Ghada فنانـــــة المنتــــدى
عدد الرسائل : 16804 تاريخ التسجيل : 21/04/2007
| موضوع: هل الجسد عائق للفضيلة ؟ ومتى يكون ؟ السبت 11 ديسمبر 2010 - 15:30 | |
| حياة الفضيلة والبر 27 هل الجسد عائق للفضيلة؟ ومتي يكون عائقا لها؟ بقلم قداسة: البابا شنودة الثالث
أحب أن أقول أولا إن الجسد ليس خطيئة في ذاته الجسد ليس خطيئة ليس الجسد شرا في ذاته, لأسباب عديدة
1- لو كان الجسد شرا, ما كان الله قد خلقه. ونلاحظ أنه بعد أن خلق الله الإنسان -وله هذا الجسد- نظر الله إلي كل ما عمله, فإذا هو حسن جدا (تك1:31).
2- لو كان الجسد شرا في ذاته, ما كان السيد المسيح قد تجسد ولبس جسدا مثلا, وقيل عنه والكلمة صار جسدا (يو1:14).
3- لو كان الجسد شرا, ما كان الكتاب يقول ألستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم... (1كو6:19). وما كان يقول أيضا ألستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء المسيح (1كو6:15).
4- لو كان الجسد شرا, ما كان الله يقيم هذا الجسد!! ويكفي أن الإنسان قد احتمله علي الأرض, ولا داعي أن يحتمله أيضا في الأبدية!!.
5- لو كان الجسد شرا, ما كان الله يمجد هذا الجسد في القيامة... فيقوم جسدا روحيا وجسدا سماويا (1كو15:44, 49)... ويقام في قوة, وفي مجد, ويلبس عدم موت (1كو15:43, 53). بل يكون ممجدا في شبه جسد الرب الممجد, كما يقول الرسول عن الرب الذي سيغير شكل جسد تواضعنا, ليكون علي صورة جسد مجده؟ (في3:21).
6- ولو كان الجسد شرا, ما كنا نكرم أجساد القديسين وعظامهم, ونعتبرها ذخائر في الكنيسة وبركة, وتجري منها عجائب.
7- ولو كان الجسد شرا, ما كان الكتاب يقول قدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة... (رو12:1). بل ما كان يقول مجدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله (1كو6:20).
وعلي الرغم من كل هذا يتحدث الكتاب كثيرا ضد الجسد (رو8), و أعمال الجسد (غل5:19), والاهتمام بالجسد, والسلوك حسب الجسد (رو8:1-9)...
فعن أي جسد يتكلم؟ إنه لا يتكلم عن الجسد ذاته, أو الجسد بصفة عامة, إنما عن الجسد الخاطئ.
الجسد الخاطئ * إنه الجسد الذي يقاوم الروح... هذا الذي قال عنه الرسول الجسد يشتهي ضد الروح, والروح ضد الجسد, وهذان يقاوم أحدهما الآخر, حتي تفعلوا ما لا تريدون (غل5:17). هذا الجسد الخاطئ, ذكر الرسول في نفس الرسالة أمثلة عديدة من أعماله الخاطئة (غل5:19-21). * والجسد الخاطئ هو الجسد الشهواني. وشهواته مادية ونجسة. ولذلك يقول الرسول اسلكوا بالروح, فلا تكملوا شهوة الجسد (غل5:16). وشهوة الجسد قد تكون الزني والنجاسة والدعارة (غل5:19). وقد تكون البطنة التي هي في الطعام والشراب والسكر. أو قد تكون في شهوة أمور حسية تتحول إلي عادة مسيطرة أو إلي إدمان, مثل التدخين والمخدرات...
والجسد الخاطئ هو الذي يهتم بالمادة, وقد تستبعده. وعن هذا الاهتمام قال الرسول اهتمام الجسد هو عداوة لله لأن اهتمام الجسد هو موت. ولكن اهتمام الروح هو حياة وسلام (رو8:7, 6). وعن هذا الاهتمام قال الرب لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون, ولا لأجسادكم بما تلبسون (مت6:25) كما قال أيضا لا تكنزوا لكم كنوزا علي الأرض... بل اكنزوا لكم كنوزا في السماء (مت6:19).
* والجسد الخاطئ هو الذي يقود الروح والنفس إلي الخطأ. فحينما تخطئ حواسه, تشرك معها نفسه وروحه, فيتدنس الإنسان كله روحا وجسدا. كما قال الرب من نظر إلي امرأة ليشتهيها, فقد زني بها في قلبه (مت 5:28). فهناك اشتراك بين الجسد في نظره, وبين النفس في شهواتها, والروح التي يمثلها القلب...
انظروا إلي سليمان كيف أخطأ حينما استسلم إلي شهوات الجسد.
وقال بنيت لنفسي بيوتا, غرست لنفسي كروما,عملت لنفسي جنات وفراديس... جمعت لنفسي أيضا فضة وذهبا... اتخذت لنفسي مغنين ومغنيات, وتنعمات بني البشر سيدة وسيدات... ومهما اشتهته عيناي لم أمسكه عنهما (جا2:4-10). وهكذا عاش حياة جسدانية... وسقط عن طريق النساء (1مل11). بل يقول عنه الكتاب إن نساءه أملن قلبه وراء آلهة أخري. ولم يكن قلبه كاملا مع الرب (1مل11:4). وهكذا استطاع جسده أن يهوي بروحه إلي عمق الخطية. ولم يمجد الله في روحه. ولا في جسده بل سقط كله! حقا ما أعمق العبارة التي قالها القديس بولس الرسول: ويحي أنا الإنسان الشقي. من ينقذني من جسد هذا الموت؟! (رو 7:24).
أعضاء خاطئة قد لا يخطئ الجسد كله. ولكن يخطئ عضو واحد منه, فيدنس الجسد كله, ويدنس الروح معه أيضا. * خذوا اللسان كمثال وهو عضو صغير, ولكن كما يقول القديس يعقوب الرسول هكذا اللسان أيضا, هو عضو صغير ويفتخر متعظما. هوذا نار قليلة, أي وقود تحرق. فاللسان نار, عالم الإثم... الذي يدنس الجسم كله. ويضرم دائرة الكون ويضرم من جهنم (يع3:5, 6).
انظروا كم هو عدد الخطايا, التي يقع فيها الإنسان نتيجة لسقطات اللسان, كما يقول الكتاب بكلامك تتبرر, وبكلامك تدان (مت12:37).
بل باللسان يتنجس الإنسان, كما يقول الرب... بل ما يخرج من الفم, هذا ينجس الإنسان (مت15:11). وكما نذكر دنس اللسان, نذكر دنس العين أيضا. فإن كانت محبة العالم هي عداوة لله كما قال القديس يعقوب الرسول (يع4:4)... فهوذا القديس يوحنا الرسول يقول إن أحب أحد العالم, فليست فيه محبة الآب. لأن كل ما في العالم شهوة الجسد, وشهوة العين وتعظم المعيشة (1يو2:15, 16).
شهوة العين التي وقعت فيها أمنا حواء, لما نظرت إلي الشجرة فإذا هي بهجة للعيون, وشهية للنظر (تك3:6).
وما أكثر الخطايا التي تقع فيها العين. حينما ينظر الإنسان نظرة شهوة, أو نظرة غضب أو حقد, أو نظرة حسد, أو انتقام, أو نظرة كبرياء, أو استهزاء بالغير, أو ينظر نظرة ماكرة, أو نظرة قاسية... وتتعدد الخطايا, وتظهر صورتها واضحة في العين.
وما أكثر الأعضاء الأخري التي تخطئ... اليد التي تسرع إلي الضرب, أو إلي القتل, أو إلي السرقة, أو إلي خطايا أخري عديدة. والقدم التي تسرع إلي أماكن الخطية. أو ملامح الوجه, التي تظهر عليها الكبرياء أو الغضب أو القسوة... وكل هذه ناتجة عن نزوات الجسد أو انفعالاته أو شهواته... لهذا كله ولغيره, تحدث الكتاب عن إخضاع الجسد.
إخضاع الجسد * لعل من أهم الآيات وأخطرها في إخضاع الجسد, هو قول القديس بولس الرسول بل أقمع جسدي واستعبده. حتي بعد ما كرزت لآخرين, لا أصير أنا نفسي مرفوضا (1كو9:27)... إنها عبارة مرعبة يقول هذا القديس الذي صعد إلي السماء الثالثة (2كو12:2). والذي تعب أكثر من جميع الرسل (1كو 15:10)... لكي يرينا بهذا خطورة الجسد, وأهمية إخضاعه, وقمعه واستعباده...
* ومن الأقوال البارزة أيضا في إخضاع الجسد, هي قول الرسول ولكن الذين هم للمسيح, قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات (غل5:24). أي أن كل شهوة للجسد ضد السلوك بالروح, يدقون فيها مسمارا ويصلبونها, فلا تتحرك فيهم فيما بعد.
ومن الوسائل المهمة لإخضاع الجسد, فضيلة الصوم, سواء من جهة إخضاع الجسد بالامتناع عن الطعام, وبتحمل الجوع, أو بالامتناع عما تشتهيه من الأطعمة, كما قال دانيال النبي في صومه لم آكل طعاما شهيا, ولم يدخل فمي لحم ولا خمر (دا10:3). وإن لم تستطع الامتناع اللكامل, فلتقلل, وكما تمنع جسدك عن الأكل تمنعه عن الشهوات الأخري.
ومن وسائل إخضاع الجسد, ضبط الحواس, واللسان, ضبط النظر, والشم, واللمس... وكمال قال الرب في العظة علي الجبل, إن كانت عينك اليمني تعثرك, فاقلعها وألقها عنك... وإن كانت يدك اليمني تعثرك فاقطعها وألقها عنك (مت5:29, 30)... علي الأقل تقطع شهواتها...
من وسائل ضبط الجسد أيضا السهر. وتقصد به السهر في الصلاة والعبادة. كما قال الرب اسهروا وصلوا, لئلا تدخلوا في تجربة (مت26:41). وكما قال أحد الآباء اغضب نفسك في صلاة الليل وزدها مزامير...
ومن وسائل ضبط الجسد: الزهد والنسك.
علي الأقل البعد عن الترفيهات والكماليات, وعن المبالغة في الزينة العالمية, فقد ركز الرسول علي زينة الروح الوديع الهادي, الذي هو قدام الله كثير الثمن (1بط 3:4) المهم هو أن تتزين الروح بالفضائل. كما يقول عنها في النشيد معطرة بالمر واللبان وكل أذرة التاجر (نش3:6).
وليعرف الإنسان أن الجسد ليس للمتعة والترفيه.
بل هو لتمجيد الله, كما قال الرسول مجدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله (1كو6:20).
كيف نمجد الله بأجسادنا؟ أولا: باشتراك الجسد مع الروح في عملها.
الروح مثلا تصلي, والجسد يشترك معها في الوقفة الخاشعة, وفي رفع اليدين, وحفظ الحواس, وفي الركوع والسجود... نقول ذلك لأن البعض يخطئون ويظنون أن الله إله قلوب فقط, فلا يهتمون باشتراك الجسد!! وقد يصلون وهم جلوس, وربما وهم مستلقون علي الفراش!!
أو بعض الأجانب الذين لا يخلعون أحذيتهم في دخولهم إلي الهيكل ناسين قول الكتاب اخلع حذاءك من قدميك, لأن المكان الذي أنت واقف عليه موضع مقدس (خر 3:5) (يش5:15).
2- نمجد الله بتعب الجسد في الخدمة كما قال الرسول عن خدمته في أتعاب في أسهار في أصوام (2كو6:5) وأيضا في الأتعاب أكثر... بأسفار مرارا كثيرة... بأخطار في البرية, بأخطار في البحر. في تعب وكد, في أسهار مرارا كثيرة, في جوع وعطش, في أصوام مرارا كثيرة, في برد وعري.... (2كو11:23-27).
آباؤنا كانوا في خدمتهم وفي بذلهم كالشمعة التي تذوب لكي تضئ للآخرين لذلك نوقد الشموع أمام أيقونات القديسين لأن حياتهم كانت نورا, ولأنهم بذلوا أنفسهم في خدمتهم وعبادتهم.
3- آباؤنا الشهداء لا شك مجدوا الله بأجسادهم.
ولذلك فالكنيسة ترفع الشهداء فوق درجات القديسين الآخرين, لأنهم تألموا كثيرا من أجله. وكما يقول الكتاب إن كنا نتألم معه, فلكي نتمجد معه أيضا (رو8:17). 4- أما نحن, فعلي الأقل فلنمجده بتعب الجسد. كان القديس الأنبا بولا يتعب كثيرا بالجسد في نسكه وفي جهاده الروحي, حتي ظهر له الرب وقال له كفاك تعبا يا حبيبي بولا فرد القديس وماذا يكون تعبي إلي جوار ما بذلته لأجلنا يارب.
5- إننا نمجد الله أيضا عن طريق طهارة الجسد. حتي يستريح روح الله في داخلنا, إذ يجد أجسادنا هياكل مقدسة له... وحتي بطهارة الجسد نقدم للناس الصورة الإلهية, وأيضا نستطيع التقدم إلي الأسرار المقدسة, ونتطهر بها أيضا... ومن مظاهر هذه الطهارة العفة والحشمة.
أجساد القديسين هؤلاء القديسون الذين مجدوا الله في أجسادهم, مجد الله أجسادهم كذلك. مثال ذلك: جسد العذراء الذي أصعده الله إلي السماء. وكذلك الكرامة التي كانت تمنح لهذه الأجساد, حتي إن عظام إليشع كان لها البركة التي لمسها ميت فقام (2مل13:31).
وقد مجد الله أجساد القديسين حتي في حياتهم.
مثل وجه موسي النبي الذي أضاء بنور بعد مقابلة للرب علي الجبل, حتي إن الشعب لم يستطع النظر إليه, فوضع علي وجهه برقعا, ليمكنهم النظر إليه (خر 34:30-35).
ومثل وجه إسطفانوس الشماس الذي أثناء محاكمته شخص إليه جميع الجالسين في المجمع, ورأوا وجهه كأنه وجه ملاك (أع6:15).
ومن أمثلة ذلك المناديل والعصائب التي كانوا يتخذونها من علي أجساد الرسل, فتشفي الأمراض وتخرج الأرواح الشريرة (أع19:12).
| |
|