Ghada فنانـــــة المنتــــدى
عدد الرسائل : 16804 تاريخ التسجيل : 21/04/2007
| موضوع: القيامة العامة يتبعها التمتع بما لا يرى السبت 18 أكتوبر 2008 - 21:53 | |
| لقداسة البابا شنودة
أود أن أحدثكم عن جوهر المتعة في العالم الآخر بالقيامة, وهي قول الكتاب المقدس "ما لم تره عين, ولم تسمع به اذن, ولم يخطر على بال إنسان ما أعدّه الله للذين يحبونه" ( اكو 9:2 ). ولهذا نصحنا الكتاب بقوله "غير ناظرين إلى الأشياء التي تُرى, بل إلى التي لا تُرى, لأن التي تُرى وقتية, وأما التي لا تُرى فأبدية" (2 كو 4: 18).
فما هي إذن تلك الأشياء التي لا تُرى؟ وما الذي لم تره عين وقد وُعدنا أن نتمتع به في الأبدية؟
***
* من الأشياء التي لا تُرى : الأبدية :
نحن نسمع عن الأبدية, ونقرأ عنها في وعود الله, ولكننا لم نرَ الأبدية, فكل شيء أمامنا إلي زوال, وحياتنا علي الأرض لها نهاية. فالذي ينظر باستمرار إلى الابدية, وإلي امتداد حياته بعد الموت, يعمل لهذه الأبدية, ويستعد لها باستمرار, بالتوبة والعمل الصالح ونشر الخير في كل مكان ومع كل أحد, والذي يفكر في الابدية باستمرار, لا ينظر إلي هذا العالم الحاضر, ولا يهتم به, موقنا بأن العالم يبيد وشهوته معه. كذلك لا يركز رغباته في المادة ولا يشتهيها... هو يعيش في العالم, ولكن العالم لا يعيش فيه, كما يمكنه أن يملك المادة, ولكن لا يسمح للمادة أن تملكه, بل يستخدمها للخير.
إن العالم والمادة من الاشياء التي تُرى , فهي لذلك وقتية ـ فلا يجعلهما سببا لضياعه روحيا ـ فقد قال السيد المسيح "ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه"
( مت 16: 26 ) ولهذا كل ما نفقده من العالم والمادة لا نحزن عليه, لأنه سوف لا يصحبنا في اليوم الأخير, ولا يكون معنا في الأبدية.
***
* أيضا من الأمور التي لا تُرى : الملائكة وأرواح الأبرار:
إن الملائكة أرواح, وهم حولنا يروننا, وينقذوننا من أخطار كثيرة, وعلى الرغم من وجودهم حولنا, فنحن لانراهم بهذه العيون المادية, ولكننا سنراهم بلاشك بعد القيامة في الأبدية السعيدة, وكذلك سنرى أرواح الابرار الذين سبقونا إلي السماء.
أما الآن, فنحن بالروح نؤمن بوجود الملائكة, ونراهم بالإيمان ونستحي أن نفعل خطية في حضرتهم, على الرغم من أنها غير مرئية حالياًٍ.
***
* من الأشياء التي لا تُرى أيضا: الروح:
الروح لا تُرى, أما الجسد فهو من المرئيات, لذلك فالشخص الروحي, يحيا مهتماً بروحه, وغذائها الروحي, وإن كان الجسد له غذاؤه المادي, فإن الروح تتغذى بحياة الفضيلة والبر, وتتغذي بمحبة الله وبعمل الخير, وبالصلاة والتسبيح, وبكلام الله في عمقه وروحانيته, والإنسان الذي يهتم بأبديته, يحرص على نموه الروحي وعلى التدريبات الروحية النافعة له. ذلك لأن اهتمامه بروحه ومصيرها الأبدي يجعله يبذل كل جهده في عمل ما يربطها بالله ووصياه فتكون مقدسة له.
في نفس الوقت يجعل روحه هي التي تقود جسده, ولاتخضع أبداً لغرائزه, بل بكل حرص وتدقيق, تتخلص من شهوات الجسد, ومن طياشة الحواس, ومن شهوة العين وتعظم المعيشة. فلا يكون لهذه المرئيات سلطان عليه...
***
* كل متع الحياة الأرضية من الأشياء التي تُرى , أما متع الأبدية فهي ما لم تره عين, ولم يخطر علي قلب انسان.
* وهكذا فإن الآباء النسّاك, قد نظروا إلى كل متع هذه الحياة, فإذا هي زائلة وفانية لاتستحق اهتمامهم, فارتفعوا فوق مستواها وفوق كل رغبة فيها, وماتوا عن العالم, وزهدوا كل متعه الأرضية, ناظرين إلى ماسوف يتمتعون به بعد القيامة.
* وفي هذا المعنى يقول القديس أوغسطينوس "جلست على قمة العالم، حينما أحسست في نفسي أني لا أشتهي شيئاً ولا أخاف شيئاً.
* وأكبر مثال في الارتفاع عن كل المرئيات، وعن الحياة الأرضية ذاتها، مثال الشهداء الذين تقدموا إلى الموت بفرح، غير ناظرين إلى العالم وكل ما فيه، ورافضين الإغراءات التي عرضت عليهم. ذلك لأنهم كانوا مركّزين كل أبصارهم وقلوبهم في ما لا يرى في الحياة بعد الموت.
***
* من الأشياء التي لا تُرى أيضا, المعنويات:
وأعني بها المُثل, القيم, والمبادئ, والحق, والخير, والبر... وأيضاً الإيمان لأنه هو "الثقة بما يرجى, والإيقان بأمور لا تُرى" فالذي يعيش بالإيمان, إنما يعيش ناظراً إلى ما لا يُرى .
وهو حينما يتطلع إلى السماء, لاينظر فقط إلى هذا الغلاف الجوي المحيط بنا, الذي تسبح فيه الطائرات. ولا إلي الفَلَك الذي توجد فيه الشمس والأجرام السماوية البعيدة, وإنما إلي ماهو فوق ذلك بكثير... إلى السماء التي فيها الملائكة وعرش الله, والتي فيها كل شئ يسير حسب مشيئة الله, فلا خطية ولا عصيان. وأيضا السماء التي فيها أرواح الأبرار منتظرين يوم القيامة, وبدء الحياة الأبدية.
***
* والذين ينظرون إلى ما لا يُري, يتوجهون بقلوبهم وأفكارهم إلى الله ـ جلّت قدرته ـ الله الذي لم يره أحد قط في لاهوته...
إننا لم نرَ الله, لأن عيوننا هذه قاصرة عن رؤياه. ولكننا رأينا قوته وعجائبه, وعمل نعمته فينا وفي غيرنا. رأينا يده التي لا تُرى, وهي تتدخل في مشاكلنا وتحلها. ورأينا كرمه الذي يفتح كوى السماء ويفيض علينا, ويشبع كل حي من رضاه... ورأينا الله كيف يقيم الحق, ويسحق الباطل, وكيف يحكم للمظلومين...
أما المتعة الحقيقية بعشرة الله في الأبدية فهذا ما لم نره بعد, ولكننا ننتظره بالايمان.. الايمان بما لم تره عين ولم يخطر على بال انسان.
أما كيف سنتمتع بعشرة الله في الأبدية, وما كنه تلك العشرة؟ فمن جهة هذا الأمر من الخير لي أن أصمت. إن الأبدية هي التي ستعلن لنا هذا الأمر الذي غالبا ما تعجز اللغة عن شرحه ووصفه..!
***
* ومادامت الأبدية بهذا الجمال الذي لايوصف, إذن يجب علينا أن نستعد لها...
نستعد لها بمحبتها قبل أن نصل إليها. ونستعد لها بعدم التعلق بالمرئيات والإنشغال بها. حقا إن القلب الذي يرتفع فوق المرئيات, هو حصن منيع لاينهدم. إنه مستوي فوق العالم وفوق المادة والجسد..
فالذي يتعلق قلبه تماما بحب المرئيات وشهوة الأمور التي في العالم, هذا المسكين حينما يترك الجسد ويصعد إلى السماء, أيجدها غريبة عليه؟! أو يصاب بالإحباط الذي لايجد فيها ما يشتهيه من متع الدنيا؟ أم تراه يسأم السماء ـ إن كان قد وصل إليها ـ ويرى هذه الدنيا هي الأفضل!!
لذلك يا أخوتي وأبنائي علينا أن نتدرب من الآن علي محبة السمائيات ومحبة الأمور التي لاتُري. ونكنز لنا كنوزا في السماء, إن ذهبنا إلى هناك نجدها...
نعمل ما نستطيعه, ونطلب من نعمة الله أن تكمل لنا ما لا نقدر عليه. ولنتمسك بذلك الهدف السامي. | |
|
nazeer gaied عضو سوبر
عدد الرسائل : 112 العمر : 45 تاريخ التسجيل : 20/08/2008
| موضوع: رد: القيامة العامة يتبعها التمتع بما لا يرى الأحد 19 أكتوبر 2008 - 5:55 | |
| | |
|
mifa20014 قلب المنتدى الطيب
عدد الرسائل : 31565 العمر : 52 تاريخ التسجيل : 08/05/2007
| موضوع: رد: القيامة العامة يتبعها التمتع بما لا يرى الأحد 19 أكتوبر 2008 - 16:15 | |
| | |
|