Boutros اصدقاء المنتدى
عدد الرسائل : 4697 العمر : 57 تاريخ التسجيل : 24/12/2007
| موضوع: لا تهتموا بما للغد الأحد 5 يونيو 2011 - 16:06 | |
| لا تهتموا بما للغد بقلم قداسة:البابا شنودة الثالث لقد تكررت عبارةلا تهتموا ثلاث مرات في فقرة واحدة من العظة علي الجبل, في إنجيل متي مت6:25-34. فقال الرب لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون ولا لأجسادكم بما تلبس وقال فلا تهتموا قائلين:ماذا نأكل أو ماذا نشرب أو ماذا نلبس مت6:31 ثم قال أخيرا فلا تهتموا للغد...يكفي اليوم شره مت6:34. المقصود عدم الاهتمام بالماديات. أما الروحيات فلا شك أننا نهتم بها. فقال في الاهتمام بحساب النعمة في الحياة الأبدية ضاربا مثلا ببناء برج فقال ومن منكم وهو يريد أن يبني برجا ولا يجلس أولا ويحسب حساب النفقة هل عنده ما يلزم لكماله لئلا يضع الأساس ولا يقدر أن يكمل فيبتديء جميع الناظرين يهزأون به قائلين: هذا الإنسان ابتدأ يبني ولم يقدر أن يكمل أو أي ملك إن ذهب لمقاتلة ملك آخر في حرب لا يجلس أولا ويتشاور: هل يستطيع أن يلاقي بعشرة آلاف الذي يأتي إليه بعشرين ألفا؟ وألا فما ذلك بعيدا... يرسل سفارة ويسأل ماهو للصلح لو14:28-32 وأيضا امتدح الرب وكيل الظلم لأنه بحكمة صنع لما بدأ يفكر في مستقبله فقال ماذا أفعل حتي إذا عزلت من الوكالة يقبلونني في بيوتهم؟ لو16:4,3 وبدأ يدبر أموره بما يكفل راحته في المستقبل. وعلق الرب علي ذلك بقوله وأنا أقول لكم: اصنعوا لكم أصدقاء بمال الظلم, حتي إذا فنيتم يقبلونكم في المظال الأبدية لو16:9 والكتاب المقدس كله يدور علي اهتمامنا بالحياة الأبدية. أما عن المأكل والمشرب والملبس فقال الرب لا تهتموا. وعبارة لا تهتموا هنا معناها: لا تحملوا هما أي لا تقلقوا من جهة ما سوف يحدث لكم في الغد ونحن نريد أن نركز في هذا المجال علي عدم القلق.
وصية الرب إذن هي عدم القلق بسبب أمور العالم الحاضر وعدم الاضطراب من جهة الغد, أي جهة المستقبل.. فالإنسان عليه أن يهتم ولكن لا يحمل همّا بسبب ذلك. فالتلميذ عليه أن يهتم بدروسه وبما يوصله إلي النجاح وإلي التفوق ولكن لا يقلق بسبب ذلك ولا يحمل همّا فربما القلق يقوده إلي الاضطراب والاضطراب يتعب نفسيته ولا يوصله إلي هدفه في النجاح. كذلك رب الأسرة عليه أن يهتم بأن يدبر أهل بيته حسنا اتي3:4 ولكن لا يظل مهموما بذلك لأن حمل الهم يتعب نفسيته ولا يمنحه الحكمة التي يدبر بها بيته كما يكون بهمومه قدوة سيئة للبيت ومصدر نكد!. إن حمل الهم, دليل علي عدم الثقة بالله كمدبر لأمورنا. لذلك قال الرب في هذا الفصل من الإنجيل متي لأن أباكم السماوي يعلم أنكم تحتاجون إلي هذه كلها مت6:32 ومادام يعلم فهو بمحبته للبشر سوف يوفي جميع احتياجاتنا حتي دون أن نطلب.. هذا الذي قبل أن يخلق الإنسان أوجد له رزقه ودبر له ما سوف يأكل ويشرب ولم يدعه معوزا شيئا من أعمال كرامته كما نقول في القداس الغريغوري... إن قلقنا وحملنا الهم يدل علي عدم إيماننا برعاية الله لنا.
والكتاب المقدس في أكثر من موضع وفي أكثر من سفر يقدم الله باعتباره الراعي الصالح, الذي قال عن نفسه أنا أرعي غنمي وأربضها.. وأطلب الضال واسترد المطرود وأجبر الكسير, وأعصب الجريح حز34:16,15 وهو الذي قال عنه داود في المزمورالرب يرعاني فلا يعوزني شيء في مراع خضر يربضني إلي ماء الراحة يوردني يرد نفسي ويهديني إلي سبل البر لأجل اسمه مز23:1-3 إن الكتاب يعلمنا أن لا نقلق من جهة المأكل والمشرب. * هوذا داود النبي يقول: كنت فتي, وقد شخت ولم أر صديقا تخلي عنه, ولا ذرية له تلتمس خبزا مز37:25. * ولنا مثل واضح في إيليا النبي, وكيف كان الله يرعاه في زمن المجاعة سواء وهو عند نهر كريث, أو في بيت أرملة صرفة صيدا 1مل17 أو وهو هارب من وجه الملكة إيزابل1مل19. * ولنا مثل آخر في تاريخ السواح والمتوحدين: وكيف كان الله يوفر لهم الطعام والشراب, وهو في برية قفرة بعيدين عن كل معونة بشرية. ولنقرأ عن ذلك في سيرة أنبا بولا السائح وأبا نفر السائح وغيرهما. * وقد ذكر لنا الكتاب المقدس مثالا عمليا عن الشعب في البرية وكيف رعاهم الله من جهة الطعام بالمن والسلوي, ومن جهة الشراب بأن فجر لهم من الصخرة ماء. كما كان يقود خطاهم بالسحابة نهارا وبعمود النار ليلا خر13:21, خر17,16.
وليس اهتمام الله بالبشر فقط, بل بباقي الطبيعة: وهكذا يقول الرب انظروا إلي طيور السماء. إنها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع إلي مخازن وأبوكم السماوي يقوتها .. تأملوا زنابق الحقل...أقول لكم ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها مت6:26-29 ثم يوبخنا الرب قائلا أفليس بالحري جدا يلبسكم أنتم يا قليلي الإيمان؟ مت6:30. أن قلقنا إذن هو مظهر من مظاهر عدم الإيمان. وهكذا سأل الرب تلاميذه: حين أرسلتكم بلا كيس ولا مزود ولا أحذية هل أعوزكم شيء؟! فقالوا لا لو22:35. إذن فالطريق الذي يسلكه المؤمن وهو غير واثق بأن الله سوف يوفر له احتياجه فيه خير له أن لا يسلكه. إن لنا في تاريخنا المعاصر قصصا من الإيمان في تأسيس الكنائس. بدأنا الخدمة في إفريقيا بلا كيس ولا مزود وبدون أية معونات مالية وتولي الله الخدمة كلها وزودها باحتياجاتها ونشرها ونفس الإيمان بدأنا الخدمة في إيطاليا-في ميلانو وفي روما-بدون أية استعدادات مادية وإذا بالرب يكفل كل شيء وهو نفسه ينفق علي الخدمة ويؤسس لنا كنائس ويدبر كل أمورها. وبنفس الوضع بدأت أسقفية الخدمات من تحت الصفر بلا مقر وبلا إمكانيات وتأسست وعمرت وانتشرت واستظل كثيرون تحت أغصانها. وهكذا أيضا بدأت الخدمة في برمنجهام وفي إيرلندا وإسكتلندة وفي البرازيل بلا شيء إلا الإيمان بأن الله سيتولي كل شيء ويقول لنا: لا تهتموا, لا تهتموا بالغد, الله يعلم أنكم تحتاجون إلي هذه كلها وبنفس الإيمان نذكر تعمير الأديرة والكنائس والقصص كثيرة ووراء كل كنيسة من كنائس المهجر قصة من الإيمان حول تأسيسها وبنائها نود أن نجمعها وننشرها قبل أن تنسي. حسن إذن قول الرب: اطلبوا أولا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم مت6:33 يكفي أن نبدي لله محبتنا لملكوته, ورغبتنا في بناء هذا الملكوت وهو يقول: لا تهتموا سأعمل لأجلكم كل شيء.. إن القلق لا فائدة منه, بل هو بالأكثر معطل. فالذي يقلق وينظر إلي الغد لن يعمل شيئا.. وصدق سفر الجامعة حينما قال من يرصد الريح لا يزرع ومن يراقب السحب, لا يحصد جا4:11 كذلك البحار الذي تخوف وقلق من جهة الرياح والأمواج فلن يبحر علي الإطلاق. إن القلق يسبب الخوف والخوف يشل الحركة ويوقف العمل.
لا تحملوا هما إذن ولا تخافوا ولتكن لكم ثقة في عمل الله لأجلكم واشتراكه في العمل معك... فهوذا داود النبي يقول في المزمورألق علي الرب همك, فهو يعولك مز55:22 الرب يهتم بي مز40:17 وإن تعبت في حياتك وثقل حملك عليك, استمع إلي قول الرب: تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم مت11:28. ليس قلقك هو الذي يريحك ولا حملك الهم سيرفع الهم عنك بل التجاؤك إلي الله واثقا بتدخله في حياتك هذا هو الذي سوف يريحك... لا تضيع همومك أمام عينيك فتفقدك النظر إلي عمل الله من أجلك بل ضع الله بينك وبين هذه الهموم, فيرفعها عنك ويحملها بدلا منك ويمنحك الراحة والطمأنينة أن مشاكلك وصلت إلي يد أمينة وإلي قلب حنون. أن القلق وحمل الهم, يفقدانك سلامك القلبي هوذا الرسول يقول الرب قريب لا تهتموا بشيء بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدي الله... وسلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع في4:5-7. إن الذي يقلق من جهة المستقبل يتخيل أمورا متعبة ستحدث. القلق يورثه الخوف والنظرة المتشائمة فيتخيل مشاكل ستحدث ونتائج سيئة ومتاعب وأسوأ ما يمكن أن يصل إليه الخيال فيزداد قلقه وخوفه لأنه لم يضع الله أمامه ويصبح تحت سيطرة صور من التخيلات التي تفزعه وقد يتحول قلقه إلي حالة مرضية تجلب له أمراضا جسدية أيضا في أعصابه وضغط دمه وفي قلبه أيضا..
أما إن جاء القلق بسبب مؤامرات الأعداء فلنثق بالرب. أمامنا كنز في المزامير يجيب علي ذلك إذ يقول المرتل إن يحاربني جيش فلن يخاف قلبي وإن قام علي قتال ففي ذلك أنا مطمئن الرب نوري وخلاصي ممن أخاف؟! الرب عاضد حياتي ممن أرتعب؟! مز27:1,3 ويقول أيضا الرب يحفظك من كل شر... الرب يحفظ نفسك... الرب يحفظ دخولك وخروجك مز121:7 ويتحدث عن خبراته فيقول لولا أن الرب كان معنا-حين قام الناس علينا-لابتلعونا ونحن أحياء مبارك هو الرب الذي لم يسلمنا فريسة لأسنانهم نجت أنفسنا مثل العصفور من فخ الشياطين الفخ انكسر ونحن نجونا... عوننا من عند الرب الذي صنع السماوات والأرضمز124. إن موسي النبي لم يقلق وهو واقف أمام البحر الأحمر, وفرعون يطارده بمركباته لكن قلق الشعب الضعيف الإيمان لذلك طمأنهم موسي ناقلا إليهم إيمانه بعمل الله وقال لهم لا تخاوفوا قفوا وانظروا خلاص الرب الذي يصنعه لكم اليوم...الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون خر14:14,13. فلنتذكر أن بطرس وهو في السجن وهيرودس الملك مزمع أن يقتله... كان بطرس نائما نوما ثقيلا وهو مربوط بسلسلتين في غير خوف ولا قلق مما سيحدث في الغد حتي أن الملاك لكزه وأيقظه أع12:7,6.
إن خطية القلق وحمل الهم تحمل وتسبب خطايا كثيرة. تحمل الاضطراب والخوف وعدم الإيمان بعمل الله... والنظرة التشاؤمية وعدم الاطمئنان وتعب الفكر والنفس... وقد تؤدي إلي الأرق والمرض مع عدم الاستقرار النفسي وتذكرنا بقول الشاعر: كريشة في مهب الريح طائرة-لا تستقر علي حال من القلق. وربما يؤدي القلق إلي حلول خاطئة غير مدروسة وكذلك إلي الاعتماد علي الذراع البشري أو إلي اللجوء إلي العرافين والسحرة كما حدث مع شاول الملك1صم28:5-7. ولما ازدادت خطية إسرائيل في العهد القديم أسلمهم الرب إلي القلق. كما ورد في سفر أرميا النبي أر15:4 أر24:9. وكما ورد في لعنات الناموس وتكون قلقا في جميع ممالك الأرض تث28:25. فليعطنا الرب حياة الإيمان التي نثق فيها بعمل الله معنا وبعمله لأجلنا فنطمئن ولا نقلق ولا نهتم بالغد... بل نتركه إلي الله يدبره حسب حكمته ومحبته وصلاحه.(جريدة وطني الأحد 5/6/2011) | |
|