Ghada فنانـــــة المنتــــدى
عدد الرسائل : 16804 تاريخ التسجيل : 21/04/2007
| موضوع: :: هز القيم والمبادئ :: الأربعاء 29 أكتوبر 2008 - 22:05 | |
| الشيطان يشن على العالم الآن حرباً فكرية ، يريد بها أن يقدم مبادئ جديدة ومفاهيم جديدة ، تخدم أعراضه التى يريدها . وفى هذه الرب يحاول أن يهدم القيم والتقاليد ، وكل المسلمات .
يشكك الناس فيها كلها . ويتهم كل من يتمسك بالتقاليد القديمة ، بأنه رجعى أو متخلف ، أو " دقة قديمة " غير متحضر !! كما لو كان القديم سبة ينبغى التخلص منها ! إنها ثورة من الشيطان على القيم ، وعلى العقائد أيضاً .
يريد الشيطان أن يكون تياراً عاماً خاطئاً ، كل من لا يسلك بمفاهيمه ، يهاجمه المجتمع ويتهكم عليه ! حتى أصبح كثير من المسلمات موضع جدل ونقاش ! ما هى الفضيلة ؟ وما هو الدين ؟ وما هو الدين ؟ وما هى الحقوق وما هى الواجبات ؟ بل ما هى العلاقة بين الأب وإبنه فى مفهوم الحرية ؟ لقد أعطى الشيطان فى حيلنا مفهوماً منحرفاً للحرية ...
أراد فى هذا المفهوم أن يقنع الإنسان بأنه حر يفعل ما يشاء ، ويعتنق ما يشاء من أفكار أو عقائد ، وينشرها ، بلا أى قيد على الإطلاق ، مهما كانت آراؤه أو معتقداته أو تصرفاته خاطئة ، ومهما كانت خطرة على المجتمع ... ! والمعروف أن الحرية المطلقة لا يوافق عليها أحد ... فالإنسان له أن يمارس حريته ، بحيث لا يعتدى على حريات وحقوق الآخرين ، وبحيث لا يسئ إلى المجتمع ، ولا يحطم ما فيه من قيم وأخلاقيات .
أما أن يمارس حرية بلا شروط ولا تحفظات ، فإن الحرية حينئذ ستكون مجالاً للإباحية والإستهتار ، ومجالاُ للإنحراف الفكرى ، دون ضابط ! وإن كان الله قد منح الإنسان حرية ، فإنه وضع له إلى جوار هذه الحرية وصايا ينفذها . كما أن الله سيحاسب الإنسان على مدى استخدامه لهذه الحرية ، ويعاقبه إن كان قد أساء بها إلى نفسه أو إلى غيره . والحرية المطلقة التى يدعو إليها الشيطان ، لها أخطار سلوكية وعقائدية :
فالأخطار السلوكية نذكر كمثال لها الحرية التى أراد أن يسلك بها الهيبز والبيتلز وبعض الوجوديين الملحدين . بحيث لا مانع من أن يسيروا عراة فى الطريق العام ، أو أن يمارسوا الجنس بلا خجل ، ويخدشوا حياء المجتمع ... ! ومثال لهذه الأخطاء أيضاً كل المناهج الإباحية ، وكل العثرات التى يصادفها المجتمع ، وتدفعه دفعاً إلى الفساد . ولا مانع عند الشيطان من ذلك ، باسم الحرية . وفى الواقع هذا خداع . فهناك مفهوم سليم للحرية من الناحية الروحية ... فالحرية الحقيقية هى أن يتحرر الإنسان من الداخل ، من الأخطاء :
يتحرر من الشهوات والرغبات الخاطئة ، ومن العادات المسيطرة عليه التى تفقده حرية إرادته . أما إن حقق الإنسان رغباته ونزواته بكل ما فيها من انحراف ، واستمر مستعبداً لها ، خاضعاً للجسد وللمادة التى تقوده ، فماذا ستكون النتيجة إذن ؟! حتماً إن العالم المستعبد لنزواته سيصل إلى كراهية الله الذى يقف ضد هذه النزوات . وهذه هى خطة الشيطان الماكرة ! أن يسعى إلى أن يكره الناس الله ، ويعتبرونه عدواً لهم ، لأنه يضيع حرياتهم ، ويلغى وجودهم ، ويقف ضد رغباتهم ... ! وبدلاً من أن يصححوا رغباتهم ويصيروا أنقياء ، فإنهم يتمسكون بهذه الرغبات ويعادون الله بسببها ! والشيطان أيضاً ينشر حرية بلا قيد في الفهم اللاهوتي .
بحيث أن كل إنسان يفسر الكتاب كما يشاء ، ويفهم منه ما يشاء ، وينشر ما يفهمه . وبهذا تتبلبل الأذهان وسط مفاهيم خاصة . وأمكن بهذه الحيلة أن توجد مئات المذاهب داخل المسيحية . سببها هذه الحرية الخاطئة التي يقولون فيها إن كل إنسان له حرية الإعتقاد دون الخضوع لسلطة دينية !! إن الكنيسة لها إيمان واحد . وليست هي مجموعة متناقضات . هذا الإيمان علم به الكتاب المقدس ، فقال " رب واحد ، إيمان واحد " ( أف4 : 5 ) . ولجمهور المؤمنين " قلب واحد ، ونفس واحدة " ( أع4 : 32 ) .
والكنيسة هي جسد واحد ، مهما تعددت أعضاؤه ، وهذا الجسد رأسه المسيح ( أف5 : 23 ) . ومادام راسها هو المسيح ، فباستمرار لها فكر المسيح ( 1كو2 : 16 ) . وفكر المسيح واحد لا تناقض فيه . فماذا إذن عن حرية الإعتقاد ؟ ما حدودها ؟ نحن لا نعارض أن كل إنسان له حرية الإعتقاد . ومحال أن يعتقد شيئاً على الرغم منه . فالذى له اعتقاد الكنيسة يصير عضواً فى الكنيسة . ومن ليس له اعتقادها يبقى خارجاً عنها ، بكامل حريته . ويبقى للكنيسة إيمانها الواحد . والكنيسة لا تعتدى على حرية أحد ، ولا ترغمه على الأيمان . ولكن : ليس لأحد أن يدعى عضويته فى كنيسة لا يؤمن بمعتقداتها .
وهنا يكون دفاع الشيطان عن الحرية لا معنى له . فالحرية موجودة . ولكن كل من يقبل أن يكون عضواً فى كنيسة عليه أن يلتزم بعقائدها . وهذا أمر بدهى . فإن لم يلتزم بعقائدها ، يكون قد خرج منها بإرادته . وينطبق عليه قول القديس يوحنا الحبيب " منا خرجوا . ولكنهم لم يكونوا منا . لأنهم لو كانوا منا ، لبقوا معنا " ( 1يو2 : 19 ) . نقول هذا ، لأنه باسم حرية الإعتقاد ، نجد أنه في بعض كليات اللاهوت ، في جهات كثيرة من العالم ، يدرس المحاضرون ما يشاءون دون الإلتزام بعقيدة الكنيسة التي ينتمون إليها ، أو التى يدرسون عقائدها . فيدخل الأستاذ إلى المحاضرة ، ويقول الذي يعجبه ! وهكذا وجد في بعض الكليات أساتذة لاهوت ملحدون !! وأفلح الشيطان ، باسم الحرية الزائفة ، أن يضرب ضربته وينجح !!
أما الكنيسة المقدسة الجامعة الرسولية ، الملتزمة " بالإيمان المسلم لنا من القديسين " ( ية3 ) ، فلم تسمح بهذا مطلقاً ، بل كانت تحكم بحرم المبتدعين والمنحرفين وإخراجهم ، لكي تبقي الكنيسة بإيمان واحد ، تسلمه سليماً للأجيال المقبلة . وهكذا قال القديس بولس الرسول في قوة : " إن بشرناكم نحن ، أو ملاك من السماء ، بغير ما بشرناكم به ، فليكن أناثيما " ( غل1 : 8 ) . وقال القديس يوحنا الحبيب " إن كان أحد يأتيكم ، ولا يجئ بهذا التعليم ، فلا تقبلوه في البيت ، ولا تقولوا له سلام . لأن من يسلم عليه يشترك في أعماله الشريرة " ( 2يو10 ، 11 ) . إنه حزم شديد من أكثر الرسل حديثاً عن المحبة . لذلك كانت الكنيسة حريصة على الإيمان ، تدافع عنه ضد أي انحراف . ولا تقبل مطلقاً أي انحراف إيماني يدخل إلى الكنيسة باسم الحرية ! لينشر أفكاراً خاصة ... ! لذلك فإن الشيطان لا يقبل سلطان الكنيسة ، ويحارب السلطان الكهنوتي .
خذوها قاعدة ثابتة على مدي أجيال التاريخ : كل من ينحرف في عقيدته ، إذا لم يتب ، لابد أن يحارب السلطان الكهنوتي ، أي يحارب القوة التي تحكم على انحرافه بسلطان من الله ( متى18 : 18 ، يو20 : 23 ) . ولما كان الشيطان ينشر أفكاره وانحرافاته في كل ميدان ، وليس في محاربة الكنيسة وحدها ، لذلك فقد لجأ الشيطان إلى حيلة معروفة وهي : الوقوف ضد السلطة عموماً ، في كل مجالاتها ... ويقصد طبعاً أن يقف ضد كل سلطة سوف لا تقبل الإنحراف أو الخطأ ، بل تحاربه وتمنعه أو تعاقبه ، وذلك لكي يستمر الخطأ ...
فهو يحارب سلطة الأب في الأسرة ، دفاعاً عن شخصيته الأبناء ! وهو يحارب سلطة المعلم في الكلية أو المدرسة ، لخلق جيل قوي ! وهو يحارب سلطة الدولة ، باسم الديمقراطية وحقوق الشعب ! وهو أيضاً يحارب سلطة الله ، لكي يشعر الإنسان بوجوده هو ! وبالتالي يحارب سلطة الإكليروس ، كوكلاء لله على رعيته ( تى1 : 7 ) .
الشيطان لا يريد وجود رقيب يضبط الأخطاء ويقومها . بينما الله يقول " قد جعلتك رقيباً ... فاسمع الكلمة من فمي ، وانذرهم من قبلي " ( حز3 : 17 ) . يريد الشيطان أن تبقي كل الأمور ، بلا ضابط ، بلا رقيب ، بحرية طائشة ، كما يقول الكتاب عن عهد القضاة : ولم يكن ملك في إسرائيل في تلك الأيام . وكان كل واحد يفعل ما يحسن في عينيه " ( قض17 : 6 ) ... كل واحد يعمل ما يعجبه ، وينشر ما يعجبه من آراء ومعتقدات . وإن وقفت ضده سلطة يهاجمها ، بل يهاجم مبدأ السلطة عموماً !! وهذه خطة الشيطان ... ومن ضمن خطط الشيطان أيضاً :
قد يكون التيار العام كله خاطئاً ، يوعوك الشيطان أن تخضع لهذا التيار ، وتكون مثله ! وقد يهمس في أذنيك : الكل هكذا ... لماذا تشذ أنت ، ويكون لك أسلوب خاص ؟! والجواب أننا نتبع الحق أياً كان موقعه ، في جانب الأغلبية أو الأقلمية . فإن كانت أغلبية الناس في خطأ ، فإننا لا نتعبها . وهكذا فعل أبونا نوح : كانت كل الناس في عهده أشراراً ، وكان هو وحده البار مع أسرته . ما أسهل أن تكون الغالبية كلها مخطئة ، أو الجيل كله .
الغالبية في وقت الصلب كانت مخطئة وصاحت أصلبه أصلبه ( لو23 : 21 ) . بل الجيل كله ، قال عنه السيد المسيح " جيل فاسق وشرير " ( متى12 : 39 ) . وغالبية الناس أيام آخاب الملك ، كانت تعبد الأصنام ، إلا سبعة آلاف ركبة فقط من بين مئات الآلاف ( 1مل19 : 18 ) . وفي أيام موسى النبي ، حكم الرب على الشعب كله بأنه متمرد وصلب الرقبة ، ولم يدخل منه إلى أرض الموعد إلا إثنان فقط هما يشوع بن نون ، وكالب بن يفنه ( عد14 : 20 - 30 ) . وإن رجل الله الثابت في وصاياه ، هو الذي ينشد قائلاً :
سأطيع الله حتى لو أطعت الله وحدي
ولكن الشيطان يدفع دفعاً في التيار العام بطرق شتى :
أحياناً يجعل الناس يجارون الخطأ من باب المجاملة ، أو من باب الخجل ، أو من باب التقليد ، أو خوفاً من تهكم الناس ومن تعييرهم ، أو نتيجة لضغط الظروف الخارجية وإلحاح الآخرين . أو أن يقول لهم الشيطان " هذه المرة فقط ، ولن تتكرر " ! ثم تتكرر طبعاً .. أو أن شخصاً قد يجاري التيار خضوعاً لسلطة أقوي منه أو خضوعاً لرئاسة ... وقد يجاري التيار جهلاً . وقد يقول له الشيطان :
هل من المعقول أن يكون كل الناس مخطئين : وأنت الوحيد المصيب ؟! هل من المعقول أن كل هؤلاء يعرفون أين يوجد الخير والحق ، وأنت الوحيد الذي تعرف ؟! إتضع يا أخي ... ( ويتضع ) الأخ ! وينجرف في التيار . وقد يسير في التيار نتيجة لصداقة أو صحبه خاطئة إستطاعت أن تؤثر عليه وتجذبه إلى طريقها ، كما سار سليمان الحكيم في طريق نسائه ( 1مل11 : 4 ) .
وقد يخضع الإنسان للتيار نتيجة لضعف شخصيته ... والعجيب أن أهل العالم يكونون أقوياء جداً في دفاعهم عن طريقهم الخاطئ ، وفي سخريتهم من أولاد الله الذين لا يجارونهم . ويظلون ينعونهم بشتي النعوت ، حتى يضعف هؤلاء ويخضعون ... ! يا للأسف ... إن أولاد الله يجب أن يكونوا أقوياء في مبادئهم ، ثابتين راسخين ، لا يتزعزعون أما تهكمات الأشرار . وليتذكروا قول الكتاب : " لا تشتركوا في أعمال الظلمة غير المثمرة ، بل بالحرى وبخوها " ( أف5 : 11 ) . فإن لم يستطيعوا أن يوبخوا أعمال الظلمة ، فعلي الأقل لا يشتركون فيها .. وليكن لهم أسلوبهم المميز في الحياة ، الذي قال عنه القديس يوحنا الحبيب " بهذا أولاد الله ظاهرون ، وأولاد إبليس ( ظاهرون) ( 1يو3 : 10 ) . وكما قيل " من ثمارهم تعرفونهم " ( متى7 : 16 ) . وقيل أيضاً " لغتك تظهرك " ( متى26 : 73 ) . وقد قال القديس بولس الرسول عن عدم الخضوع للتيار العام : " لا تشاكلوا هذا الدهر " ( رو12 : 2 ) . أي لا تصيروا شكله . لا تصيروا مثله . لأن شكلكم معروف ، فأنتم صورة الله ومثاله . وما أجمل قول الله في ذلك " نعمل الإنسان على صورتنا ، كشبهنا " ( تك1 : 26 ) . فكيف تتنزل عن صورتك الإلهية ، لتصير كصورة عالم ساقط منحرف . إن دانيال والثلاثة فتية ، كانوا أقوي من التيار العام .
ليس فقط في انفرادهم عنه بعبادة إلههم ، حتى لو أدي الأمر أن يلقي دانيال في جب الأسود ، ويلقي الثلاثة فتية في أتون النار ... بل حتى منذ بدء تعيينهم في قصر الملك ، إذ رفضوا الطعام الملكي ، ولم يأكلوا مع سائر الفتيان . وما أجمل قول الكتاب " أما دانيال فجعل في قلبه أن لا يتنجس بأطايب الملك ولا بخمر مشروبه " ( دا : 8 ) . صمم دانيال والثلاثة فتية على هذا الأمر ، مع أنهم كانوا أسري حرب ، وتحت سلطان ، يخدمون وهم عبيد في قصر الملك . ولكن قلوبهم وأرواحهم كانت حرة طليقة ، لا تخضع للتيار العام ، بل لمشيئة الرب . لذلك كن شجاعاً ، وصحاب مبدأ ، قاوم التيار العام إذا أخطأ .
لا تخضع للشيطان وكل نصائحه ، بل وكل مخاوفه . وارفض الخطأ مهما رأيت كباراً يسيرون فيه ! وإن وجدت الذين يسيرون في طريق الحق قليليين ، فلا يضعف قلبك . فهذه هي القلة المختارة . وقد قال الرب " ما أضيق الباب وأكرب الطريق الذي يؤدي إلى الحياة . وقليلون هم الذين يجدونه " ( متى7 : 14 ) . واعلم أنه : لو وقعت الغالبية في الخطأ ، فهذا لا يجعل الخطأ صواباً .
الخطأ هو الخطأ . ووقوع الأغلبية فيه لا يبرره . والمعروف أن الصواب طريقه صعب ، وقد لا يستطيعه كل الناس ، بل القلة المتميزة بمبادئها . فإن وجدت الشيطان قد ألقي الكل في الخوف ، لا تخف أنت . وإن وجدت الغالبية تعلمت التملق والرياء ، فلا تكن أنت كذلك . وإن وجدت الكل قد استعملوا أساليب العالم في لهوه وترفيهاته ورفاهيته وأزيائه ، فلا تكن كذلك . وإن وجدت لغة الناس قد تغيرت ، وأصبحت ليست كذي قبل ، فلتكن أنت بنفس لغتك الأولي . وإن ضعفت مقاومتك للتيار ، فقل مع المرتل في المزمور : نجنا يارب من هذا الجيل ، وإلى الأبد آمين " ( مز12 : 7 ) . والرب قادر أن ينجيك من التيار العالم ، فلا يجرفك . | |
|