mifa20014 قلب المنتدى الطيب
عدد الرسائل : 31565 العمر : 52 تاريخ التسجيل : 08/05/2007
| موضوع: يعقوب أبو الآباء4..هارب و خائف الإثنين 7 مارس 2011 - 2:01 | |
| شخصيات الكتاب المقدس
يعقوب أبو الآباء4 - هارب وخائف,ولكن الله معه
بقلم قداسة البابا شنودة الثالث
وطني 6-3-2011
خرج يعقوب من بيت أبيه ,هاربا من وجه أخيه عيسو,الذي عزم علي قتله, وقد أوصله الحقد إلي هذا المستويأقوم وأقتل يعقوب أخيعجيب هو حقد عيسو, وعجيب أيضا جهله إن كان يعقوب قد أخذ البركة, فكيف يمكن لعيسو أن يتحدي هذه البركة ويمنع نفاذها؟!البركة التي تقولكن سيدا لإخوتك وليسجد لك بنو أمك ليستعبد لك شعوب, ولتسجد لك قبائلتك27:29هل يمنع عيسو إتمام هذه النبوة؟!وهل يمنع إتمام القول الإلهي عنه وعن أخيهوكبير يستعبد لصغيرتك25:23كان عيسو يتحدي التدبير الإلهي بعكس أبيه, لقد كان في نية أبيه أن يبارك عيسو, ولكنه استسلم لمشيئة الله لما تذكر وعده, وعاد إسحق فبارك يعقوب وقالنعم ويكون مباركاتك27:33أما عيسو, فقد تمرد علي مشيئة الله ودل بذلك علي جهله أيضا لأنه إن كان من ضمن البركة التي أخذها يعقوب, أن يأتي من نسله المسيح, فكيف يستطيع عيسو أن يقتله قبل أن ينجب النسل الذي منه يأتي المسيح؟!بل كيف يقف عيسو ضد بركة أخري قالها أبوه إسحق ليعقوب الله القدير يباركك ويجعلك مثمرا, ويكثرك فتكون جمهورا من الشعوبتك28:3.فهل يموت يعقوب قبل أن يثمر؟!ولكن علي الرغم من جهالة عيسو وتمرده علي التدبير الإلهي هرب يعقوب من وجهه... سار في البرية وحيدا خائفا,ينتظر وعود الرب, وهو باستمرار كان يخاف من عيسو رجل الصيد والنبال الذي كان أقوي منه جسديا حتي وهما في بطن أمهما, ركنه عيسو جانبا وخرج قبلهأحمر كله كفروة شعرتك25:25وتزاحم الاثنان أيضا حول البكورية والبركة, فلما كانت من نصيب يعقوب, دخلت مشاعر الانتقام في قلب عيسو, كما دخل الخوف من الانتقام في قلب يعقوب,وهرب وهو لا يدري هل ستنتصر بركة إسحق أم حقد عيسو..!وعلي الرغم من أخطاء يعقوب في حصوله علي البركة, إلا أن الله لم يعاقبه في وقتها...ليس من المعقول أن يعاقبه الله وهو في هربه وخوفه. يكفيه حاليا ما هو فيه, العقوبة سوف تحل عليه فيما بعد. أما الآن فهو في حاجة إلي عناية الله ورعايته, وليس الوقت وقت عدل الله وعقوبته... إن الله يكون دائما إلي جوار الضعفاء المحتاجين إليه, لعله باهتمامه بهم في ضيقتهم, يمكن أن يجذبهم إليه...صدق داود النبي حينما قال:أقع في يد الله,ولا أقع في يد إنسان, لأن مراحم الله واسعة2صم24:14فليقع يعقوب إذن في يد الله, يعاقبه كما يشاء, ومتي يشاء, ولايقع في يد أخيه عيسو..وهكذا سار يعقوب في البرية وحيدا وخائفا, وبلا أية معونة...بلا رعاية الأب, وبلا حنان الأم, وليس أمامه مجال لاستخدام ذكائه البشري.رآه الله في خوفه وهربه, وكأن الله يقول:لا أترك يعقوب ابني وحده. لا أتركه معذبا وقلقا..حقا إنه تسبب في هذا الهرب الذي جلبه علي نفسه...ولكن الله لايتركه ليقاسي بسبب أعماله... الله الذي لم يصنع معنا حسب خطايانا ولم يجازنا حسب آثامنامز103:10.ودبر الله الوقت الذي يعمل فيه. هوذا يعقوب الآن في البرية في وحشة النهار, وظلمة الليل, وخوف الجبل وما فيه من وحوش ودبيب وحشرات, يضاف إلي ذلك خوفه من انتقام أخيه. ولعله يفكر: أين إذن البركة التي نالها:ندي السماء, ودسم الأرضتك27:8!! حقا إن البركة ليس معناها الطريق الواسع..!لقد حصل داود النبي علي بركة المسحة المقدسة التي أخذها علي يد صموئيل النبي. وحل عليه روح الرب1صم16:13وعلي الرغم من ذلك حلت ضيقات كثيرة علي داود, واضطهادات ومطاردات من شاول الملك..وفي الوقت المناسب, نال داود بركة المسحة المقدسة. إذن علي يعقوب أن ينتظر الرب,الذي يعمل في الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة لتدبيره الإلهي.كان علي يعقوب أن يجتاز مرحلة فطام ,فطام عن كل معونة بشرية, وأولها: الفطام من حنان أمه وإرشادها..هذه التي قالت له أكثر من مرة الآن يا إبني اسمع لقوليتك27:13,8..قالت له ذلك عندما نصحته أن يخدع اباه, وأيضا حينما نصحته أن يهرب ويقيم عند خاله لابانتك27:43...وكان عليه أيضا أن يفطم ذاته عن حيل البشرية, ويكون في موقف يشعر فيه أنه لاحل أمامه ولا وسيلة, وحينئذ يتدخل الله لينقذه من ضيقته..وفي الضيقة لمس يعقوب عمليا يد الله في حياته. كان من قبل لايعرف الله, إلا أنه إله أبيه إسحق وإله جده إبراهيم, هذين اللذين كانا يقدمان له الذبائح, وحتي حينما كلمه الله,كلمه بهذه الصفة قائلا لهأنا الرب إله إبراهيم أبيك وإله إسحقتك28:13.وهكذا بدأ الله يكون علاقة شخصية, معه وكان الله هو الباديء بهذه العلاقة فكيف حدث ذلك؟حدث ذلك في البرية حينما تعب يعقوب من السير, وكانت الشمس قد غابت وصادف مكانا وبات هناك لم يكن هناك. فراش, ولا وسادة يسند عليها رأسهفأخذ حجرا من حجارة المكان, ووضعه تحت رأسه واضطجع في ذلك المكانتك28:11,10. وهنا بدأ الله يعمل, بدأ يكون علاقة مع يعقوب...لم يحتمل أن يراه هكذا ملقي علي الأرض ومتوسدا حجرا...ربما يعقوب كان يظن وقتذاك أنه وحده في الجبل ,فأراد الله أن يثبت له أنه ليس وحده, وإنه وإن كان راقدا علي الأرض, فهناك ما يمكن أن يصل بين الأرض والسماء...وكيف ذلك؟إذا بيعقوب في نومه يري حلما عجيبا...رأي سلما منصوبة علي الأرض, ورأسها يمس السماء وهوذا ملائكة الله صاعدة ونازلة عليها. وهوذا الرب واقف عليها يخاطبه, يعرفه بنفسه ويباركه..وكان هذا هو اللقاء الأول بينه وبين الله, حيث أعلن له الله ذاته, وأعقبت ذلك لقاءات أخري...وبعد أن كان يعقوب مؤمنا بالوراثة...أصبح مؤمنا بالعشرة والخبرة. كان مؤمنا لأنه ابن إسحق المؤمن, إلهه هو إله إسحق. أما الآن فقد دخل في طور آخر من الإيمان, يتحدث فيه الله إليه,ويتحدث هو مع الله. وبعد أن كان قد أخذ البركة من أبيه إسحق, هوذا الآن يسمعها من فم الله ذاته الذي قال لهيكون نسلك كتراب الأرض,وتمتد غربا وشرقا وشمالا وجنوبا..ويتبارك فيه وفي نسلك جميع قبائل الأرضتك28:14.بل إن الله يعطيك أيضا وعدا آخر بالحفظ فيقول لهوها أنا معك, وأحفظك حيثما تذهب, وأردك إلي هذه الأرض...تك28:15فما هذا كله:إنه الآن أمام الله, وملائكته,وسمائه...ثلاثة تمثل حياته الروحية الجديدة. ومن قبل كان يتعامل مع ثلاثة هم أب وأم وأخ. لقد دخل تغيير إذن في حياته. فصل جديد قد بدأ..وقد ترك هذا المنظرالسلم والسماء والملائكةأثرا كبيرا في نفس يعقوب. وأعمق منه بلاشك حديث الله معه.فلما استيقظ من نومه قال:ما أرهب هذا المكان, ما هذا إلا بيت الله, وهذا باب السماءتك28:17ولأول مرة, يرد في الكتاب المقدس هذا التعبيربيت اللهوقد تسمي به ذلك المكان, فصار اسمه بيت ايلأي بيت الله...ولأول مرة, أيضا نقرأ في الكتاب عن ملائكة ظهروا لإنسان, وتكرر هذا في حياة يعقوب. قرأنا من قبل أن الرب ظهر مع ملاكين لأبينا إبراهيم, وعن ذهاب الملاكين إلي سادوم وإنقاذهما للوط وأسرتهتك18:19,وقرأنا عن ملاك منع أبانا إبراهيم من ذبح إبنه إسحقتك22:12,11.ولكننا هنا نقرأ عن ملائكة صاعدين ونازلين... كان يعقوب أول إنسان رأي مجموعة من الملائكة. ربما أن حالته النفسية القلقة كان فيها يحتاج إلي الشعور بأن له أسرة كبيرة من فوق ينتقل بها إلي عالم سمائي..كذلك وهو ذاهب في طريقه خائفا من ملاقاة عيسو, لاقاه عدد كبير من الملائكة قال عنهم:هذا جيش اللهتك32:2,1..في كل رحلة يعقوب ذهابا وإيابا, كان محتاجا إلي عزاء, وكان في ظهور الملائكة عزاء له..وأيضا كان له عزاء في السلم التي رآها..كانت السلم بين السماء والأرض, توحي بأن السماء لاتقطع صلتها بالأرض, مهما أخرجت شوكا وحسكا..!كانت ترمز إلي المصالحة وعودة الحب. بل ترمز أيضا إلي السيد المسيح الذي قام بهذه المصالحة وأعلن للأرض حب السماء, وكانت ترمز كذلك إلي أمنا العذراء التي ولدت للعالم هذا المخلص. لهذا ندعو العذراء في صلوات التسبحةسلم يعقوب..علي أن يعقوب فيما رأي كان له عزاء أعظم من السلم ومن الملائكة ومن السماء: إنه الله ...كان الله واقفا علي السلم يتحدث إليهيع28:13حقا إن الله عجيب في ظهوره ليعقوب علي الرغم من خداعه لأبيه واستغلاله لجوع أخيه. وعلي الرغم من كذبه وحيله. وعجيب هو الرب بالأكثر في كل وعوده ليعقوب ومباركته له ولنسله. وهكذا أكد الله ليعقوب البركة التي سمعها مرتين من أبيه إسحقتك27:27تك28:1.فيكون قد نال حتي تلك اللحظة البركة ثلاث مرات..حقا إن بركات الله بلا حساب, وننالها بلا استحقاق!لأنه ليس بكيل يعطي اللهيو3:34وإن كان لنا فإنما يعطي في أحضاننا كيلا جيدا, ملبدا, مهزوزا فائضا..لو6:38وهو في عطائه ينظر دوما إلي احتياجنا وليس إلي استحقاقنا...وهكذا فعل مع يعقوب الخائف الهارب. لقد أعطاه الله بركة ووعودا ,وليس عقوبة وتأديبا..وكان لهذا كله تأثيره في قلب يعقوب فقال:حقا إن الله في هذا المكان, وأنا لم أعلمتك28:16قال الله لهأنا معك حيثما تذهبولكنه لم يكن يعلم أن الله معه. وما أكثر ما يكون الله معنا ونحن لانعلم ...!مثلما حدث لتلميذي عمواس في لقاء الرب لهمالو24:16,15.وكثيرا ما يكون الله معنا, ولكن الضيقات لاتتركنا نشعر بوجوده, كما قال جدعون لملاك الربإذا كان الرب معنا,فلماذا كل هذه ؟!وأين هي عجائبه التي أخبرنا بها آباؤنا!قض6:13...هكذا كان يعقوب لايعلم بوجود الرب معه..!كان هذا أول ظهور إلهي له, وكان ما سمعه من الرب أول كلمات من الله تمس أذنيه. لقد شعر كيف يكون الرب قريبا في وقت الضيقة..لذلك مباركة هي الضيقات حينما تقربنا إلي الله. ولهذا فإن الله يسمح بالضيقات لكي ندعوه فينقذنا. علي أنه هنا لم يحدث أن يعقوب دعاه. إنما لاشك أن احتياج يعقوب كان يصرخ إلي الله دون أن يتكلم...كما قال الرب لموسيإني رأيت مذلة شعبي..علمت أوجاعهم فنزلت لأنقذهمخر3:8,7,مع أنهم لم يصرخوا إليه بل صرخوا بسبب مسخريهم....الله هنا,وأنا لم أكن أعلموكيف عرفت إذن؟بالضيقة, لاتحزن إذن إذا فكر عيسو في أن يقتلك...ثق أن حياتك في يد الله, وليست في يد عيسو. إذن لاتركز فكرك في مخاطرة, إنما في الله. فكر في باب السماء المفتوح.. ولتكن كلمة الله في أذنكها أنا معك وأحفظك حيثما تذهبوماذا عن عيسو وقوته وتهديده, والقتل والموت؟..لاتفكر في كل هذا...لقد اطمأن يعقوب لما سمع وعود الرب.ونذر يعقوب نذرا إن كان الرب معه وحفظه...كان وعد الله له في حلم, وهو لايريد أن يكون حفظ الله هو مجرد أحلام يحلمها ووعود يسمعها في حلم..إنما أن تحققت يكون الرب لي إلها..وكل ما تعطيني فإني أعشره لكإبراهيم جده قدم العشور مرة لملكي صادقتك14:20,أما يعقوب حفيده فيقول للرب كل ما تعطيني, فإني أعشره لكتك28:22ليكن هذا درسا لكل إنسان... فلا يدفع العشور من مرتبه فقط, وإنما من كل ما يصل إلي يده, عملا بقول أبينا يعقوب:كل ما تعطيني فإني أعشره لك..وصية العشور أخذها-بالتقليد-من جده إبراهيم وطبقها علي كل شيء, كتعبير في العرفان بالجميل للرب. ولكن لاينسي ظهور الرب له في ذلك المكان. وشنه بيتا للرب فلنرجيء تأملنا في هذه النقطة إلي الأسبوع المقبل,إن أحبت نعمة الرب وعشنا. | |
|