mifa20014 قلب المنتدى الطيب
عدد الرسائل : 31565 العمر : 52 تاريخ التسجيل : 08/05/2007
| موضوع: تأملات في نشيد الأناشيد1 الأحد 14 أكتوبر 2012 - 15:39 | |
|
تأملات في نشيد الأناشيد1 روحانية السفر ورموزه
السبت 13 اكتوبر 2012 - 01:11 م
بقلم قداسة البابا شنودة الثالث
اسمه نشيد الأناشيد أو أغنية الأغنيات,ترجمة اسم هذا السفر في الإنجليزية The Song of Songs أي أنه لو اعتبرت جميع الأناشيد كلاما عاديا,يكون هذا السفر هو نشيدها أو أغنيتها..كتبه سليمان الحكيم شعرا.. اسمه نشيد الأناشيد أو أغنية الأغنيات,ترجمة اسم هذا السفر في الإنجليزية The Song of Songs أي أنه لو اعتبرت جميع الأناشيد كلاما عاديا,يكون هذا السفر هو نشيدها أو أغنيتها..كتبه سليمان الحكيم شعرا.. الروحيون يقرأون هذا السفر,فيزدادون محبة لله,أما الجسدانيون فيحتاجون في قراءته إلي مرشد لئلا يسيئوا فهمه ويخرجوا عن معناه السامي إلي معان عالمية. هذا السفر هو سفر الحب: نفهم منه أن الله منذ القدم كان يريد أن تكون العلاقة بيننا وبينه هي علاقة حب,ولعل هذا واضح مما ورد في سفر التثنيةتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قوتكتث6:5وقد قال السيد المسيح إن وصية الحب هذه يتعلق بها الناموس كله والأنبياءمت22:27-29 سفر النشيد يتحدث عن المحبة الكائنة بين الله والنفس البشرية أو بين الله والكنيسة في صورة الحب الكائن بين عريس وعروسه. سفر النشيد يتميز بكثير من الآيات الذهبية الشهيرة التي يستخدمها الوعاظ باستمرار مثلاجذبني وراءك فنجري,أنا سوداء وجميلةخذوا لنا الثعالب,الثعالب الصغار المفسدة للكرومأنا نائمة وقلبي مستيقظ,حبيبي لي وأنا له,الراعي بين السوسنحلقة حلاوة وكله مشتهياتالمحبة قوية كالموتمياه كثيرة لا تستطيع أن تطفيء المحبة.. ولكي نفهم سفر الرؤيا لابد أن نفهمه بطريقة رمزية وليس بتفسير حرفي. إن التفسير الحرفي لسفر النشيد هو تفسير منفر ولايتفق مع روح الوحي ولا مع مدلول الألفاظ. وهذا السفر لايصلح إلا للمتعمقين في الروح,الذين لهم عمق في التأمل ولايأخذون الألفاظ بفهم سطحي إنه ليس للمبتدئين بل للناضجين وقديما لم يكن أحد يقرأه إلا بإذن أو بإشراف أبيه الروحي, هناك آيات في السفر لايمكن أن تؤخذ بمعناها الحرفي. مثال ذلك قولهمن هي المشرقة مثل الصباح جميلة كالقمر طاهرة كالشمس مرهبة كجيش بألويةنش6:10. إن عبارةمرهبة كجيش بألويةلايمكن أن تقبلها حبيبة علي نفسها فكيف تقبل المرأة أن توصف بأنها تثير الرهبة أو الخوف بينما النساء من المفروض فيهن أن يتميزن بالرقة؟!ولكن الكنيسة يمكن أن تكون مرهبة بالنسبة إلي الشيطان والعالم مخيفة لقوي الشر مثل جيش بألوية أي من عدة لواءات..كانت الكنيسة مرهبة للفلسفة الوثنية ومرهبة لكهنة وعبدة الأصنام ومرهبة للانحراف والفساد..لأنها كانت طاهر كالشمس. وعبارة جميلة كالقمرلايمكن أن تتمشي مع عبارةأنا سوداء وجميلة يا بنات أورشليمنش1:5. فكيف تكون سوداءكخيام قيداروفي نفس الوقت جميلة كالقمر؟!والقمر في جماله ليس فيه سواد. ولكن السوداء هي كنيسة الأمم.. التي لم تكن تنتمي إلي الآباء والأنبياء وكانت غريبة عن رعوية الله وعن العهود والمواعيد والشريعة,وبلا رجاءأف2:12ولكنها صارت جميلة كالقمر بالبر الذي نالته في المسيح وصار جمالها كاملا ببهائه الذي جعله عليهاحز16:14وبدمه الذي محا خطاياها. فهي تخاطب مؤمني العهد القديمبنات أورشليموتقول لهنأنا سوداء وجميلة يا بنات أورشليم..سوداء في أصلي وماضي وجميلة في حاضري. وعبارة جميلة كالقمرتحمل معني روحيا وعلميا في منتهي العمق والجمال. فالمعروف عن القمر أنه كوكب مظلم يستمد نوره من الشمس فهذه السوداء التي كانت بلا إيمان وليس لها جمال في ذاتها عندما ألقي الله عليها نوره صارت جميلة كالقمر الذي ليس له جمال في ذاته وإنما يستمد نوره وجماله من الشمس. التشبيه إذن واضح,في السواد وفي الجمال.. في السواد الذي تتصف به طبيعتنا الخاطئة والجمال الذي يهبه لنا الرب في فدائه العجيب وفي الطبيعة الجديدة التي نولد بها في المعمودية. وعبارة عيناك حمامتاننش1:5تحمل نفس المعني الروحي الجميل. العين تمثل البصيرة والحمام يرمز أحيانا إلي الروح القدس كما يظهر هذا في قصة العمادمت3:16....وأحيانا يمثل المحرقة التي يقدمها الفقير إلي اللهلا1:14. 0فعندما تكون العينان بالمعني الأول فمعني ذلك أن الإنسان يتميز ببصيرة روحية أو بفهم روحي كأن عينه هي الحمامة التي ترمز إلي الروح المقدس,فنظرته إلي كل الأمور هي نظرة روحية مقدسة غير أهل العالم. 0 وعندما تكون العين حمامة بمعني ذبيحة الفقير المسكين إنما تعني انسحاق النفس أي مسكنة الروحمت5:3كإنسان يقدم ذاته ذبيحة مرضية لله حسبما أمر الرسولرو12:1في انكسار قلب يطيع حتي الموت. 0وعندما تكون العينان حمامتين فإنهما تمثلان المعنيين معا. وبنفس المعني الأخير يمكننا إن نفهم قول الرب: حولي عينيك عني,فإنهما قد غلبتاني نش6:5 فالنفس البشرية التي لها عينان منسحقتان مملوءتان بالدموع يظهر فيهما انسحاق القلب هي النفس التي تجاهد مع الله وتغلب ويقول لها الربحولي عينيك عني فإنهما قد غلبتانيإنه مثل يعقوب المنكسر الضعيف الذي جاهد مع الله وغلب,قائلا للربلا أتركك حتي تباركنيتك32:28,26ونال البركة هناك. لأن الذبيحة لله روح منسحق القلب المتخشع والمتواضع لايرذله الله مز51:17حقا إن النفس الباكية التي ترفع عينيها إلي الله مملوءتين بالدموع هي التي قال لها. حولي عينيك عني. وتشبيه العين بالحمامة يحمل معني روحيا آخر. فالحمام رمز للبساطة والنقاوة ولذلك يقول الرب:كونوا بسطاء كالحماممت10:16فالعين التي تشبه بالحمامة إنما تتصف أيضا بالبساطة وقد قال الرب عن ذلك إن كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيرامت6:22. فالعين التي تشبه بالحمامة ترمز للنظرة البسيطة إلي كافة الأمور..إلي الحياة البريئة الطاهرة البعيدة عن التعقيد.. كان آدم في بدء حياته بسيطا لايعرف سوي الخير قبل أن تتعقد حياته وتصبح خليطا مركبا من خير وشر بعد أن أكل من شجرة الخير والشر.. وهكذا في سفر النشيد نجد العروس تقول عن العريس الذي هو المسيح عيناه كالحمام علي مجاري المياهنش5:12. أي أن بصيرته بالروح القدس لأنه إن كان المؤمن العادي تفيض من بطنه أنهار ماء حيأي الروح القدسيو7:39,38فكم يكون بالأولي السيد المسيح الذي الروح القدس ثابت فيه أقنوميا... ولذلك حسنا قيلكالحمام علي مجاري المياه. فبهذا شبه الرجل البار في المزمور الأول بأنهمثل الشجرة المغروسة علي مجاري المياهمز1:3. إن هدفنا في هذه المقالات الأولي من تأملاتنا في سفر نشيد الأناشيد أن ندخل إلي روح السفر ونفهم مدلولاته ورموزه حتي يساعد هذا الأمر علي التفسير الصحيح المرتب المتناسق.... إن سفر النشيد ليس غزلا كما يتهمه بعض الناقدين وإنما هو تعبير عن المحبة المتبادلة بين الله والنفس البشرية أو بين الله والكنيسة. كما أنه يشرح صفات الله وصفات النفس التي تحبه. فالله لايريد أن تكون علاقتنا به علاقة رسميات أو علاقة خوف ورعب من لاهوته وجلاله إنما يريد أن نكون أحباء له لأنه محب للبشر وهو الذي قال:لا أعود أسميكم عبيدا...بل أحباءيو15:15. كل ما في الله من صفات جميلة يدعونا إلي أن نحبه:كل حنوه وعطفه ولطفه.. من أجل هذا قيل في سفر النشيد: لذلك أحبتك العذارينش1:3. والمقصود بالعذاري النفوس التي لاتهب ذاتها لآخر.. أي النفوس المتفرغة لله وحده المخصصة له. كما قال الشاعر عن أمانيه وآماله التي لم تخطر بقلب آخر: أمان عذاري لم يجلن بخاطر وبعض أماني القوم شمطاء ثيب أي أنه تحبك يارب النفس العذراء التي لم تهب ذاتها للعالم ولا لشهواته ولم يمتلك قلبها حب إنسان ما.وفي ذلك قال القديس بولس الرسولخطبتكم لرجل واحد لأقدم عذراء عفيفة للمسيح2كو11:2 ومن أجل هذا أيضا شبه الرب النفوس التي تطلبه وتنتظر ملكوته السمائي بخمس عذاري حكيماتوالمقصود بهن كل المؤمنين الصالحين رجالا ونساء متزوجين أو بتوليين ماداموا لم يهبوا أنفسهم للعالم. أيضا عبارةأحبك العذاريلاتدل علي أن السفر هو أغنية غزلية من محبوبة إلي حبيبها فالتي تحب شخصا لاتحتمل غيرتها أن تحبه عذاري غيرها... ولا تجاهر بحب العذاري له في افتخار بل يقال مثل هذا عن المحبة الإلهية فالنفس التي تحب الله تريد أن جميع الناس يحبونه وتفرح بهذا. وبهذا الحب الإلهي عذارء النشيد تشرك كثيرات معها في محبتها ولهذا أمثلة كثيرة. 0فهي تقولاجذبني وراءك فنجرينش1:4فهي تريد الكل أن يجروا وراءه بدلا من قولهافأجري. وهي أيضا تقول بأسلوب الجمعنبتهج ونفرح بك نذكر حبك أكثر من الخمر,بالحق يحبونكنش1:4. وهي تشرك بنات أورشليم في علاقتها مع حبيبها. فتقولأحلفكن يا بنات أورشليم بالظباء وبأيائل الحقول ألا تيقظن أو تنبهن الحبيب حتي يشاءنش2:7وتكرر نفس العبارة مرة أخري في نش3:5ومرة ثالثة فينش8:3وهي أيضا تقول لهنأحلفكن يا بنات أورشليم إن وجدتن حبيبي أن تخبرنه بأنني مريضة حبانش5:8. إنما يجوز مثل هذه الصلة إن كانت الكنيسة الأم تتخاطب مع كنيسة أورشليم بالطريقة الرمزية لفهم السفر. كذلك كثير من التشبيهات في السفر لايمكن أن تؤخذ حرفيا بين حبيب وحبيبة في غزل عالمي. 0 مثل عبارةشبهتك يا حبيبي بفرس في مركبات فرعوننش1:9. هل توجد فتاة تقبل تشبيهها بفرس في مركبات فرعون أم تقبل علي العكس أي تشبيه يدل علي الرقة والأنوثة. 0عبارة فرس في مركبات فرعونتذكرنا بعبارةمرهبة كجيش بألويةنش6:10. 0 كذلك من التي تقبل أن حبيبها يصف جمالها فيقول: شعرك كقطيع ماعز رابض علي جبل جلعادنش4:1. وأيضا أسنانك كقطيع الجزائر الصادرة من الغسلنش4:2وكذلكعنقك كبرج داود المبني للأسلحة ألف مجن علق عليه كلها أتراس الجبابرةنش4:4. إن الكنيسة إذا وصفت بالقوة:بالفرس بجيش ذي ألوية ببرج أسلحة داود,يكون هذا معقولا... وبنفس الوصف نفس المؤمن التي تحارب الشهوات والشياطين. أما الغزل بين حبيبين لايمكن أن يكون بهذا الوصف. لنفهم السفر إذن بمعناه الرمزي. | |
|