Ghada فنانـــــة المنتــــدى
عدد الرسائل : 16804 تاريخ التسجيل : 21/04/2007
| موضوع: خطورة الفضيلة الواحدة الجمعة 10 أكتوبر 2008 - 7:28 | |
| إنه من الخطأ إن لم يكن غالبية الناس أعنى الاهتمام بفضيلة واحدة أو التركيز على فضيلة واحدة بأسلوب يتناقض مع فضائل أخرى أو تهمل فيه فضائل أخرى.
فالحياة الروحية ليست مجرد فضيلة معينة ولكنها حياة تشمل كل شئ...
كما أن الكتاب المقدس ليس مجرد آية واحدة أو وصية واحدة إنما هو كتاب تحدث عن الخير كله وعن البر كله وينبغى أن نلتفت إلى كل ما فيه من وصايا لكى نحيا حياة لا نقص فيها ولا صراع ...لأنه ربما نقص فضيلة واحدة قد يضيع الحياة كلها ...! وكما قال الرسول :
" إن كان لى كل الايمان حتى أنقل الجبال ولكن ليس لى محبة فلست شيئا " ( 1كو 13: 2 )
مثال ذلك الفريسى الذى وقف يصلى مفتخرا فى الهيكل.
كان يذهب إلى الهيكل ويصلى وكان يصوم يومين فى الاسبوع ويعشر جميع أمواله ولم يكن من الناس الظالمين الخاطفين الزناة وهكذا لم يحصل فقط على فضيلة واحدة وإنما على جملة من الفضائل ولكنه كانت تنقصه فضيلة الاتضاع بل كان يفتخر بنفسه ويدين ذلك العشار لذلك لم يخرج من الهيكل مبررا مثل العشار ( لو 18 : 14)
وسنحاول أن نضرب أمثلة لخطورة استخدام الفضيلة الواحدة :
+ الوداعة:
بعض الاشخاص يتمسك جدا بفضيلة الوداعة على اعتبار أن السيد المسيح قد قال " تعلموا منى لنى وديع ومتواضع القلب " ( مت 11: 29 ) وايضا قوله " طوبى للودعاء لانهم يرثون الارض" ( مت 5 : 5 ) ويفهم الوداعة على أنه يكون باستمرار هادئا لا يغضب
وتأتى مواقف تحتاج الى نخوة والى شجاعة وشهامة ولا يتحرك هذا ( الوديع ) لأنه يحب ان يكون باستمرار طيبا هادئا!!
وفى تصرفه هذا لايكون إنسانا فاضلا لان كل مناسبة تحتاج إلى الفضيلة التى تناسبها وتمسك هذا الانسان بفضيلة الوداعة بدون الشهامة والشجاعة توقفه فى موقف الملام الناقص وقد قال الحكيم " لكل شئ زمان ولكل أمر تحت السموات وقت " ( جا 3: 1 )
الوداعة ليست معناها الضعف والقوة ليس معناها العنف
السيد المسيح نفسه كان وديعا ( مت 11: 29 ) وكان قويا.
+ الطيبة
كثيرون يحاولون أن تكون لهم فضيلة الطيبة لأنها ميزة واضحة للاتقياء وللقديسين. ولكنهم إذ يسلكون فى طيبة القلب وحدها بلا افراز وفهم كثيرون ما يصبحون ألعوبة وهزأة فى أيدى المستهترين.
كن طيب القلب لكن أضف إلى الطيبة فضيلة الحكمة فقد قال السيد المسيح " كونوا بسطاء كالحمام وحكماء كالحيات ولكن احذروا من الناس" ( مت10:16،17 ).فكن طيبا ولكن ليس بالقدر الذى تفقد فيه كرامتك وهيبتك وإلا فإن البعض - بسببك - سوف يكرهون الطيبة التى تجعل الغير يستغلهم ويستهزئ منهم.
ان السيد المسيح طيب القلب جدا وكان أيضا قويا جدا كان طيب القلب إذ إنه كان لا يخاصم ولا يصيح ولا يسمع أحد فى الشوارع صوته.قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفئ(مت 12: 19،20 )
وفى نفس الوقت لم تقف وداعته وحدها وإنما إلى جوارها شخصية قوية إذ كان قويا فى كلامه وفى إقناعه وتأثيره قويا فى محبته وفى بذله وفى مواجهته للمواقف
كان طيبا يحب الاطفال ويحنو عليهم ويدافع عن المرأة الخاطئة وفى نفس الوقت يخزى الذين قبضوا عليها فينسحبون ( يو8 : 7- 9 )
+ الحزم
قد يقال عن راهب إنه إنسان طيب يصلح أبا ولكنه قد لا يصلح أن يكون أسقفا إذ تنقصه الادارة وضميره يتعبه إن أخذ موقفا حازما أو أن انتهر أو عاقب أحدا.
كأنما الادارة والحزم ضد الروحيات
يوسف الصديق كان حازما جدا فى ادارة شئون مصر وفى نفس الوقت كان له قلب حساس مملوء من الحنو كان حازما جدا فى معاملته لاخوته حتى انهم ارتاعوا منه وخافوا لما قال لهم : " أنا يوسف أحى أبى بعد ؟ " ( تك 45: 3 ) ومع ذلك لم يستطع أن يضبط نفسه لما عرف أخوته بنفسه وأطلق صوته بالبكاء ( تك 45: 1،2 )
من الاشياء العجيبة التى نجدها أحيانا فى محيط الاسرة أن الابوين قد يوزعان الحب والحزم بينهما فيكون الحب مثلا للام والحزم للاب !! بينما الحب والحزم يجب أن يتصف بهما كل منهما
+ الخدمة والتأمل
هناك خدام يركزون على خدمتهم تركيزا كبيرا ومن فرط إنشغالهم بها يفقدون أهمية الصلاة والتأمل فى حياتهم ويهملون روحياتهم فى تركيزهم على فضيلة واحدةوهى الخدمة !!
ولاشك ان هذا ضد التكامل فى حياة الروح
إن السيد المسيح كان يطوف المدن والقرى يكرز ببشارة الملكوت0 مت 9 : 35 ) ومع ذلك كان يقضى الليل كله فى الصلاة وله خلوته فى جبل الزيتون ( يو 8 : 1 ) وفى بستان جثسيمانى.
الانسان المتكامل يجمع بين الحياتين لا تكون الخدمة على حساب التأمل ولا التأمل على حساب الخدمة ولا يكتفى بفضيلة منهما مهملا الاخرى.
+الطاعة
لقد أمر الله بطاعة المرشدين الروحيين الذين يسهرون لأجل نفوسهم كأنهم سوف يعطون حسابا ( عب 13: 17 ) وفى بستان الرهبان أمثلة كثيرة عن الطاعة لأباء كانوا قدوة عجيبة فى حياة القداسة . وهنا يقف أمنا سؤال هام وهو : هل تجب الطاعة مهما كان الامر متعبا للضمير ؟! هنا ونضع الى جوار الاية التى تدعو الى الطاعة اية أخرى مشهورة وهى :
" ينبغى أن يطاع الله أكثر من الناس " ( أع 5 : 29 )
فالمسيحية لا تنادى إطلاقا بمبدأ( الطاعة العمياء ) فينبغى أن يكون الانسان واعيا فى طاعته مدركا أنه يطي المرشد داخل طاعة الله وإلى جوار طاعة المرشد ينبغى أن توضع أيضا طاعة المرشد لله وكذلك روحانية المرشد ونفس الكلام يقال فى محيط الاسرة إذ يقول الكتاب:
" أيها الابناء أطيعوا والديكم فى الرب فإن هذا حق " ( أف 6: 1 )
الطاعة إذا موجهة أصلا إلى الله
أما طاعة الاباء والمرشدين فهى داخل طاعة الله
إن فضيلة الطاعة فضيلة جميلة تدل على الادب والتواضع وإحترام الكبار والخضوع لهم ولكن....
هناك بعض المواقف التى يجب أن نقول فيها ( لا )
صدقونى اتجرأ وأقول أن البعض استخدموا كلمة لا مع الله نفسه وكانوا من الابرار والقديسين
موسى النبى قال له الرب: " رأيت هذا الشعب وإذ هو شعب صلب الرقبة فالأن أتركنى ليحمى غضبى عليهم وافنيهم ..." ( خر 32: 9، 10 ) ولكن لم يتركه ليحمى غضبه بل قال له " ارجع عن حمو غضبك واندم على الشر بشعبك " ( خر 32: 12 )." والان إن غفرت خطيتهم وإلا فامحنى من كتابك الذى كتبت " ( خر 32: 32 )
إذن يمكن أن تقول لا أحيانا لمن هو أكبر منك ولكن قلها فى أدب.
إذن فى بعض المواقف ينبغى للانسان أن يشهد للحق ولكن على شرطين :
1 - أن يكون متأكدا أن ما يتكلم عنه هو الحق فلا يدافع عن جهل
2- أن يقول ذلك فى أدب فلا يخطئ بلسانه ولا بقلمه ولا بمشاعره ولا يجعل الاخرين يسلكون فى سبيله ويخطئون معه من اجل الحق أو ما يظنه حق
لأنه ليس من الحق أن يخطئ إنسان بأسم الدفاع عن الحق. | |
|