الشخص العجيب
« فأخذت الجميع حيرة ومجدوا الله وامتلأوا خوفاً قائلين إننا قد رأينا اليوم عجائب » (لو26:5)
لقد جمع الرب يسوع في شخصه العجيب كل صفات الجمال والكمال. فالإنسان الكامل يسوع المسيح كان ينمو في النعمة عند الله والناس (لو52:2) . وكان قلبه مستعداً دائماً لخدمة الجميع. فعند قراءة الأناجيل، كان الشيء الذي استرعى انتباهي هو أنى وجدت شخصاً لم يطلب ما هو لنفسه ولا فعل شيئاً واحداً لأجل نفسه. ويا له من أمر مدهش أن تجد شخصاً على الأرض لا يطلب ما هو لنفسه ولا يعيش لأجل ذاته. فقد أخذ الله كنصيبه الصالح. فالأناجيل تستعرض لنا شخصاً فريداً، غير مشغول بذاته على الإطلاق، وتُرينا القلب الصالح المستعد لخدمة الكل. فمع عمق أحزانه، إلا أنه كان مهتماً ومشغولاً بالآخرين. فاستطاع أن يحذر بطرس من ذاته في جثسيمانى، ويعزى اللص المنسحق فوق الصليب. فلقد كان قلبه دائماً فوق الظروف، مرتفعاً عن كل الأحزان، لا تؤثر الظروف عليه، بل كان دائماً يسير تماماً وفق إرادة الله وسط الظروف المختلفة.
فآدم رغم كونه ضعيفاً مسكيناً مقرصاً من الطين، إلا أنه ارتفع وعصى الله، أما المسيح القدير صاحب السلطان، استخدم قوته وسلطانه في عمل الخير للبشرية المعذبة. ومع كونه العالي والمرتفع أخذ مكان الطاعة والخضوع وأخلى نفسه. فيا لروعة طرق هذا الإنسان الكامل الفريد.
فعلى قدر ما كان أميناً لله، هكذا احتُقر من الناس. وعلى قدر وداعته واتضاعه، هكذا أيضاً لم يُعتّد به. وكل هذا لم يكن ليؤثر في خدمته لأنه كان يفعل كل شيء لمجد الله.
فكل تصرفاته أمام الجموع وأمام تلاميذه كانت في تمام الكمال واللياقة واضعاً نصب عينيه مجد الله.
فماذا كانت حياة يسوع، رجل الأوجاع ومُختبر الـحَزَن، إلا شعلة من النشاط رغم وجوده في عالم الأتعاب والظلمة؟
وبقلب مليء بالمحبة ذهب إلى كل طبقات المجتمع مُسدداً الأعواز المختلفة والاحتياجات. فهذا الفريد لم يقف أمام تعاسة المجتمع والعالم الموقف السلبي وعزل نفسه عن العالم، بل لقد كان الرب يسوع إيجابياً لتخفيف أعباء المتعبين، متداخلاً في ظروفهم، مسبباً السعادة والخير لهم. فيا لروعة هذا الكامل في كل طرقه