mifa20014 قلب المنتدى الطيب
عدد الرسائل : 31565 العمر : 52 تاريخ التسجيل : 08/05/2007
| موضوع: أكبر عائق للفضيلة هو الذات الإثنين 8 نوفمبر 2010 - 13:51 | |
| حياة الفضيلة والبر (22)
أكبر عائق للفضيلة هو الذات
بقلم قداسة :البابا شنودة الثالث
وطني 7-11-2010
خطورة الذات
ما أسهل أن الذات تضيع الإنسان, كما قال السيد المسيح: من وجد حياته يضيعها. ومن أضاع حياته من أجلي يجدها (مت10:39).حقا ما أخطر أن يركز الإنسان كل اهتمامه علي ذاته, كيف تكبر وتعظم. ويجب أن يكون بارا في عيني نفسه (أي32:1) وعظيما في عيني نفسه وأعين الناس (أع12:21-23) وأن يكون حكيما في عيني نفسه (أم3:7) الأمر الذي نهي الرب عنه.وحرب الذات من الخطايا الأمهات. تلد كثيرا من الخطايا, كما سنري فيما بعد...وهي أول خطية في العالمهي الخطية التي سقط بها الشيطان, حينما قال في قلبه أصعد إلي السموات. أرفع كرسي فوق كواكب الله... أصير مثل العلي (إش14:13, 14) وبنفس الخطية ذاتها أغري أبوينا الأولين علي السقوط, بقوله لهما تصيران مثل الله (تك3:5).موضوع الذات يذكرنا بخطيئة يونان النبيالذي خاف أن تسقط كلمته إلي الأرض. إذ ينذر أهل نينوي بانقلاب مدينتهم, فتكون النتيجة أن يتوبوا فيرحمهم الله, وتسقط كلمة يونان. ويغتم يونان غما شديدا ويغتاظ (يون4:1).وثقة الإنسان أنه بار في عيني نفسه, كانت مشكلة أيوب (أي32:1). ونفس الوضع من جهة الثقة بالحكمة الشخصية, إذ يقول الكتاب:لا تكن حكيما في عيني نفسك (أم3:7).إذ يثق الإنسان بفكره الخاص وبحسن تدبيره, دون سماع مشورة من أحد, ويري أنه علي حق في كل شئ. الأمر الذي نهي عنه الكتاب قائلا وعلي فكرك لا تعتمد (أم3:6).وقال أيضا توجد طريق تبدو للإنسان مستقيمة, وعاقبتها طرق الموت (أم14:12) (أم16:35).نتائج حرب الذات1- أن تكون الذات في قمة الاهتمامات:بحيث كل ما يدور في فكر هذا الشخص: مستقبلي, مركزي, كرامتي, رأيي, شخصيتي... بل تتحول الذات إلي هدف, وهي محصلة كل أعماله وأقواله وتصرفاته, وتكثر في فكره وفي أقواله عبارة (أنا).2- ربما يصل إلي امتداح نفسه لنفسه:فيفقد الاتضاع ويتعلق بمحبة المجد الباطل. وهكذا لا يستطيع أن يلوم نفسه في شئ ويحاول باستمرار أن يبرر نفسه في كل شئ وقد لا يستطيع أن يتحمل كلمة عتاب من أحد, وليس فقط كلمة تبكيت ولا يكون فقط بارا في عيني نفسه, إنما يحب بالأكثر أن يكون أيضا بارا في أعين الآخرين, ويسعي إلي مديحهم وتطويبهم, ويسر بذلك.ولأجل هذا, ولغيره أيضا, قال السيد الرب:من أراد أن يأتي ورائي, فلينكر نفسه, ويحمل صليبه ويتبعني (مت16:24).وفي بعض الترجمات يمجد نفسه وفي ترجمات أخري يفكر بنفسه وقال الرب أيضا من أضاع نفسه من أجلي يجدها (مت10:39) بل قال كذلك أن يبغض الإنسان حتي نفسه لكي يكون تلميذا للرب (لو14:26).3- هذه الذات التي تجعل الإنسان يقف أحيانا ضد الله. يعاديه ويقاومه, وينفصل عنه, ويكسر وصاياه, وينضم إلي أعدائه كل ذلك لكي يشبع رغباته, ويسير حسب هواه. وإن طلب من الله طلبا, يصر أن يكون الله مجرد منفذ لرغباته, دون أن يضع في اعتباره حكمة الله ومشيئته وإن تأخر الله عليه. أو ظن أن الله قد تأخر, يغضب ويتضايق... ويشك في محبة الله ورعايته, ويتذمر, ويهدد بترك الكنيسة أو اجتماعاتها..بل إن الوجوديين أنكروا وجود الله, شاعرين أنه ضد رغباتهم وضد تمتعهم (بالوجود)!!.وهكذا نري إلي أي حد يمكن أن تقود محبة الذات...! وقد قادت الشيوعيين أيضا إلي الإلحاد, وقادت كثيرا من الفلاسفة إلي الوثوق بأفكارهم أكثر من الثقة بكلمة الله, وهكذا فعلت الذات مع بعض رجال الدين في الغرب الذين وضعوا عقولهم رقيبة علي الكتاب المقدس نفسه!! يقبلون منه ما يوافق هواهم وفكرهم وينكرون الباقي!!4- والذات أيضا دخلت في محيط الأبوة الروحية والجسدية:وأصبح البعض لا يطيع الأب الروحي إلا فيما يوافق هواه, وإلا يغيره! أو إنه لا يعرض عليه, إلا ما يعرف مسبقا أنه سيوافق عليه!!.ونفس الوضع في محيط الأسرة بالنسبة إلي طاعة الوالدين, ومن هم في مرتبتهما من الكبار في العائلة, حتي في الكنيسة من المشيرين والمدبرين.5- وكان للذات أثرها في مجال الخدمة أيضا:من جهة محبة الرئاسة والقيادة والسيطرة وفرض الرأي, الأمر الذي سبب انقسامات في مناطق متعددة كل (خادم) يحب أن يفرض رأيه ومنهجه وأسلوبه, هو الذي يقود ولا يقاد, أو علي الأقل يكون له مجموعة تتبعه, وتقف ضد كل من يعارضه أيا كان مركزه.إنه في الخدمة يبحث عن (ملكوته) هو, وليس عن ملكوت الله.حتي لو أدي الانقسام إلي تدخل الطوائف الأخري وضياع الخدمة! وحتي لو أصبح الانقسام عثرة للمخدومين وشتتهم! المهم عند هؤلاء هو الذات وإشباعها من حب السيطرة وتنفيذ الرأي الخاص والحصول علي الكرامة الشخصية, ولو استوفوا خيراتهم علي الأرض (لو16:25).6- بل قد تدخل الذات في محيط العقيدة!حيث يصر (الخادم) في محيط التعليم, أن يكون له فكره الخاص, ينشره ولو كان ضد التعليم المعروف في الكنيسة, وضد التقليد والإجماع العام!!! المهم عنده هو فكره وثقته بعلمه. وإن جاءه توجيه, يقاوم ويري نفسه أكبر من كل الموجهين!.حقا, كيف ظهرت البدع والهرطقات, إلا من الذات والاعتداد بالفكر الخاص, حتي كان الهرطوقي قد أنذر مرة واثنتين وأكثر. ولكن التصاقه بذاته أقوي من كل إنذار.7- محبة الذات قد توصل إلي عبادة الذات.حيث لا يريد الشخص فقط أن يكون الأول, إنما بالأكثر أن يكون الوحيد, وكأنه يقول أنا وليس غيري!! وقد يصل في محبته لذاته, أن يقف ضد الآخرين. وقد يهاجم بعنف. وقد يستخدم أسلوبا عدوانيا ويهاجم كل من هو ضد رأيه.8- وتوصله محبة الذات إلي العناد.وإلي تصلب الفكر, وعدم قبول أي رأي غير رأيه أو ضد الرأي إما أنه لا يحب أن يسمع, أو يسمع ويرفض. أو يصل في المجادلة إلي التشبث بفكره مهما سمع من إقناعات.9- والذات هي التي تضيع الأسرةوتصبح هي العامل الأول في الخلافات الزوجية, إذ تشبث فيها كل طرف بفكره. وإذا بحث أحد الطرفين عن راحته فقط, ولو علي تعب الطرف الآخر. أو إن أصر أن يخضع له الطرف الآخر في كل ما يقوله أو يريده, ولو عن غير اقتناع وضد رغبته, وبدون تفاهم! المهم عنده هو الخضوع, مهما كان ثمنه, ومهما كانت نتائجه.10- بل الذات تتلف كل المجتمعاتفالمجتمع يقوم علي تبادل الرأي, وليس علي فرض الرأي ويبني القرار علي الحوار. فإن أراد أحد أن يخضع الجميع لرأيه, أو إن تجاهل فكر غيره, ينقسم المجتمع ولا يثبت.والذات تقود باستمرار إلي الأنانيةوالأنانية لا تبني أية علاقة اجتماعية, بل تهدمها...مظاهر محبة الذاتالذي يهتم بذاته, إما أن يكون ذلك من ناحية الجسد, أو من ناحية النفس, أو من ناحية الروح.فمن ناحية الجسد, يسعي إلي شهوة الجسد وشهوة العين (1يو2:16) أي في محبة العالم والمادة البعيدة عن محبة الآب.وفي محبة الجسد والمادة وقع سليمان الحكيم, ففقد حكمته.قال بنيت لنفسي بيوتا, غرست لنفسي كروما, عملت لنفسي جنات وفراديس... جمعت لنفسي أيضا فضة وذهبا... اتخذت مغنين ومغنيات وتنعمات بني البشر سيدة وسيدات (جا2:4-8).لاحظوا عبارة (نفسي) أي ذاتي, التي تكررت كثيرا في كلامه... وماذا كانت النتيجة؟ يقول الكتاب وكان في زمان شيخوخة سليمان, أن نساءه أملن قلبه وراء آلهة أخري, ولم يكن قلبه كاملا مع الرب كقلب داود أبيه (1مل11:4).ومثل سليمان نتكلم عن شمشون وعن داود في خطية كل منهما. وفي حياة الرفاهية والمال والنساء والعظمة وشهوة الجسد وعقوبة الله لكل من هؤلاء.كلهم أرادوا أن يبنوا أنفسهم بطريقة غير روحية.بتحقيق شهواتهم. بالمغنين والمغنيات, بالسيدة ,والسيدات, بدليلة وبثشيع... وانطبق عليهم قول الرب من وجد حياته يضيعها.والفضيلة تكون هنا في الانتصار علي الذات.في ضبط النفس. في قول القديس بولس الرسول أقمع جسدي واستعبده, لئلا بعدما كرزت لآخرين, أكون أنا نفسي مرفوضا (1كو9:27).ومن وجهة النفس, الذي يريد أن يشبع رغبات نفسه, قد يقع في الغيرة والحسد, لأنه يريد لنفسه ما في يد غيره... وقد يقع في مصارعات مع الآخرين... قد يقع فيما وقع فيه إخوة يوسف لما حسدوا أخاهم (تك37). أو في الشعور السئ الذي كان للأخ الكبير تجاه أخيه الأصغر الذي ذبح له أبوه العجل المسمن (لو15)... أو ما حدث بين يعقوب وعيسو الذي قال أقوم وأقتل يعقوب أخي (تك37:41)... أو ما حدث بين راحيل وليئة التي قالت مصارعات الله صارعت مع أختي (تك30:8)... هؤلاء كلهم دخلوا في صراعات, وانطبق عليهم ما قيل عن إبراهيم ولوط:ولم تحتملهما الأرض أن يسكنا معا (تك13:6).لذلك فإن أبانا إبراهيم البعيد عن الذات, ترك للوط حرية اختيار الأرض. واختار لوط لضياعه فيما بعد, في سبي سادوم (تك14) وفي حريقها (تك19).إن صراعات الذات دخلت في شكوي مرثا من مريم بقولها أختي تركتني أخدم وحدي (لو10:40) وكانت مريم قد اختارت النصيب الصالح, والشكوي التي قدمت ضدها كانت من جهة صلاحها!!ولكن الذات تقف حتي ضد الأخوات!!.وضد الإخوة معا, والأقارب, والخدام!!.لا أناما أجمل وما أعمق قول القديس بولس الرسول:فأحيا لا أنا, بل المسيح يحيا في (غل2:20).هنا النكران الكامل للذات في كل شئ لتكن لا مشيئتي بل مشيئتك هكذا كان السيد المسيح يقول للأب, وهكذا نقول أيضا في الصلاة الربانية كل يوم لتكن مشيئتك.وهكذا فعل أبونا إبراهيم حينما قال له الرب اذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلي الأرض التي أريك (تك12). فخرج وهو لا يعلم إلي أين يذهب (عب11:8) وفي طاعته تخلي عن ذاته وعن كل شئ... بل في طاعته لما أمره الله بتقديم ابنه الوحيد محرقة (تك22:2) تخلي عن عواطفه وآماله. وترك ما يتعلق بالذات, منشغلا بالله وحده, وفي قلبه أيضا عبارة (لا أنا) لا مشيئتي بل مشيئتك.ومثل القديس بولس وأبينا إبراهيم والقديس يوحنا المعمدان أيضا.كان يختفي لكي يظهر المسيح, ويقول من له العروس فهو العريس أما أنا فمجرد صديق للعريس اسمع وأفرح ينبغي أن ذاك يزيد, وأني أنا أنقص (يو3:29, 30).ومع ذلك, فهذا الذي قال أنا أنقص قال عنه الرب لم تلد النساء من هو أعظم من يوحنا المعمدان (مت11:11).وعبارة أنا أنقص أكملها بولس الرسول بقوله لا أنا... | |
|