mifa20014 قلب المنتدى الطيب
عدد الرسائل : 31565 العمر : 52 تاريخ التسجيل : 08/05/2007
| موضوع: المحبة تحتمل كل شيء مقال 14-7 الثلاثاء 14 يوليو 2009 - 15:55 | |
|
نتابع تأملاتنا في المحبة حسبما شرحها القديس بولس الرسول في1كو13 فنتحدث اليوم المحبة تحتمل كل شيء..وتصبر علي كل شيء 1كو13:7
بقلم قداسة البابا شنودة الثالث
لست أريد في هذا المقال أن أحدثكم عن الاحتمال بصفة عامة.فالاحتمال موضوع طويل,وله أسباب عديدة.فهناك من يحتمل بسبب اتضاع قلبه,أو بسبب الحكمة وبتجنب عواقب الأمور.أو لأسباب أخري.ولكن موضوعنا الآن هو الاحتمال بسبب المحبة..المحبة التي تحتمل كل شيء. الذي يحب شخصا,يكون مستعدا أن يحتمل منه,وأن يحتمل من أجله. أبونا يعقوب أبو الآباء احتمل الكثير من أجل محبته لراحيل.احتمل أباها لابان,الذي غير أجرته عشر مرات,واحتمل سنوات طويلة يخدمه فيها,قال عنهاكنت في النهار يأكلني الحر,وفي الليل الجليد.وطار نومي من عينيتك31:40. ويقول الكتابفخدم يعقوب براحيل سبع سنين.وكانت في عينيه كأيام قليلة,بسبب محبته لهاتك29:20. أيضا يوناثان احتمل كثيرا من أجل محبته لداود. احتمل غضب أبيه الملك شاول,وتوبيخه له بكلام قاس بسبب دفاعه عن داود,حتي أن شاول ألقي رمحه نحو يوناثان ليقتله1صم20:30-33. ومن أمثلة المحبة التي تحتمل,احتمال الشهداء والنساك من أجل محبتهم لله.وكذلك أيضا الأنبياء والرسل. الشهداء احتملوا السجن والعذابات التي لاتطاق,ثابتين في محبة الله,رافضين أن ينكروه إلي أن قطعت رقابهم.ومن أجل محبة الله,احتمل الثلاثة فتية القاءهم في أتون النار,واحتمل دانيال أن يلقي في جب الأسوددا6,3. ومن أجل محبة الله ,احتمل الرهبان والسواح والنساك أن يعيشوا في البراري والقفار وشقوق الأرض,بعيدا عن كل عزاء بشري,في شظف الحياة زاهدين في كل شيء. ومن أجل محبة الله ونشر ملكوته,احتمل الرسل ألوانا من الأتعاب في كرازتهمفي صبر كثير,في شدائد في ضرورات في ضيقات,في ضربات في سجون,في اضطرابات في أتعاب,في أسهار في أصوام...2كو6:5,4. ومن أمثلة المحبة التي تحتمل,محبة الأمومة والأبوة. محبة الأم التي تحتمل متاعب الحمل والولادة والرضاعة,ومتاعب الصبر في تربية الطفل والعناية به,في غذائه وفي نظافته,وفي الاهتمام بصحته,وفي تعليمه النطق والكلام,وفي الصبر علي صراخه وصياحه وعناده...إلي أن يكبر. وكذلك تعب الأب في تربية أبنائه,واحتماله مشقة العمل بكافة الطرق للإنفاق عليهم وتوفير كافة احتياجاتهم. ومن أمثلة المحبة التي تحتمل,محبة الجنود لوطنهم. فمن أجل وطنهم الذي يحبونه,يحتملون مشاق التدريب والحرب,والتعرض للموت أو للإصابة,وربما يحتملون فقد بعض أعضائهم,مع جروح أو تشوهات.ونفس الوضع نقول علي ما تتحمله الشرطة لحفظ الأمن... كل هذا عن المحبة من أجل الغير,المحبة التي لاتطلب مالنفسها,وإنما ما للغير...أيضا كمثال رجال المطافيء وفرق الإنقاذ علي تنوع تخصصاتها. ننتقل إلي الحديث عن محبة الغير واحتمال تصرفاتهم. المحبة التي تحتمل الغير وتغفر له,والتي تحول الخد الآخر لمن يضرب اللطمة الأولي.المحبة التي تحتمل الإساءة ولاترد بالمثل..والمحبة لاتشكو من المسيء ولا تشهر به..وتنسي الإساءة,ولا تخزنها في ذكراتها..كما يفعل البعض لشهور وسنوات.المحبة التي لاتقول:هذه حقوقي وهذه كرامتي. المحبة التي تحتمل,هي محبة صاحب القلب الكبير الواسع. القلب الذي يحتمل العتاب ولايتضايق.وكما قال أليفار التيمانيأن امتحن أحد كلمة معك,فهل تستاءأي4:2تحتمل العتاب,حتي لو كان بكلمة صعبة.وتحتمل حتي الفكاهة ولو كانت بأسلوب يبدو فيه التهكم... علي أن يكون الاحتمال في غير ضجر ولاتذمر ولاضيق. بل بصدر رحب,وروح طيبة,غير متمركز حول ذاته وحول كرامته..إن صفات المحبة التي ذكرها القديس بولس الرسول تترابط معا.فطبيعي أن المحبة التي لاتطلب ما لنفسها,سوف لاتطلب كرامة لذاتها,وبالتالي ستحتمل كل شيء.كذلك فإن المحبة التي لاتحتد ,سوف تحتمل.وأيضا لاتتفاخر سوف تحتمل.. بعض الناس لايحتملون الذين لايفهونهم. ومن هنا كانت مشكلة الأذكياء مع الجهلاء أو الأقل فهما,أو مع الطبقات الجاهلة.لذلك يبعد مثل هؤلاء عن كثير من الناس.وقد لايحتمل الواحد منهم طول الوقت في إقناع غيره,فيبعد عنه.ولو كان في قلبه حب نحوه لأطال أناته عليه,لأنالمحبة تتأني.وأيضا كان يصبر لأن المحبة تصبر.وهكذا يضم إليه هذا الجاهل ويحتمله ,ويرجو منه خيرا.وهكذا مع الأطفال... القلب الضيق الخالي من الحب,هو الذي لايحتمل الآخرين: وهكذا قال بولس الرسول لأهل كورنثوس فمنا مفتوح إليكم أيها الكورنثيون.قلبنا متسع.لستم متضيقين فينا,بل متضيقين في أحشائكم...لذلك أقول كما لأولادي:كونوا أنتم أيضا متسعين1كو6:13,12 القلب المتسع يستطيع أن يحتمل الناس... كن إذن متسعا في قلبك وفي صدرك وفي فهمك.ولا تتضايق بسرعة.واعرف أن المجتمع فيه أنواع متعددة من الناس. وليسوا جميعا من النوع الذي تريده ..يوجد فيهم كثيرون لم يصلوا بعد إلي المستوي المثالي,ولا إلي المستوي المتوسط.وعلينا أن نحبهم جميعا.وبالمحبة ننزل إلي مستواهم لنرفعهم إلي مستوي أعلي.نتأني ونترفق عليهم,ونحتمل كل ما يصدر من جهالاتهم,ونصبر عليهم حتي يصلوا. لاتقلالناس متعبون.بل بمحبتك تعامل معهم,وحاول أن تصلح من طباعهم. ولو كنت لاتتعامل إلا مع المثاليين,فعليك أن تبحث عن عالم آخر تعيش فيه.في إحدي المرات قال لي شخصأنا لم أعد أحتمل فلانإطلاقا...إنه شخص لايطاق لايمكن احتماله!!فقلت لهوكيف إذن احتمله الله منذ ولادته حتي الآن؟!وكيف احتمل غيره وأمثاله منذ بدء الخليقة إلي يومنا هذا؟!حقا إن هذا لعجيب. وقال لي آخر:فلانيقول الكلمة ويرجع عنها فكيف يمكن أن أعاشره.إن عشرته لاتحتمل... فقلت له.وكم مرة تعهدنا لله بشيء.ورجعنا في كل تعهداتنا؟!وكم مرة وعدناه ولم نف بوعودنا,واحتملنا! كم مرة فرعون وعد أن يطلق الشعب إن رفعت عنه الضربة.ويرفع الله الضربة,ولايفي فرعون بوعده.ثم يعود الله فيحتمله في وعد آخر!!خر8-10بينما الله كان يعرف مسبقا أن فرعون سوف لايفي بوعوده. ومالنا وفرعون.كم مرة نذرنا لله ولم نف.وكان الله يعرف ذلك.ومع ذلك حقق لنا ما نطلبه في نذرنا!! فإن كان الله يحتملنا في كل هذا,فلماذا لانحتمل غيرنا؟! وكم مرة قدمنا لله توبة كاذبة.وكان الله يقبل اعترافنا وتوبتنا,ويسمح لنا بالتناول من الأسرار المقدسة.ثم نعود إلي خطايانا السابقة!!ويحتملنا الله ويطيل أناته علينا,حتي نتوب مرة أخري...كم مرة يأتي موعد الصلاة,فنقول ليس لدينا وقت نصلي فيه.يقول التراب والرماد للخالق العظيم:ليس لدي وقت أكلمك!!ويحتمل الله عبده.وكأنه يقول له:إن وجدت وقتا افتكرني! حقا ليتنا نتعلم دروسا من معاملة الله ونحتمل الناس... نحتملهم كما يحتملنا الله.,نحتملهم كي يحتملنا الله.لأنه يقولبالكيل الذي به تكيلون,يكال لكم ويزدادمت7:2مر4:24. بل تذكر كيف احتمل الرب عذابات الصليب والإهانات السابقة للصليب,والتحديات المصاحبة للصليب التي تقول لو كنت ابن الله انزل عن الصليب,وخلص نفسكمت26,مر15.ولكنه احتمل الاستهزاء ولم ينزل,بسبب محبته لنا,لكي يخلصنا.ونحن نقول له في القداس الإلهي: احتملت ظلم الأشراروأحب أن أضيف إليها:واحتملت ضعف الأبرار.. احتمل ظلم الأشرار الذين صلبوه,واحتمل ضعف الأبرار الذي هربوا وتركوه.احتمل من أنكره,ومن شك فيه.ومن قال لا أؤمن إن لم أضع أصبعي موضع المسامير..حقا إن المحبة تحتمل كل شيء...إن المسيح علي الصليب احتمل وحمل.احتمل كل التعييرات والعذابات,وحمل جميع خطايا الناس منذ بدء الخليقة إلي آخر الدهور.فليتنا نحتمل نحن أيضا أخطاء المسيئين إلينا,ونحتملها في حب. هذا كله من جهة الناس.فماذا عن العلاقة بالله؟ الذي يحب الله, لا يتضايق من انتظار الرب, بل يحتمل. قد يصلي,ولا يجد أن الصلاة قد استجيبت,فلا يشك في محبة الله.ولا يظن أن الله قد نسيه,بل يحتمل هذاالتأخرفي الاستجابة,أو ما يظنه تأخرا لأن الله يعمل دائما في الوقت المناسب,حسب حكمته...لذلك ما أعجب أبانا إبراهيم,الذي ينطبق عليه قول الرسولالمحبة تصدق كل شيء,وترجو كل شيء,وتصبر علي كل شيءلقد وعده الله بنسل,ومر علي ذلك أكثر من عشرين عاما,دون أن تلد سارة.ولكن إبراهيم كان لايزال يرجو ما وعده به الرب وصدقه ومازال يرجوه..وولد له الابن بعد 25 عاما من وعد الله.جميل قول المزمور:انتظر الرب.تقو وليتشدد قلبك,وانتظر الربمز27:14. حقا إن المحبة التي تصدق وعود الله,تستطيع أن تصبر علي كل شيء,وترجو كل شيء وتنتظر الرب.وأيضا تحتمل ,مهما طال الوقت.كما قال المرتل انتظرت نفسي الرب,من محرس الصبح حتي الليلمز130. القلب الواسع المحب ,يستطيع أن يصبر وينتظر.أما القلب الضيق أو الذي محبته قليلة,فهذا يتضجر.يريد أن يطلب ويناله في التو واللحظة.كذلك الإنسان المحب لله يحتمل التجارب والمشاكل... ولاتتزعزع محبته لله مهما طالت التجربة,أو ازدادت حدتها.بل يقول في ثقةكل الأشياء تعمل معا للخير للذين يحبون اللهرو8:28.وكما قال القديس يعقوب الرسول احسبوه كل فرح يا إخوتي,حينما تقعون في تجارب متنوعةيع1:2أن المحبة تحتمل كل شيء,في ثقة وفي غير تذمر.ولاتتعجل حل المشكلات,بل تنتظر الرب وتصبر.وتعطي المشكلة مدي زمنيا يحلها الله فيه,في الوقت الذي يراه مناسبا,وبالطريقة التي يراها مناسبة. والإنسان المحب لله,يحتمل الضيقات المادية...ويقول مع القديس بولس الرسولقد تعلمت أن أكون مكتفيا بما أنا فيه...تدربت أن أشبع وأن أجوع.أن استفضل وأن أنقص..في4:12,11المحبة تحتمل كل شيء,وتصدق كل شيء,وترجو كل شيء1كو13:7.وقد أسهبنا في عبارةتحتمل... عبارةتصدق كل شيءيمكن ممارستها في علاقتنا بالله..نصدق كل مواعيده,وكل ما ذكر الكتاب عن محبته.نصدق مجيئه فننتظره. ونصدق محبته.فنبادله الحب.ونصدق كلامه فنؤمن به. ولكن هل نستطيع أن نصدق الناس في كل شيء؟ مهما أحببنا الناس,لانستطيع أن نصدقهم في كل ما يقولونه إن لم يكونوا أمناء.هوذا الرب يقول عن مجيئه الثانيإن قال لكم أحد هوذا المسيح هنا أو هناك,فلا تصدقوا.لأنه سيقوم مسحاء كذبة وأنبياء كذبة...مت24:23-24.يعقوب أبو الآباء صدق أولاده في أن وحشا مفترسا قد افترس يوسف,وكانوا مخادعينتك37:31-35. وحذرنا الرب حينما قالفلا نسمع لكلام ذلك النبي أو الحالم ذلك الحلم,لأن الرب إلهكم إنما يمتحنكم..تث 13:1-3. المحبة تصدق,في الحالات الطبيعية.وفي غير ذلك فالمحبة لله أولا,ونصدق الله أكثر من الناس. فلا تصدق كل ما يتعارض مع كلام الله. كذلك من الله نرجو كل شيءوفي غير ذلك يقول الكتاب:الرجاء بالله خير من الرجاء بالإنسان..مز118.. نكتفي بحديثنا هذا الآن.ونختم هذا الموضوع بالمقال المقبل إن أحبت نعمة الرب وعشنا.
| |
|