عقد في إحدى المدن الهامة اجتماع كبير في الهواء الطلق . وكان المتكلم ملحداً لكنه كان خطيباً موهوباً ذا اسلوب جذاب وعبارات مقنعة . واخذ يبرهن للجمع المزدحم حوله ، عدم وجود الله وبالتالي عدم إستجابة الصلاة . وبصوت عالٍ أخذ يردد هذه العبارات "استخدموا عقولكم ولا تنخدعوا . لا يوجد إله . لا توجد أبدية بعد الموت الفناء . لا استجابة لصلواتكم ." وفي نهاية حديثه أعلن أنه يتحدى السامعين أن يتقدم أحدهم بما يناقض اقواله . وساد الصمت على المجتمعين لكن قطع السكون صوت قوي "إني أقبل تحديك يا سيدي" والتفت الجميع الى ذلك الشخص الجريء . وأفسحوا له مكاناً وهو يتقدم بخطوات ثابتة ليعتلي منصة الخطابة.
كان طويل القامة حسن الهندام ، لكن بدا عليه انه لم يكن خطيباً جذاباً مثل خصمه . وأخذت العيون تتطلع اليه في لهفة وعلت وجهه حمرة وهو يقول : "يا اصدقائي انا لست خطيباً بارعاً ولا متحدثاً ماهراً . ولم احضر قاصداً أن اجادل احداً لكن عندما قال المتكلم ان الصلاة ليس لها قيمة وتحدى السامعين أن يبرهنوا غير ذلك شعرت بأني ملزم بأن أتقدم" وصمت قليلاً يستجمع أفكاره ثم استطرد قائلاً : " إن حياتي السعيدة التي أحياها الآن هي نتيجة لإستجابة الله للصلاة لقد كنت في حياتي من أشر الناس في هذه المدينة وأردأهم سيرة . كنت سكيراً مقامراً وشرساً في بيتي الى أبعد حد حتى كانت زوجتي وابنتي تخشيان وقع أقدامي لكن على الرغم من كل هذا وبدون ان اعلم كانت زوجتي تصلي لأجلي بل وعلّمت ابنتي الصغيرة أن تصلي لأجلي ايضاً . وفي ذات مساء عدت مبكراً الى المنزل ، في حالة صحو على غير عادتي وفتحت الباب بمفتاح معي فلما دخلت سمعت وقع اقدام زوجتي وابنتي تصعدان الى الدور العلوي فتوقفت عند اسفل الدرج لأسمع . لقد كان ميعاد نوم ابنتي الصغيرة التي اصطحبتها زوجتي الى فراشها وبعد لحظات سمعت ابنتي تصلي . لقد كانت تصلي لأجلي : " أيها الرب يسوع خلص أبي المحبوب . خلص أبي من الخطية . أيها الرب الطيب خلص أبي" وبعد أن انتهت الصغيرة من صلاتها الساذجة سمعت أنيناً خافتاً وصوت زوجتي تخنقه العبرات وهي تبتهل " يا رب أجب طلبتها " أما أنا فاستدرت وتسللت خارج المنزل بهدوء وأخذت أسير على غير هدى وغمرتني الدهشة وأنا استعرض ما سمعت وأخذ صوت الطفلة الساذج يرن في أذني " أيها الرب يسوع خلص أبي المحبوب . خلص ابي من الخطية " هل كنت حقاً محبوباً . لدى قلب الطفلة . كيف هذا .؟ إنها لم تتذوق قط معنى الأبوة ولست أذكر اني حنوت عليها أو قبلتها مرة واحدة . وهذه الزوجة انني لم أعاملها قط بالعطف والرقة بل عاشت طوال حياتها محرومة من السعادة الزوجية . وأحسست بحزن عميق يغمرني وبكيت بمرارة لأول مرة في حياتي ورفعت قلبي الى السماء وصحت من الأعماق " يا إلهي استجب صلاة بنتي . يا إلهي خلصني" وقد فعل ! وعدت الى المنزل إنساناً جديداً !
" ها قد مرت أعوام طويلة منذ ذلك اليوم الذي كان حداً فاصلاً بين الماضي المحزن والحاضر البهيج . ذلك الماضي أؤمن أنه قد اختفى في دم المسيح المخلص وهذا الحاضر أحياه الآن انساناً جديداً في المسيح شهادة حيّة لاستجابة الله للصلاة". وختم حديثه بالقول " إنني كنت أعتبر نفسي جباناً لو كنت صمتّ اليوم وليس لي إلا أن أؤمن بأن الله موجود وأنه يسمع الصلاة ويستجيبها ايضاً" . لم يأتي الملحد بجواب فقد أثرت قصة الرجل في جمهور السامعين فأخذوا ينفضّون من حول ذلك الملحد.
"قال الجاهل في قلبه ليس إله" (مزمور 14 :1)
"اطلبوا الرب ما دام يوجد ادعوه وهو قريب . ليترك الشرير طريقه ورجل الاثم افكاره وليتب الى الرب فيرحمه وإلى الهنا لأنه يكثر الغفران" (اشعياء 55 :6،7)
"لأن رباً واحداً للجميع غنياً لجميع الذين يدعون به لأن كل من يدعو باسم الرب يخلص" (رومية 10 :12،13)