- ينبغي أولاً أن نصلي بفهم:
بحيث كل كلمة تقولها في الصلاة، تكون فاهما لمعناها، كل كلمة تقولها لها عمقها عندك. كل كلمة في صلاتك، يشترك فيها اللسان مع العقل، والقلب، والمشاعر، والجسد. يشترك فيها الإنسان كله. كما نقول في بعض صلواتنا " قلبي ولساني، يسبحان القدوس". فالصلاة ليست مجرد كلام. بل لسانك يتحدث، وعقلك مركز في الكلام ومعانيه، وتشترك بمشاعرك وكل قلبك، وروحك تقود العملية كلها..
2 – وأيضا يشترك جسدك وتشترك حواسك في الصلاة:
جسدك يشترك بالركوع، بالسجود، بالخشوع، برفع اليدين، ورفع النظر إلي فوق. وجمع الحواس، فلا يتشتت السمع والبصر هنا وهناك، ولا تتشتت الحركات، بل يكون الإنسان ثابتاً، باحترام شديد في صلاته يعرف أمام من هو واقف. إن الشاروبيم والسارافيم وهم يقفون أمام الله، بجناحين يغطون وجوههم، وبجناحين يغطون أرجلهم، من هيبة الله الذي يقفون أمامه.. فكم بالأولي نحن.. إن الأب الكاهن في صلاة الصلح في القداس، يمسك لفافة أمام وجهه، رمزاً لهيبة الله الذي هو يقف أمام عظمته.
3 – وهكذا ينبغي أن تكون الصلاة أيضا بفكر مجتمع، غير مشتت:
فلا يصح أن تتكلم مع الله، وأفكارك شاردة في موضوعات أخري. بل حاول أن تجمع أفكارك وتركزها في الصلاة. ويحسن أن تمهد لذلك بقراءة روحية أو بترتيلة أو تأمل. ولا تقف للصلاة وعقلك مشغول بشتي الموضوعات. البعض يغمض عينيه أثناء الصلاة، حتى لا ينشغل بصره بأمور تجلب له أفكاراً. المصلي الحقيقي لا يحس بكل ما حواليه. هو مع الله فقط، وحده.. كما أن الإنسان إذا صلي بفهم، سيصلي حتما بتركيز وعمق. كما يقول داود "من الأعماق صرخت إليك يا رب" (مز130: 1). من عمق قلبي، من عمق مشاعري، من عمق احتياجي، من عمق مشاكلي وسقطاتي أريد أن أرتفع إليك.
4 – مثل هذه الصلاة لابد أنها تكون بحرارة:
لأن الإنسان يسكب نفسه أمام الله، انظروا إلي حنة التي صارت اماً لصموئيل النبي، يقول الكتاب عنها إنها "صلت إلي الرب، وبكت بكاءً، ونذرت نذراً" وإنها كانت تتكلم في قلبها، وشفتاها فقط تتحركان، وصوتها لا يسمع حتى أن عالي الكاهن ظنها سكري" (1صم 1: 10-13). بكل عواطفها كانت تصلي، بكل حرارة، بنفس منسكبة أمام الله.. وما أجمل ما قيل عن إيليا النبي أيضا إنه " صلي صلاة" (يع 5: 17). ماذا تعني عبارة "صلي صلاة"..؟ تعني أنها ليست أي كلام. بل صلاة لها عمقها ولها حرارتها..
يصلي صلاة، أي يصلي بالمعني العميق لهذه الكلمة.
فقد يقف كاهن أمام المذبح، وتشعر في أعماقك أنه يصلي. بينما يقول كاهن آخر نفس القطعة من القداس، فتلحظ أنه يتلو كلاماً ولا يصلي. وقد تسمع لحناً واحداً من إثنين من المرتلين، فتحس أن أحدهما يصلي، أما الآخر فيقدم نغمات وألحاناً بلا روح، بلا صلاة.. هناك إنسان يزعم انه يصلي، ولا يصل إلي السموات من صلاته شئ. بينما آخر يصلي، فإذا واحد من الأربعة والعشرين كاهناً الذين تحدث عنهم سفر الرؤيا، يأتي ومعه مجمرته الذهبية، فيحمل فيها هذه الصلاة لتصعد كرائحة بخور أمام الله.. . إنه صلي صلاة. بعض الملائكة في السماء يشتمون رائحة بخور زكية، فيبحثون عن سببها، ويكون أن (فلاناً) قد وقف يصلي.. الصلاة بحرارة، قد تظهر في ألفاظ الصلاة أو في قوتها، أو في لهجتها، وقد تظهر في دموع تصاحب الصلاة. أما عبارة أن الإنسان يسكب نفسه في الصلاة، فلست أجد ألفاظاً في اللغة يمكن أن تعبر عنها.. أتركها لكم لتفهموها بأنفسكم. ولكن علي الأقل أقول إن الإنسان يعصر نفسه عصراً، ويسكبها أمام الله..
5 – تصلي أيضا بتأمل..
فمثلاً إن صليت الصلاة الربية، ووصلت إلي عبارة ليأت ملكوتك، يمكن أن تدخل إلي عمق مفهوم هذا الملكوت، كأن يملك الله علي قلوب الناس وأفكارهم، وعلي أهدافهم ووسائلهم.. أو أن تتأمل ملكوت الله علي الأمم والشعوب والممالك إلى لا تعرفه.. أو تسرح في الملكوت الأبدي في أورشليم السمائية.. وهكذا تجد نفسك – في تأملاتك – وأنت داخل في عمق أعماق هذا الملكوت.
6 – صفات أخري كثيرة:
هناك صفات أخري كثيرة للصلاة المقبولة، كأن تكون صلاة بحب كما سبق أن قلنا، وكذلك صلاة بخشوع، وصلاة بإيمان يؤمن المصلي أن الله سيستجيب صلاته، أو علي الأقل يؤمن أن الله سيعمل ما فيه الخير له.