لماذا جاء السيد المسيح إلى
عالمنا
لقداسة البابا شنودة
الثالث
هذا يوضحه الإنجيلى بقوله: "لأن أبن الإنسان قد
جاء لكى يطلب ويخلص ما قد هلك" (لو10:19) وهذ1 يعنى الخطاة الهالكين. ولماذا جاء
يخلصهم؟ السبب أنه أحبهم على الرغم من خطاياهم!! وفى هذا يقول الكتاب: "هكذا أحب
الله العالم حتى بذل أبنه الوحيد, لكى لا يهلك كل من يؤمن به, بل تكون له الحياة
الأبدية" (يو16:3). أذن هو حب أدى إلى البذل, بالفداء.
قصة ميلاد المسيح إذن, هى فى جوهرها قصة حب.
أحب الله العالم, العالم الخاطئ , المقهور من الشيطان, المغلوب من
الخطية……العالم الضعيف العاجز عن أنقاذ نفسه! أحب هذا العالم الذى لا يفكر فى حب
نفسه حباً حقيقياً, ولا يسعى إلى خلاص نفسه……بل العالم الذى فى خطيته أنقلبت أمامه
جميع المفاهيم والموازين, فأصبح عالما ضائعاً. والعجيب أن الله لم يأت ليدين هذا
العالم الخاطئ, بل ليخلصه، فقال: "ما جئت لأدين العالم, بل لأخلص العالم"
(يو47:12). لم يأت ليوقع علينا الدينونة, بل ليحمل عنا الدينونة. من حبه لنا وجدنا
واقعين تحت حكم الموت, فجاء يموت عنا. ومن أجل حبه لنا, أخلى ذاته, وأخذ شكل العبد,
وصار إنساناً.
كانت محبة الله لنا مملوءة أتضاعاً, فى
ميلاده, وفى صلبه
فى هذا الأتضاع قبل أن يولد فى مذود
بقر, وأن يهرب من هيرودس, كما فى إتضاعه أطاع حتى الموت, موت الصليب, وقبل كل
الآلام والإهانات لكى يخلص هذا الإنسان الذى هلك.
رأى
الرب كم فعلت الخطية بالإنسان!!! فتحنن عليه…..
كان
الإنسان الذى خلق على صورة الله ومثاله قد أنحدر فى سقوطه إلى أسفل, وعرف من
الخطايا ما لا يحصى عدده, حتى وصل إلى عبادة الأصنام "وقال ليس إله"….."الجميع
زاغوا وفسدوا معاً" (مز 1:14-3)….. ووصلت الخطية حتى إلى المواضع المقدسة.
الإنسان وقف من الله موقف عداء. ورد الله على العداء
بالحب
فجاء فى محبته "يطلب ويخلص ما قد هلك".
وطبعاً الهالك هو الإنسان الذى عصى الله وتحداه,
وكسر
وصاياه, وبعد عن محبته, "وحفر لنفسه آباراً مشققة لا تضبط ماء" (أر 13:2)……ولكن
الله – كما أختبره داود النبى "لم يصنع معنا حسب خطايانا, ولم يجازنا حسب أثامنا,
وإنما….كبعد المشرق عن المغرب, أبعد عنا معاصينا" (مز10:103-12). ولماذا فعل هكذا؟
يقول المرتل: "لأنه يعرف جبلتنا. يذكر أننا تراب نحن" (مز 14:103).
حقاً إن الله نفذ (محبة الأعداء) على أعلى مستوى….
جاء الرب فى ملء الزمان, حينما أظلمت الدنيا كلها, وصار
الشيطان رئيساً لهذا العالم(يو30:14) وأنتشرت الوثنية, وكثرت الأديان, وتعددت
الآلهة…. ولم يعد للرب سوى بقية قليلة, قال عنها إشعياء النبى:"لولا أن رب الجنود
أبقى لنا بقية صغيرة, لصرنا مثل سدوم وشابهنا عمورة"(إش9:1)
وجاء الرب ليخلص هذا العالم الضائع, يخلصه من الموت ومن الخطية.وقف
العالم أمام الله عاجزاً, يقول له: "الشر الذى لست أريده, إياه أفعل"…… "ليس ساكنا
فى شئ صالح" ……[size=21]"أن أفعل الحسنى لست أجد" (رو 17:7-19). أنا
محكوم على بالموت والهلاك. وليس غيرك مخلص (إش 11:43). هذا ما تقوله أفضل العناصر
فى العالم, فكم وكم الأشرار الذين يشربون الخطية كالماء, ولا يفكرون فى
خلاصهم!!