mifa20014 قلب المنتدى الطيب
عدد الرسائل : 31565 العمر : 52 تاريخ التسجيل : 08/05/2007
| موضوع: حياة الفضيلة والبر هي الحياة بالروح الإثنين 20 سبتمبر 2010 - 14:32 | |
| حياة الفضيلة والبر (15) حياة الفضيلة والبر هي الحياة بالروح بقلم قداسة: البابا شنودة الثالث وطني 19-9-2010
قيل في الكتاب: لا دينونة الآن علي الذين في المسيح يسوع, السالكين ليس حسب الجسد, بل حسب الروح (رو8 :1). فما هي إذن الحياة بالروح؟ ملخص الحياة الروحية الحياة بالروح تتوقف علي نقطتين أساسيتين هما: أ- انتصار الروح البشرية في جهادها. ب- عمل روح الله القدوس في الإنسان. إن الروح البشرية لها بطبيعتها طاقات جبارة, لو أحسن الإنسان استخدامها, لا ترتفع إلي مستوي عال جدا, حتي لو كان غير مؤمن. فهكذا يفعل اليوجا, وهكذا يفعل كثير من نساك الهندوس, برياضيات روحية يتدربون عليها, لكي تصل أرواحهم إلي ملء طاقاتها الطبيعية.. منتصرة علي الجسد والمادة.. فإن كانت هكذا الروح البشرية حسب طبيعتها, كم تكون إذن إذا اشتركت مع روح الله القدوس! لذلك يحتاج الإنسان أن يقوي روحه, وأن يعمق شركتها مع روح الله. ولتقوية الروح عليه أن يبعد بها عن السلبيات والعثرات, وأن يقدم لها باستمرار الغذاء الروحي من صلاة, وتأملات, وقراءات روحية, وتسابيح وألحان وقداسات, وتداريب روحية, واجتماعات روحية منشطة. ومن جهة العلاقة بالروح القدس, عليه ألا يحزن روح الله (أف 4: 30) ولا يطفئ الروح (1تس 5: 19) ولا يقاوم الروح. هذا من الناحية السلبية. ومن الناحية الإيجابية, ينمو حتي يصل إلي الامتلاء بالروح (أف 5: 18). تطور علاقتنا بالروح 1- تبدأ علاقتنا بالروح في سر المعمودية, حينما نولد فيها من الماء والروح (يو 3: 5). 2- والعلاقة الثانية تكون في سر المسحة, حينما ندهن بزيت الميرون المقدس, ويسكن الروح القدس فينا, وتصير أجسادنا هياكل للروح القدس (1كو 6: 19). كان هذا الأمر في بداية العصر الرسولي, بوضع أيدي الرسل, فينال الناس الروح القدس كما حدث لأهل السامرة (أع 8: 17) ولأهل أفسس (أع 19: 6). ولما كثر عدد المؤمنين جدا, استخدموا المسحة المقدسة بدلا من وضع اليد (1 يو 2: 20, 27). 3- ولا يكفي أن ننال الروح القدس, إنما يجب أن تكون لنا شركة معه. إنه يعمل فينا وبنا. ويجب علينا نحن أيضا أن نعمل معه. ويشترك الروح القدس معنا في كل عمل نعمله. والكنيسة تذكر شركة الروح القدس في البركة التي يبارك بها الكاهن الشعب في نهاية كل اجتماع (2كو 13: 14). 4- وبشركتنا مع الروح القدس, تظهر ثمار الروح في حياتنا. وقد ذكر القديس بولس الرسول ثمر الروح في رسالته إلي غلاطية, فقال: وأما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام, طول أناة لطف صلاح إيمان, وداعة تعفف. ضد أمثال هذه ليس ناموس (غل 5: 22, 23). ثمار الروح تأتي نتيجة لعمل الروح القدس في الإنسان, ونتيجة لاستجابة روح الإنسان لعمل روح الله فيه.. 5- وكلما يزداد ثمر الروح, تزداد الحرارة الروحية في الإنسان. وفي هذا المعني يوصينا الرسول أن نكون حارين في الروح (رو12:11). لقد قيل عن الرب: إلهنا نار آكلة (عب 12: 29). كذلك فالذي يسكن فيه روح الله, لابد أن يكون مشتعلا بهذه النار المقدسة. وهكذا حل روح الله كألسنة من نار علي التلاميذ فأشعلهم نارا وغيرة مقدسة, ألهبتهم للخدمة, فملأوا الكون كرازة. وهؤلاء الذين لا قول لهم ولا كلام, وصلت أقوالهم إلي أقطار المسكونة (مز 19). الله ظهر كنار في العليقة (خر 3: 2). ويتمثل في المجمرة نارا تشتعل في الفحم فتصيره جمرا مشتعلا. وكان قبول المحرقات في العهد القديم يتمثل في النار المقدسة التي تشتعل, نارا دائمة تتقد علي المذبح لا تطفأ (لا 6: 13). ولأن الملائكة قريبون من الله, يعمل فيهم روحه القدوس, لذلك قيل عنه: الذي خلق ملائكته أرواحا, وخدامه نارا تلتهب (مز 104: 4). ومن هذه النار, أخذ اسم طغمة السارافيم. تستطيع إذن أن تعرف رجل الله, من ثمار الروح التي تظهر في حياته. لأن الرب يقول: من ثمارهم تعرفونهم (مت 7: 20). ويمكننا أيضا أن نعرفه من حراراته الروحية. فصلاته صلاة حارة في ألفاظها وفي دموعها وفي إيمانها وفي لهجتها, صلاة تزعزع المكان كما حدث مع التلاميذ (أع 4: 31). والإنسان الروحي تكون خدمته خدمة حارة, في قوتها وفي انتشارها, في تأثيرها, وفي غيرتها المقدسة وحماسها العجيب.. خدمة كلها نشاط, وتأتي بثمر كثير. والإنسان الذي يعمل فيه روح الله, يتميز بحرارة المحبة. هذه المحبة الملتهبة من نحو الله والناس, التي قيل عنها في سفر النشيد: مياه كثيرة لا تستطيع أن تطفئ المحبة (نش 8: 7). وتشمل هذه المحبة كل أحد, وتسعي بكل قوة في خدمة الناس, ولخلاص الناس. لذلك إن كنت إنسانا ليست فيك حرارة. فاعرف أن عمل الروح فيك ليس كما ينبغي. وطبعا من محاربات هذه الحرارة, الفتور الروحي.. وإن زاد الفتور في إنسان, وطالت مدته, يتحول إلي برودة روحية.. ويصير هذا الإنسان جثة خامدة في الكنيسة.. لا حركة, ولا بركة. هنا وأقول إن البعض يفهم الوداعة بطريقة خاطئة. فيظن أنه في وداعته, يكون بلا حرارة ولا حيوية!! لا يتأثر ولا يؤثر, ولا تشتعل عواطفه, ولا يغار للرب!! كلا, فالسيد المسيح كان وديعا ومتواضع القلب, ومع ذلك كان حارا في عواطفه وفي خدمته, يجول يصنع خيرا (أع 10: 38). 6- الإنسان الذي يسكن فيه روح الله, تكون تصرفاته روحية. نواياه ومقاصده واتجاهاته تكون روحية, ووسائله وسائل روحية. وكل لفظة يلفظها تكون كلمة روحية, لها تأثير روحي في نفوس سامعيه. فهو إن تكلم يكون روح الله هو المتكلم علي فمه. كما قال السيد المسيح لتلاميذه: لأن لستم أنتم المتكلمين, بل روح أبيكم الذي يتكلم فيكم (مت 10: 20). فهل في كل مرة تتكلم يكون روح الله هو الذي ينطق. وهل تقول له في كل مرة: افتح يارب شفتي.. فيخبر فمي بتسبحتك (مز 50). وإذا وقع في مشكلة, يحلها بطريقة روحية. هناك من يحل المشكلة بأعصابه, فيثور لها ويضج. وهناك من يقابلها بمشاعره فيبكي لها وينوح. وهناك من يعالج المشكلة بعقله, فيجلس ليفكر. وهناك أيضا من يحلها بروحه. فيصلي من أجلها, ويصوم, وينذر نذرا, ويقيم قداسات. وفي تفكيره للحل, يفكر بطريقة روحية, بغير خطية, بلا لوم أمام الله والناس. 7- وإذا سكن روح اله في إنسان, فإنه يقدسه. يقدسه بالكلية, يقدس قلبه وفكره وجسده وروحه ونفسه, ويقدس الحياة التي يحياها.. كما يقول الرسول: وإله السلام نفسه يقدسكم بالتمام, ولتحفظ روحكم ونفسكم وجسدكم كاملة بلا لوم... (1تس 5: 23). إنه تقديس من الناحيتين: الإيجابية والسلبية. الإيجابية: من جهة قدسية الحياة التي تحياها, وثمر الروح فيها. ومن الناحية السلبية: لا تكون لك شركة في أعمال الظلمة, مادمت قد دخلت في شركة الروح القدس. فالرسول يتعجب قائلا: أية شركة للنور مع الظلمة؟! (2كو 6: 14). ويقول أيضا: لا تشتركوا في أعمال الظلمة غير المثمرة, بل بالحري بكتوها (أف 5: 11). فإن كنت تشترك في عمل من أعمال الظلمة, فلا يكون روح الله يعمل فيك.. علي الأقل في وقت هذا العمل.. إلا إذا كان يبكتك وقتذاك, وأنت تقاوم الروح !! وتقسي قلبك. الأمر الذي حذرنا منه الرسول قائلا: إن سمعتم صوته, فلا تقسوا قلوبكم (عب3: 7, 15). في حالة اشتراكك في عمل الظلمة, تكون قد فصلت نفسك عن عمل الروح فيك. انفصلت عن الروح, ولو انفصالا مؤقتا.. انفصالا في العمل والتصرف, وفي الإرادة والمشيئة. ومن الجائز أن الروح لا ينفصل عنك, بل يظل فيك يبكتك. ولكنك أنت منفصل عنه فكرا وحسا, لك طريق آخر غير الطريق الروحي, تسلكه أو تشتهيه.. ما أجمل تلك العبارة التي قيلت عن شمشون الجبار في بدء حياته الروحية وابتدأ روح الرب يحركه في محلة دان.. (قض 13: 25). فهل أنت مثله: روح الرب يحركك؟ أم أنت تتحرك من ذاتك؟ أم تحركك مشاعر خاطئة وفكر خاطئ, أم تحركك إرادة أخري غير إرادتك من قريب أو صديق أو موجه أو مرشد؟! وإن كان يحركك مرشد, فهل هذا المرشد يحركه روح الله؟ والذي يحركه روح الله, يسلك بالروح؟ هذا السلوك يقول عنه القديس بولس الرسول: إذن لا شئ من الدينونة الآن علي الذين هم في المسيح يسوع, السالكين ليس حسب الجسد, بل حسب الروح (رو 8: 1). ويقيم مقارنة خطيرة بين السلوك بالروح, والسلوك بالجسد. فيقول: فإن الذين هم حسب الجسد, فبما للجسد يهتمون. ولكن الذين حسب الروح, فبما للروح, لأن اهتمام الجسد هو موت, ولكن اهتمام الروح هو حياة وسلام. لأن اهتمام الجسد هو عداوة لله.. فالذين هم في الجسد, لا يستطيعون أن يرضوا الله. وأما أنتم فلستم في الجسد, بل في الروح, إن كان روح الله ساكنا فيكم. فإذن أيها الإخوة: نحن مديونون وليس حسب الجسد, لنعش حسب الجسد, لأنه إن عشتم حسب الجسد فستموتون. ولكن إن كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد فستحيون (ر8: 5- 13). إذن هناك صراع بين الروح والجسد, يقول عنه الرسول: اسلكوا بالروح, فلا تكملوا شهوة الجسد. لأن الجسد يشتهي ضد الروح, والروح ضد الجسد. وهذان يقاوم أحدهما الآخر.. (غل 5: 16, 17). فهل يظل الإنسان في هذا الصراع طوال حياته علي الأرض, يشكو من الجسد ومن شهوات الجسد, ويصرخ قائلا: إني أعلم أنه ليس ساكنا في, أي في جسدي, شئ صالح, ويحي أنا الإنسان الشقي, من ينقذني من جسد هذا الموت؟ (رو7: 18, 24). أم تراه صراعا في بدء الحياة الروحية؟ إلي أن يتم استسلام الجسد للعمل الروحي. وخلال هذا الصراع, يقول إنسان الله: أقمع جسدي وأستعبده. حتي بعدما كرزت للآخرين, لا أصير أنا نفسي مرفوضا (1كو 9: 27). ومتي تقدس الجسد بالتمام, وخضع للروح, بل اشترك معها في العمل الإلهي, العمل الروحي, حينئذ لا يكون بينها صراع, بل يتعاونان معا. 9- وإذا نما الإنسان في العمل الروحي, يصل إلي درجة أعلي: فيصبح لروحه سلطان, وتصير لها قوة. يصبح لروحه سلطان علي الجسد, وسلطان علي الناس, أقصد تأثيرا عليهم أكثر عمقا.. ويصبح للروح أيضا سلطان علي الشياطين. هذا السلطان منحه الرب لتلاميذه, فقال لهم: ها أنا أعطيكم سلطانا لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو.. (لو 10: 19).. ما أعمق عبارة: وكل قوة العدو !!. وهكذا كانت الشياطين تخاف من القديسين, وتصرخ من هيبتهم وسلطانهم. وحدث ذلك عندما نفي القديس مقاريوس الكبير إلي جزيرة فيلا بواسطة الأريوسيين, فصرخ الشياطين لما دخل الجزيرة, وقالوا له: تركنا لك البرية, فجئت إلي هنا لتهلكنا. بهذا السلطان كان القديسون يخرجون الشياطين. الشياطين جربتهم أولا بمحاربات, فلم يخضعوا لها, وانتصروا علي الشياطين في كل حروب روحية, حتي صارت الشياطين تخاف منهم. وأصبح لصلواتهم سلطان يمكن أن يطرد الشياطين. ياليتكم تأخذون هذا الموضوع مجالا لدراستكم وتأملاتكم. أعني خوف الشياطين من أولاد الله. وتجدون فصلا عن ضعف الشياطين في كتاب القديس أثناسيوس الرسولي عن حياة القديس الأنبا أنطونيوس. أما السلطان علي الناس, فيظهر في التأثير عليهم. إنسان يتكلم بسلطان لأن روحه لها سلطان علي السامعين. لها سلطان أن تدخل إلي العقل وإلي القلب, وأن تؤثر علي الإرادة وبخاصة لو كانت روحه أكبر من أرواحهم.. وإذا بالكلمة لا ترجع فارغة, وإنما تعمل عملا, وتقتدر كثيرا في عملها. بعد هذا ننتقل إلي نقطة أخري في علاقتنا بالروح وهي: 10- المواهب التي يمنحها روح الله للناس. وقد شرح القديس بولس الرسول هذه المواهب في اصحاح كامل هو (1كو 12). وذكر كيف أن كل هذه المواهب يعملها الروح قاسما لكل واحد بمفرده كما يشاء (1كو 12:11). وليس الآن مجال الحديث عن هذه المواهب.. وأنا أفضل أن تهتم بثمار الروح أكثر من المواهب. ثمار الروح هي خاصة بحياتك أنت أبديتك. أما المواهب فغالبيتها خاصة بخدمة الآخرين. وقد يقع البعض بسببها في الكبرياء والمجد الباطل.. 11- ننتقل إلي نقطة أخري وهي أن الروح يمنح قوة خاصة للمؤمن وعن ذلك قال السيد الرب لرسله القديسين: ولكنكم ستنالون قوة متي حل الروح القدس عليكم (أع 1: 8). وهكذا تظهر القوة في حياة أولاد الله, قوة ليست من العالم, وإنما من روح الله, قوة في الكلمة, في الخدمة, في الانتصار علي الشياطين, في تحمل الشدائد والضيقات. قوة في الصلاة, في الإيمان, في عدم الخوف, مهما كانت الأسباب وهكذا قيل ملكوت الله قد أتي بقوة (مر 9: 1). هذه القوة تميز بها العصر الرسولي الذي عمل فيه الروح القدس بقوة وتميز بها عصر المجامع وأبطال الإيمان, كما تميز بها عصر الرهبنة, وبخاصة في بدء نشأتها.. قوة ظهرت في عظة بطرس, التي أدت إلي إيمان الثلاثة آلاف (أع 2). وتميزت بها خدمة القديس إسطفانوس, (أع 6: 10), وتميزت بها كرازة القديس بولس الرسول في تأثيرها وانتشارها.. المشكلة التي نعانيها أن كثيرا من الخدام يخدمون بنشاط ومعرفة, وربما باتساع كبير في الخدمة, ولكنهم لا يخدمون بقوة الروح. وربما تدخل بعض الأساليب العالمية في الخدمة. الخادم الحقيقي يخدم بروحه, وبروح الله معه. والإنسان الروحي تكون روحه مزينة بالفضائل. تحدث الرسول عن زينة الروح الوديع الهادئ (1بط 3: 4). وما أجمل ما قيل في سفر النشيد عن الروح المزينة بالفضائل, التي تعجب منها المنشد فقال: من هذه الطالعة من البرية مستندة علي حبيبها (نش 8: 5) .. معطرة بالمر واللبان وكل أذرة التاجر (نش 3: 6). | |
|