mifa20014 قلب المنتدى الطيب
عدد الرسائل : 31565 العمر : 52 تاريخ التسجيل : 08/05/2007
| موضوع: يعقوب أبو الآباء وعهد مع الله الإثنين 14 مارس 2011 - 14:41 | |
| شخصيات الكتاب المقدس (5) يعقوب أبو الآباء وعهد مع الله في بيت إيل بقلم قداسة: البابا شنودة الثالث وطني 13-3-2011
دخل يعقوب في عهد مع الله.. وفي الكتاب المقدس ما أكثر العهود التي نراها بين الله والإنسان. وهنا نري العهد يقول فيه الله ليعقوب: نسلك يكون كتراب الأرض. ويتبارك فيك وفي نسلك جميع قبائل الأرض, وها أنا معك, وأحفظك حيثما تذهب, وأردك إلي هذه الأرض (تك 28: 13- 15). ومن جانب يعقوب نذر نذرا, بشروط.. وفي هذا يسجل الكتاب: ونذر يعقوب نذرا قائلا: إن كان الله معي, وحفظني في هذا الطريق الذي أنا سائر فيه. وأعطاني خبزا لآكل وثيابا لألبس, ورجعت بسلام إلي بيت أبي, يكون الرب لي إلها, وهذا الحجر الذي أقمته يكون بيت الله, وكل ما تعطيني فإني أعشره لك (تك 28: 20- 21). الله قدم هنا وعودا بلا شروط, ويعقوب قدم نذرا لله بشروط. ولعل سبب شروط يعقوب أنه لم يكن قد دخل في عمق الإيمان بعد, إنه الآن في بدء علاقته الشخصية مع الله, ويريد أن يتحقق من وعود الله له!! هوذا الله يقول له: ها أنا معك, وأحفظك حيثما تذهب. وهو يقول في شروطه: إن كان الله معي وحفظني في الطريق الذي أنا سائر فيه.. والله يقول له: وأردك إلي هذه الأرض. وهو يقول: إن رجعت بسلام إلي بيت أبي.. ومع ذلك كان نذر يعقوب هو أول نذر سجله الكتاب المقدس. إنها أول مرة نقرأ فيها في الكتاب كلمة (نذر).. وكان نذرا مثلثا: أن يكون الرب له إلها, أن يقيم بيتا لله, أن يعشر كل ما يعطيه له الله.. عبارة يكون الرب لي إلها قالها في عصر وثني. وكان يعني بها أن يكون الرب إلهه من الناحية العملية في حياته, وليس بمجرد الوراثة, كما تشمل أيضا معني العبادة الحقيقية. وهكذا نسمع فيما بعد, أنه عندما رجع سالما إلي مدينة شكيم التي في أرض كنعان ابتاع قطعة أرض.. وأقام هناك مذبحا. ودعاه إيل إله إسرائيل (تك 33: 19, 20). وكان يعقوب أول من استخدم عبارة بيت الله.. وقد قالها في هذه المناسبة مرتين: الأولي حينما استيقظ وقال: ما أرهب هذا المكان. ما هذا إلا بيت الله, وهذا باب السماء. والثانية حينما قال في نذره: وهذا الحجر الذي أقمته عمودا يكون بيت الله (تك 28: 17, 22). وجميل حقا أن يكون أول نذر قد نذره أحد رجال الله, يشمل إقامة بيت الله.. ونذكر في هذه المناسبة أن أبانا يعقوب, كان أول من دشن مكانا لله. واستخدم في هذا التدشين زيتا.. إذ يقول الكتاب: وبكر يعقوب في الصباح. وأخذ الحجر الذي وضعه تحت رأسه, وأقامه عمودا, وصب زيتا علي رأسه. ودعا ذلك المكان بيت إيل.. (تك 28: 18, 19). وعبارة بيت إيل معناها بيت الله. ونحن نذكر هذا الفصل من الكتاب, حينما نحتفل بوضع أساس كنيسة جديدة, كما نذكره أيضا في طقس تدشين الكنيسة, وتدشين المذبح. صدقوني, إنني أعجب كيف عرف أبونا يعقوب فكرة تدشين بيت الله, وكيف استخدم لذلك زيتا. فيما بعد, في أيام موسي النبي, بعد تدشين أبينا يعقوب لبيت إيل بمئات السنين, أمر الرب موسي النبي أن يصنع زيت المسحة الذي يمسح فيه خيمة الاجتماع ويقدسها, ويمسح به المذابح وأواني الخدمة ويقدسها, بل ويمسح به أيضا هرون وبنيه ويقدسهم ليصيروا كهنة للرب (خر 30: 22- 30). لاشك أن يعقوب أبانا, قد عرف هذا الأمر بوحي إلهي, باعتباره رجل الله, وكان هذا عربونا لمواهبه.. وهنا أحب أن أضيف ملاحظة بسيطة عن بيت إيل: حينما كتب موسي النبي سفر التكوين, وذكر أولي رحلات أبينا إبراهيم بعد دعوة الله له, وقال عنه: فبني هناك مذبحا للرب الذي ظهر له. ثم نقل من هناك إلي الجبل شرقي بيت إيل ونصب خيمته. وله بيت إيل من المغرب وعاي من المشرق (تك 12: 7, 8). إنما كان يقصد مدينة بيت إيل, كما كانت معروفة في أيامه بهذا الاسم, ولكنها قبل أبينا يعقوب لم يكن اسمها هكذا بل يقول الكتاب حينما سماها أبونا يعقوب (بيت إيل): ولكن اسم المدينة كانت لوز (تك 28: 19). المهم أن أبانا يعقوب كان الأول في عدة أمور منها: * كان أول من نذر نذرا للرب. * كان أول من استخدم تعبير (بيت الله). * كان أول من سمي مدينة (بيت إيل) بهذا الاسم. * كان أول من دشن مكانا للرب, ودشنه بالزيت. وقد أعد له الله رؤية السلم الواصلة بين السماء والأرض, ورؤية الملاك, وسماع الوعد الإلهي, وما قدمه هو من نذر لسببين يتعلقان بالحاضر والمستقبل.. أما عن ذلك الوقت الحاضر, فلكي يطمئنه في خوفه وهربه, وأيضا لكي يقيم علاقة خاصة معه.. وأما عن المستقبل, فلكي يكون له الإيمان الذي لا يتأثر بعبادة الأصنام التي كانت في بيت لابان خاله. فالكتاب يذكر أنه عند هروبه من بيت لابان ليرجع إلي بيت أبيه إسحق.. أن راحيل سرقت أصنام أبيها (تك 31: 19). ولم يكن يعقوب يعرف ذلك (تك31: 32). وذكر أيضا أن لابان في مطاردته ليعقوب قال له: لماذا سرقت آلهتي (تك 31: 30). ونفسر ذلك بتقسيم الناس في عبادتهم إلي ثلاثة أقسام: * النوع الأول الذي يعبد الله وحده, ويمثله أبونا إبراهيم وأبونا إسحق في أيام أبينا يعقوب. ويمثله قبل ذلك أبونا نوح, وسلسلة رؤساء الآباء التي وردت في (تك5). مثل آدم وشيث وأنوش.. وأخنوخ ومتوشالح.. * نوع آخر كان بعيدا كلية عن الله, ويعبد الأصنام, مثل شعوب الأرض كالكنعانيين والحيثيين والأدوميين وغيرهم. * نوع ثالث كان يعبد الله الإله الحقيقي, مع تأثره بعبادة الأصنام أيضا, فكأنه يعبد الله ومعه آلهةأخري ومن أمثلة هؤلاء لابان. ولذلك قال حينما عقد اتفاقية مع يعقوب في انفصاله عنه: إله إبراهيم, وآلهة ناحور آلهة أبيهما يقضون بيننا (تك 31: 53). ولعله وقع في هذا النوع أيضا سليمان بن داود في أيام شيخوخته حينما حدث أن نساءه أملن قلبه وراء آلهة أخري. ولم يكن قلبه كاملا مع الرب إلهه كقلب داود أبيه. فذهب سليمان وراء عشتاروت آلهة الصيدونيين, وملكوم رجس العمونيين.. (1مل 11: 4, 5). لذلك أراد الله بظهوره ليعقوب وكلامه معه أن يحصنه أيضا ضد العبادة المنحرفة التي كانت في بيت لابان, والتي ربما تكون قد تأثرت بها أيضا راحيل التي صارت زوجة ليعقوب, وهي ابنة لابان. علي أية الحالات لقد سر الرب بنذر يعقوب, وأيضا بتدشينه ذلك العمود, وتسميته للمكان ببيت إيل. لذلك نري أن الرب لما سمح لأبينا يعقوب بأن يترك لابان ويرجع إلي بيت أبيه, قال له: أنا إله بيت إيل, حيث مسحت لي عمودا, حيث نذرت لي نذرا, الآن قم اخرج من هذه الأرض, وارجع إلي أرض ميلادك (تك 31: 13). إذن كان ظهور الرب لأبينا يعقوب في حلم, والعهد الذي تم بينهما في بيت إيل. كل ذلك كان نقطة تحول أساسية في حياة يعقوب, وبالتالي في نسله.. تشجع بعد ذلك يعقوب ورفع رجليه, وذهب إلي أرض بني المشرق (تك 29: 1). في هذه المرة, سار بإيمان قوي, وكان الله يعد الطريق قدامه, ويسهل سبله. أعد له كيف يلتقي براحيل ثم بأبيها لابان, بطريقة تشبه إلي حد بعيد كيف يسر الرب طريق أليعازر الدمشقي عبد أبينا إبراهيم ليختار زوجة لإسحق ابنه, من نفس هذا البيت, بيت بتوئيل ولابان.. هذا الذي قال له أبونا إبراهيم: إن الرب الذي سرت أمامه, يرسل ملاكه معك وينجح طريقك (تك 24: 40). إنه نفس الملاك الذي أرسله الرب ليهدي يعقوب إلي بيت خاله لابان -هذا الذي تذكره يعقوب وهو يبارك أفرايم ومنسي (تك 48: 16). هناك عند البئر التقي براحيل, كما التقي أليعازر برفقة أمه. وهناك قبل يعقوب راحيل, ورفع صوته وبكي. وأخبرها بأنه أخو أبيها وإنه ابن رفقة (تك 29: 11, 12), والبقية في العدد المقبل إن أحبت نعمة الرب وعشنا. | |
|