Ghada فنانـــــة المنتــــدى
عدد الرسائل : 16804 تاريخ التسجيل : 21/04/2007
| موضوع: درجات وأنواع من الايمان الأربعاء 3 ديسمبر 2008 - 18:56 | |
| " كما قسم الله لكل واحد نصيباً من الإيمان " . ( رو12 : 3 ) .
يختلف الناس في نوعية إيمانهم ودرجته حسبما " قسم الله لكل واحد نصيباً من الإيمان " (رو 12 : 3 ) . وقد يبالغ البعض ، وإذ يجد إنسان ناقصاً في إيمانه ، يقول عنه إنه غير مؤمن على الإطلاق . وهذا الحكم ضد تعليم الكتاب المقدس كما سنرى . والبعض قد يخلط بين كلمة ( المؤمنين ) وكلمة ( المختارين ) ، كما لو كانتا تدلان على معني واحد . فلنتأمل إذن أنواع الإيمان ودرجاته : 1 – هناك نوع " حديث الإيمان " وهذا قد أمر الرسول بعدم سيامته في درجة الأسقفية " لئلا يتصلف " ( 1تى 3 : 6 ) . 2 – وهناك نوع " قليل الإيمان " أو " ضعيف الإيمان " . وسنضرب أمثلة من الإنجيل لهذا النوع : أ – الذين يشكون في عناية الرب بهم في المأكل أو الملبس . هؤلاء ضرب الرب لهم مثلاً بزنابق الحقل التي ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها . ثم وبخهم قائلاً " فإن كان عشب الحقل الذي يوجد اليوم ويطرح غداً في التنور ، يلبسه الله هكذا ، أفليس بالحري يلبسكم أنتم يا قليلي الإيمان ؟! " ( متى 6 : 28 – 30 ، لو 12 : 28 ) . ب – كذلك وبخ التلاميذ لما فكروا أنهم لم يأخذوا معهم خبزاً ، فانتهرهم قائلاً " يا قليلي الإيمان " (متى 16 : 8 ) . ج – ووبخ الرب القديس بطرس لما خاف بعدما مشى معه على الماء فبدأ يغرق حينئذ أمسكه الرب قائلاً له " يا قليلي الإيمان ، لماذا شككت ؟ " ( متى 14 : 31 ) . د – وبالمثل وبخ التلاميذ لما خافوا حينما غطت الأمواج السفينة أثناء نومه فيها . حينئذ قال لهم " ما بالكم خائفين يا قليلي الإيمان " ( متى 8 : 26 ) . إذن الخوف ، والشك في معونة الله دليلان على قلة الإيمان . هـ – وقد ضرب الرسول مثلاً في ضعف الإيمان بالأخ الذي يعثر من أكل ما ذبح للأوثان . وأمر بأن ضعف الإيمان لا يجوز إدانته ولا الإزدراء به ، وقال " هو لمولاه : يثبت أو يسقط . ولكنه سيثبت لأن يثبته " ( رو 14 : 1 – 4 ) . هنا ويعجبني والد الطفل المصروع ، لما سأله الرب " أتؤمن ؟ " لكي يشفيه . حينئذ أجاب " أؤمن يارب . أعن عدم إيمان " ( مر9 : 24 ) . إن الإيمان الضعيف يحتاج إلى من يصلي لأجله ، لكي يعينه الرب . ولا يجب مطلقاً أن نزدريه . فالله قادر أن يثبته . 3 – هناك نوع ثالث : هو الإيمان المحدود : ونقصد به الذي يؤمن بالرب في حدود معينة ، ولا يصل إيمانه إلى ما هو أبعد منه … مثال ذلك مريم ومرثا ، اللتان كانتا تؤمنان أن الرب يقدر أن يشفي أخاهما من المرض فلا يموت . أما إن مات ، فقد كانت إقامته من الأموات أمراً لم يكن إيمانهما قد وصل إليه . لذلك كل منهما قالت للرب " لو كنت ههنا ، لم يمت أخي " ( يو 11 : 21 ، 32 ) . ولما قال الرب لمرثا " سيقوم أخوك " أجابته " أنا أعلم أنه سيقوم في القيامة في اليوم الأخير " ( يو 11 : 24 ) . ولما ذهب الرب إلى القبر وقال " إرفعوا الحجر " قالت مرثا " ياسيد قد أنتن ، لأن له أربعة أيام " ( يو 11 24 ) . إن الله لم يرفض هذا الإيمان المحدود ، إنما أعطاه فرصة لينمو . لذلك لمرثا " من آمن بي ، ولو مات فسيحيا " . ووبخها عند القبر قائلاً " ألم أقل لك إن آمنت ترين مجد الله " (يو 11 : 20 ، 40 ) . وأعطاها فرصة أن ترى مجد الله في إقامة أخيها لعازر ، لتؤمن أيضاً اليهود الذين شهدوا المعجزة . وهنا كان الإيمان لاحقاً للمعجزة ، وليس سابقاً لها . وربما كان ذلك لأن تلك المعجزة كانت الأولى من نوعها ، أي إقامة ميت بعد أربعة أيام من موته ، بعد أن أنتن . 4 – نوع رابع ، من الإيمان الضعيف ، هو البطيء القلب في الإيمان . وربما يكون عن بطء في الفهم ، أو عن عدم إدراك ، فلا يأتي إيمانه سريعاً . وكان هذا هو نوعية إيمان تلميذي عمواس من جهة قيامة الرب . ولذلك وبخها قائلاً " أيها الغبيان والبطيئا القلوب في الإيمان بجميع ما تكلم به الأنبياء . أما كان ينبغي أن المسيح يتألم … " ( لو 24 : 25 ، 26 ) . ثم بدأ يشرح لهما الأمور المختصة به في جميع الكتب … لكي يؤمنا ، أو لكي يعالج هذا البطء في إيمانهما ، الناتج عن عدم فهم أو عدم معرفة . وفي هذا المثال أيضاً نقول : إن علاج الأخطاء الخاصة بالإيمان ، هو الوضع السليم . وهذا أفضل من الإزدراء أو التحقير الذي لا يأتي بنتيجة ولا يوصل إلى الإيمان السليم . 5 – وهناك حالة خطيرة هي الإيمان الميت : فقد قال القديس يعقوب الرسول " الإيمان بدون أعمال ميت " ( يع 2 : 20 ، 17 ) . وقال إن مثل هذا الإيمان لا يقدر أن يخلص صاحبه ( يع 2 : 14 ) . ورأي أن الإيمان الحي ينبغي أن تكون له أعمال تدل عليه ، فقال " أنا أريك بأعمالي إيماني " ( يع 2 : 18 ) . 6 – هناك أيضاً إيمان غير ثابت : مثال ذلك أن السيد المسيح ( قبيل القبض عليه ) قال لتلميذه بطرس " هوذا الشيطان طلبكم لكي لا يفني إيمانك " ( لو 2 : 18 ) . في ذلك الوقت إهتز إيمان بطرس ، لكنه عاد بعدئذ إلى قوته الأولى . 7 – وهناك حالات وصفها الكتان بأنها خروج عن الإيمان السليم . ومنها : أ – قال القديس بولس الرسول " إن كان أحد لا يعتني بخاصته ، ولا سيما أهل بيته فقد أنكر الإيمان ، وهو شر من غير المؤمن " ( 1تي 5 : 8 ) . ب – وقال عن الأرمل الحدثات اللاتي يرجعن في نذرهن للبتولية " أرفضهن ، لأنهن متى بطرن على المسيح ، يردن أن يتزوجن . ولهن دينونة ، لأنهن رفضن الإيمان الأول " ( 1تي 5 : 12 ) . ج – وقال كذلك " محبة المال أصل كل الشرور . الذي إذا ابتغاه قوم ، ضلوا عن الإيمان ، وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة " ( 1تي 6 : 10 ) . د – وقال " إحفظ الوديعة ، معرضاً عن الكلام الباطل الدنس … الذي إذ تظاهر به قوم ، زاغوا من جهة الإيمان " ( 1تي 6 : 21 ) . هل بعد هذه الأمثلة نستطيع أن ننكر علاقة الإيمان بالأعمال ؟! لأنه هنا بعمل خاطئ يقال إن إنساناً أنكر الإيمان ، أو رفض الإيمان ، أو ضل أو زاغ عن لإيمان … لعلنا بأمثال هذه المقاييس نمتحن أنفسنا ، عملاً بقول الرسول " إختبروا أنفسكم : هل أنتم في الإيمان " ( 2 كو13 : 5 ) . 8 – أخطر حالة هي " الارتداد عن الإيمان " : يقول الرسول " في الأزمنة الأخيرة يريد قوم عن الإيمان تابعين أرواحاً مضلة " ( 1تي 4 : 1 ) . وعبارة الارتداد عن الإيمان ، تعني أنهم كانوا في الإيمان ثم ارتدوا ويتحدث الرسول عن الارتداد العظيم الذي يسبق مجيء المسيح فيقول إنه " لا يأتي إن لم يأت الارتداد أولاً " ( 2 تس 2 : 3 ) . هذا من الجهة العامة ، أما عن الناحية الفردية فيقول " أما البار فبالإيمان يحيا . وإن ارتد لا تسر به نفسي " ( عب 10 : 38 ) . وهنا يتكلم عن ارتداد إنسان مؤمن بار كان بالإيمان يحيا . مادام المؤمن يمكن أن يريد ، إذن المؤمنون هم غير المختارين . فالمختارون يبقون على إيمانهم كل حياتهم ، حتى ملاقاة الرب … كل ما ذكرناه في الأنواع السابقة ، هو عن السلبيات في الإيمان . نتابع كلامنا إذن عن الإيجابيات الإيمانية . 9 – النمو في الإيمان : يقول القديس بولس الرسول لأهل تسالونيكى " نشكر الله كل حين من جهتكم أيها الأخوة … لأن إيمانكم ينمو كثيراً " ( 2 تس 1 : 3 ) . وقال عن أهل كورنثوس إنهم يزدادون في الإيمان ( 2 كو8 : 7 ) . إذن الإيمان فضيلة كسائر الفضائل ، يمكن أن ينمو فيها الإنسان … 10 – حفظ الإيمان والثبات فيه : يقول الرسول عن نفسه في أواخر حياته ، ووقت انحلاله ، ووقت انحلاله قد حضر " … أكملت السعي ، حفظت الإيمان . وأخيراً وضع لي إكليل البر " ( 2تي 4 : 7 ،8 ) . ويقول لأهل كولوسى " … ليحضر كم قديسين وبلا لوم ولا شكوى أمامه ، إن ثبتم على الإيمان … " ( كو1 : 23 ) . وأقوى من الثبات في الإيمان ، تعبير آخر هو : 11 – الرسوخ في الإيمان : يقول القديس بطرس الرسول عن محاربات إبليس " … فقاوموه راسخين في الإيمان " ( 1بط5: 9) . وهناك درجة أخرى من الإيمان هي : 12 – الغني في الإيمان : يقول القديس يعقوب الرسول " أما اختار الله فقراء العالم أغنياء في الإيمان ، وورثة الملكوت الذي وعد به الذين يحبونه " ( يع 2 : 5 ) . وهناك درجة أزيد من الغني في الإيمان وهي : 13 – الامتلاء من الإيمان : قيل عن القديس اسطفانوس أول الشمامسة " فاختاروا اسطفانوس رجلاً مملوءاً من الإيمان والروح القدس " ، " وأما اسطفانوس فإذ كان مملوءاً إيماناً وقوة ، كان يصنع عجائب وآيات عظيمة … " (أع 6 : 5 ،8 ) . كل هذه الصفات تقال عن حالة لازمة للإيمان هي : 14 – الإيمان العامل بالمحبة : يقول القديس بولس الرسول " في المسيح يسوع ، لا الختان ينفع شيئاً ولا الغرلة ، بل الإيمان العامل بالمحبة " ( غل 5 : 6 ) . ولعله ذكر عبارة الإيمان بدون أعمال ميت ( يع 2 : 20 ) . أما عبارة المحبة ، فلأنه بها يتعلق الناموس كله والأنبياء ( متى 22: 40) . وهناك نوع عظيم من الإيمان هو : 15 – الإيمان الذي يصنع العجائب : تحدث السيد الرب عن " آيات تتبع المؤمنين " ( مر16 : 17 ) . وقال القديس يعقوب الرسول " صلاة الإيمان تشفي المريض " (يع 5 : 15 ) . ولكن لعل قمة هذا الأمر تبدو في قول الرب " كل شئ مستطاع للمؤمن " (مر 9 : 22 ) . ولعل هناك نوعاً آخر ، ليس لصانع الأعجوبة ، إنما للذي يتقبلها وهو : 16 – إيمان الثقة والتصديق : وهو الذي كان يتطلبه الرب ممن تحدث معه المعجزة . وأحياناً يسأله " أتؤمن؟ " . وكما قال للأعميين اللذين طلباً منه الشفاء " أتؤمنان أنى أقدر أن أفعل هذا ؟ " ( متى 9 : 28 ) . وقد طوب الرب هذا النوع من الإيمان ، مثلما قال للمرأة الكنعانية " عظيم هو إيمانك " ( متى 15 : 28 ) . ومثلما قال عن قائد المائة " لم أجد ولا في إسرائيل إيماناً بمقدار هذا " ( متى 8 : 10 ) . 17 – كل الإيمان : يقول القديس بولس الرسول " إن كان لي كل الإيمان حتى أنقل الجبال … " فاعتبر أن هذا الإيمان الذي ينقل الجبال ، هو كل الإيمان ، أي قمته ، ولا شئ بعده .
هناك فرق كبير بين نوعين من الإيمان : إيمان نظري ، وإيمان عملي . 1 – الإيمان النظري ( العقلي ) : هو إيمان فكرى ، فلسفي . مجرد الاقتناع العقلي بوجود الله ، وبوجود الأمور التي لا ترى دون أن يكون لذلك أي تأثير على الحياة . وهناك نص يثبت أن الشياطين لهم هذا النوع من الإيمان . إذ يقول القديس يعقوب الرسول عن الإيمان الميت ، الخالي من الأعمال : " أنت تؤمن أن الله واحد . حسناً تفعل . والشياطين يؤمنون ويقشعرون " (يع 2 : 19 ) . وسفر أيوب يعطينا دليلاً عملياً على هذه النقطة . لأن حديث الشيطان مع الله تبارك إسمه يثبت هذا الإيمان النظري ، إذ يقول الشيطان للرب " هل مجاناً يتقي أيوب الله ؟ أليس أنك سيجت حوله … باركت أعمال يدية . ولكن إبسط الآن يدك ومس كل ماله ، فإنه في وجهك يجدف عليك " ( أي 2 : 5 ) . وهذا الكلام كله يثبت أن الشيطان يؤمن عقلياً بأن هذا هو الله ، وأنه هو الذي بارك أعمال أيوب ، وهو القادر أن يمس ماله ، وأن يمس لحمه وعظمه . وأن أي عبارة تصدر من أيوب ضد الله تعتبر تجديفاً على الله … ومع كل هذا كان الشيطان يحارب ملكوت الله وأولاده ، ولا يزال . إيمان الشيطان العقلي الذي تحدث عنه معلمنا يعقوب ، هو أيضاً إيمان ميت ، حسب قول الرسول نفسه " إيمان بدون أعمال ميت " ( يع 2 : 20 ) . فإن كان الإيمان الخالي من الأعمال الصالحة إيماناً ميتاً ، بالأكثر المشحون بالأعمال الردية ومقاومة كل صلاح أياً كان … إن الإيمان العقلي سهل . ما أسهل إثبات وجود الله بالأدلة العقلية وبالبراهين العديدة . المهم هو الإيمان العقلي . هذا يقودنا إلى النوع الهام من الإيمان ، وهو : 2 – الإيمان العملي : هو الإيمان الذي تظهر علاماته في الحياة العملية ، حياة إنسان يؤمن أن الله كائن أمامه ، يراه ويحسه ، ويتصرف بما يليق بهذا الإيمان . وهو يحب هذا الإله الذي يؤمن بوجوده وبعنايته ورعايته وحفظه ، ويكلم هذا الإله المحبوب في صلواته وتضرعاته ، ويخشى أن يفعل شيئاً يخرج قلبه المحب … وفي اطمئنانه لعمله لا يخاف ولا يضطرب ، بل يحيا في سلام دائم ، مسلماً حياته كلها لتدبيره الحكيم … وهكذا يقوده الإيمان إلى عديد من الفضائل لا تحصي . وهذا النوع من الإيمان سيكون موضوع كتابنا هذا بمشيئة الرب ، حيث سنشرح كيف يقود الإيمان حياتنا كلها لتصبح حياة الإيمان . وهذا المفهوم ينقلنا إلى صفة أخرى من صفات الإيمان السليم وهي : 3 – إيمان دائم : ونعني به أنه لا يكون إله مناسبات . فلا يظهر إيماننا فقط حينما نكون في الكنيسة أو في اجتماع روحي ، أو حينما نصلي ، أو نقرأ الكتاب ، أو نتقدم للتناول . وإنما يظهر هذا الإيمان في كل وقت ، وكل مكان ، في خارج الكنيسة كما في داخلها . الله أمامنا باستمرار ، وفي فكرنا باستمرار ، بالإيمان لا يتغير . إنه ليس فقط إله الكنائس وإله الكتاب ، إنما هو إله القلب والفكر جميعاً ، وإله الحياة كلها . 4 - إيمان دون أن يرى : إيمان لا يعتمد على الحواس ، وينطبق عليه قول الـرب " طــوبى للذين آمنوا دون أن يروا " ( يو 20: 29 ) . ليس مثل العلماء الذين لا يؤمنون بشيء ، إلا إذا أحضروه في معاملهم ، وتيقنوا منه بأبصارهم وأجهزتهم . وليس مثل الصدوقيين الذين أنكروا وجــود المـلائكة والقيامة والأرواح (أع 23 : 8 ) ، لأنهم لا يرون شيئاً من ذلك كله … 5 – إيمان الثقة والاختبار : إنه ليس الإيمان بالله الذي نقرأ عنه في كتب اللاهوت ، أو في المعاهد الدينية ، أو في الكنائس وفي فصول التعليم الديني على أنواعها . وإنما إيمان بالله الذي اختبرناه في حياتنا ، وعاشرناه ، وأدخلناه في كل تفاصيل حياتنا ، واختبرنا عمـلياً قــول داود النبي " ذوقوا وانظـروا مــا أطيب الرب " (مز 34 : 8 ) … ووجدنا أن الله عجيب عجيب ، إلى أبعد الحدود ، فوق ما يتصور العقل … حيـاتنا كلها مجرد عشرة معه ، ذقنا فيها حلاوته وحبه ورعايته ، ورأينا أيضاً قوته وجلاله . وجربنا كـيف يدخل في مشاكلنا ، بطرق ما كانت تخطر على عقولنا . ونتيجة للإختبار ، صارت لنا ثقة ، غير مبنية على الكتب ، وإنما على مــا لمسناه بأيدينا … لــذلك إيماننا إيمــان حقيقي راسـخ في قلوبنا . 6 – إيمان قوى : وهو الإيمان الذي يستطيع كل شئ ( مر9 : 23 ) . ويمكنه أن ينتصر على كل عقبة . ولا يرى أمامه شيئاً مستحيلاً . بل كما قيل عن زر بابل " من أنت أيها الجبل العظيم ؟! أمام زر بابل تصير سهلاً " (زك 4 : 7 ) . إنه الإيمان الذي يستطيع أن يضع قدمه في الماء ، لكي يعبر البحر الأحمر في أيام موسى النبي ( خر 14 : 22 ) ، وأن يعبر نهر الأردن في أيام يشوع ( يش 3 ) . ويستطيع أن يمشي في داخل الغمر العظيم ، والمياه تحيط به مثل سور ، عن يمين وعن شمال ، دون أن يخاف … إنه الإيمان الذي يستطيع أن يضرب الصخرة فيتفجر منها الماء ( خر 17 : 6 ) . وهو الإيمان الذي يسير في الصحراء بلا زاد وبلا مرشد ، يجمع طعامه مـن المن النازل مـن السماء يومــاً بيوم (خر 16 : 15 – 23 ) . إنه الإيمان القوى الذي استطاع أن ينقل الجبل المقطم على يد سمعان الدباغ ،أيام البابا ابر آم بن زرعه . وهو الإيمان القوى الذي استطاع به إيليا النبي أن يقول " لا يكون طل ولا مطر في هذه السنين إلا عند قولي " (1مل 17 : 1 ) . وهكذا " لم تمطر على الأرض ثلاث سنين وستة أشهر . ثم صلي فأعطت السماء مطراً " (يع 5 : 17 ، 18 ) . وهكذا استطاع أن يغلق السماء ويفتحها . ما أكثر الأمثلة عن هذا الإيمان القوى . ولكن هناك أمثلة أخرى عن هذا الإيمان القوى ، تبدو في مظهر آخر هو : 7 – إيمان لا يتزعزع : إنه إيمان ثابت ، لا يتأثر مطلقاً بالعوامل الخارجية : فهو يؤمن بمحبة الله سواء كان على جبل التجلي أو على جبل الجلجثة . يؤمن بمحبة الله الذي يعطيه من سارة نسلاً في ظروف تدعو إلى اليأس ،تماماً تماماً كما يؤمن بمحبة الله وهو يقول له : خذ إبنك وحيدك الذي تحبه إسحق ، وأصعده هناك محرقة على الجبل الذي أريك إياه ( تك 22 : 2 ) . أن إبراهيم وهو يرفع بيده السكين على إبنه اسحق ، ما كان يشك مطلقاً في محبة الله ، ولا في صدق مواعيده … لم يتزعزع إيمانه مطلقاً في هذا الإله ، ولا في أنه سيكون له من اسحق نسلاً مثل نجوم السماء ورمل البحر في الكثيرة … إن الإيمان الثابت لا يتغير بالظروف الخارجية المحيطة به ، لأن ثقته ثابتة في الله ، وسلامه القلبي لا يستمده من الظروف الخارجية ، إنما من الله نفسه ومحبته وصدق مواعيده . 8 – الإيمان كموهبة : هناك إيمان عادى ، وإيمان يعتبر موهبة من الروح القدس . ولا شك أن هذا له درجة عالية تفوق الإيمان العادي بكثير … يقول القديس بولس الرسول في حديثه عن المواهب " فأنواع مواهب موجودة ، ولكن الروح واحد … ولكنه لكل واحد يعطى إظهار الروح للمنفعة . فإنه لواحد يعطى بالروح كلام حكمة … ولآخر إيمان بالروح الواحد . ولآخر مواهب شفاء بالروح الواحد … " (1كو12: 4 – 9) . وهكذا أيضاً وضع الإيمان ضمن ثمار الروح (غل 5 : 22 ) . ويبدو هنا أننا لا نستطيع أن نفصل الإيمان عن عمل الروح القدس : إما من ثمار الروح ، وإما من مواهب الروح . ولكل منهما درجته … 9 – الإيمان السليم : ما أكثر ما يؤمن الناس بأفكار ، أو مذاهب ، سياسية أو اجتماعية ، ويعطيهم إيمانهم بها قوة على التنفيذ ، وعلى نقلها إلى عقول الناس … ولكننا نود في هذه الصفات أن نتحدث عن الإيمان السليم ، الذي يكون له طابع روحي وصلة وطيدة بالله " الإيمان العديم الرياء " (1تي 2 : 5 ) ، " الإيمان المسلم مرة للقديسين " ( يه3 ) … هذا الإيمان الطاهر النقي فكراً وسلوكاً . وهذا يجعلنا نقول : إن الإيمان ، ليس هو مجرد عقيدة ، إنما هو حياة … أو هو حياة مؤسسة على عقيدة . أو هو عقيدة إختبارية عاشها الناس ، وليست مجرد أفكار في الكتب . وما نريد أن نتحدث عنه في هذا الكتاب هو هذه الحياة ، حياة الإيمان ... | |
|