mifa20014 قلب المنتدى الطيب
عدد الرسائل : 31565 العمر : 52 تاريخ التسجيل : 08/05/2007
| موضوع: وسائل الاتضاع وعلاماته "ب" الإثنين 1 أغسطس 2011 - 13:19 | |
| حياة التواضع والوداعة "8
وسائل الاتضاع وعلاماته "ب"
بقلم : قداسة البابا شنودة الثالث
وطني 31-7-2011
تحدثنا في العدد الماضي عن 17 وسيلة وعلامة للاتضاع ..ونود اليوم أن نكمل تأملاتنا في هذا الموضوع: 18: علي المتضع أن يهرب من العظمة وكل مظاهرها وكل مصادرها: يهرب من محبة الرئاسة والقيادة ومن محبة السيطرة والنفوذ ومحبة العظمة والتعالي علي الآخرين,ومحبة التقدم علي غيره فكلها أسباب تؤدي إلي الهلاك,وقد نهانا الرب عنها حينما قال لتلاميذه القديسين:أنتم تعلمون أن رؤساء الأمم يسودونهم والعظماء يتسلطون عليهم...فلا يكون هكذا فيكم.بل من أراد أن يكون فيكم عظيما فليكن لكم خادما..ومن أراد أن يكون فيكم أولا فليكن لكم عبدا..كما أن ابن الإنسان لم يأت ليخدم بل ليخدم,وليبذل نفسه فدية عن كثيرينمت20:25-28. 19-فإن وضع إنسان في مركز كبيروفليسلك فيه ببساطة واتضاع ولايتعالي علي غيره. ما أجمل أن ينسي مركزه,ويتعامل مع الناس في محبة..بحيث لايرتفع قلبه,ولا يتعامل مع غيره في تعال أو في كبرياء كأنهم أدني منه أو أقل,ولا يزدري بأحد ولايستخدم سلطته لإخضاع غيره. لايتعامل معهم مثلما كان هامان يتطلب احتراما معينا من مردخاي إس3:6,5..بل يتعامل مع الناس مثل داود الذي كان وهو قائد جيش شاول الملك يختلط مع الشعب في مودة وكان جميع إسرائيل ويهوذا يحبون داود,لأنه كان يخرج ويدخل أمامهم1صم18:16. المتواضع يتعامل مع مرؤوسيه كزميل وصديق ويشعرهم بمحبة. إن السيد المسيح كان يدعو تلاميذه إخوة وقد قال لهملا أعود أسميكم عبيدا...لكني قد سميتكم أحباءيو15:15وقيل عنه إنه شابه إخوته في كل شيءعب2:17. 20- المتواضع يحتمل الكرامة,فلا يرتفع قلبه بسببها: ومهما نال من كرامة,لاينسي إنه إنسان وإنه تراب ورماد بل علي العكس يتواضع بالأكثر لكي يقيم توازنا بين داخله وخارجه وإن وصل إلي مركز رفيع أو نال جاها أو مالا أو سلطانا فليذكر قول القديس أنطونيوس الكبيرإن احتمال الكرامة أصعب من احتمال الإهانةأما الذي يرتفع قلبه فإنه يذكرنا بقول الشاعر: لما صديقي صار من أهل الغني أيقنت أني قد فقدت صديقي 21- المتواضع يحاول باستمرار أن يتخذالمتكأ الأخير وذلك حسب وصية الربلو14:7-10وما أجمل قول الشيخ الروحاني في ذلك في كل موضع حللت فيه,كن صغير إخوتك وخديمهمليس فقط أن لاتتعالي عليهم,بل أن تكون أصغرهم وخادمهم وهو في ذلك يقدم كل إنسان علي نفسه,حسب قول الرسولمقدمين بعضكم بعضا في الكرامةرو12:10. وكما انحني السيد الرب وغسل أرجل تلاميذهيو13يكون هو أيضا مستعدا أن ينحني ويخدم الكل,مهما كانوا أصغر منه. وهكذا نري الكهنة والمعلمين في كنيستنا يدعون أنفسهم خداما: وهنا نذكر الصلاة التي صلي بها القديس أوغسطينوس من أجل شعبه قائلاأطلب إليك يارب من أجل سادتي,عبيدكفقال عنهم سادتيمع أنهم أولاده ورعيته.. علي أننا نريد أن يكون تعبيرخادمليس مجرد لفظ أو لقب إنما يستعمله صاحبه بكامل دلالته ومعناه. 22- الإنسان المتواضع يضع أمامه فضائل القديسين وعلوها فتصغر أمامه كل أعماله الفاضلة: فإن حورب بفضيلة أتقنها,يتذكر المستوي العالي الذي وصل إليه القديسون في هذه الفضيلة بالذات ويقارن نفسه بهم فيري أنه لاشيء وتصغر نفسه في عينيه في كل ما فعله من بر.. أما الخطورة فهي أن يقارن الشخص نفسه بالمبتدئين أو بالساقطين والخطاة فيري أنه أفضل منهم كما فعل ذلك الفريسي الذي وقف في الهيكل يصلي وقالأشكرك يارب أني لست مثل سائر الناس الخاطئين الظالمين الزناة ولا مثل هذا العشارلو18:11. 23-بل المتواضع يضع أمامه الكمال المطلوب منه,فيري إنه لم يصل بعد إلي شيء. يتذكر قول السيد الربكونوا أنتم أيضا كاملين كما أن أباكم الذي في السموات هو كاملمت5:48ويري أن المسافة طويلة بينه وبين هذا الكمال المطلوب,فيتضع قلبه ويشعر أنه لايزال في الموازين إلي فوقمز62:9ويردد نفس العبارات التي وصف بها بيلشاصر الملكوزنت بالموازين فوجدت ناقصادا5:27وهكذا يتضع قلبه إن تذكر المطلوب منه. فإن كانت المحبة هي أول ثمرة من ثمار الروح الكثيرةغل5:23,22وللمحبة برنامج طويل ذكره بولس الرسول في1كو13وللآن لم يدرك بعد أعماق هذه المحبة,ولم يستكمل مستلزماتها فماذا يقول إذن عن باقي ثمار الروح التي ليس له منها شيء؟! بل يذكر أيضا قول الربمتي فعلتم كل ما أمرتم به فقولوا إننا عبيد بطالون لأننا إنما عملنا ما كان يجب علينالو17:10. ويقول:حقا إنني لم أصل بعد إلي درجة هؤلاء العبيد البطالين! 24-الإنسان المتواضع يتواضع أيضا من جهة المعرفة والفهم: يضع أمامه قول الكتابلاتكن حكيما في عيني نفسكوعلي فهمك لاتعتمدأم3:5,7ويبعد عن المعرفة التي تنفخ1كو8:1وليذكر قول مار إسحق إنالذي يفتخر بالمعرفة يسقط في البدعة والهرطقةوقد سقط فيها أريوس ونسطور وأوطاخي وكانوا من المعتدين بمعرفتهم ومراكزهم وواثقين في أنفسهم بعمق علمهم! 25- المتواضع لايكون عنيدا,متشبثا برأيه: لأنه توجد عجرفة فكرية عند البعض عظمة في الاعتداد بالرأي والتشبث به,مهما كان شاذا أو خاطئا وعدم قبول معارضة له أو حتي مناقشته!بحيث يثور هذا الشخص إذا نسب إلي فكره أي خطأ ويحتد ويتكلم بخشونة وربما بإهانة كما لو كانت لفكره عصمة ترفعة فوق المناقشة أو التحليل. أما المتواضع فإنه سهل في التفاهم يقبل الرأي الآخر مهما كان معارضا له ويقبل الحوار والنقاش بطيبة قلب. 26- الإنسان المتواضع يحب التلمذة ويقبل التعليم والتوبيخ: إنه لايري مطلقا إنه قد وصل إلي درجة من المعرفة لاتقبل الزيادة بل باستمرار يريد أن يعرف ويتعلم ويستزيد ويعيش طيلة عمره يتتلمذ علي الكتب,وعلي الناس وعلي الطبيعة وعلي الأحداث...ولايظن أنه وصل في المعرفة إلي المستوي الذي يعطي فيه باستمرار دون أن يأخذ.. وفي اتضاعه يتقبل كل رأي باتضاع إن كان سليما ويشكر عليه ويعترف إنه قد استفاد وإن كان الرأي خاطئا لايجرح صاحبه بل يناقشه في هدوء واتضاع. 27-والإنسان المتواضع يكون دائما بعيدا عن الغضب وثورة الأعصاب: وكما قال القديس دوروثيئوس في ذلكإن المتواضع لايغضب من أحد ولايغضب أحدا. فهو لايغضب من أحد لأنه باستمرار يأتي بالملامة علي نفسه في كل شيء وهو لايغضب أحدا لأنه يطلب بركة كل أحد ولأنه يعتقد في أعماقه أن كل أحد أفضل منه. ولذلك نري أن الاتضاع يرتبط دائما بالهدوء والوداعة.حقا إنه ليس كل هاديء متواضعا ولكن كل متواضع لابد أن يكون هادئا وأن يكون وديعا طيب القلب. 28- والمتواضع بطبعه سهل التعامل مع غيره بسيطا في تعامله: إنه لايفترض باستمرار أنه علي حق وأن من يعارضه علي باطل ولا مانع لديه من أن يتنازل عن رأيه إن ثبت له أنه خطأ بل أيضا يشكو من وجهه إلي أن ذلك خطأ وبحب حقيقي وفي النقاش لايقاطع غيره ولايسكته لكي يتكلم هو.ولا يسخر من الآراء المعارضة له.ولايحاول أن يحطم غيره بل قد يثبت له خطأ فكره في لطف دون أن يجرح مشاعره أو أن يسيء إليه فهكذا كان يفعل القديس ديديموس الضرير مدير الكلية الإكليريكية في حبرية البابا أثناسيوس فاستطاع في حواره مع الفلاسفة الوثنيين أن يكسب الكثيرين منهم إلي المسيحية وكانوا جميعهم يحبونه. 29- أيضا المتواضع لايرتفع قلبه مهما نما في الروح وفي الفضيلة: ,مهما نال أيضا من مواهب روحية بل يعتقد باستمرار أن كل الحياة الروحية التي له,هي من عمل النعمة فيه, من عمل الروح القدس معه,عن غير استحقاق منه وإنه بدون الله لايقدر أن يعمل شيئايو15:5فعليه أن يشكر لا أن يفتخر. والمتواضع يعرف أنه إذا افتخر بشيء ستتخلي النعمة عنه لكي يشعر بضعفه ويتضع أمام الله ويذكر باستمرار قول الكتاب: قبل الكسر الكبرياء,وقبل السقوط تشامخ الروحأم16:18. وهكذا يذكر أنهتحت الآلاممثل غيرهيع5:وأنه ليس أكبر من السقوط ليس معصوما منه فإن الخطيةطرحت كثيرين جرحي وكل قتلاها أقوياءأم7:26. 30-لذلك فهو أمام جميع الخطايا لايفقد احتراسه ولا يسر: لايقول عن بعض الخطايا إنها من النوع الذي يحارب المبتدئين وليس النامين في الروح!!وإنه أكبر من مستوي مثل تلك الحروب أو إنه قد داس الشيطان تحت قدميه! بل هو-في كل محاربات الشيطان-يطلب معونة من الله مصليا بقوة مهما بدت الحرب بسيطة ذلك لأنه لايعتمد مطلقا علي قوته الخاصة ولا علي انتصاراته السابقة. 31-والإنسان المتواضع لامانع لديه من أن يستشير: فالذي يستشير إنما يشعر أن هناك عند غيره ما ينقصه من معرفة ولايظن مطلقا أنه غير محتاج إلي رأي أو حل من غيره كما يفعل المتكبرون بل هو يستشير ويعمل بالمشورة الصالحة واثقا إنه مهما أوتي من علم وخبرة هناك من هو أعلم منه في أمور معينة. وحتي إن لم يستشر وجاءه رأي صائب تطوع به أحدهم دون طلب منه يأ خذ الفائدة التي في هذا الرأي مهما كان صاحب الرأي أصغر منه أو أقل شأنا. 32- ومن صفات المتواضع الطاعة والاحترام لمن هو أكبر منه: سواء كان ذلك الكبير أكبر منه سنا,أو أكبر منه مقاما أو أكبر منه في القامة الروحية أو في العلاقة الاجتماعية. وعموما فالمتواضع لايستصغر أحدا فهو يعامل الكل بلطف حتي الصغار والخدم ويرفع بذلك من روحهم المعنوية ويشعرهم بأن نفوسهم كريمة في عينيه. وبعد.. فمازال هذا المقال غير كاف باستيفاء كل وسائل الاتضاع.. فإلي اللقاء في عدد مقبل,إن أحبت نعمة الرب وعشنا.
| |
|