تذكار المحبة
من هى مريم التى قدمت قارورة طيب بثلاثمائة دينار؟ لم تكن ملكة ولا أميرة أو حتى ذات أموال، بل إمرأة فقيرة، ولكنها جمعت كل أموالها وإشترت زجاجة طيب. إنه جنون المحبة الذى هزأ بها يهوذا الخائن وقال عنه إنه إتلاف ، أما المسيح فمدحة جداً . يهوذا قدره بالمال وثمّنه كخبير فى الأسعار بثلاثمائة دينار، أما المسيح فقدر المحبة التى فيه فوجدها تفوق الأرض وما عليها
إن كل خدمة نؤديها أو عطية نعطيها أو كلمة نقولها سوف يزنها المسيح بميزان الحب. وحينئذ تكون المكافأة والمجازاة لا عن مقدار الخدمة او عظم العطية أو قوة الكلمة وإنما عن صدق المحبة التى دفعتنا إلى ذلك
لم يكون شعوراً طارئاً ذاك الذى دفع مريم لتقديم هديتها، ولكنه شعور بدأ عندما كانت تجلس عند قدميه، وعلمت منه سراً أنه سيموت بأيدى رؤساء الكهنة واليهود وايقنت من كلام السيد أن هذا لابد أن يكون. حينئذ إبتدأ حبها ينفعل فيها لتقدم له شيئاً يليق بموته!!
ومنذ تلك اللحظة وهى تجمع كل ما لديها حتى إشترت قارورة الطيب التى أذابت فيها كل مشاعر المحبة ، وحفظتها عندها إلى أن يحين الوقت: " فقال يسوع إتركوها ، إنها ليوم تكفينى قد حفظته . "
هذه هى المحبة التى محصها الزمن ، فقويت . وهاجمتها شكوك النفس فثبتت. وقامت ضدها حاجة المعيشة ، فغلبت !
يا ليت حبنا يكون ناضجاً عنيداً نحفظه فى قلوبنا لوقته .. فلا تزيده الأيام إلا قوة وتوكيداً.
قدمت مريم هديتها فى اللحظة المناسبة، إذ بعد أن دهنت رجليه بالطيب ، قام وذهب ليصلب، وترك بيت عنيا ولم يعد بعد إليها.
الفرصة أمامك يا أخى ، ولا تستشرنى ماذا أقدم للمسيح ؟ لأن مريم لم تستشر أحداً إلا قلبها.
مريم حفظت الطيب عندها سراً، وقدمته صامتة ، ولم تتحدث عنه بعد ذلك لأحد. يا من تحب المسيح ، تعلم من مريم
... الأب متى المسكين
من كتاب مع المسيح فى آلامه حتى الصليب