Ghada فنانـــــة المنتــــدى
عدد الرسائل : 16804 تاريخ التسجيل : 21/04/2007
| موضوع: التوبة بين الجهاد والنعمة السبت 1 نوفمبر 2008 - 7:19 | |
| إن كلامنا عن عمل الله في التوبه ، ومعونه النعمة ، لا تعني أن يتكاسل الإنسان ويتراخي ، منتظراً أن الله يقيمه ، فهوذا الرسول يوبخ امثال هؤلاء قائلاً : لم تقاوموا بعد حتي الدم ، مجاهدين ضد الخطية ( عب 12: 4) . إذن من المفروض أن يقاوم الإنسان حتي الدم كل أفكار الخطية ، وكل شهواتها ، وكل طرقها . ويبعد عن العثرات ، ويستخدم كل الوسائط الروحية التي تثبت محبه الله في قلبه . وأيضاً ... يدخل في حرب روحية ، ضد أجناد الشر ( أف 6) . وفي هذه الحرب يقاتل ويصمد للعدو ، ويلبس سلاح الله الكامل لكي يقدر أن يثبت ضد مكايد إبليس ( أف 6: 11) . ويكون في كل ذلك ساهراً علي خلاص نفسه ( أف 6: 18 ) فالرسول يقول : إصحوا وأسهروا لأن إبليس خصمكم كأسد زائر . فقاوموه راسخين في الإيمان ( 1 بط 5: 8، 9). إن الله يريد منك أن تقاوم ... وفي مقاومتك سوف تسندك النعمة بكل قوة . ولكن إظهر محبتك لله بمقاومتك الخطية . وصل ليعطيك الرب قوة علي مقاومتها . وهكذا تشترك مع الله في العمل . الأبن الضال لم ينتظر حتي يأتيه الآب في الكورة البعيدة ليأخذه منها ، إنما رجع إلي نفسه ، وشعر بسوء حالته ، وعرف الحل ، ونفذ ، ورجع إلي الآب فقبله ( لو 15). وأهل نينوي صاموا ، وتذللوا ، وجلسوا علي الرماد ، وصرخوا غلي الله بشده ورجعوا عن افعالهم ، فقبلهم الله إليه ( يون 3) . والله . لكي ينبهنا إلي واجبنا في التوبه ،ي قول : " أرجعوا إلي ، فأرجع إليكم "( ملا 3: 7 ) . ويقول علي لسان أشعياء النبي " إغتسلوا ، تنقوا ، إعزلوا شر أفعالكم ... وهلم نتحاجج يقول الرب .." ( أش 1: 6 ) . ويقول في سفر يوئيل النبي " إرجعوا إلي بكل قلوبكم ، وبالصوم و البكاء و النوح . ومزقوا قلوبكم لا ثيابكم ..." ( يوء 2: 12، 13 ) . إذن هناك واجب علي الإنسان يقوم به في عمل التوبه . ولا يكتفي بأن نفسه عند قدمي الرب ، دون جهاد في الداخل و الخارج ! أو كما يقول البعض " عملك الوحيد هو مجرد تقبل عمل النعمة فيك " ! هل هذا الرأي يتفق مع توبيخ الرسول " لم تقاوموا بعد حتي الدم ، مجاهدين ضد الخطية ( عب 12 ، 4) ؟! إذن فلنجاهد . ولكن لا نعتمد علي أنفسنا ، بل نطلب يد الله العامله معنا وبجهادنا نثبت رغبتنا في التوبه ، وجدية توبتنا .
أهم ما في التوبه ، أنه بدونها لا يتم الخلاص . يقول الرب " ان لم يتوبوا ، فجميعكم كذلك تهلكون "( لو 13: 3) . وقد " أعطي الله الأمم التوبة للحياة "( أع 11: 18) . وقد يقول البعض أن السيد المسيح قدم لنا دمه للخلاص و المغفرة . فما لزوم التوبة إذن ؟ ألا يكفي دم المسيح ؟ فنجيبه : إن التوبة هي التي تنقل إستحقاقات دم المسيح في المغفرة . فالخلاص مقدم للكل . ودم المسيح كاف للكل . ولكن لا ينال منه إلا التائبون . حقاً إن دم المسيح " يطهرنا من كل خطية "... ولكنه لا يطهرنا إلا من كل خطية نتوب عنها . وقد اشترط الرسول هذا التطهير أمرين وهما " إن سلكنا في النور "( 1 يو 1: 7 ) ، وأيضاً " إن اعترفنا بخطايانا "( 1 يو 1: 9 ) . وهذان الشرطان متعلقان بحياة التوبة ... ولذلك فالتوبة تسبق المعمودية ، إذ فيها مغفرة الخطايا . وفي هذا قال بطرس الرسول لليهود يوم الخمسين " توبوا وليعتمد كل منكم علي إسم يسوع المسيح لمغفرة الخطايا "( أع 2: 38) . والكنيسة في معمودية الكبار تشترط الإيمان و الإعتراف . وقوانين الكنيسة تمنع عماد غير التائبين . اما بالنسبة للصغار ، فيكتفي بطقس ( جحد الشيطان ) لينوب عن التوبه . ومن أهمية التوبه ، إنها تلازم الإيمان او تسبقة . وقال القديس مرقس الإنجيلي أن السيد المسيح كان يكرز قائلاً " قد كمل الزمان ، واقترب ملكوت الله . فتوبوا وآمنوا بالإنجيل "( مر 1: 15 ) . والإيمان بدون توبه لا يخلص أحداً ، لأن عدم التوبة يهلك الإنسان (لو 13 : 3 ) . و التوبة تسبق التناول من الأسرار المقدسة . ففي العهد القديم قال صموئيل النبي " تقدسوا وتعالوا معي إلي الذبيحة " ( 1 صم 16 : 5 ) . وفي العهد الجديد يقول القديس بولس الرسول "... ليمتحن الإنسان نفسه ، وهكذا يأكل من الخبز ويشرب من الكأس . لأن الذي يأكل ويشرب بدون استحقاق ، يأكل ويشرب دينونة لنفسه ، غير مميز جسد الرب ... لأننا لو حكمنا علي انفسنا ، لما حكم علينا "( 1 كو 11: 27- 31 ) . و التوبة تسبق جميع أسرار الكنيسة المقدسة . وذلك لكي يستحق الإنسان فاعليه الروح القدس فيه . ولكي ينال مغفرة بالتوبة ، تؤهله لنعمة الروح القدس العاملة في الأسرار . إن توبة الأبن الضال ، سبقت دخوله بيت ابيه ( لو 15 ) . و التوبة هي شرط لازم لمغفرة الخطايا . وفي ذلك يقول القديس بطرس الرسول " فتوبوا وارجعوا لتمحي خطاياكم "( أع 3: 19) . وما أجمل قول ماراسحق " ليست خطية بلا مغفرة إلا التي بلا توبة ". التوبة إذن لازمه قبل وبعد المعمودية . قبل المعمودية لتؤهل لنوالها . وبعد المعمودية لمغفرة الخطايا التي تحدث بعد المعمودية .
| |
|