mifa20014 قلب المنتدى الطيب
عدد الرسائل : 31565 العمر : 52 تاريخ التسجيل : 08/05/2007
| موضوع: حياة الفضيلة بين الهدف والوسيلة الإثنين 5 يوليو 2010 - 14:03 | |
| حياة الفضيلة والبر "4" حياة الفضيلة بين الهدف والوسيلة بقلم قداسة: البابا شنودة الثالث وطني 4-7-2010
كلنا تقريبا نتفق في الأهداف أو الأغراض,مادام الهدف سليما وخيرا.ولكننا نختلف في الوسائل المؤدية إلي الهدف. فما هي أسباب اختلاف الوسائل إذن؟ سببها اختلاف الفكر والعقل.كل منا له فكره الخاص ونظرته الخاصة إلي الأمور,كذلك تختلف الأفكار في درجة الذكاء وبالتالي في الاستنتاج وفي الحكم والتقدير,ويختلف الناس أيضا في الطباع وفي نوع النفسية كذلك يختلفون من جهة البيئة المحيطة بكل منهم ومدي تأثيرها عليه. لذلك تجد أناسا طيبين,ويريدون الخير.ومع ذلك فوسائلهم مختلفة.. كل واحد له طريقته وأسلوبه وله منهجه الخاص في الوصول إلي الغرض.ولهذا كثيرا ما يحدث خلاف في العمل الجماعي,سواء في كنيسة أو جمعية أو لجنة أو أية هيئة. أحيانا يوجد تنوع,وأحيانا يوجد اختلاف وخلاف ونحن لانعترض علي التنوع,فهو يؤدي إلي ثراء في الفكر وفي الخبرة,أما الاختلاف فكثيرا ما يتسبب في انقسام وصراعات وربما يتحول من الموضوعية إلي خلاف شخصي,وربما إلي خصام وإلي عداوة. ففي موضوع الإصلاح مثلا: كلنا نحب أن تنصلح الأمور من منا لايريد ذلك؟!ولكن يختلف الأسلوب... إنسان يقول نصلي ونصوم,والله يتدخل ويصلح كل شيء..ويري أن هذا هو الأسلوب الروحي السليم. وآخر يقول تنصلح الأمور بالصبر ,بطول الأناة فالكتاب يقولبصبركم تقتنون أنفسكملو21:19انتظر الرب.تقو وليتشدد قلبك وانتظر الربمز27:14 وثالث يري أن الإصلاح يأتي عن طريق الحكمة والتفكير والتفاهم: ورابع أسلوبه في الإصلاح هو العنف,عن طريق النقد الشديد,والمنشورات والتجريح والتشهير,ويقول إن هؤلاء المخطئين لايصلحهم إلا اتخاذ الشدة معهم.. وخامس يحب أن تنصلح الأمور بالوداعة والهدوء بأسلوب متضع لانفقد فيه روحياتنا ولا نفقد فيه علاقتنا مع الآخرين,والكتاب يقوللتصر كل أموركم في محبة1كو16:14. لاشك أن أسلوب حبيب جرجس في الإصلاح,كان يختلف عن أسلوب غيره .وكانت دعامته العمل البنائي ,والبعد عن السلبيات. +++ لذلك إن اشتركت مع أحد في عمل,أو من أجل خير ما ,لايكفي أن يكون مشتركا معك في الهدف والغرض,وإنما ينبغي أن يكون أيضا مشتركا معك في الوسيلة وأسلوب العمل,لئلا تكون طريقته في تنفيذ الغرض المشترك غير طريقتك ,فتختلفان معا أو يسبب لك مشاكل باعتباركما شريكين في عمل واحد. +++ العجيب في مسألة الوسيلة هي المبدأ المكيافيللي:فيظن البعض أن الهدف الطيب يبرر الوسيلة الخاطئة!. وهذا ما كان يقوله مكيافيللي إن الغاية تبرر الواسطة..فإنسان باسم الغيرة المقدسة مثلا,يستخدم العنف في الكنيسة,ويصيح وينتهر ويوبخ ويشتم وربما يرفع قضايا ..وإن عاتبته أو ناقشته في كل ذلك يحتج بقول المزمور غيره بيتك أكلتني!!!مز69:9.. ولكننا نقول لمثل هذا: إن الغيرة المقدسة تناسبها وسيلة مقدسة. وبالمثل أب يقسو جدا علي ابنه حتي يعقده نفسيا ويحتج بغرض مقدس هو تربية ابنه!إن الغرض سليم,ولكن الوسيلة خاطئة..أو زوج يحبس زوجته في البيت,ويقيد كل تحركاتها وكلامها,بحجة الحفاظ عليها!!الوسيلة أيضا خاطئة...أو أم تدخل في صميم الحياة الزوجية لابنتها,وعلاقة هذه الابنة بزوجها.وقد تتسبب في فصلها عن زوجها وتختفي وراء هدف مقدس هو الحرص علي ابنتها ,وضمان راحتها وكرامتها. كثيرا ما ضيع الناس أنفسهم وعلاقاتهم بالوسيلة الخاطئة... شخص يسعي إلي مصالحة غيره... هدف سليم بلاشك ويري أن الوسيلة هي العتاب لامانع ولكنه في طريقة العتاب ,يعيد الأوجاع والجروح القديمة,ويضغط عليها بأسلوب يتعب الطرف الآخر.ويخرج من العتاب وقد ساءت العلاقة عن ذي قبل,لأن طريقة العتاب كانت خاطئة..بعكس ذلك إنسان آخر يستطيع بالعتاب أن يكسب الموقف بل يجعل الطرف الآخر يتفهم الموقف ويعتذر له,ويخرجان صديقين كأن شيئا لم يكن. العتاب هو العتاب... ولكن طريقته عند واحد مقبولة ومجدية وعند آخر متعبة ومؤذية ويأتي بعكس المطلوب. إنسان يعاتب بطريقة هادئة والآخر يعاتب بطريقة ساخطة الأول يعاتب بحب وعشم.والثاني يعاتب بحقد وانتقام ,هذا يريد أن يصالح والآخر يريد أن يثبت للطرف الآخر أنه مخطيء ويستحق ماناله منه!! ثلاثة أشخاص مثلا يصيرون أعضاء في مجلس الكنيسة كل واحد منهم غرضه طيب,يريد الخير للكنيسة بلاشك ولكنهم لاختلافهم في الأسلوب والطريقة لايستطيعون أن يعملوا معا!!فأحدهم يحب أن يعمل متعاونا مع الأب الكاهن والآخر يقول:كل إدارة الكنيسة لنا,والكاهن له العمل الروحي فقط ولاشأن له بالمشروعات والأمور المالية والإدارية والمعمارية وهكذا يصطدم بالأب الكاهن وبزميله في عضوية الكنيسة لأن أحدهما كان أسلوبه التعاون والآخر كان أسلوبه السيطرة... المجالس الملية كمثال آخر.. هي نفس المجالس منذ أكثر من مائة عام,بنفس القانون ونفس الاختصاصات ونفس طريقة الانتخابات ولكنها الآن في تعاون مع الإكليروس وقديما كانت في صراعات وانقسامات وقضايا والسبب هو أن الأسلوب تغير عن ذي قبل سواء من جهة الإكليروس أو من جهة المجالس الملية.. لنأخذ غرضا آخر هو الوصول إلي الله.. إنه هدف واحد يتفق فيه الكل.ولكن تتعدد الوسائل البعض يريد أن يصل إلي الله عن طريق الرهبنة,والبعض عن طريق الكهنوت والبعض عن طريق التكريس والبعض عن طريق الخدمة ,مع حياة الزواج المستقر وبناء المجتمع وتنشئة جيل جديد تنشئة روحية. نقول:هنا تنوع وليس هو اختلافا ولكن يحدث الاختلاف حينما يري البعض أن طريقه هو الطريق الوحيد السليم وينتقد غيره من الطرق!!أو يحاول تحطيمها!!يمكن أن يوجد تنسيق وتكامل وتعاون بين الطرق المتنوعة المتعددة الواصلة إلي غير واحد ولكن يحدث التصارع بين الطرق المتناقضة. نتطرق إلي موضوع آخر هو تربية الأولاد... كل الناس يريدون تربية أولادهم تربية سليمة,إنه هدف يتفق فيه الجميع ولكهنم يختلفون في أسلوب التربية. فالبعض يمنحون أولادهم الحرية الكاملة كما يحدث في كثير من بلاد الغرب,وحينما بكير الأولاد لايصبح لآبائهم وأمهاتهم أية سلطة عليهم..ويبررون أسلوبهم في التربية بأنهم يريدون للابن أن تكون له شخصيته المستقلة التي لاتقع تحت ضغوط ..هناك أسلوب آخر يلجأ إليه آباء آخرون في تربية أولادهم وهو التشديد الكامل فلا يخرج إلا بإذن ولايصاحب أحدا إلا بإذن ولاينضم إلي ناد أو إلي أية أنشطة وهذا التضييق يوجد عنده كبتا تكون له ردود فعل سيئة في المستقبل. وهناك طريق وسط في التربية بين هذين الأسلوبين,لاهو بالحرية التي فيها تسبب ولا بالتشديد الذي فيه تقييد...أسلوب أب يصادق ابنه,ويشرح ويعلم ويقنع ويحاور ولاشك أن الإقناع-ولو أنه قد يأخذ وقتا وجهدا- إلا أنه يوجد حافزا في الداخل,أفضل بكثير من الأوامر والنواهي التي هي مجرد ضغوط من الخارج.. تربية الأولاد إذن هي هدف مشترك ولكن البعض يستخدم فيه السلطة والهيبة,والبعض يستخدم الصداقة والحب والبعض يستخدم الحرية والسلبية..إنها وسائل مختلفة لهدف واحد. نفس الوضع نقوله في معاملة المخطئين:كلنا نكره الخطأ ,ونأخذ من أصحابه موقفا معارضا,هنا غرض واحد ولكن الوسائل تختلف.فالبعض يبعد عن المخطئين,ينعزل عنهم ولايختلط بهم.والبعض يأخذ منهم موقف المقاومة,ويرد لهم بالمثل ويحاسبهم علي كل خطأ,ولا يترك الأخطاء تمر بسهولة,أو بدون مؤاخذة والبعض يحاول أن يصلح هؤلاء ويكسبهم ,ربما بالحب والصبر ,وربما بالمواجهة والإقناع..المهم إنه يوصلهم إلي الله وإلي الطريق السليم ويربح نفوسهم. هناك نقطة أخري أقولها في موضوع الهدف والوسيلة وهي أنه:كثيرا ما تتحول الوسيلة إلي هدف!!! الهدف الروحي الوحيد هو الله,وما الصلاة والصوم والقراءة والتأمل والوحدة سوي وسائل توصل إلي هذا الهدف,وكذلك الفضائل هي مجرد وسائط توصل إلي الهدف الذي هو الله..ولكن للأسف,قد تتحول هذه الوسائط كلها إلي أهداف...!! فإنسان يقرأ الكتب المقدسة والكتب الروحية.والمفروض أن هذه القراءة توصله إلي محبة الله والثبات فيه ولكن قد تتحول القراءة نفسها إلي هدف..فالمهم عنده أن يقرأ ,ولو من غير فهم ولا تأمل ولا تداريب روحية. أو قد يتغير الهدف الروحي في الطريق! ويقرأ الإنسان لكي يكون عالما,أو لكي يكون معلما ولكي يبدو كثير المعرفة واسع الاطلاع يجيد الكلام في أي موضوع يتحدث فيه أو يسألونه عنه..وأين الله هنا؟لقد اختفي لكي تظهر الذات ولكي تظهر المعرفة والعلم... وكما تتحول القراءة إلي هدف,هكذا تتحول الوحدة!! المفروض أن الإنسان يسعي إلي الوحدة,لكي يجد وقتا هادئا صافيا يجلس فيه مع الله,فإن لم يجلس في وحدته مع الله,يكون الهدف الروحي الحقيقي قد اختفي وتصبح الوحدة هدفا في ذاتها ,حتي لو كان فيها الشخص نائما أو في ملل أو ضجر,أو في حروب الأفكار..! أو قد يتغير هدف الوحدة ويتحول إلي الذات. فيجلس إنسان في الوحدة لمجرد أن يقال عنه انه متوحد..!سعيا وراء الشهرة أو الألقاب ,وليس من أجل الله!أو قد تعطيه الوحدة فرصة لسعي الناس إليه,وتحوله إلي مرشد أو مانح للبركات التي يلتمسونها منه!! لهذا ينبغي أن يراجع الإنسان هدفه.ويتحقق أن الوسيلة توصله إليه. ويتأكد أن الهدف سليم وروحي,وأنه ينحرف عنه إلي هدف آخر ,وأنه يستخدم الوسائل السليمة التي تحقق هدفه الروحي,بحيث تبقي هذه الوسائل مجرد وسائط ولاتتحول إلي أهداف! نقول نفس الكلام عن الصمت. إنه مجرد وسيلة توصل إلي أمرين:أحدهما هو البعد عن أخطاء اللسان,والثاني أن تكون لنا عن طريق الصمت فرصة للصلاة والتأمل ..فإذا كان الإنسان مجرد صامت,دون أن يكون له عمل روحي داخلي,لايكون الصمت قد حقق هدفه. وإن كان صامتا ,واستبدل الكلام بإشارة أو إيماءة تعبر عما يريد أن يقول ,فهو أيضا في مستوي المتكلم.وإن كانت الأخطاء التي أراد أن يتفاداها بصمته ,لاتزال باقية معه.ولكنها تحولت فقط من أخطاء لسان إلي أخطاء فكر,فما المنفعة أيضا من صمته؟! إنه قد صمت ليبتعد عن إدانة الآخرين,وها هو لايزال يدينهم بفكره!وقد صمت ليبعد عن كلام الغضب,ولكنه مازال غاضبا في قلبه!! الأخطاء موجودة لم يمنعها الصمت,وإنما حولها إلي القلب والفكر.وفي كل ذلك الهدف الروحي لم يتحقق!!. نقول نفس الكلام أوما يشبهه عن الصوم .لماذا نحن نصوم؟هل لمجرد الصوم كما لو كان الصوم هدفا في ذاته؟!أم نصوم لكي نوجد في فترة روحية تساعدنا علي الوصول إلي الله..؟نمنع أنفسنا عن كل ما نشتهيه,لكي نتعود السيطرة علي الإرادة فنمنعها عن الخطأ كما منعناها عن الأكل... فهل نحن نحرص في صومنا إن يوصلنا إلي هذا الهدف الروحي؟ أم نصوم لمجرد الصوم ,بلا هدف؟وبلا غاية,وبلا نتيجة! وكذلك الصلاة:ما هدفها في حياتنا؟أو ماذا تحققه من هدف؟هل نصلي بهدف التمتع بعشرة الله والحديث معه؟أم لمجرد أداء واجب؟!حتي لو كانت صلواتنا بغير روح,ولا عاطفة ولا حرارة ولاعمق,ولاحب,ولا أي شعور بالوجود في الحضرة الإلهية!!ليت صلواتنا تحقق هدفها الروحي ونشعر فيها أننا نتحدث مع الله ونتمتع بعشرته. ونضع الصلاة في موضعها السليم.إنها مجرد وسيلة توصل إلي هدف ,ويجب أن نجاهد روحيا للوصول إلي هذا الهدف..نفس الكلام نقوله عن المزامير والتسبحة والألحان..نلاحظ أنه كلما ازداد حفظ الإنسان للمزامير والتسبحة ,كلما ازدادت سرعته في التلاوة,وعلي هذا القدر ما أسهل أن يقل فهمه لما يقول..وما أسهل أن ينشد لحنا أو قطعة من الأبصلمودية أو يتلو مزمورا ,دون أن يصل إلي عمق مايقوله..وكأن اللحن قد صار هو الهدف!أو قد صارت التلاوة هدفا..! وهنا نسأل:متي يمكننا أن نحقق في أعماق قلوبنا وفهمنا الهدف الروحي الذي من أجله وضعت المزامير والألحان والتسبحة؟ متي تدخل فيها العاطفة والحرارة والتأمل والفهم وروح الصلاة؟متي لانهتم بالكثرة وإنما بالعمق.لابعدد المزامير,إنما بعمقها وروحانيتها... | |
|
ptr اصدقاء المنتدى
عدد الرسائل : 2360 العمر : 53 تاريخ التسجيل : 26/09/2009
| موضوع: رد: حياة الفضيلة بين الهدف والوسيلة الإثنين 5 يوليو 2010 - 16:09 | |
| | |
|