mifa20014 قلب المنتدى الطيب
عدد الرسائل : 31565 العمر : 52 تاريخ التسجيل : 08/05/2007
| موضوع: حياة التواضع والوداعة 2 الأحد 19 يونيو 2011 - 14:58 | |
| حياة التواضع والوداعة2
ماهو الاتضاع؟بعض أقوال الآباء عنه..
بقلم قداسة البابا شنودة الثالث
وطني 19-6-2011
ماهو التواضع؟ ليس التواضع أن تنزل من علوك,أو تتنازل إلي مستوي غيرك. ليس التواضع أن تشعر أنك علي الرغم من عظمتك فإنك تتصاغر أو تخفي هذه العظمة .فشعورك أنك كبير أو عظيم فيه شيء من الكبرياء وشعورك أنك في علو تنزل منه,ليس من التواضع في شيء وشعورك بأنك تخفي عظمتك فيه إحساس بالعظمة, إحساس بعظمة تخفيها عن الناس ولكنها واضحة أمام عينيك... إن الله هو وحدة العالي,وهو وحده العالي الذي يتنازل من علوه هو الخالق أما الباقون فهم تراب ورماد.. إنما التواضع بالحقيقة-كما قال الآباء-فهو معرفة الإنسان لنفسه. فتعرف من أنت؟إنك من تراب الأرض بل التراب أقدم منك كان قبل أن تكون خلقه الله أولا ثم خلقك من تراب. أتذكر أنني ناجيت هذا التراب ذات مرة في أبيات قلت فيها: يا تراب الأرض ياجدي وجد الناس طرا أنت أصلي أنت يا أقدم من آدم عمرا ومصيري أنت في القبر إذا وسدت قبرا بل أنك يا أخي-إذا فكرت في الأمر باتضاع-تجد أن هذا التراب لم يغضب الله,كما أغضبته أنت بخطاياك. اعرف أنك لست فقط ترابا.بل أنت أيضا خاطيء وضعيف. علي أن تكون هذه المعرفة يقينية بشعور حقيقي غير زائف داخل نفسك...حتي وأنت في عمق قوتك تدرك أن هذه القوة ليست منك,بل هي منحة سماوية لك من الله الذي يسند ضعفك ولو تخلت عنك نعمته لحظة واحدة لكنت تسقط كما سبق لك أن سقطت. نقول ذلك لأن كثيرين لهم مظهرية الاتضاع,بينما قلوبهم في الداخل ليست متضعة... كثيرون يتحدثون بألفاظ متضعة..وهذه الألفاظ ربما تزيدهم علوا في نظر الناس وهم يعرفون ذلك وربما يريدونه!وقد يقول الشخص منهم إنه خاطيء وضعيف ولكن إن قال له أحد إنه خاطيء وضعيف يثور ويغضب ولايحسبه من أحبائه بل يتغير قلبه من نحوه. إذن التواضع الحقيقي هو تواضع من داخل النفس أولا. باقتناع قلب لا عن تظاهر أو رياء وليس لأن هذا هو الثوب الذي ترتديه لتبدو أمام الناس بارا إنما لأنك تدرك تماما عن نفسك ببراهن وأدلة عملية أنك خاطيء وضعيف بحسب خبرات حياتك من قبل ولا يقتصر الأمر علي معرفتك لنفسك أنك هكذا وإنما أيضا. تعامل نفسك حسب ما تعرفه عنها من خطأ ونقص وضعف: تعرف عن نفسك أنك خاطيء وتعامل نفسك كخاطيء وإن عاملك الناس كخاطيء,تقبل ذلك ولا تغضب ولا تتذمر ولا ترد بالمثل شاعرا أنك تستحق ذلك وإن لم يعاملوك بحسب خطاياك بسبب أنهم لايعرفونها فعليك أن تنسحق من الداخل وتشكر الله بقلبك علي معاملة أنت لاتستحقها منهم,ولا منه لأنه سترك ولم يكشفك لهم.. إن كان الأمر هكذا,فالمتواضع لا يجرؤ مطلقا علي أن يمدح نفسه. إنه لايري فقط أنه خاطيء وضعيف بل أنه أكثر الناس خطأ وضعفا علي الأقل بالنسبة إلي الامكانيات التي أتيحت له ولم يستغلها لذلك فهو لايري مطلقا أنه أفضل من أحد وأن بد أنه الأفضل في نقطة معينة فهو الأضعف في نقاط أخري كثيرة يعرفها عن نفسه ولهذا فهو لايدين أحدا بل أنه. باستمرار يتخذ المتكأ الأخير حسب وصية الربلو14:10. وليس المقصود هو المتكأ الأخير من جهة المكان إنما من جهة المكانة وكما قال الشيخ الروحاني:في أي موضع حللت فيه كن صغير إخوتك وخديمهم وقيلكن آخر المتكلمين ولا تقطع كلمة من يتكلم لكي تتحدث أنت...وحاول أن تتعلم لا أن تعلم غيرك وتظهر معارفك. والإنسان المتضع يحب أن يعمل الفضيلة في الخفاء: وذلك حسبما أمر الربمت6ولذلك لايوافق الاتضاع مطلقا أن يتحدث أحد عما يقوم به من أعمال فاضلة أو ما يحدث له من رفعة. إن بولس الرسول الذي صعد إلي السماء الثالثة وسمع كلمات لاينطق بها لم يقل إن ذلك قد حدث له إنما قال أعرف إنسانا في المسيح يسوع...أفي الجسد لست أعلم,أم خارج الجسد لست أعلم الله يعلم...اختطف هذا إلي السماء الثالثة..اختطف إلي الفردوس وسمع كلمات لاينطق بها2كو12:2-4. إن الفضيلة في المتضع,مثل كنز مخفي في حقل. وما أكثر القصص التي يحكيها لنا تاريخ القديسين عن أولئك المتواضعين الذين أخفوا فضائلهم وأخفوا معرفتهم بل أخفوا ذواتهم أيضا وعاشوا مجهولين من الناس ويكفي أنهم كانوا معروفين عند الله وكان ينطبق عليهم قول الرب في سفر النشيدأختي العروس جنة مغلقة عين مقفلة ينبوع مختومنش4:12...كالقديسة العذراء مريم:كانت كنزا للرؤي والاستعلانات ومع ذلك ظلت صامتة تحفظ كل تلك الأمور متأملة بها في قلبهالو2:51. *لما سئل القديس مقاريوس أي الفضائل أعظم؟أجاب:كما أن التكبر أسقط ملاكا من علوه وأسقط الإنسان الأول كذلك الاتضاع يرفع صاحبه من الأعماق.أليس أن الله هو المقيم المسكين من التراب ليجلس مع رؤساء شعبهمز113أنزل الأعزاء من الكراسي,ورفع المتضعينلو1:52. * قال القديس أوغسطينوس:المتواضعون كالصخرة تنزل إلي أسفل ولكنها ثابتة وراسخة..أما المتكبرون فإنهم كالدخان يعلو إلي فوق ويتسع وفيما هو يعلو ويتسع يضمحل ويتبدد.. * وقد قدم القديسون مثالا آخر عن التواضع والكبرياء,فقالوا: إن غصن الشجرة المحمل بالثمار يكون منحنيا من ثقل ما يحمل أما الغصن الفارغ فيكون مرتفعا! وهناك تشبيه آخر وهو الأساس والبناء:فالأساس يعمل في اختفاء وهو غير ظاهر تحت الأرض لايراه أحد ولكنه يحمل البناء كله في إنكار ذات...وفي نفس الوقت يقدم البناء في الكرامة فيمدح الناس البناء لأنه ظاهر أمامهم ويندر أن يفكر أحد في مدح الأساس المخفي. * قال الأنبا موسي:تواضع القلب يتقدم الفضائل كلها كما أن الكبرياء أساس الشرور كلها. * وقال مارإسحق:الذي يعرف خطاياه خير له من نفعه الخليقة كلها بمنظره والذي يتنهد كل يوم علي نفسه بسبب خطاياه خير من أن يقيم الموتي...والذي استحق أن يبصر خطاياه خير له من أن يبصر ملائكة. * وقال أحد القديسين:تشبه بالعشار لئلا تدان مع الفريسي. *وقال قديس آخر:إني أفضل أن أكون مهزوما باتضاع علي أن أكون منتصرا بافتخار. * وفي إحدي المرات قال أخ للقديس تيموثاوسإني أري فكري مع الله دائمافأجابه:الأفضل من ذلك أن تري نفسك تحت كل الخليقة. * قال شيخ:الاتضاع خلص كثيرين بلا تعب وتعب الإنسان بدون اتضاع يذهب باطلا لأن كثيرين تعبوا فاستكبروا وهلكوا. * وقال آخر:إن نزل الاتضاع إلي الجحيم فإنه يصعد حتي إلي السماء وإن صعدت العظمة إلي السماء فإنها تنزل حتي إلي الجحيم. *وقال أنبا بيمن:كماأن الأرض لاتسقط لأنها كائنة إلي أسفل,هكذا من يضع نفسه لايسقط. *قال مارأوغريس:إن الشياطين تخاف من المتواضع لأنهم يعرفون أنه قد صار مسكنا للرب.وقال أيضاكما أن كثرة الأثمار تضع أغصان الأشجار كذلك كثرة الفضائل تضع قلب الإنسان. *سئل شيخ:كيف أنه يوجد إناس يقولون إننا نري ملائكة؟. فأجاب:طوباه الذي يري خطاياه كل حين. * قال سمعان العمودي:الاتضاع هو مسكن الروح وموضع راحته والمتواضع لايسقط أبدا إذ كيف يسقط وضميره وفكره تحت جميع الناس؟!..سقوط عظيم هو الكبرياء وعلو عظيم هو الاتضاع فلنعود نفوسنا من الآن أن نتمسك بالاتضاع ونجعله لنا عادة حتي إن كان قلبنا لايشاء. * قال القديس دوروثيئوس:في الواقع لايوجد أقوي من التواضع لأنه لاشيء يمكن أن يقهره. * قال مار إسحق:الشجرة الكثيرة الأثمار تنحني أغصانها من كثرة أثمارها ولا تتحرك مع كل ريح والشجرة العادمة الثمر تتشامخ أغصانها ومع كل ريح تتحرك. * وقال أيضا:مقبول عند الله سقوط باتضاع وندامة,أكثر من القيام بافتخار. * قال أحد الآباء:لما اشتهي الإنسان الأول مجد الألوهية حسب قول الشيطان:تصيران مثل اللهتك3:5حينئذ فقد الإنسان مجد البشرية كما خلقت علي صورة الله تك1:27. نستكمل حديثنا في العدد المقبل,إن أحبت نعمة الرب وعشنا. | |
|