رفع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الستار أمس الاثنين عن النصب التذكاري الذي اقيم فوق مبنى بي بي سي في وسط لندن، تخليدا لذكرى الصحافيين الذين لقوا حتفهم أثناء تأدية واجبهم في مناطق الصراعات والحروب.
وقال الأمين العام للمنظمة الدولية إن النصب تحية لكل أولئك الذين ضحوا بأرواحهم حتى يحصل الباقي على المعلومة.
والنصب عبارة عن منحوتة من الزجاج والفولاذ أبدعها النحات الإسباني خومي بلينسا، وأُطلق عليه إسم "تنفس".
وسيضيء النصب نصف ساعة كل ليلة، بتزامن مع نشرة الأخبار الرئيسية، وسيمتد الشعاع الضوئي المنبعث من النصب إلى علو كيلومتر، من موقعه فوق سطح مقر بي بي سي في قلب لندن.
وبهذه المناسبة يصف جيرمي بوين محرر منطقة الشرق الاوسط في بي بي سي كيفية تعامل الصحفيين مع الخطر كجزء روتيني من عملهم.
عندما يسأل معظم الصحفيين عما اذا كانت قصة اخبارية تستحق التضحية بحياتهم. فستكون اجابتهم بالقطع لا.
لكن لم اقابل صحفيا ابدا ( واعني هنا كل العاملين في مجال التغطية الخبرية ) يمضي لمباشرة عمله في منطقة مخاطر وهو يتوقع ان يموت.
ودائما ما تستوقفني احداث الساعات الاخيرة في حياة الصحفي عندما ارى الجثث في المشارح والشوارع الخلفية والمباني المهدمة وكل الاماكن الاخرى حيث غالبا ما يقضي الناس في اعمال العنف.
افكار صغيرة بل حتى تافهة تثور حول الحقيقة البشعة ان حياتهم انتهت.
ما الذي كانت عليه ملابسهم؟ هل كانوا يعتقدون انهم سيموتون عندما كانوا يرتدون جواربهم؟ والاربطة التي في احذيتهم عقدت بالاصابع التي هي الان ميتة. ما الذي كانوا يفكرون فيه عندما كانوا يقومون بذلك؟
ربما كان اليوم يمضي بشكل سيء بالفعل. هل كان الخوف يجد طريقه الى عقولهم ويحد من عزمهم؟ ام لم يكن لديهم اي فكرة عما سيحدث لهم؟
الاجابة هي انهم لم يتوقعوا ان يموتوا في بداية يوم مماتهم.
وكصحفي تعمل في منطقة خطر، يعتريك القلق انك قد ترتدي ملابسك للمرة الاخيرة كل صباح قبل ان تمضي للعمل، اذا فانت على الارجح في المهنة الخطأ.
انت في حاجة للالمام بالاخطار، وان تتخذ احتياطات، لكن ان تفعل ذلك برباطة جأش ربما لدرجة الانكار.
انت في حاجة لان تكون قادرا على التعامل مع الخطر، وان تكون ملما ببعض التدريب اذا كنت ستعمل في مملكة الوقت والخوف والتي يصفها جميس فنتون بشكل رائع في قصيدة كتبها بمناسبة النصب التذكاري للصحفيين.
ينبغي عليك ان تعتقد انك ستظل على قيد الحياة بسبب كونك حريصا، او بسبب ان خبرتك ستعينك على تجنب المهالك، وقد يعين ايضا كونك شابا وتشعر بالقوة وان الشمس ما زالت تسطع في السماء، وانك تعلم ان ذلك لا يمكن ان يحدث لك.
روحاني وفارح صحفيا بي بي سي اللذين قتلا مؤخرا
|
وعندما يتوقف الصحفيون عن الشعور بذلك، على الاقل البعض منهم، يجب عليهم ان يتوقفوا عن تغطية الحروب.
تزايد الاخطار معظم الصحفيين العاملين في مناطق الحروب لا يموتون ولا يصابون. لكن يحدث ذلك للبعض منهم، وفي هذه الايام يزداد عدد الذين يستهدفون الصحفيين بينما كانت المشكلة في الماضي كونك في المكان الخطأ في الوقت الخطأ.
ومع وجود الكثير من الاخطار خلال التغطية الخطرة، فان الحقيقة التعسة هي ان البقاء على قيد الحياة اثناء الحرب، حتى لاكثر الصحفيين خبرة، وافضلهم تدريبا يسلتزم كثيرا من الحظ.
وفي بعض الاحيان لا يتوافر هذا الحظ مطلقا. الصحفيون في حاجة لان يعرفوا انه اذا ذهبوا الى الاماكن التي يقتل فيها الناس فانهم قد يقتلوا ايضا.
يذكر ان بي بي سي فقدت مؤخرا صحفيين قتلا اثناء عملهما في افغانستان والصومال الشهر الجاري.
فقد عثر على عبد الصمد روحاني مقتولا رميا بالرصاص في ولاية هلمند جنوبي أفغانستان.
وقبل يومين من مقتل روحاني قتل مسلحون الصحفي نَسْتيح طاهر فارح الذي كان يعمل لصالح بي بي سي والأسوشييتد برس في جنوبي الصومال.
واختطف عبد الصمد روحاني يوم السبت وعثر على جثته مساء الأحد الثامن من يونيو/ حزيران في لاشكر غاه. وعمل روحاني في مكتب بي بي سي بكابول، وكان مراسلا لبي بي سي، القسم الباشتوني التابع للخدمة العالمية في هلمند.
وجاء في نعي بي بي سي لروحاني " لقد كانت شجاعته وتفانيه جزءا أساسيا في تغطية بي بي سي للشأن الأفغاني في السنوات الأخيرة".
وشهدت ولاية هلمند إحدى أسوأ موجات العنف التي تعصف بأفغانستان في ظل الحرب الدائرة بين حركة طالبان والقوات الدولية والأفغانية
وشهدت أفغانستان عدة هجمات على الصحفيين في أفغانستان خلال السنة الجارية، وتقول "هيئة إعلام جنوب آسيا" التي تتخذ من كابول مقرا لها إن خمسة صحفيين قتلوا عام 2007.