mifa20014 قلب المنتدى الطيب
عدد الرسائل : 31565 العمر : 52 تاريخ التسجيل : 08/05/2007
| موضوع: ناظرين إلي ما لايري الأحد 20 مايو 2012 - 15:02 | |
|
ناظرين إلي ما لايري السبت 19 مايو 2012 - 02:42 م
بقلم قداسة البابا شنودة الثالث قال القديس بولس الرسوللأن خفة ضيقتنا الوقتية تنشيء لنا أكثر فأكثر ثقل مجد أبديا, ونحن غير ناظرين إلي الأشياء التي تري, بل إلي التي لاتري, لأن التي تري وقتية, وأما التي لاتري فأبدية2كو4:18,17 فلنتأمل قليلا في هاتين الآيتين:
قال القديس بولس الرسوللأن خفة ضيقتنا الوقتية تنشيء لنا أكثر فأكثر ثقل مجد أبديا, ونحن غير ناظرين إلي الأشياء التي تري, بل إلي التي لاتري, لأن التي تري وقتية, وأما التي لاتري فأبدية2كو4:18,17 فلنتأمل قليلا في هاتين الآيتين: الضيقة الوقتية الأرضية هي من الأشياء التي تري أما مكافأتها في السماء أي المجد الأبدي فهو من الأشياء التي لاتري. وحينما تحل بك الضيقة:إلي من تلجأ؟إلي المعونة الأرضية التي تري أم إلي المعونة الإلهية التي لاتري؟ويقينا أن نتائجها لابد ستري... حينما أخذ أبونا إبراهيم ابنه الحبيب إسحق ليقدمه محرقة لله.كانت أمامه أشياء تري:هي المذبح والحطب والنار والسكين ولكنه كان ناظرا إلي مالايري إلي وعود الله الذي يمكنه أن يقيم من الأمواتعب11:19 وتحقق مالم يكن يراه وانقذ الله ابنه من الموت, إن الإيمان هو الإيقان بأمور لاتريعب11:1. هو الثقة بيد الله التي تعمل حتي إن كان عمله حاليا غير مرئي, هو الثقة بأن معونة الله قادمة حتي لو كانت هذه المعونة الإلهية حاليا من الأمور التي لاتري. يوسف الصديق-علي الرغم من كل ما فعله من خير-كان ملقي في السجن ولم يكن أمامه أمل يري في كل ما أمامه من أمور أرضية. ولكن يد الله التي لاتري كانت تعمل من أجله بطريقة لاتري وأمكنها إنقاذه بأسلوب ما كان يخطر علي بال ,وأخيرا قال لإخوته الذين أساءوا إليه:أنتم قصدتم لي شرا أما الله فقصد به خيراتك50:20. وبالفعل حول الله الشر إلي خير وكان ذلك الخير من الأمور التي لم تكن تري وقتذاك ولكنها في مشيئة الله الصالحة. في قصة إليشع النبي وتلميذه جيحزي والأعداء المحيطين بالمدينة. رأي جيحزي أولئك الأعداء فخاف أما إليشع النبي فكان ناظرا إلي مالا يري فرأي قوات الله التي تدافع عنهم فطمأن تلميذه قائلا لهلاتخف لأن الذين معنا أكثر من الذين معهموصلي إلي الله من أجل غلامه وقالافتح يارب عينيه فيبصر2مل6:17,16 حقا إن فتح الله أعيننا ورأينا ما لايري لاطمأنت قلوبنا بعمل الله من أجلنا وإن كنا لانراه لكن نؤمن به. تقدم داود-وهو فتي صغير-لمحاربة جليات الجبار.. الأمور التي تري كانت ذلك الجبار في جسمه الضخم وسلاحه المخيف وتهديداته المرعبة أما داود فكان ناظرا إلي مالايري إلي الله الذي سيدفع إلي يده هذا الجبار فقال لهالحرب للرب وهو يدفعكم إلي يدنافي هذا اليوم يحبسك الرب في يديأنت تأتيني بسيف ورمح وترس وأنا آتي إليك باسم رب الجنود1صم17:45-47. لم يكن داود ناظرا إلي الأشياء التي تري كالسيف والرمح والترس ولكنه كان ناظرا إلي رب الجنود الذي لايري.. وبهذا انتصر علي الجبار لإيمانه بالعمل الإلهي الذي لايري وتري نتائجه. ولو تأملنا تاريخ المسيحية لوجدناه تكرارا لهذه الصورة. لم يكن تلاميذ المسيح ناظرين إلي الأشياء التي تري فقد كانت كلها صعبة ومخيفة كان أمامهم كل القيادات اليهودية من رؤساء الكهنة والشيوخ والكتبة والفريسيين والصدوقيين, بكل مؤمراتهم وحقدهم والدولة الرومانية بكل سلطاتها,والعالم الوثني بكل آلهته وأصنامه ولكن تلاميذ المسيح لم ينظروا إلي هذه الأشياء التي تري,بل كانوا ناظرين إلي مالا يري:إلي الوعد الإلهي القائل ستنالون قوة متي حل الروح القدس عليكم...أع1:8وأيضا وعده الخاص بالكنيسة:إن أبواب الجحيم لن تقوي عليهامت16:18وبهذا أمكنهم أن يكرزوا ويعلموا ويقولوا ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناسأع5:29 وما حدث لتلاميذ المسيح,حدث لمارمرقس في مصر. عندما دخل مصر لم يكن ناظرا إلي مايري, فالأشياء التي تري كانت العبادات الفرعونية بكثير من الألهة تحت قيادة رع,ومثلها آلهة رومانية عديدة تحت قيادة جوبتر وآلهة يونانية تحت قيادة زيوس وعبادات أخري من الشرق, وسلطة الدولة الرومانية وكان مارمرقس لايملك شيئا...بل لم يكن له وقتذاك شعب ولا كنيسة ولا مكان إقامة ولا مورد مالي...ولكنه كان ناظرا إلي مالا يري وبه كون الشعب والكنيسة. مثال آخر للنظر إلي ما لايري هو الشهداء القديسون. ماذا كان أمامهم من الأشياء التي تري؟كانت أمامهم السجون والسلاسل والجلد وأدوات التعذيب الكثيرة والتهديدات والإغراءات وانتظار الموت...ولكنهم لم ينظروا إلي شيء من كل هذه الأمور التي تري بل كانوا ناظرين إلي مالايري:إلي السماء بكل أمجادها إلي الله الذي ينتظرهم هناك مع ملائكته وقديسيه...وبهذا احتملوا الآلام في فرح شاكرين... القديس أسطفانوس أول الشمامسة في أثناء رجمه:ما كان ناظرا إلي الأشياء التي تري:إلي الحجارة التي تنهال عليه وإلي راجميه الحاقدين عليه بل كان ناظرا إلي مالايري وهكذاشخص إلي السماء وهو ممتليء من الروح القدس...وقال:ها أنا أنظر السموات مفتوحة وابن الإنسان قائما عن يمين اللهأع7:56,55وغادر هذه الحياة وقد رأي مجد الله... النساك أيضا والسواح والمتوحدون كانوا ناظرين إلي مالايري. لم يهتموا بملاذ العالم المرئية ولم يشتهوا شيئا من أمور هذا العالم الذييبيد وشهوته معه1يو2:1لم ينظروا إلي الماديات التي تري.. بل إلي أمور الروح التي لاتري... لم يغرهم شيء مما علي هذه الأرض لأن الأرضيات من الأشياء التي تري بل علقوا أنظارهم في السماويات التي لاتري كانوا ناظرين إليمالم تره عين ولم تسمع به إذن ولم يخطر علي بال إنسان1كو2:9 وهذا هو الفرق بين الإنسان الروحاني والإنسان الجسداني. الإنسان الجسداني يهتم بالجسد وبالأشياء التي تتعلق بالجسد,وكلها من الأمور المادية التي تري وكلها أيضا من الأمور الزمنية التي لها زمن تنتهي فيه.. أما الإنسان الروحاني فيهتم بما للروح والروح لاتري والأمور المتعلقة بها لاتري أيضا... الإنسان الروحاني-لأنه لايشتهي شيئا من أمور العالم التي لاتري-لذلك صار أقوي من العالم كما قال القديس أوغسطينوس: جلست علي قمة العالم حينما أحسست في نفسي أني لا أشتهي شيئا ولا أخاف شيئا. الذي يشتهي الماديات تقيده الماديات إليها. أما الذي لاينظر إليها فإنه ينطلق من قيودها. ولذلك فهو لايخاف شيئا كما قال داود النبي للربإن سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شرا لأنك أنت معيمز23ولأنه ناظر إلي الله الذي لايري وشاعر بالإيمان أنه معه لذلك فهو لايخاف من وادي ظل الموت الذي يري. وهكذا فإن الإنسان الروحاني يثق أن معه قوة لاتري. وبهذه القوة يستطيع كل شيء وكما قال الربكل شيء مستطاع للمؤمنمر10:23مستطاع بالقوة العاملة فيه بالنعمة التي لاتري بالمسيح الذي يقويه كما قال القديس بولس الرسولأستطيع كل شيء في المسيح الذي يقوينيفي4:13هو ناظر إلي مالايري إلي المسيح الذي فيه ويقويه كما قالأحيا-لا أنا-بل المسيح يحيا فيغل2:20وكيف تثق أنه يحيا فيك؟هذا بلاشك من الأمور التي لاتري.. ولكني أري نتيجته في حياتي. والإنسان الروحي ينظر في حياته إلي شيء آخر لايري وهو البركة. منذ أن خلق الله الإنسان علي صورته منحه البركةتك1:28وماهي البركة؟إنها من الأمور التي لاتري ولكننا نري نتيجتها في حياتنا وأضرب لذلك مثالا بمعجزة الخمس الخبزات والسمكتين. بالنظر إلي الأشياء التي تري يبدو هذا القدر الضئيل من الطعام لاشيء في إطعام خمسة آلاف رجل ماعدا النساء والأطفال!مت14:21ولكن حيننا ننظر إلي مالايري:إلي بركة اللهع وقدرته فإن هذه الخبزات تكفي وتفيض... فلنؤمن إذن ببركة الله التي لاتري.. وللنظر علي الدوام إلي قوته التي لاتري,وسنري بكل يقين فاعلية ذلك في حياتنا. | |
|