عروسة النشيد اصدقاء المنتدى
عدد الرسائل : 5773 العمر : 37 تاريخ التسجيل : 27/10/2010
| موضوع: حِيَل الشيطان المجرِّب للأب متى المسكين الأربعاء 7 مارس 2012 - 15:27 | |
| حِيَل الشيطان المجرِّب للأب متى المسكين
التجربة الأولى:
انتبهوا دائماً لأعمال الشيطان! ولأن المسيح لم يُشِر إلى حادثة صومه وتجربته ويُعلِّق عليها بكلمة في الإنجيل، فصار لزاماً علينا أن نتأملها ونتعمَّقها لنرى ما هو لازم فيها أن نتبعه.
أما عناصرها الشيطانية الخطيرة فهي:
التشكيك: "إن كنت أنت ابن الله". هنا يحاول الشيطان أن يُشكك المسيح كما شكَّك حواء عندما قال لها: "أحقاً قال الله: لا تأكلا من كل شجر الجنة"، غشٌّ وخداعٌ وتشكيكٌ. وهكذا تماماً قال للمسيح وهو جائع: "إن كنت أنت ابن الله..."، وهنا يهمنا في كل تجربة أن نرى عنصر المناسبة، إذ تركه حتى جاع.
ولكن اسمحوا لي أن أقول الأصحَّ أنَّ المسيح جاع لكي يبتدئ الشيطان ويُجرِّب! بل ترك له الحجارة بشكلها المنفوخ والصغير كأنه بشكل الخبزة بالضبط، لأن الشيطان يهتم أن يجعل الأمور بهجة للعين، تماماً كما عمل مع حواء، إذ جعل الشجرة في نظرها "جيدة للأكل وأنها بهجة للعيون وأنها شهية للنظر" (تك 3: 6)؛ هكذا جعل الحجر بهذا الشكل، وهذا هو عنصر المناسبة. ولكن السهم المسموم ليس من السهل أبداً اكتشاف أين سيستقر. لذلك مَن يتأمل بعمقٍ، يقدر أن يدرك غاية الشيطان، إذ قال للمسيح: "قُل لهذا الحجر أن يصير خبزاً". حقاً، إنه عمل ليس صعباً على المسيح. لم يَقُل له أن يصنع ما هو أصعب: أن يُنزل لليهود منًّا من السماء، أو أن يجعل الصخرة تُفجِّر مياهاً. ولكن، إلى أين يريد الشيطان أن يوصِّل سهمه؟ إن السهم موجَّه إلى وصايا الله.
وما هي وصية الله هنا؟ بعد أن أخطأ آدم وأكل من الشجرة المحرَّم عليه الأكل منها، طرده الله وقال له: "بالتعب تأكل من الأرض... بعرق وجهك تأكل خبزاً". فالشيطان كأنه يريد أن يثني المسيح عن وصية الله، وفي هذه الحالة يكون الشيطان قد نجح في جعل المسيح ينقض وصايا الله. وبعد ذلك يكون للشيطان حق الاعتراض على كلام الله! أما المسيح - له المجد - فقد انتبه لهذه الحيلة، وتجاوز السهم الشيطاني كليَّة، وردَّ عليه: "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان" -ذلك لأن المسيح هو نفسه رب الحياة - ولكن "بل بكل كلمة من الله". وكأن المسيح يقول للشيطان: أنت جاهل ولا تدرك أن للإنسان حياتين: حياة بالجسد، وهذه لها الخبز؛ وحياة بالروح، وهذه لها كلام الله. وحياة الروح هي الأقوى والأسمى. وإذا عُرض علينا أن نضحِّي، فبالجسد وبخبز الجسد، ولا نضحِّي إطلاقاً بالروح وبخبز الروح.
"بل بكل كلمة"، لماذا؟ لأن كلمة الله قادرة أن تُحيي من الموت: "شاء فولدنا بكلمة لكي نكون باكورة من خلائقه." (يعقوب 1: 18)
رد المسيح: "مكتوب"، ذلك ليُنبِّه ذهننا أنَّ لا سلاح إطلاقاً ضد الشيطان إلاَّ بهذه الكلمة: "مكتوب". إذ لا يمكن أن تغلب الشيطان إلاَّ بكلمة الله، لا بالنسك، ولا بالجوع، ولا بتقطيع الجسد؛ لكن بكلمة الله، سيف الروح البتَّار الذي يستطيع أن يُنهي على كل تجربة آتية من جهة العدو. ولو رجعنا إلى كلام المسيح لوجدنا أن هذه الكلمة ليست غريبة عن كلامه: "الحياة أفضل من الطعام، لا تهتموا بما تأكلون ولا بما تشربون" (لو 12: 23، مت 6: 25). وفي موضع آخر: "اعملوا لا للطعام البائد، بل للطعام الباقي للحياة الأبدية الذي يُعطيكم ابن الإنسان." (يو 6: 27) ويسترعي انتباهنا في ردِّ المسيح قوله: "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان". فهنا يتكلَّم المسيح وهو ابن الله، إذ سأله الشيطان: "إن كنت أنت ابن الله"، ولكنه يتكلَّم كإنسان فيُعطينا النموذج الأمثل لكل إنسان في كيف يرد على الشيطان. والمسيح بهذا الرد صحَّح الخطأ الذي وقع فيه آدم وحواء، إذ سمعا لمشورة الشيطان وأكلا من الشجرة التي لمسها بيديه وحسَّنها في نظرهما بقدرته الخفية الخبيثة. وألغى المسيح قدرة الشيطان هذه جملةً وتفصيلاً. الدرس المستفاد من التجربة الأولى:
- أكذوبة الجوع التي يقولون عنها في المَثَل الدارج: "الجوع كافر"، هي من الشيطان فهي كلمة الشيطان، إذ يُعطي فرصة للجائع أن يسلك سلوك الخطاة فيسرق وينهب، فيقول له: "الجوع كافر". هذه هي مشورة الشيطان التي تتناقل على الأفواه والأقلام من جيل إلى جيل، وهي خطية. - تجربة الشهوة، شهوة الأكل، هي أول سلاح - كما يقول بستان الرهبان - إنها أول ضربة لآدم، ضربه بها وأوقعه. وهو نفس السلاح الذي انتزعه المسيح من الشيطان وردّه عليه، وأرداه صريعاً. إذا نجح الإنسان في أن يمسك بطنه وقت الجوع والصوم ويغلب، فسيغلب التجارب التي تأتي بعد ذلك، كما غلب المسيح.
| |
|