إذا وقفت لتصلي ، تذكر أمام من أنت واقف ؟ 00 أنت واقف أمام ملك الملوك ورب الارباب أمام هذا الإله المهوب ، الذي تقف أمامه الملائكة بخشية الشاروبيم والسارافيم : بجناحين يغطون وجوههم ، وبجناحين يغطون أرجلهم 000 والأربعة والعشرون كاهنا الجلوس علي عروشهم ، يطرحون أكاليلهم أمام عرشه ، ويسجدون للحي إلي ابد الأبدين ، وهم يقولون : أنت مستحق إيها الرب أن تاخذ المجد والكرامة والقدرة ، لأنك أنت خلقت كل الأشياء ، وهي بإرادتك كائنة ( رؤ 4 : 10 ،11 )
وانت أين مخافة الله في قلبك أثناء صلاتك ؟! ليتك تقف أمامه بالهيبة التي تقف بها أمام رؤسائك ! يقول مارإسحق عن مخافة الله أثناء الصلاة 0
قف أمام الله في الصلاة ، كما لو كنت واقفا أمام لهيب نار 0
أن أبانا ابراهيم حينما وقف أمام الله ، " شرعت أن أكلم المولي ، وأنا تراب ورماد " ( تك 18 : 27 ) 0 أتقول إنك في صلاتك تكلم أبا ؟00 نعم ؟ ولكنه ليس أبا عاديا ، وإنما علمنا الرب أن نقول " أبانا الذي في السموات " تذكر إذن عبارة (السموات ) هذه ، التي هي عرش اله (مت 5 : 34 ) 0 لذلك نحن حينما نصلي ، نرفع أعيننا إلي فوق ، متذكرين عرش الله في السماء 0 مار إسحق يتحدث عن الزي الحسن في أثناء الصلاة 00 الذي من أهم مظاهره : جمع الحواس ، وجمع الفكر 00
قف في صلاتك بتوقير ، في مهابة ، عالمنا أمام من أنت وأقف 0 قف منتصب القامة 0 لا تحرك يديك ولا رجليك 0 ولا تسمح لحواسك أن تتشغل بشىء أخر ، ولا أن تقطع صلاتك بأي شيء يستلفت حواسك ، فتلتفت إليه وتسرح بعيدا عن الله 0 وبين الحين والأخر ، تبرهن علي إحترامك لله 0 بالإنحناء أو الركوع أو السجود ، وأنت مركز الفكر في حديثك مع الله 00
سألني البعض : لماذا أصلي ، وأفكاري تطيش في موضوعات أخري ؟ فقلت له : لأنها صلاة خالية من مخافة الله 0
حقا لو مخافة الله ثابتة في قلبك ، لكنت تصلي بفكر مركز ، ولا يسرح عقلك في شيء أخر أثناء حديثك مع الله 0 ولا تظن أن بنوتك لله تنسيك مهابته !! وإن حاول فكرك أن يطيش ، ارجعه بسرعة 00 ربما لم يتعود التركيز بعد 000 لذلك دربه علي الثبات في الرب 000
كذلك الذي يصلي بلا فهم ، وبلا مبالاة ، أو ينسي ما يقول 00 هذا أيضا يصلي ، وليست مخافة الله في قلبه 00
إنه ليس أحتراما لله ، أن تتحدث معه هكذا ، بلا خشوع ، وبلا فهم 00 أو أن تنشغل بغيره أثناء حديثك معه ، أو أن تكلمه وأنت لا تدري ماذا يقول ! أو أن تسرع في صلاتك لكي تنتهي منها بسرعة ، كأنك قد مللت من الحديث مع الله !! أو لديك أمور أخري أهم تريد أن تنشغل بها !! أو أسوأ من هذا ، أن تقول : ليس لدي وقت للحديث مع الله !! وكل هذا يدل علي عدم المخافة 0
إن مخافة الله تمنحك إحترام الله في صلاتك 0 وأيضا الخشوع في الصلاة يوصلك إلي مخافة الله 0 وتدخل في هذا الخشوع ، ألفاظ الإتضاع التي تستخدمها في الصلاة 0 كأن تبدأ صلاتك بعبارات التمجيد والتسبيح ، وتقول " من أنا يارب حتي أتحدث إليك ؟! أنا التراب والرماد ، أنا الخاطيء المتدنس 000 كذلك تذكر إسم الرب بكل إجلال ، وليس مثل الذين يقولون " قدوس ، قدوس ، رب الجنود 0 مجده ملء كل الأرض " (أش 6 : 3 ) فتهتز الأساسات لصلواتهم 0
وكما تظهر مخافة الله في صلاتك ، تظهر أيضا في علاقتك بكتاب الله وبيت الله ، وكل ما يتعلق بالله 000
فتدخل إلي الكنيسة بكل إحترام ، وأنت تصلي في قلبك وتقول للرب " أما أنا فبكثرة رحمتك أدخل إلي بيتك ، وأسجد قدام هيكل قدسك بمخافتك " ( مز 5 : 7 ) اشعر وأنت في الكنيسة ، أن هذا هو بيت الله وبيت الملائكة ، وبيت العبادة 0 واذكر قول المزموز :
" لبتك ينبغي التقديس يارب كل الأيام " ( مز 93 : 5 )
هذا التقديس يمنحك مهابة للكنيسة ، ومهابة للهيكل ، ومهابة للأسرار المقدسة والصلاوات ولا تتكلم في الكنسة مع أحد في الصلاوات ، فهذا يدل علي عدم إحترامك للكنيسة ، وعدم أحترامك للصلاة 0 وانشغالك عنها بالكلام ، ودم إشتراكك في الصلاة 0 وكل هذا يدل علي أنك قد دخلت إلي الكنيسة بغير مخافة الله ! ليتك تذكر قول أبينا يعقوب أبي الآباء :
" ما أرهب هذا المكان 0 ما هذا الا بيت الله ، وهذا باب السماء " (تك 28 :17 )
نعم رأه مكانا رهيبا ، وخاف ، علي الرغم من محبة الله التي أظهرها له في ذلك المكان ، وافتقاده بالسلم السمائي ، وينظره للملائكة 0 لا شك أن المكان الذي يحل فيه الرب ، هو مكان رهيب والمكان الذي يحل فيه الروح القدس عاملا في الأسرار المقدسة ، هو مكان رهيب 0 من أجل هذا ، لما أقترب موسي من موضع يكلمه فيه الله قال له الرب ، ليدخل الخشية إلي قلبه :
أخلع حذائك من رجليك 0 لأن الموضع الذي أنت واقف عليه أرض مقدسة " ( خر 3 : 5 ) 0
ونفس الكلام قيل أيضا ليشوع النبي ( يش 5 :15 ) 0 إن خلع الحذاء يرمز أيضا إلي خلع كل الأمور المادية والأرضية ، أثناء وجودك في بيت الله 000 كما يدل علي إحترام المكان المقدس 0 علي الأقل نقف في الكنيسة بمخافة الله ، ونجلس فيها - وقت الجلوس - بمخافة الله ، لا نتكلم مع من يجلس إلي جوارنا ونحكي !! ونعلق علي ما نسمعه وما نراه !! إن الذي يفعل هكذا ، ليست فيه مخافة الله 0 وكذلك الذي يدخل إلي الكنيسة وفي يده مجلة ، أو في جيب قميصه علبة سجاير !!
الذي لا يوقر بيت الله ، طبيعي لا يوقر الله نفسه 0 فإن وقر الله ، سيوقر بيته 0
نقول هذا ونحن نأسف لبعض المسئولين في الكنيسة من خدامها ، الذين يدخلون إلي الكنيسة بسلطان ، بغير هيبة للمكان ، يامرون وينهون ، ويرفعون صوتهم ، ويمشون في عظمة !! ولا يفرقون بين بيت الله وبيوتهم الخاصة !!
أما الذي يهاب الكنيسة ، فمن الطبيعي أن يهاب الهيكل بالأكثر 0 ولذلك فنحن في كنيستنا القبطية لا ندخل إلي الهيكل مطلقا بأحذيتنا ، كما تفعل كنائس الغرب !! ولا نسمح بالدخول إلي الهيكل ، إلا لخدام المذبح فقط 0 ونحن نسجد أمام الهيكل 0 والأب الكاهن يبخر الهيكل ونحيط الهيكل بلون كبير من المهابة ، وبالأكثر مذبح الله الذي يوجد داخله ، والذي نرفع حوله البخور 000 أما الذين لا يهابون الهيكل ولا المذبح ، فسيأتي وقت عليهم لا يهابون فيه الأسرار المقدسة أيضا !!
المهابة أيضا ينبغي أن تشمل الكتاب المقدس 0
لذلك فعند قراءة الإنجيل في الكنيسة المقدسة ، يصيح الشماس قائلا " قفوا بخفوا بخوف من الله ، وأنصتوا لسماع الإنجيل المقدس " فيقف الشعب كله احتراما ، ورئيس الكهنة ينزع تاجه من فوق رأسه خشوعا أمام كلمة الله 0 بل قبل قراءة الإنجيل ، يصلي الكاهن أوشية يقول فيها للرب " أجعلنا مستحقين أن نسمع ونعمل بأناجيلك المقدسة ، بطلبات قديسيك "0 ويرفع البخور ونقبل الإنجيل 0
فهل بنفس الاحترام نتعامل مع الكتاب في بيوتنا ؟
هناك أشخاص قد يضعون الكتاب المقدس في أي مكان في بيوتهم 0 وقد يكون تائها وسط الكتب !أما الإنسان الروحي الذي يخاف الله ، فلا يضع شيئا فوق الكتاب المقدس 0 الكتاب المقدس لا يوضع فوقه الا الصليب أو كتاب مقدس أخر هكذا نحترمه ونوقره 0 كذلك نقرأ الكتاب في توقير داخل بيوتنا 0 وبقدر ما نهاب الكتاب ، نهاب أيضا الوصايا المكتوبة فيه ، وتدخل مخافة الله في قلوبنا 0
ينبغي أن يفرق كل إنسان بين قراءة الكتاب المقدس وقراءة أي كتاب أخر 0
فلا تقرأ الكتاب وأنت نائم ، أو وأنت مستلق في استرخاء ، أو وأنت تشرب كوبا من الشاي 0 كل هذه الأخطاء تطرد مخافة الله من قلبك 0هناك من بدأون قراءة الكتاب بصلاة 0 وهذا افضل 0 كما يصلي الكاهن قائلا " أجعلنا مستحقين أن نسمع ونعمل بأناجيلك المقدسة " مجرد السماع يحتاج إلي صلاة وإلي استحقاق ، وإلي رفع بخور في الكنيسة 0 فلنأخذ من هذا دروسا 0
تلزمنا أيضا المخافة في كل ما يتعلق بالله 0
المخافة أثناء حضور القداس الألهي 0 هذه المخافة التي يفقدها البعض ، وهم يستمعون إلي القداس المذاع أو إلي القداس المسجل علي شريط كاسيت أو شريط فيديو 0 فيستمعون وهم منشغلون ببعض أمور البيت ، أو وهم في العربة مركزين في قواعد المرور وهم جلوس !! يستحسن في العربة أستبدال القداسات المسجلة ، بألحان أو عظات أو تراتيل 000
كذلك من احترام القداس أن تحضر إليه مبكرا ، ولا تخرج أثناءه ، بل بعد سماع البركة والتسريح 0 وكذلك كل أنواع المخافة التي تتعلق بالتناول : مثل الإستحقاق للتناول من توبة وصلح وصوم ، والهيبة أثناء التناول وعدم التزاحم ، والصلاة قبل التناول وبعده ، والحرص الجسدي أيضا 000
إن الذي يهاب الكنيسة والهيكل والتناول ، لابد أن مخافة الله تسكن في قلبه 0
كذلك الذي يهاب رجال الله من ملائكة وبشر 0 فيهاب الملاك الحارس له ، ويستحي من أن يخطي أمامه ، ويهاب ملائكة المذبح والذبيحة ،و ملائكة الكنيسة0 كذلك الذي يهاب أرواح الذين أنتقلوا ، ويخاف أن ينظروا إليه وهو في حالة خطية ، أو يروا أي منظر له يعمله في الخفاء ، أو أي رياء يظهر به أمام الناس ! كذلك الذي يهاب رجال الكهنوت عموما ، و أيضا الأب الروحي الإرشاد الروحي ، عالما أنهم وكلاء لله علي الأرض ( تي 1 : 7 ) ووكلاء سرائر لله (1كو 4 : 1 )
لاشك أن الذي يهاب ملائكة الله ، ورجال الله ، وقديسي الله ، لابد أن مخافة الله تدخل إلي قلبه 0
بل أن كثيرين يحترمون مجرد أيقونة القديس 0 والكنيسة تبخر أمام أيقونات القديسين المدشنة ، وترتل الألحان تمجيدا للملائكة والقديسين 0 فكم بالاولي خالقهم وكما نوقر رجال الرب ، نوقر أيضا يوم الرب 0 فالذي بكل مخافة ، يخشي أن يكسر تقديس يوم الرب ، لابد أن تكون مخافة الله ساكنة في قلبه0 من الأسباب ، ولا يتهاون في ذلك ، لابد أن تكون مخافة الله ساكنة في قلبه 0
كذلك يصل إلي مخافة الله من يحرص علي عهوده مع الله ، ويوفي للرب نذره 0
ولا يحاول أن ينذر نذرا ، أن يتفاوض في الأمر ، من حيث الوفاء بالنذر ، أو تغيره أو تأجيله ،غير واضع في قلبه أن نذره هو اتيفاق بينه وبين الله واجب الاحترام والهيبة ، كما قال الكتاب " خير لك أن تنذر ، من أن تنذر ولا تفي " ( جا 5 : 5 )
إن الإلتزام بالنذور والعهود ، توصل الإنسان إلي مخافة الله 0 وكسر النذر يطرد مخافة الله من القلب 0
لكي نصل إلي مخافة الله ، حاول أن تسلك في التداريب الأتية :
ضع الله أمام عينيك باستمرار ، وتذكر ان أعمالك كلها مكشوفة أمامه 0
إنه يري كل ما تفعله ، ويسمع كل ما تقوله 0 وكما قال القديس مقاريوس الكبير " فلنعلم أن كل ما نعمله عريان ومكشوف لديه ، ولا تخفي عليه خافية "
قال القديس الأنباء أشعياء المتوحد " إذا قمت باكر كل يوم ، تذكر أنك ستعطي جوابا عن أعمالك 0 فإنك بذلك لن تخطيء ، ومخافة الله تسكن فيك 000
مشكلتنا أننا لا نضع الله أمام أعيننا أثناء ارتكاب الخطية 0 لذلك نشرب الخطية كالماء ، ولا نتذكر الله ! لذلك ليس عبثا قال داود النبي عن الخاطئ في المزمور :
" اللهم إن الناموس قاموا علي - ولم يجعلوك أمامهم " ( مز 86 : 14 ) 0 ضع الله أمامك إذن ، فتخاف ولا تخطئ 0
ماأجمل عبارة كان يقولها إيليا النبي وهي :
" حي هو رب الجنود الذي أنا واقف أمامه " ( 1مل 18 :14 )
ولكي نصل إلي مخافة الله ، ضع أمامك باستمرار مجد الله وعظمته ، فتملك ك هيبته فتخاف 0
الله الذي هو ملك الملوك ورب الأرباب ( رؤ 19 :16 ) 0 الله العالي ، خالق الكل وسيد الكل الذي نحن أمامه مجرد تراب 00 كيف نتحداه ؟!
ضع أمامك أيضا عدل الله ، الذي سيجازي كل واحد حسب عمله (مت 16 :27 ) (رؤ 22 :12 ) 0 وقل لنفسك : أين أهرب من عدل الله ، أنا المضبوط في الخطايا ؟!
ضع أمامك أيضا صلاح الله وقدسية الله الذي يشمئز من الخطية 0
إن كنت أمام أصحابك الأتقياء لا تجرؤ أن تفعل خطية ، أو تتلفظ بكلمة غير لأئقة ، فكم بالأولي أمام الله الكلي القداسة 0 لذلك أمام صلاحه تخاف أن تخطئ ويملكك الإستحياء
وأذكر أن الخطية موجهة إلي الله ذاته فتخاف 0
كما قال داود النبي في مزمور التوبة " إليك وحدك أخطأت ، والشر قدامك صنعت " ( مز 50 ) أو كما قال يوسف الصديق " كيف افعل هذا الشر العظيم وأخطئ إلي الله ؟! (تك 39 : 9 ) 0 ليتك تحفظ هذه الأية ، وترددها كلما حوربت بالخطية 0 حينئذ تدخل مخافة الله غلي قلبك 000 شعورك أنك بالخطية تجرح قلب الله المحب ، وتحزن روح الله القدوس في داخلك ( أف 4 : 30 ) ، وترفض شركته معك 00 كل ذلك يجعلك تخاف
بكت نفسك كهيكل لله يحل الله فيك 000
قل لنفسك هل سوف أظل هيكلا لله ، ويسكن روح الله في ، إن تدنست بالخطية ؟! هوذا الرسول يقول " إن كان أحد يفسد هيكل الله ، فسيفسده الله 0 لأن هيكل الله مقدس الذي أنتم فيه هو " (1 كو 3 : 16 ، 17 ) وتذكر أيضا قول الرسول " ألستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء المسيح ، وأجعلها أعضاء زانية ؟! حاشا " ( 1 كو 6 : 15 )
أيضا تأتيك مخافة الله أن سلكت في حياة التوبة 0
التوبة توصلك إلي مخافة الله 0 ومخافة الله توصلك إلي التوبة 0 الذي يسلك في التوبة ، يشعر ببشاعة الخطية ، وكيف أنها تفصله عن الله وتعرضه للدينونة الرهيبة فيخاف 0
والذي يسير في طريق التوبة ، يخاف علي نفسه من السقوط 0 ويخاف إن سقط ، أن يتطور معه المر إلي أسوا ، من الحواس إلي الفكر ، إلي القلب إلي العمل ، إلي أن تصبح الخطية عادة عنده تستعبد إرادته لها ، فيخاف 000 ويقول """"": أن بدأت الخطية وأنا أظن أني مسيطر علي الخطية أستطيع أن أتركها في أي وقت !! فلابد سيأتي الوقت الذي تصبح فيه الخطية مسيطرة علي 000
لذلك تصل إلي المخافة ، بالمواضبة علي محاسبة النفس 0
ومع الدقة في ذلك 0 وكما قيل في بستان الرهبان : يجب أن نحاسب أنفسنا في كل بكرة وعشية : ماذا عملنا مما يحبه الله ، وماذا عملنا مما لا نحبه 0 ونفتقد أنفسنا بالتوبة 0 وبهذه السيرة عاش القديس الأنبا أرسانيوس 0
قال القديس العظيم الأنبا موسي الأسود :
" إذا قمت باكر كل يوم بالغداة ، تذكر انك سوف تعطي لله حسابا عن سائر أعمالك في هذا اليوم " وبهذا تدخل مخافة الله إلي قلبك 000
نعم ، نحن محتاجون أن نراجع أنفسنا كل يوم ، لكي نصل إلي المخافة 00 نحن محتاجون أن يفحص كل إنسان قلبه ، ويري هل فيه عنصر التهاون ، أو فيه شئ من اللامبالاة وعدم الإكتراث وعدم الحرص وعدم مخافة الله 000
لنرجع إلي بداية الطريق يا أخوتي ، أن كنا قد ضللنا علامات الطريق 0 نرجع إلي المخافة ، ومنها نبدا 0 ونتدرج منها حتي نصل إلي الحب 0
ولندرك علامات عدم المخالفة ، ونبعد عنها :
فالذي يسرح مع الخطية ويتفاوض معها ، مخافة الله ليست في قلبه 0 والذي يتكبر ويتعجرف ويقسو علي غيره ، واضح أنه ليست في داخله مخافة الله 0 وكذلك من لا يضع يوم الدينونة أمام عينه علي الدوام ، ويعمل من اجل رهبة ذلك اليوم ، هذا أيضا بعيدا عن مخافة الله 0 والذي يستغل طول أناة الله استغلالا رديئا ، فيصل إلي الإستهتار بدلا من التوبة ، هذا أيضا لاتوجد مخافة الله في قلبه 0 أعطيك تدريجا أخر سهلا تصل به إلي مخافة الله ، وهو :
حاول أن تخاف الله ، كما تخاف الناس 00 !
الشئ الذي تخاف أن تعمله أمام الناس ، خف أيضا أن تعمله أمام الله 0 والفكر الذي تخاف أن يعرفه الناس ، لا تفكر فيه أمام الله 0 لأن الله يعرفه ويفحصه 0 كل ما تخاف ان يعرفه الناس ، خف أيضا أن يراه الله فيك 0 الخطايا الخفية ، التي تعملها في الخفاء ، وتخشي من إرتكابها أمام الناس ، اخجل من إرتكابها أمام الله والا فأن الله يقول لك غنك لم تجعل لي هيبة عندك 0 مثل هيبتك لباقي الناس !! لم أتساو في اعتبارك مع إنسان من تراب ورماد ! هذا التراب والرماد تعمل له ألف حساب ، وأنا لا تعمل لي حسابا أبدا 000 !
درب نفسك علي مخافة الله في حجرتك المغلقة 000
لأنك أن كنت في الخفاء ، حيث لا يراك أحد ، تسلك في مخافة الله ، ففي العلن ، في محيط الناس ، ستكون مخافتك أكثر 0 إذن فالإنسان الذي يخاف الله ، يحترس من كل الخطايا الخفية 0
تصوروا فتاة مثلا لا تتصرف في حجرتها الخاصة باستهتار ، وتسلك بكل إحتشام في حجرتها المغلقة عليها حيث لا يراها أحد 000
هذه من غير الممكن أن تستهتر خارج بيتها 00 أن كانت مع نفسها تحتفظ بحيائها وبمخافة الله ، فطبيعي وسط الناس سيكون حياؤها أكثر 000
إن كانت وهي وحدها في بيتها ، إن نظرت ملابسها قد انكشفت قليلا ، تسرع بتغطية نفسها في خوف الله ، بينما لا أحد يراها ، ولكنها تخجل من ذلك أمام الملائكة وأرواح القديسين 0 فهل تظنونها تفقد حشمتها ومخافة الله في وسط الناس ؟! مستحيل 000
بل الإنسان الذي يخاف الله ، يستحي حتي من الفكر الذي لا يراه أحد 0