Ghada فنانـــــة المنتــــدى
عدد الرسائل : 16804 تاريخ التسجيل : 21/04/2007
| موضوع: :: الفضائل الظاهرة الجسدية :: الأربعاء 29 أكتوبر 2008 - 22:01 | |
| يغري الإنسان بالفضائل الظاهرة الجسدية ، بدلاً من الفضائل الروحية الخفية . ونقصد بالظاهرة ، الظاهرة لصاحبها ، وليس فقط الظاهرة للآخرين . وهذه الفضائل الظاهرة يمكن أن يلقبه بها في الإعجاب بالنفس والغرور ، أو يلقيه في احتقار الآخرين الذين لم يصلوا إلى نفس المستوي . وهذه الحرب يحارب بها الرهبان كما يحارب بها العلمانيين أيضاً . فإذا بدأ الراهب جهاده ، يجعله الشيطان يهتم بالصوم ، وبالمطانيات ، والسهر ، والصمت ، والإعتكاف . وكلها أمور ظاهرة .. وفي نفس الوقت لا يهتم بفضائل القلب من الداخل مثل الفرح والسلام والنقاوة والوداعة والهدوء ... ألخ . وفي الصوم يحارب بالأسلوب الجسداني ويترك الروحي . فيجعل كل اهتمام الصائم بفترة الإنقطاع وكم نتكون ، وبنوع الأكل ووجوب الإمتناع عن بعض مشتهيات ، والإقلال من كمية الماء التي يشربها . وكل هذه أمور جسدية ، ولا يشغل نفسه أبداً بالفضائل الروحية التي في الصوم مثل : انسحاق القلب ، وسمو الروح ، وضبط النفس في كل الأمور . والشيطان يعرف أن مثل هذا الصوم الجسدي قد لا يفيد الإنسان روحياً . ويستغل هذا الأمر فيما بعد ، لكي يبعده عن الصوم كلية . ونفس الوضع بالنسبة إلى المطانيات . المهم هو عددها ، ونمو هذا العدد باستمرار . أما أن الإنسان فيما يسجد ، تلصق بالتراب نفسه ( مز119 ) كما تلصق رأسه بالتراب ، فهذا ما لا يجعله يفكر فيه ! كذلك لا يجعله يهتم بالمشاعر الروحية يهتم بالمشاعر الروحية التي تصحب المطانيات ، وربما تصحبها ايضاً من صلوات ... وكل ما يقصده هو أن تتحول هذه المطانيات - على الرغم من كثرة عددها - إلى عمل جسداني يمكن أن يرهقة دون أن يفيده ، كما يلقيه به في المجد الباطل ! والوحدة أيضاً يهتم بمظهرها وليس بروحياتها . كإنسان يحيا الوحدة كطقس ، وليس كمنهج روحي يتميز بفضائل معينة ، فيها يكون الفكر منفرداً بالله في حب ، ويكون القلب قد مات كلية عن العالم . ولكن كثيراً ما يجعل الشيطان هذا المتوحد يقنع بمجرد سكني المغارة والبعد عن الدير ، ويملأ قلبه بالكبرياء والسخط على الدير ومن فيه ، دون الإهتمام بالعمل الروحي داخل المغارة . وكما قال ماراسحق " يوجد إنسان قد يسكن في القلاية خمسين سنة وهو لا يعرف طريقة الجلوس في القلاية " . وما ينطبق على الوحدة ، ينطبق على الصمت أيضاً . فالمفروض أن هدف الصمت ، و أن يريد الإنسان يبعد عن أخطاء اللسان ، ويعطي نفسه فرصة للحديث مع الله . أما أن يقنع الإنسان بمجرد الصمت ، فهذا عمل جسداني ظاهر . إذ أن كل الأخطاء التي يقع فيها بلسانه ، يمكن أن يقع فيها بفكرة مثل الإدانة والغضب والشتيمة والحدة ... ألخ . فإن كان قلبه خالياً في نفس الوقت من الحديث مع الله . يكون صمته بعيداً عن العمل الروحي . وبنفس الطريقة قد يقنع الإنسان باختيار البتولية . ويظن أن البتولية هي ذلك العمل الظاهر الذي هو عدم الزواج . وقد تكون نفسه غير بتوله ، وأفكاره دنسة . والعنصر الإيجابي في البتولية الذي هو توجيه الحب كله نحو الله ، قد لا يكون موجوداً أيضاً . وهكذا يكون قد أخذ من البتولية ظاهرها ، دون روحها ودون فاعليتها داخل القلب ... المفروض فينا أن نهتم بالعمل الروحي الداخلي ، فهو الأهم . والرب قد قال " يا إبني أعطني قلبك " ( أم23 : 26 ) . فيبدأ الإنسان بنقاوة القلب ، وبمحبة الله ، وبالفضائل الداخلية . ثم من القلب النقي تخرج الصلاة النقية والمطانيات الطاهرة ، والصوم الروحاني ، وكل فضيلة أخري ... والعجيب أن المهتم بالفضائل الظاهرة ، كثيراً ما يصطدم بأب اعترافه ، وربما يفكر في تغييره ، بينما حياته هو من الداخل ليست نقية أمام الله !
| |
|