كتاب كلمة منفعة - البابا شنوده الثالث
14- الجدية
ربما تتصف بعض علاقتنا بالناس بالجدية، ولكن هل علاقتنا بالله لها نفس طابع الجدية؟
هل وعودنا لله هى وعود جادة؟ وهل قراراتنا الخاصة بحياتنا الروحية هى قرارات جادة؟ ام نحن نعد ولا ننفذ، نقرر ولا نفعل، كما لو كنا غير ملتزمين بشىء؟
هل نذورنا لله هى نذور ثابتة تتصف بالجدية؟ ام نحن نبرم مع الله إتفاقات هامة فى لحظات حرجة من حياتنا، ثم يزول الحرج فنلغى كل اتفاقاتنا، ونحاول تغييرها؟
وحينما نتقدم للتناول من السرائر المقدسة، عازمين من كل قلوبنا على حياة مقدسة مع الله، هل نحتفظ بهذا الشعور، أم ننسى تعهدات قلوبنا، ولا نسلك بجدية فى حياة التوبة..؟!
هل لنا خط واضح معروف نسلك فيه بثبات، ام نحن كريشة تتجاذبها الرياح بلا جدية؟
هل هذه الجدية فى الحياة الروحية، تلتزم بمبادىء معينة من النقاوة بلا انحراف، ومن وسائط النعمة بلا كسل، ومن الخدمة بلا تراخ؟
القديسون الذين تابوا، مثل موسى الاسود واوغسطينوس ومريم القبطية، كانت توبتهم تتصف بالجدية، فلم يعودوا مطلقا الى حياتهم القديمة التى تركوها بلا رجعة..
والذين اقاموا مع الرب صداقة وعشرة، لم يخونوه فى هذه الصداقة، بل ظلوا مخلصين له فى جدية، يشعرون بالتزام قلبى وعملى من نحو محبته..
الجادون فى حياتهم الروحية، لا تزحزحهم التجارب ولا الاغراءات ولا ينسون مطلقا انهم هياكل الله وان روحه ساكن فيهم، ولا ينسون انهم ابناء الله، وانهم يجب ان يظلوا محتفظين بصورته ومثاله..
الجادون فى حياتهم الروحية، تظهر الجدية فى كل مظهر من مظاهر حياتهم: فى كلامهم، وفى تصرفاتهم، وفى خدمتهم، وفى عبادتهم، وفى علاقاتهم بالآخرين، وفى موقفهم الحازم من الافكار ومن المشاعر المحاربة للقلب.
إنهم اصحاب مبادىء، ولهم إلتزام تجاه مبادئهم.
ليتنا نعيش جميعا بهذه الجدية، فهى صفة من صفات اولاد الله. وهى دليل على الثبات..