mifa20014 قلب المنتدى الطيب
عدد الرسائل : 31565 العمر : 52 تاريخ التسجيل : 08/05/2007
| موضوع: سمعتم أنه قيل عين بعين..وسن الإثنين 10 سبتمبر 2012 - 15:57 | |
|
سمعتم أنه قيل عين بعين..وسن بسن (مت5:38)
السبت 08 سبتمبر 2012 - 10:09 ص بقلم قداسة البابا شنودة الثالث
تشريع قضائي: هكذا قال الرب في العظة علي الجبل:سمعتم أنه قيل عين بعين وسن بسن أما أنا فأقول لكم:لاتقاوموا الشر بل من لطمك علي خدك الأيمن فحول له الآخر أيضا.ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضا ومن سخرك ميلا واحدا فاذهب معه اثنين.. مت5:38-41
تشريع قضائي: هكذا قال الرب في العظة علي الجبل:سمعتم أنه قيل عين بعين وسن بسن أما أنا فأقول لكم:لاتقاوموا الشر بل من لطمك علي خدك الأيمن فحول له الآخر أيضا.ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضا ومن سخرك ميلا واحدا فاذهب معه اثنين.. مت5:38-41. في الواقع إن عبارةعين بعين وسن بسنكانت شريعة للتقاضي وليست للمعاملات الشخصية. أي أنه إذا اعتدي شخص علي آخر وعرض الأمر علي القاضي أو علي لجنة للتحكيم فتكون الشريعة التي يحكمون بها هي هذه عين بعين..وقد ورد ذلك في سفر الخروجأصحاح21الذي يبدأ بعبارة وهذه هي الأحكام التي تضع أمامهموقد ورد فيهاوإن حصلت أذية,تعطي نفسا بنفس,وعينا بعين وسنا بسن ويدا بيد..خر21:23. وقد ورد فيلا24:20,19:وإذا أحدث إنسان في قريبه عيبا فكما فعل كذلك يفعل به:كسر بكسر وعين بعين وسن بسن..وواضح أنه حكم قضائي كما ورد في سفر التثنية افعلوا به كما نوي أن يفعل بأخيه فتنزعون الشر من وسطهم ويسمع الباقون فيخافون..لا تشفق.نفس بنفس,وعين بعين,سن بسن..تث19:19-21. إذن هي شريعة للقضاء وليست تصريحا للأفراد بأن ينتقموا لأنفسهم. لا انتقام: إن الرب لم يغير شريعة العهد القديم في هذا الموضوع. لقد قدم تفسيرا لها ولم يقدم تناقضا. فالله لم يأمر في العهد القديم بأن ينتقم شخص لنفسه بل نلاحظ عكس ذلك. إن داود النبي لم ينتقم من شاول الملك لما وقع في يده. شاول الذي حاول قتل داود أكثر من مرة وطارده من برية إلي أخري,وحرض كثيرين علي قتله ,وأخيرا لما وقع في يدي داود,وكان من السهل جدا أن يقتله وقد حرضه رجاله علي ذلك..رفض داود أن يسمع لهم,وارتفع عن مستوي الانتقام,وقال لرجاله:حاشا لي من قبل الرب أن أعمل هذا الأمر..فأمد يدي إليه لأنه مسيح الرب هو1صم24:16صم26:11 ولما فكر داود مرة أن ينتقم من نابال الكرملي وبخته أبيجايل. وقالت له..لاتكون لك هذه مصدقة ومعثرة قلب لسيدي, أنك سفكت دما عفوا أو أن سيدي قد انتقم لنفسه1صم25:31وسمع داود لنصيحة أبيجايل وامتدحها وقال لهامباركة أنت لأنك منعتني اليوم من إتيان الدماء وانتقام يدي لنفسي1صم25:33. نلاحظ أيضا أن يوسف الصديق لم ينتقم من إخوته بل أكرمهم. لقد نزعوا قميصه عنه وألقوه في بئر جاف ليموت ثم باعوه بعد ذلك وصار عبدا لفوطيفار..ولما أحسن الرب إلي يوسف,وصار متسلطا علي كل أرض ووقع إخوته في يديه , لم ينتقم منهم,بل علي العكس أسكنهم في أرض جاسان,واعتني بهم وبكي حينما كلموه قائلين اصفح عن ذنب عبيد إله أبيكقال لهم لاتخافوا...أنتم قصدتم لي شرا أما الله فقصد به خيرا...لاتخافوا أنا أعولكم وأولادكم وعزاهم وطيب قلوبهمتك50:17-21. والمنع عن الانتقام أيده العهد الجديد,كما قال الكتاب: لاتجازوا أحدا عن شر بشر..لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء. لأنه مكتوب:لي النقمة أنا أجازي يقول الربرو12:19,17أي لا تنتقم لنفسك بل اترك الأمر إلي الله هو يتصرف لأن له المجازاة.. ويقول معلمنا بطرس الرسول أيضاغير مجازين عن شر بشر أو عن شتيمة بشتيمة بل بالعكس مباركين عالمين أنكم لهذا دعيتم..1بط3:9. فالشخص الذي يشتمه إنسان شرير ويرد عليه الشتيمة بمثلها إنما يصير مثله في الخطأ ولذلك يقول الكتابلاتجاوب الجاهل حسب حماقته لئلا تعد له أنتأم26:4فالناس حينما يرونكم تتبادلون الشتائم هكذا يقولون إنكم من نفس المستوي غير الروحي. لا تأخذ حقك علي الأرض فحقك محفوظ في السماء. الله سيعطيك حقك فانتظر الرب وأيضا لاتركز مشاعرك حول ذاتك وبروح المحبة احتمل فالمحبة لاتطلب ما لذاتها والمحبة تحتمل كل شيء1كو13:7,6. وعدم المجازاة عن شر بشر,موجود أيضا في العهد القديم: فقد ورد في سفر الأمثاللاتقل كما فعل بي أفعل به, أرد علي الإنسان بمثل عملهأم24:29وورد أيضالاتقل إني أجازي شرا انتظر الرب فيخلصك. معيار فمعيار مكرهة الربأم20:22- 23. إذن فالسيد الرب أراد أن يصحح مفهوم البعض لعبارةعين بعين وسن بسنالتي لاتعني مطلقا التصريح بالانتقام الشخصي وكأنه يقول لهم عبارته للصدوقيين تضلون إذ لاتعرفون الكتبمت22:29. فالإنسان لايحق له أن ينتقم ولا أن يفرح بضرر لعدوه. فالكتاب يقوللاتفرح بسقوط عدوك ولايبتهج قلبك إذا عثر لئلا يري الرب ويسوء ذلك في عينيهأم24:17فأنت لاتنتقم ولاتفرح بالنقمة إن أتت من طريق آخر, ولا تطلب من الرب أن ينتقم لك من شخص أساء إليك, بل الكتاب يقول في العهد القديم: إن جاع عدوك فأطعمه خبزا وإن عطش فاسقه ماءأم25:21. وهذا ما اقتبسه بولس الرسول فيرو12:20فالشريعة في هذا الأمر واحدة في العهدين وفي كليهما لاتدعو إلي الانتقام من العدو بل علي العكس تأمر بعمل الخير معه, وتجازي إن لم يفعل الإنسان خيرا مع عدوه إن كان في طاقة يده أن يفعل ذلك فيقول الكتاب: إذا صادفت ثور عدوك أو حماره شاردا ترده إليه, إذا رأيت حمار مبغضك واقعا تحت حمله وعدلت عن حله فلابد أن تحل معهخر23:5,4. ذلك لأنك إن جازيت عن شر بشر يكون الشر قد غلبك بينما يقول الكتابلا يغلبنك الشر بل أغلب الشر بالخيررو12:21 يقول الرب بعد عبارةعين بعين وسن بسنلاتقاموا الشر..فما معني هذه العبارة؟ لاتقاوموا الشر: أي لاتقاوموا الشر بالشر. فالنار لاتطفئها النار وإنما يطفئها الماء فلو أنك صارعت مع الشر بأسلوبه سيكبر الموضوع ويشتعل بالأكثر ويصعب حله فاتركه إلي الرب يتصرف فيه بحكمته وانتظر الرب. ولاتجعل راحتك في الانتقام لنفسك بل راحتك في نقاوة قلبك. ونقاوة قلبك تكون في انتصارك علي الشر لا في انتصاره عليك ولتدخل من الباب الضيق الذي فيه تحتمل من أساء إليك. والله قد وضع أمام الناس درجات في مواجهة الشر: فالذي لايستطيع درجة, يستخدم غيرها فهناك نوع من الناس يمكنه أن يتنازل عن حقه تماما ويحتمل ذلك ونوع آخر يقاوم ويدافع عن حقه ولكن بطريقة روحية لايخطيء فيها. ومن أمثلة ذلك في التاريخ الحديث:المهاتما غاندي الزعيم الروحي للهند كان لايستعمل العنف إطلاقا ولايرد علي الأذي بأذي ولكنه في نفس الوقت كان يتمسك بحق بلاده ويدافع عنه بالطريق السلمي حتي ينال هذا الحق. وقول الربلاتقاوموا الشر ليس معناه لاتقاوموا الخطيئة!!كلا بل الشر هنا بمعني الأذي. والسيد المسيح لم يقاوم جالديه وصالبيه,بل كما قيل في النبوءة عنهبذلت ظهري للضاربين وخدي للناتفين وجهي لم أستر عن العار والبصقأش50:6وقيل عنه أيضا في أحداث صلبه كشاة تساق إلي الذبح..فلم يفتح فاهأش53:7. ولكنه من جهة الإيمان والحق قاوم الأشرار. فقال للكتبة والفريسيين الذين أغلقوا أبواب الملكوت,فما دخلوا ولا جعلوا الداخلين يدخلون :الويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تطوفون البر والبحر لتكسبوا دخيلا واحدا ومتي حصل تصنعونه ابنا لجهنم أكثر منكم مضاعفا ويل لكم أيها القادة العميان...مت23:13-16 وقاوم الشر أيضا في تطهيره للهيكل. فلما رآهم يبيعون ويشترون في الهيكل أخرج الباعة عنهوقلب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام وقال لهم:مكتوب بيتي بيت الصلاة يدعي وأنتم جعلتموه مغارة لصوصمت21:13,12 إن الشر بمعني الخطية لابد لنا أن نقاومه. والقديس بولس الرسول وبخ العبرانيين قائلا لهملم تقاوموا بعد حتي الدم مجاهدين ضد الخطيةعب12:4. وفيما نقاوم الخطية نقاوم إبليس نفسه كما قال الكتابقاوموا إبليس فيهرب منكميع4:7وأيضاإبليس خصمكم كأسد يزأر ملتمسا من يبتلعه هو فقاوموه راسخين في الإيمان1بط5:9,8 كذلك يجب مقاومة التصرفات المعثرة. وهكذا فعل القديس بولس الرسول مع القديس بطرس الرسول. إذ يقولقاومته مواجهة لأنه كان ملوما لأنه قبلما أتي قوم من عند يعقوب كان يأكل مع الأمم. ولكن لما أتوا كان يؤخر ويفرز نفسه خائفا من الذين هم من الختان, وراءي معه باقي اليهود أيضا..فلما رأيت أنهم لايسلكون باستقامة حسب حق الإنجيل قلت لبطرس قدام الجميع إن كنت وأنت يهودي تعيش أمميا لا يهوديا فلماذا تلزم الأمم أن يتهودوا؟!غل2:11-14. ومن واجبنا أيضا أن نقاوم التعليم الخاطيء والبدع والهرطقات. ومن جهة التعليم الخاطيء قال القديس يوحنا الحبيب إن كان أحد يأتيكم ولا يجيء بهذا التعليم فلا تقبلوه في البيت ولاتقولوا له سلام لأن من يسلم عليه يشترك في أعماله الشريرة2يو11,10. ومعروف أن الكنيسة حاربت البدع والهرطقات وقاومتها بكل شدة وعقدت المجامع المكانية والمسكونية لهذا الغرض وحرمت أصحاب البدع والهرطقات من الكنيسة والآباء الذين قاوموا تلك الهرطقات اعتبرتهم الكنيسة من أبطال الإيمان. إذن من لممكن للإنسان أن يتنازل عن حقه وليس عن حق الله. وليس فقط من حقه أن يقاوم الخطأ بل من واجبه أن يفعل ذلك. وبهذا المعني ينبغي أن نفهم عبارة لاتقاوموا الشرفالكتاب يقوللا تشتركوا في أعمال الظلمة غير المثمرة بل بالحري وبخوهاأف5:11 وعبارة وبخوهاتعني بلا شك مقاومتها. وهناك فرق بين الأمور المادية وغير المادية. من جهة الأمور المادية من أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضاومن سخرك ميلا واحدا فاذهب معه ميلينومن لطمك علي خدك فحول له الآخر أيضامت5:39:41 ولا نأخذ هذه الآيات بمعناها الحرفي بقدر ما نفهم أننا لا نقيم إشكالات ولا ندخل في صراعات من أجل أمور مادية بل نحتمل ليس فقط ما يحدث لنا بل ماهو أكثر منه أيضا. أما إن أراد أحد أن يبعدنا عن الله وعن الإيمان أو أن يوقعنا في خطية ما, فينبغي أن نقاوم حتي الدم كما يقول الرسولعب12:4وإن نقاوم تعتبر هذه خطية... ولكن وصية الرب لاتمنع الدفاع عن النفس. ولاتمنع التقاضي ولا تمنع أيضا الدفاع عن الغير وبخاصة عن الضعفاء والمظلومين لأنك في تلك الحالة تكون مدافعا عن حق غيرك ممن لايقدر علي الدفاع عن نفسه.. وهكذا فعل القديس يوحنا ذهبي الفم حينما وقف ضد الإمبراطورة لأنها ظلمت أرملة بل ومنعها من دخول الكنيسة. وأمامنا في الدفاع عن النفس مثالان للقديس بولس الرسول: مثل منهما حينما مدوه للسياط ليجلدوهفقال بولس لقائد المئة الواقف:أيجوز لكم أن تجلدوا إنسانا رومانيا غير مقضي عليه؟! أع22:25فلما وصل الأمر إلي الأمير وسأل بولس, للوقت تنحوا عنهواختشي الأمير لما علم أنه روماني ولأنه قد قيدهأع22:29. والمثل الثاني لما طلبه اليهود من الوالي فستوس ليحاكم أمامهم ويقتلوه حينئذ قال القديس بولسأنا واقف لدي كرسي ولاية قيصر حيث ينبغي أن أحاكم.. أنا لم أظلم اليهود بشيء كما تعلم أنت أيضا جيدا..إلي قيصر أنا أرفع دعوايأع25:11,1حينئذ تكلم فستوس مع أرباب المشورة وأجابهإلي قيصر رفعت دعواك إلي قيصر تذهب. ولم يكن القديس بولس خائفا من الموت ولكنه رأي أن يذهب إلي القيصر في رومية حسبما قال له الرب كما شهدت لي في أورشليم هكذا ينبغي أن تشهد في رومية أيضاأع23:11. إذن يمكن أن نقاوم الشر,بحيث لانقع في خطية. ونقاوم الشر,فلا نترك له فرصة لينتشر.
| |
|