عروسة النشيد اصدقاء المنتدى
عدد الرسائل : 5773 العمر : 37 تاريخ التسجيل : 27/10/2010
| موضوع: الصوم عمل محبة.. الأحد 26 فبراير 2012 - 14:06 | |
| الصوم عمل محبة..
الحياة المسيحية هي محبّة.. أولاً وأخيرًا.. حُب الله، وحُب للقريب.. "تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك ومن كل قدرتك ?ذه ?ي الوصية الأولى. وثانية مثلها هي تُحب قريبك كنفسك. ليس وصية أخرى أعظم من هاتين" (مر١٢:١٣-٣١).. وكل جهادنا في أساسه هو تعبير عن هذا الحُب (لله وللقريب) عمليًا.
عباداتنا دافعها الأول ?و الحُبّ.. سواء هي: صلاة - صوم - نُسك – تسبيح.. فهي تعبير عملي عن محبة الله التي انسكبت في قلوبنا بالروح القدس. (رو٥:٥) وأيضًا محبّة القريب تحتاج أن تتبلوّر عمليًا في أشكال متنوعة: عطاء -تضحية -تسامح - احتمال – إصغاء- احترام - مشاركة.. هذا ?و الحُبّ العملي..!
وقد علّمتنا الكنيسة المقدّسة أن الصوم هو عمل أساسي من أعمال العبادة.. أعمال المحبة، ومنذ نشأة الكنيسة والصوم له مكانة بارزة في حياتها بالروح.. كفِعل محبّة للثالوث القدُّوس.. وقد استلمَته شخصيًا من السيّد المسيح الذي اجتاز فيه وباركه، وسلّمه لنا كسلاح للغلبة ومنهج للسمو ومدخل للحياة الجديدة..! لقد كان واضحًا في فِكر الكنيسة منذ البداية أنّه من المهم أن تُدخِل كلّ أفعال حياة المسيح في جسمها.. لتكون لها أفعال حياة لكل أعضائها..!
فالسيِّد المسيح له المجد لم يعتمد من أجل نفسه، ولا صُلِب من أجل نفسه.. وبالتالي لم يصُم أربعين يومًا من أجل نفسه.. فأعمال المسيح قوّة هائلة مقتدرة بحدّ ذاتها، وقد صارت مصدرًا لخلاصنا وحياتنا الجديدة، ولكن لا تنتقل قوّتها إلينا إلاّ إذا عشناها ومارسناها داخل الكنيسة.. بمعنى أنها لا تنتقل للناس تلقائيًّا بمجرّد الإيمان والقبول لشخص المسيح، بل لابد أن ندخل في شركة حيّة معه من خلال أسرار الكنيسة المقدّسة.. نموت ونقوم معه في المعموديّة.. نُرشَم بالميرون فنصير هيكلاً لروحه القدُّوس.. نصوم معه فندخُل في شركة آلامه وتنضبط ميولنا ونسمو بالروح.. نتناول من خبز الحياة، جسده ودمه، فنتقدّس ونثبت فيه وهو فينا.. نحن نأخذ أفعال المسيح المُحيية فينا من خلال الشركة الحيّة في الكنيسة المقدّسة.. فيصير المسيح نفسه فينا..!
الاستعداد (صوم - صلاة – صدقة) + بالتوبة، ومن خلال الصوم؛ نتحرر من الشهوات، وتدليل الجسد والرخاوة.. وتتشدّد أيادينا للصلاة، وتمتدّ لعمل الخير وفِعل العطاء.. لأن هذه هي الثمار الشهيّة في حياة التائب.. وتؤكِّد الكنيسة للتائبين ضرورة الا?تمام بالحياة الداخلية في الخفاء من خلال قمْع الجسد وضبطه.
+ تُقدم أيضًا لنا الكنيسة مفهوم الانفطام عن العالم كحقيقة جو?رية في حياة مَن يعيش مع الله "ليأتِ ملكوتك" (مت٦:١٠) فالمفطوم عن العالم يشتهي الملكوت السماوي ويطلب مجيئه في الصلاة الربانية.
+ الصوم الكبير فرصة جميلة للتحلِّي بفضيلة العطاء والبذل وعمل الرحمة، فإذ يُجا?د الإنسان بالصوم والصلاة يندفع بقلبه وعطائه ليقدِّم صدقةً، و?كذا يبذل خبزه (الذي وفَّره بالصوم) للجوعان، ويكسي العريان ثوبًا.
+ غاية الصوم هي نقاوة القلب، ومعاينة لله كأب يتقبّل حُبّنا، لهذا يبذل عدو الخير جهده لكي يفسِد هذا العمل، خلال تسلُّل حُب الظهور والرغبة في مديح الناس لنا.. فينحرف الحُب بعيدًا عن الله، ويصير صومنا بلا روح.. + إننا لا نصوم من أجل الصوم في ذاته، ولا لأجل الحرمان، إنما لأجل ضبط النفس وانطلاق القلب إلى الحياة السماوية.
القمص يوحنا نصيف
| |
|