mifa20014 قلب المنتدى الطيب
عدد الرسائل : 31565 العمر : 52 تاريخ التسجيل : 08/05/2007
| موضوع: تأثر حياة الفضيلة بالحواس الإثنين 23 أغسطس 2010 - 15:09 | |
| حياة الفضيلة والبر (11) تأثر حياة الفضيلة بالقراءة والسمع وباقي الحواس بقلم-قداسة البابا شنودة وطني 22-8-2010
الفكر والحواس فكر الإنسان أمر مهم في حياته الروحية وحواس الإنسان هي من منابع الفكر وما يقرأه أو يسمعه يولد له أفكارا. وما يراه أيضا ينشغل به العقل والفكر... الحواس توصل للعقل أفكارا... وما يفكر فيه العقل, يوصله إلي القلب كمشاعر وأحاسيس. وما أسهل أن مشاعر القلب تصل إلي الإرادة, ومنها إلي العمل. الحواس لا تؤثر علي العقل الواعي فقط, إنما علي العقل الباطن أيضا. ما تجمعه العين والأذن, من مناظر وسماعات وقراءات, كثيرا ما تنطبق -حسب عمقها- في العقل الباطن. وتظهر فيما بعد كأحلام أو ظنون أو أفكار أخري. لأن الفكر يلد فكرا, أو أفكارا كثيرة. والعقل دائم العمل, لا يتوقف. حسب الغذاء الذي تقدمه للعقل, تكون أفكاره... قد تجلب له الحواس أفكارا خيرة, وقد تجلب له أفكارا شريرة, وحسب نوعية الوقود, تكون النار... فأحرص علي حواسك, لتضمن سلامة فكرك. واسأل نفسك أي نوع من الفكر يدور في عقلك؟ أهو فكر روحي, أم فكر خطية, أم فكر تافه من أمور العالم الزائلة؟؟ والكنيسة تستخدم الحواس كواسطة روحية: فتجد في الكنيسة الأيقونات مثلا. تقف أمام الأيقونة وتتأملها, فتأتيك أفكار عن حياة صاحبها, وقداسته وجهاده وآلامه,,, نسمع عن المهاتما غاندي أكبر زعيم روحي للهند: أنه عندما زار فرنسا, وقف أمام أيقونة السيد المسيح المصلوب وبكي... الكنيسة أيضا تقدم للحواس الألحان والموسيقي, ولها تأثيرها في القلب والفكر. وتقدم البخور, وهو صاعد إلي فوق برائحة زكية. وتقدم للعين أيضا الملابس الكهنوتية البيضاء, والشموع المضاءة, وتحركات الكهنة والشمامسة, ومناظر الوقوف والركوع والسجود, وكل ذلك يجلب للعقل أفكارا وللقلب مشاعر وأحاسيس... وهكذا مع باقي الطقوس الكنسية وبالإضافة إلي هذا القراءات وتأثيرها: القراءات القراءات تؤثر كثيرا في حياتك وشخصيتك * يمكن أن تغرس في النفس مبادئ وقيما, حسب نوعية القراءة فالشاب الذي يقرأ كثيرا عن الحرية, تغرس فيه أفكارا غير الذي يقرأ عن الواجبات والالتزام والتضحية. والذي يقرأ عن النسك والزهد والموت عن العالم, تكون أفكاره غير الذي يقرأ عن الغيرة والعمل والحماس والجهاد... إن القراءة يمكنها أن تشكل شخصية الإنسان. * كذلك القراءة توسع الفكر, وتعمق مفاهيم معينة, وتزيد المعارف. وما أصدق الشاعر الذي قال عن القراءة في التاريخ ومن وعي التاريخ في صدره... أضاف أعمارا إلي عمره. * القراءة تستطيع أن تبعد الفكر عن التوافه فالمرأة التي لا تقرأ, ربما لا تعرف سوي الحديث عن الطبيخ والملابس والحفلات وأخبار الناس, بعكس المرأة المثقفة التي تجيد الكلام في موضوعات لها عمق... وبالمثل الرجل الذي لا يعرف سوي المقهي والنادي ودور اللهو, تكون شخصيته سطحية, وأحاديثه بلا نفع أو قد تضر, وعلي عكسه الرجل الذي يقرأ ويدرس ويثقف نفسه. ولهذا نحن نفرح بتعليم المرأة, ونحث الناس علي القراءة حتي الأطفال... ونشجع علي تكوين المكتبات ونطلب من الآباء والمرشدين أن يوجهوا أبناءهم في نوعية القراءة التي تفيدهم والتي تناسبهم. * الكتب النافعة تؤثر علي الروح, وتقودها إلي الله. ولا ننسي مطلقا كيف تأثر أوغسطينوس بقراءته لحياة القديس الأنبا أنطونيوس, وقادته إلي التوبة. كذلك تأثر الناس بعظات القديس يوحنا ذهبي الفم, وأشعار مار إفرآم السرياني والروحيون إذ قرأوا كتبا روحية, يرتفع مستواهم ويزداد عمقهم بما يقرأون. المهم أن الناس يتخيرون ما يصلح للقراءة وما ينفع. * والقراءة تمنح العقل لونا من النمو والنضوج. فهي تشرح للعقل موضوعات ما كان يعرفها, وتناقش معه أفكارا ربما كان يتقبلها بالتسليم, فأصبح يدخلها في نطاق الحوار. وما كنا نقوله منذ سنوات عن مراحل السن عند الأطفال, تغير حاليا عن ذي قبل تغيرا كبيرا جدا, بقدر ما يقدمه المجتمع للطفل والشاب من معلومات. وما يقدمه أيضا لرجل الشارع. وبازدياد المطبوعات سواء في الكتب أو الجرائد أو المجلات, تغير الفكر عن ذي قبل, بحسب نوعية القراءة ونوعية الثقافة. مستوي المعرفة قد ازداد. ولكن أية معرفة؟ حسب قراءاتك تكون معرفتك, وحسب معارفك تتأثر حياتك... فما هو نوع قراءتك؟ أقصد القراءة الأكثر والأعمق؟ هل هي القراءة العلمية والمعارف العامة؟ أم القراءة في السياسة والاقتصاد والأخبار؟ أم القراءة عن الجرائم والأحداث والانحرافات؟ أم القراءة في العقيدة والإيمان؟ أم القراءة في الروحيات؟ أو في النسك أو في سير القديسين؟. ما تقرأه سيؤثر فيك, ويدفع حياتك في اتجاه معين. لا تقل أنا لا أتأثر, فقد تأثرت عقليات جبارة جدا. مثال ذلك أوريجانوس, أعظم عالم لاهوتي في القرن الثالث. وعلي مدي قرون كثيرة, تأثر بقراءاته الفلسفة, وتأثر بالأفلاطونية والأفلاطونية الحديثة. وظهر ذلك واضحا في كتابته عن الأرواح, وعن الوجود السابق لها. وتأثره في كلامه حتي عن الملائكة, وعن الخلاص, والحياة الأخري... وحرمته الكنيسة, وحرمته مجامع!!. وكثيرون ممن قرأوا كتبا غربية أو غريبة, تأثروا بها. وظهر هذا التأثير واضحا في أفكارهم... سواء الذين انحرفوا نحو طوائف أخري, أو الذين تأثروا بالقراءات الفلسفية, أو كتب الشيوعية والإلحاد, أو بكتب أخري تغرس الشكوك, كالذين قرأوا كتب شهود يهوه, أو كتب السبتيين وأمثالهم... ومن هذا النوع كثيرون, أذكرهم وأنا باك كما قال الرسول, ولعل في مقدمتهم شخص كان الأول في كلية اللاهوت, ثم وضع كتابا بعنوان الإنسان هو الذي خلق الله علي صورته!! لهذا كله كانت الكنيسة تحرم كتب الهراطقة: لا تحرف الهراطقة فقط, وإنما كتبهم أيضا. لأن قراءتها تضر... فليس كل إنسان له القدرة علي معرفة الأخطاء والرد عليها. كذلك كانت تفعل مع كتب السحر, وتأمر بحرقها. وهكذا قيل في سفر أعمال الرسل وكان كثيرون من الذين يستعملون السحر, يجمعون الكتب ويحرقونها أمام الجميع (أع19:19). لهذا كله ينبغي تنقية المكتبات في الكنائس, حرصا علي أفكار القراء وعلي إيمانهم. وتكون القراءة تحت إرشاد. ومن يعرض -علي سبيل نشر المعرفة- فكرا خاطئا, ينبغي في نفس الوقت أن يقدم الرد عليه, ويكون الرد قويا... كذلك من يتعرضون للنقد الكتابي Biblical Criticism لابد أن يكونوا علي مستوي القوة في مناقشة الأفكار. هناك أمثلة كثيرة للمعرفة الخاطئة المضللة: ولعله بسببها قال الحكيم في سفر الجامعة إن الذي يزداد علما, يزداد غما (جا1:8). يقصد العلم بأشياء تضر أو تشكك أو تتعب الفكر. ولعله عن تلك المعرفة الضارة قال فستوس الوالي للقديس بولس الرسول الكتب الكثيرة تحولك إلي الهذيان (أع26:24). طبعا كان يظلم القديس فهذه العبارة ما كانت تنطبق عليه. ولكنها يمكن أن تنطبق علي غيره. الهدف من القراءة * هناك من يقرأ لمجرد الرغبة في المعرفة. * ومن يقرأ للدراسة, وللبحث عن الحقيقة. * وهناك من يقرأ مقررات مفروضة عليه كالطلبة في الجامعات والمدارس, وذلك لكي ينجحوا ويحصلوا علي شهادات. * نوع آخر يقرأ للتسلية وللمتعة, كمن يقرأ قصصا وحكايات. * وآخر يقرأ للتدرب علي الذكاء, كمن يقرأ الألغاز لحلها. * نوع آخر يقرأ لإشباع شهوة معينة في نفسه. * وآخر يقرأ لمعالجة نفسه من شهوة أو من فكر ضاغط, وذلك باستبداله فكر بفكر, لعل قراءته تنقله إلي جو آخر من التفكير, وتخلصه من أفكاره التي تتعبه, أو من الشهوات التي تضغط عليه, أو تقيم توازنا في فكره. * وهناك من يقرأ للهروب من الفراغ أو لقتل الوقت. ومن يقرأ للتعمق في العقيدة والإيمان أو لتدريس ما يقرأه للغير. * ونوع آخر يقرأ لبناء نفسه. وللتفوق علي غيره في المعرفة. * والنوع الأسمي هو الذي يقرأ لفائدته الروحية, لكي تكون القراءة له روحا وحياة كما قال الرب عن كلامه (يو6:63). فمن أي نوع أنت؟ وهل تستفيد روحيا من قراءاتك؟ كيف تقرأ أولا اقرأ بفهم, وبفحص, ولا تعتنق كل ما تقرأ. فكثير من الناس يقبلون كلما يقرأون باقتناع تلقائي, دون دراسة ودون تفكير, كما لو كان مكتوبا بوحي!! أما أنت فضع أمامك قول القديس بولس الرسول امتحنوا كل شئ وتمسكوا بالحسن (1تس5:21). وأيضا قول القديس يوحنا الرسول لا تصدقوا كل روح. بل امتحنوا الأرواح هل هي من الله؟ (1يو4:1). وأعرف أن الحكيم عيناه في رأسه, أما الجاهل فيسلك في الظلام (جا2:14). لذلك لا تقبل كل شئ. وحبذا لو أنك وزنت كل ما تقرأه في ضوء كلمة الله التي تحكمك للخلاص (2تي3:15). * ولا تنشر كل ما تقرأه. لأن البعض لا يكتفون بتأثرهم بأفكار معينه, بل يتحمسون لها بالأكثر لدرجة أنهم ينشرونها في كل المحيط الذي يعيشون فيه. وربما يكونون بذلك عثرة لغيرهم من جهة الفكر. * ولا تعجب بكل جديد مما تقرأ المهم أن هذا الجديد لا يتعارض مع المسلمات القديمة الثابتة في الكنيسة التي تسلمناها من الآباء القديسين. والكتاب يأمرنا قائلا لا تنقل التخم القديم الذي وضعه آباؤك (أم22:28) (أم23:10). وهنا تبدو الأصول القوية في الكنائس التقليدية التي تحافظ علي الإيمان المسلم من القديسين (يه3) فلا تضيف إليه ما يتعارض معه. * ولتكن قراءتك باتضاع لأنه أحيانا العلم ينفخ (1كو8:1) كما قال الرسول وكثير من الناس يرتفع قلبهم بقراءاتهم ويرون أنهم صاروا أعلي فكرا وأوسع عقلا من الآخرين. فينتفخون ويتعالون علي غيرهم ويصفون الغير بالجهل. وتكون لهم المعرفة مجالا للافتخار. ويفقدون اتضاعهم حتي في حديثهم مع من هم أكبر منهم. السماعات أنت تسمع كثيرا في الاجتماعات العامة والخاصة, وفي محيط الأقرباء والأصدقاء والمعارف. وتسمع من وسائل الإعلام: الراديو, والتليفزيون, والفيديو, والكاسيتات. ولكن المهم هو أمران: أن تتخير ما تسمع, وتتحكم فيما تسمع: الله وهب لك أذنين, لكي تسمع الرأي, والرأي الآخر. ولا تكون عبدا لرأي واحد, أو لكل ما تسمع. فبين أذنيك وضع الله العقل ليزن ويحكم, ويفحص ويدقق, ويقبل ما يصلح ويرفض ما يضر. فلا تجعل عقلك في أذنيك ولا تكن سماعا... ولا تصدق كل ما تسمعه. بل افحص كل شئ, وأبحث عن الحقيقة. تذكر أن أول خطية للبشرية جاءت نتيجة السماع. حينما سمعت أمنا حواء كلاما خاطئا معثرا من الحية, وكانت الحية أحيل حيوانات البرية (تك3), وآخاب الملك أضاع نفسه نتيجة سماع خاطئ ظالم من زوجته إيزابل (1مل21). ونحن نقول في القداس عن المتآمرين الخاطئين بدد مشورتهم يا الله الذي بدد مشورة أخيتوفل. فلا يكن في حياتك أخيتوفل يضرك ولتكن أذنك مصغية إلي السماع المفيد. إلي كلمة النصح, وكلمة المنفعة, وكلمة التوبيخ المخلص وكلمة الإرشاد من الحكماء, وعموما إلي الكلمة التي تبني, تبنيك روحيا وفكريا, وتثبتك في الحياة مع الله. واحترس من كلام المديح الضار, أو الملق أو كلام الإغراء في السماع أيضا لا ننسي تأثير الموسيقي. وقد اهتمت الكنيسة بالألحان والموسيقي, لأن لها تأثيرها العميق في النفس... وقال الرسول عن ذلك مكملين بعضكم بعضا بمزامير وتسابيح وأغاني مترنمين ومرتلين في قلوبكم للرب (أف5:19). ليتك تجعل التسابيح والألحان من الوسائط الروحية التي تبنيك. واهتم بالترتيل وتأثيره, علي أن تكون ألحانه سليمة, وليست مأخوذة من الأغاني العالمية كما يفعل البعض. واحترس مما يسميه البعض غسيل المخ. وذلك بوقوع البعض تحت تأثير فكري معين, يضيع منه كل ما أخذه من قبل, وكل ما آمن به واقتنع, ويزرع فيه شكوكا لا تحصي, ويغرس فيه أفكارا أخري, دون أن يعطيه فرصة لمعرفة الرد أو الاتصال بالرأي الآخر, إلي أن يخرج الآخر الأمر شخصا مختلفا تماما عما كان, بفكر آخر غير فكره الأول في كل شئ... وهذا ما كانت تفعله الشيوعية وغيرها من المذاهب. ولذلك أيضا تخير أصدقاءك الذين تسمع منهم وتسمع لهم. كلمة الحق باستقامة بحيث يكونون مرشدين صالحين يفصلون كلمة الحق باستقامة, ويكلمونك دائما بكلمة الله. ولا تردد كل ما تسمع وتصبه في آذان غيرك. إلا بعد أن تتحقق من صحة وفائدة ما قد سمعته لئلا تصبح عثرة لغيرك وتفقده فضيلته. احترس إذا من أسوب الببغاوات لئلا تنقل شائعات أو معلومات قد تكون ضارة. باقي الحواس احترس من النظر وتأثيره عليك وتذكر أن خطية داود الكبري كان النظر هو بدايتها (2صم11:2) والنظر قاد إلي الشهوة التي قادته إلي الزني والقتل. وربما نظرة تقود إلي خطية إدانة. ونظرة أخري تقود إلي خطية حسد. النظر يؤثر علي مشاعر القلب وكذلك فإن مشاعر القلب تشكل نوعية النظرة ولا ننسي في خطية أمنا حواء, أنها -بعد أن تغير قلبها بحديث الحية- نظرت فإذا الشجرة جيدة للأكل وأنهابهجة للعيون, وأنها شهية للنظر (تك3:6). وقد قال القديس يوحنا الرسول عن محبة العالم التي هي عداوة لله كل ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العين وتعظم المعيشة (1يو2:16). وكما تؤثر حاسة النظر, تؤثر أيضا حاسة اللمس وحاسة الشم. لكل هذا, دقق القديسون علي حفظ الحواس, وضبط الحواس, حتي لا تقود الإنسان إلي مشاعر معينة تخرجه عن حياة البر.
| |
|