mifa20014 قلب المنتدى الطيب
عدد الرسائل : 31565 العمر : 52 تاريخ التسجيل : 08/05/2007
| موضوع: وسائل الاتضاع وعلاماته الإثنين 25 يوليو 2011 - 3:27 | |
| حياة الإتضاع والوداعة7 وسائل الاتضاع وعلاماته بقلم قداسة : البابا شنودة الثالث وطني 24-7-2011
نود أن نذكر الآن منهجا واسعا ومختصرا عن تداريب للاتضاع علي أن نرجع بشيء من التفاصيل لهذه النقاط التي سنذكرها: 1- إن كانت الكبرياء هي في الاعتداد بالذات وتعظيمها يكون التواضع في إنكار الذات, وتداريب إنكار الذات كثيرة جدا ليس مجالها الآن وقد وضع السيد الرب إنكار الذات في مقدمة شروط التلمذة له.فقالإن أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعنيمت16:24..ولاشك إنه بإنكار الذات يصل الإنسان إلي التواضع.لأن الذي ينكر ذاته لايمكن أن يبحث لها عن مجد أو عظمة. 2-وأيضا:التواضع المنكر لذاته,لايدافع عن نفسه:إنه في الأمور التي تمسه وحده لايبرر نفسه في شيء.ويقبل ما يقال عنه في صمت مثلما فعل السيد المسيح له المجد,الذي لم يدافع عن نفسه أمام بيلاطس ولا أمام هيرودس.وكذلك فعل يوسف الصديق الذي لم يدافع عن نفسهتك39والقصص كثيرة نتركها إلي موضوع خاص والمتواضع لايستثني قاعدة عدم الدفاع عن النفس إلا من أجل الغير... 3-بل المتواضع يلوم نفسه باستمرار: سواء بينه وبين نفسه,أو أمام الناس,باقتناع وصدق.. حدث مرة أن البابا ثاوفيلس,زار جبل نتريا الذي كان يسكنه جماعات من المتوحدين وسأل أب الجبل عن الفضائل التي أتقنوها...فأجابهصدقني يا أبي لايوجد أفضل من أن يرجع الإنسان بالملامة علي نفسه في كل شيءحقا إن لوم النفس هو فضيلة المتضعين. 4- ولوم النفس يوصل إلي انسحاق النفس: أي إلي انسحاق القلب من الداخل, إلي انسحاق الروح لشعوره في أعماقه بما في ذاته من نقائص قد تخفي علي الناس ولكنها ليست خافية عليه.وهذا الانسحاق الداخلي يبعد عنه كل ألوان العظمة من الخارج,وفي نفس الوقت يقربه إلي الله,كما يقول المزمورقريب هو الرب من المنكسري القلوب,ويخلص المنسحقين بالروحمز34:18وأيضاالذبيحة لله هي روح منكسرة القلب المنسحق والمتواضع,لايرذله اللهمز51:17. 5- ومن مظاهر الانسحاق,الشعور بعدم الاستحقاق: كما قال الابن الضال وهو راجع إلي أبيهلست مستحقا أن أدعي لك ابنالو15:21.وكما قال قائد المائة للسيد الربيا سيد,لست مستحقا أن تدخل تحت سقف بيتيمت8:8وكما قال القديس يوحنا المعمدان عن السيد المسيح:لست مستحقا أن أحل سيور حذائهيو1:27. وهكذا فإن المتواضع يشعر إنه غير مستحق لكل إحسانات الله إليه,ولا هو بمستحق لما ينال من الناس من الكرامة.لأنه عارف بنفسه..!! 6- وفي شعوره بعدم الاستحقاق,يحيا حياة الشكر الدائم: يشكر علي كل شيء,لأنه متيقن في داخله أنه لايستحق شيئا...لذلك كل ما يناله من الله هو بركة مهما كان قليلا,لأنه يعرف عن نفسه أنه لايستحق هذا القليل أيضا كذلك هو يشكر علي كل لون من معاملة الناس له.إن عاملوه بإكرام,يشكرهم لأنهم عاملوه بما لايستحقه وإن ظلموه أو أهانوه,يشكر علي أنه ينال جزاء خطاياه علي الأرض!. 7-والمتواضع الحقيقي الذي يشعر بخطيئته,يقبل كل ما يأتي عليه. ويقول في نفسهلو أن الله عاملني حسب خطاياي ما كنت أستحق أن أعيش.ويري أن كل الإهانات والمتاعب التي تصيبه هي أقل من استحقاقه بكثير,ويقبلها بشكر... مثال ذلك داود النبي والملك:لما شتمه شمعي بن جيرا بشتائم مؤلمة,رفض أن يعاقبه أتباعه.وقال:الله قال لهذا الإنسان اشتم داود1صم16:10واعتبر ما حدث له نتيجة طبيعية لما سبق من خطاياه... 8- الإنسان المتواضع-في انسحاقه-يجعل خطيته أمامه في كل حين. إنها تذله من الداخل,وتعصر عينيه بالدموع,وتزيد من انسحاقه,وتذكره بضعفه.. لاينسي خطاياه مهما غفرت ومهما نسيها له الله!مثلما بكي داود علي خطاياه بعد غفرانها,وقال في المزمور الخمسينخطيتي أمامي في كل حين...ومثلما ذكر بولس الرسول خطاياه وقال لست مستحقا أن أدعي رسولا,لأني اضطهدت كنيسة الله1كو15:9. 9-المتواضع-مهما بلغ من رفعة-يشعر باستمرار أنه ناقص ومقصر,وأنه لم يصل بعد إلي ما ينبغي عليه فعله! القديس بولس الرسول الذي صعد إلي السماء الثالثة1كو12:2والذي تعب أكثر من جميع الرسل1كو15:10كان يقوللست أحسب أنني أدركت أو نلت شيئاولكني أسعي لعلي أدرك..في3:12هذا الذي خشي الله عليه من كثرة الاستعلانات2كو12:7. والقديس أرسانيوس العظيم,الذي كان يقضي الليل كله في الصلاة,والذي كان رجل وحدة وصمت أكثر من الجميع والذي تساقطت رموش عينيه من كثرة البكاء والذي كان القديسون يطلبون بركته,وقد أتاه البابا ثاوفيلوس يطلب كلمة منفعة...أرسانيوس هذا:ما كان يشعر أنه قد بدأ الطريق الرهباني بعد!بل كان يصلي هبني يارب أن أبدأ! 10- الإنسان المتواضع لايتحدث عن نفسه حديثا يجلب المديح. نفسه هذه التي يلومها باستمرار ويعرف نقائصها من غير المعقول أن يتحدث عن مواقف عظيمة لها تجلب المديح!إن الفريسي لم يتبرر أمام الله,لما وقف في الهيكل يتحدث عن فضائله أمام الله في صلاته!لو18:12. لذلك فإنني أتعجب من إنسان حديث العهد بالتوبة,يدعوه البعض أن يقف علي منبر كنيسة أو جمعية ليحكي اختباراته للناس حتي ينتفعوا بها روحيا..!فيقف ويحكي كلاما يمدح عليه! 11-إن كان الحديث عن النفس يفسح مجالا للقدوة فالإنسان المتواضع لايجعل نفسه قدوة لغيره. إنه يقول لنفسهمن أنا حتي أكون قدوة لغيري؟!أنا الذي وقعت في كذا وكذا من السقطات!وإن كانت قدوة في التوبة والرجوع إلي الله,فأنا لم أتب بعد ومازلت في الموازين إلي فوق وفي كل يوم أسقط... 12- المتواضع يشعر بتفاهة الكبرياء وخطورتها وتفاهة المجد الباطل. فما قيمة المديح الذي يأتيه من الناس؟!ما بطلانه وما فائدته!بل كم هي أضراره الكثيرة التي تخرب النفس!...باطلة كل أمجاد الدنيا وتافهة!الكل باطل وقبض الريحجا1:14ليس شيء من هذه الأمجاد ثابتا,ولا دائما ولا نافعا ولاشيء منها يصحب في أبديته أو يشفع فيه أمام الله... إن النفس الصغيرة هي التي تفرح بإعجاب الناس ومديحهم. وكلما كبرت النفس ورجعت إلي صورتها الإلهية لايبهرها مطلقا أي شيء من أمجاد العالم ومن مديح الناس..وبخاصة إذا كان ما يقوله الناس عكس ما يعرفه الإنسان عن نفسه وعكس ما يشعر به في داخله. 13- لذلك فالإنسان المتواضع يهرب من محبة المديح والكرامة. لايشتهي ذلك ولايسعي إليه,وإن أتاه المديح لايجعله ينحدر من أذنيه إلي قلبه لايفرح به في داخله بل يدرك تماما إنه غير مستحق له...ولذلك لايصدقه أو علي الأقل لايتأثر به مهما كان صحيحا... وربما يتخذ هذا المديح مجالا لتبكيت نفسه ويقول في ذاته:لعلني قد صرت مرائيا إلي هذا الحد,الذي أظهر فيه للناس بغير حقيقتي! 14- من صفات المتواضع أنه ينسب كل أعماله الطيبة إلي نعمة الله. إنه يرجع الفضل إلي الله في كل خير يفعله يقول مع القديس بولس الرسوللا أنا بل نعمة الله العاملة معي1كو15:10.ويتذكر قول الرببدوني لاتقدرون أن تعملوا شيئايو15:5وهكذا يحول حديث المديح إلي الله ونعمته وعمله وإن حورب من الداخل بأنه قد فعل شيئا,يقول لنفسهبنعمة الله أنا ما أنا1كو15:10. 15- وبقدر إمكانه يخفي بره عن الناس: يدرب نفسه علي عمل الفضيلة في الخفاء علي قدر ما يستطيع ويهتم بالفضائل الداخلية أكثر من الفضائل الظاهرة ويجعل أمامه قول الرب عن الذين يريدون أن يظهروا أعمالهم الحسنة للناسالحق أقول لكم إنهم قد استوفوا أجرهممت6:5. 16- بل يحاول أن يخفي بره حتي عن نفسه: حسب قول الربلاتجعل شمالك تعرف ما تفعله يمينكمت6:3. فمثلا يعطي دون أن يحصي ما يعطيه...ويحاول أن ينسي كل ما فعله من خير,حتي لايكون ظاهرا أمامه وحتي لايكون في فكره ولا في ذاكرته ولاتحاربه به نفسه ولايعتبر ذلك الخير من أعمال قدرته هو.بل الله قد فعل ذلك الخير بواسطته وكان يمكن أن يعمله بواسطة غيره وبطريقة أفضل...ويتذكر نقائصه في عمل هذا الخير ويلوم نفسه عليها. 17- والمتضع يمتدح غيره لانفسه: في كل عمل ناجح يقوم به,يذكر الجانب الذي ساهم به غيره في إنجاح العمل,وأهمية ما فعله الآخرون ممتدحا ما قاموا به,ناسيا نفسه. وفوق الكل يذكر يد الله في نجاح العمل.وهكذا يختفي لكي يظهر الله ولكي يظهر غيره من الناس.وفي كل ما يعمل يحب الخير في ذاته لافي أجره,ولا في تقدير الناس له. وبعد,فإن هذا المقال لم يعد يكفي لسرد كل وسائل الاتضاع فإلي اللقاء في العدد المقبل,إن أحبت نعمة الرب وعشنا. | |
|