Ghada فنانـــــة المنتــــدى
عدد الرسائل : 16804 تاريخ التسجيل : 21/04/2007
| موضوع: عوائق التوبة السبت 18 أكتوبر 2008 - 21:22 | |
| بقلم قداسة البابا شنوده الثالث
كثيرون مقتنعون بأن العام الجديد يجب أن يبدأ بقلب جديد وبروح جديدة, وحياة نقية مقبولة أمام الله, لكى يبارك هذا العام ويجعله سعيداً. ولكن على الرغم من هذا الاقتناع, ما أقل الذين يحيون التوبة التى تُرضى الله فيرضى عنهم. فلماذا؟ هل لأن حماس العالم الجديد قد فتر, ولم يستمر معهم ؟ أم لأن التوبة صعبة أمامهم, وهناك عوائق عديدة فى طريقها ؟!
أتذكر أنه منذ 46 عاماً, وصلني بهذا الشأن خطاب من شاب عزيز علىّ, فتأثرت جداً ثم أرسلت له رداً قلت فى مقدمته: "وصلني خطابك يا أخي المحبوب. ويخيلّ إلىّ أنني قرأته مراراً قبل أن أراه.. إنه صورة حياة أعرفها, وقصة قلوب كثيرةً
هى أفكار تتعب كثيرين, عوائق تقف أمامهم فى الطريق إلى الله, تحول دون توبتهم, وتمنع نموهم الروحى: فالبعض يعجز عن التوبة. والبعض يبدأ ولا يستمر... فما هى تلك العوائق ؟
· أولاً لأن التوبة هى أكثر شئ يحاربه الشيطان:
لأن معناها أن التائب سيفلت من حبائله, ولا يعود أن يخضع له بعد. وهكذا يضيع كل تعب الشيطان الذى بذله الشيطان من قبل فى إسقاطه. لذلك فإن الشيطان يقدم له كل أنواع الإغراءات التى تثنيه عن عزمه الصالح, ويتيح له فرصاً للخطية ما كان يحلم بها قبلاً بحيث تضعف أمامها إرادته, أو يعيد إلى ذهنه ذكريات الخطايا التى هى محببة إليه, أو يظهر صعوبة الطريق إلى الله. وهكذا يجد نفسه فى حرب من شهوات القلب, ومن كثرة الأفكار, فيستسلم..!
· من عوائق التوبة أيضاً ضعف الشخصية التى تنقاد إلى المحيط...
فالمفروض فى الإنسان الروحى أن تكون له شخصية قوية ثابتة لا تنجرف مع المحاربات الخارجية من الخارج...
إن سمكة صغيرة يمكنها أن تقاوم التيار وتسير عكسه ما دامت لها إرادة. بينما كتلة ضخمة من الخشب- قدر هذه السمكة مئات المرات- يمكن أن يجرفها التيار, لأنه لا إرادة لها. لذلك- إن أراد أحد أن يتوب- يجب أن يكون قوى الشخصية, قوى الإراده. يعزم ويقدر...
· عائق آخر فى طريق التوبة هو تأجيلها
إن الشيطان, اذا وجد أن عزم الإنسان قوى, وأنه مصمم على التوبة, لا يحاربه حرباً مكشوفة بالامتناع عن التوبة خوفاً من رفضه ذلك. بل يدعوه إلى التأجيل بأعذار معينة, أو بإغراءات يقول له فيها: ليس الآن, فالعمر أمامك طويل ويمكنك أن تتوب فى أى وقت, إنما الآن أمامك أمور عديدة لتقضيها ولا تناسبها التوبة!!
على أن التأجيل له أكثر من خطورة: فإن فرص التوبة قد تفلت. فإن الخطية إذا استمرت مدة أطول, قد تأخذ سلطاناً عليه وتثبّت أقدامها. كذلك ربما بالتأجيل: مجرد الرغبة فى التوبة قد تختفى. والتأثيرات الروحية التى دفعت اليها, قد تفقد قوتها. كما أن التأجيل فى مضمونة حتى يكون خطوة نحو الإلغاء...
· من عوائق التوبة أيضاً: اليأس
حيث يقول الخاطئ "كيف يمكنني أن أتوب, وأنا عاجز تماماً عن القيام من سقطتي؟! وإرادتي لا تستطيع مطلقاً أن تقاوم إغراءات الخطية ومحبتها التى فى قلبي, وأفكارها المغروسة فى عقلي!!
يأخى إن كنت قد يئست من نفسك, فالسماء لم تيأس من توبتك. وإن كنت غير قادر على الخلاص من شهوات قلبك, فالله قادر على أن يخلصك منها. فقد خلّص كثيرين من قبلك, وكانت حالتهم أسوأ..
فلا تخف إذن, ولا مجال لليأس, ولا تصغر نفسك. فالنعمة حينما تعمل سوف تعطيك قوة. ولا تهم الآن مقاومتك, ضعيفة أو عاجزة..
* يقول البعض: "هل من المعقول أن أعيش طول عمري بعيداً عن الخطية, وهى تجرى فى دمى؟! إن تبت اليوم, فسوف أرجع غداً!!"
إنها مغالطة يلقيها الشيطان فى قلبك. كما أنك ستعيش فى التوبة بنفس هذا القلب الذى يحب الخطية!! كلا, فسوف يعطيك الله قلباً جديداً تُنزع محبة الخطية. وحينئذ لن تفكر فى الرجوع اليها, بل ستندم على ما فعلته سابقاً. وشعورك الحالى سوف يتغير. وسوف تزول من عقلك الأفكار والصور التى كانت تلوثه من قبل...
إذن إحترس من الفكر الذى يقول لك "إن التوبة صعبة وغير ممكنة. فكل عائق سوف تزول صعوبته, حينما تعمل نعمة الله معك.
على أن أكبر عائق للتوبة, أن يشعر الشخص أنه غير محتاج إلى التوبة.
وهذا ما يسمونه بالبر الذاتي, أى أن يكون الإنسان باراً فى عينى نفسه! ويقول فى جرأة: ماذا فعلت من خطأ حتى أتوب عنه؟! بل ان حياته جميلة فى عينيه, كيف يغيّرها! حقاً إن الإنسان لا يمكنه أن يتوب, إلا وشعر بأن فى حياته بعض النقائص أو الأخطاء فيسعى إلى إصلاح ذاته. لذلك على كل إنسان- من هذا النوع- أن يصلح موازينه الروحية. ويسعى دائماً نحو الكمال. حينئذ سوف يشعر بأن المسافة طويلة بينه وبين المطلوب منه أن يفعله.
ولكن مما يعوق التوبة, أن يقارن الشخص نفسه بمستويات ضعيفة:
فيظن- مع هذه المقارنة- أنه فى حالة حسنة لا تحتاج إلى توبة. أو يضع أمامه الأعذار, كأن يقول "كل الناس هكذا... فهل أشذ عن الكل؟!". طبعاً ليس عذراً أن يكون الشر مسيطراً على أغلبية الناس. فأبونا نوح عاش باراً فى عصر سيطرت عليه الخطية, حتى أغرق الكل بالطوفان...!
عموماً فإن مخافة الله إن وُجدت فى القلب, فسوف تبعده عن الخطية, وتقوده إلى التوبة... | |
|