المحشي!!!!!!!!!

المحشى

بقلم رولا خرسا ٨/ ٤/ ٢٠٠٩ (جريدة المصري اليوم)

أقف أنا أمام أشياء أو حاجات غريبة فى أحيان كثيرة.... ولكنها طبيعتى.... وتعلمت مع السنوات أن أتقبلها.... وألا أحاول تغيير نفسى لأن السنين قد غيرت بالفعل الكثير.... ومن بين الحاجات الغريبة التى وقفت أمامها مؤخراً إعلان عن منظف للأطباق اختار مناسبة عيد الأم وفكر فى الإعلان عن منتجه بشكل مختلف.... فكان عبارة عن رسائل من المشاهدين لوالداتهم....

الفكرة جميلة جداً.... والإجابات فى الحقيقة كانت متنوعة واختيارات من تكلموا كانت موفقة إلا فى حالة واحدة.... هى التى وقفت أمامها.... شاب أعرب عن حبه لأمه حين قال: «أحلى محشى فى العالم هو الذى تحضره أمى».... وهنا أضع أكثر من احتمال... الأول أنه يحاول أن يكون ظريفاً.... ثانياً أنه لم يعرف ماذا يقول.... وثالثاً: أنه يعتبر أن التعبير عن الحب يكون عن طريق الطعام.....

وبالنسبة للاحتمال الأول فالظرف هنا ليس فى موقعه.... أما الثانى فلو صمت لكان أفضل.... أما الثالث فهو الاحتمال الأقوى فى نظرى.... أنه يختزل كل ما تقوم به والدته فى المطبخ.... وهذا تفكير شرقى منتشر....

صحيح أنهم غيروا فى كتب القراءة «ماما فى المطبخ تحضر الطعام» على اعتبار أن هذه وظيفتها الأساسية إلا أن بابا لا يزال هو الذى يمسك الصحيفة وكأنه المثقف الوحيد فى الأسرة.. وكل إعلانات الزيت أو السمنة والطعام تكرس صورة المرأة فى المطبخ وأنا هنا لا أنكر أن من مهام المرأة تحضير الطعام لأولادها ولكنها ليست المهمة الوحيدة التى تقوم بها....

فالأم تذاكر مع أولادها.... تذهب معهم للتمارين الرياضية.... تستمع إليهم فى مشاكلهم وتحاول حلها.... الأم تعنى ٢٤ ساعة عمل فى ٧ أيام.... دون إجازة ودون مرتب... عمل مجانى تمارسه الأم بكل حب.... لذا اعتبر اختزال مهامها كلها فى المطبخ وعند الحديث عن الحب تذكر طبيخها أمر «سايط» وصاحب المقولة ينقصه «سوا عاطفى»، والمؤكد أن والدته تعبت جداً مثل كل الأمهات فى تربيته لذا فهى تستحق منه كلمة حب أو كلمة شكر....

ولكن الرجال فى عالمنا العربى يقولون كلمات الحب فقط لمن لا تربطهم بهم رابطة أى لغير الأمهات أو الزوجات.... وأخيراً من قال له إن محشى والدته أحلى محشى فى العالم؟ فمحشى والدتى ووالدة أو زوجة أو ابنة أى قارئ لمقالى أحلى مادامت الوصفة مصنوعة بحب.... وأشهر الطهاة فى العالم رجال.... وعلى رأى كاظم مع تحويلها للمذكر.... «قل أحبك» بدلاً من «قولى أحبك» بدلاً من المحشى كان ورق عنب أو كرنب...