونون له شعبا و الله نفسه يكون معهم إلها لهم. وسيمسح الله كل دمعة من عيونهم والموت لا يكون فيما بعد ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع فيما بعد لأن الأمور الأولي قد مضت. وقال الجالس علي العرش ها أنا أصنع كل شيء جديدا و قال لي أكتب فإن هذه الأقوال صادقة وأمينة.ثم قال لي قد تم أنا هو الألف والياء البداية والنهاية أنا أعطي العطشان من ينبوع ماء الحياة مجانا.من يغلب يرث كل شيء وأكون له إلها وهو يكون لي ابنا. وأما الخائفون وغير المؤمنين والرجسون والقاتلون والزناة والسحرة وعبدة الأوثان وجميع الكذبة فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنار وكبريت الذي هو الموت الثاني.'رؤ21: 3- 8 تعمدت أن لا أسرد شخصيات كثيرة من التاريخ أو الكتاب لأنه يهمني أن أقول إن الشهادة هي إيمان والاستشهاد من أجله هو دم يروي الكنيسة ويجري في عروقها لتستكمل مسيرتها نحو حياة أفضل مترقبة الأبدية السعيدة فهذه هي الكنيسة القبطية الراكزة علي سطور التاريخ والتي امتلأت بسير الشهداء الذين أناروا تاريخ كنيسة الإسكندرية بحروف من ذهب تروي لنا إيمانا مستقيما وسيرة حسنة متمثلة بشخص السيد الذي قال 'احملوا نيري عليكم و تعلموا مني لأني وديع و متواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم '(مت 11 : 29) ولهذا سلمت الكنيسة في العهد الجديد الحكم لله العادل والذي بيده الأمر وكما يقول قداسة البابا شنوده الثالث عباراته الثلاث الشهيرة ( ربنا موجود - مسيرها تنتهي - كله للخير ) وباتت قضية الشهادة والاستشهاد في الكنيسة القبطية عقيدة وإيمانا . وتأكدت أن عبارة شهيد تحت الطلب لم تأت من فراغ أنما راكزة علي تاريخ حق لكنيسة مستقيمة الرأي وحافظة للإيمان مؤمنة بالإله الواحد الذي يعرفه الجميع ويجب أن يحبه الذي أوصي قائلا' وأما أنا فأقول لكم أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم أحسنوا إلي مبغضيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون اليكم و يطردونكم 'مت 5 : 44 فهذه هي الإنسانية وهذا هو المبدأ الإلهي ومرحبا بالاستشهاد .
| |
|